أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خضر محجز - في الثقافة والدنيوية














المزيد.....


في الثقافة والدنيوية


خضر محجز

الحوار المتمدن-العدد: 5114 - 2016 / 3 / 26 - 13:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في الثقافة والدنيوية

لا توجد ثقافة خارج العلمانية. كل ثقافة هي علمانية بالضرورة، وعلى المتدينين الجدد أن يستبعدوا من عالمهم كل المثقفين. وقد فعلوا.

وإذا كانت العلمانية ــ كما هو معروف تاريخياً ــ هي استخلاص حكم العالم من قبضة رجال الدين، فلقد يمكن لنا إيضاح أن العلمانية هي الدنيوية، مقابل الأخروية. ولا يمكن تصور وجود الدولة المدنية، دولة مواطنيها المختلفين، خارج العلمانية. ولست الآن بصدد مناقشة الشعار المضحك حول كفر العلمانية، فهو مصطلح أنتجه الإخوان المسلمون ليحكموا من ورائه العالم الإسلامي. وإلا فلا شك عندي أن أول علماني في الدولة العربية كان معاوية.

إن الثقافة فعل دنيوي بامتياز. لا يوجد شيء اسمه مثقف ديني. لماذا؟ لأن الثقافة من صناعة الواقع. الثقافة رد على كل الأسئلة المستحيل طرحها، والأسئلة الممكن طرحها، وانحياز إلى الدنيوي من الإجابات. ولنضرب مثالاً بسؤال لواقعنا الحاضر. سنسأل دكتوراً متخصصاً في تدريس الإسلام عن الأسلوب الأمثل للحل في فلسطين. أتوقع أن إجابته ستستعرض التاريخ، وتختار منه ــ ولا أقول: تستخلص ــ إجابة منبثقة من واقع قديم. هذا ليس مثقفاً، لأنه ينبعث في رؤياه للحاضر من ماض له حكمه المختلف.

يمكن القول إن المتعلمين المتدينين في الغالب هم ــ للأسف ــ ضحية استظهار معلومات لم تعد مناسبة. إنهم يفكرون بطريقة للحل تستجيب لشروط زمن عمر، فإن لم يكن ذلك، فلزمن صلاح الدين، رغم أن كلا الحكمين مختلف عن الآخر.

أما المثقف فصناعة الواقع التاريخي. وبالطبع فإن ذلك لا يعني الانسلاخ عن الماضي، بل فهمه بطريقة تاريخية، أي فهمه متعلقاً بزمنه. الثقافة هنا فعل الدنيا، فعل الزمن، فعل المؤثرات الضرورية من علاقات القوة. لقد كنت أنا ــ لا أحد غيري ــ هو من صاغ معنى التاريخية وعبر عنها بقوله: "إن التاريخ هو فعل الناس في الدنيا بشروط الدنيا".

يحسن المتعلمون المتدينون الهروب، لأنهم لا يستطيعون تقديم إجابة مقنعة على السؤال. هل يمكن لهم مثلاً أن يوافقوا على حل يتضمن بقاء إسرائيل؟ إنهم لا يستطيعون، ولذا فإن إسرائيل هي أكثر الدول سعادة بهذه المسودة اللاأدرية، إذ تقوم بتظهيرها كصورة ملونة لخطة طويلة المدى لإزالة إسرائيل، وإعادة تشريد اليهود في العالم.

لقد أضحكني حتى الثمالة، مشروع إنشاء رابطة للكتاب في غزة، لأنه مشروع تقوم عليه حماس، في مقابل مشروع منظمة التحرير المسمى (اتحاد الكتاب الفلسطينيين). لماذا يضحكني هذا المشروع الحمساوي؟ لأنه يعني أن يجتمع عدد من الناس ــ يقترحون على أنفسهم أنهم شعراء أو روائيون ــ ثم لا يستطيعون التغزل بجمال عيون النساء وأجسادهن، ولا استخدام الأساطير الإغريقية، ولا تخيل قيام علاقة روائية بين عاشقين غير متزوجين، ولا استخدام رمز المسيح الذي يحمل صليبه، ولا إقامة حوار روائي بين ملحد يشتم الذات الإلهية ومتدين يسبح بحمدها، ولا تأمل تمثال فينوس، ولا الوقوف أمام عيني الجيوكندا، ولا مشاهدة أفلام يسرا وعادل إمام، ولا الاستشهاد بفرويد ونيتشه... إلخ إلخ إلخ... فأي كتابة أدبية ستكون كتابات هؤلاء؟

إن الثقافة هي فعل اختيار بشري، أما تدين المتعلمين المعممين، ففعل جبروتي يقهر الناس على رؤية محددة تصادر حكمة الله في الاختلاف.

لقد أدرك صانع السياسة الحمساوي كل ما قلته ــ وإن يكن على نحو غامض يشبه فهم الأطفال لعلاقة الله بالعالم ــ فاختاروا أن تكون أول وزارة يتخلون عنها، في أول حكومة وحدة وطنية بعد الانتخابات، هي وزارة الثقافة.

لقد أدركوا أن الثقافة ليست سوقهم، رغم كل ما حاوله بعض من يقترحون على أنفسهم أنهم مثقفون منهم.

أقول إن صانع السياسة الحمساوي قد أدرك ذلك بطريقة غامضة، كما لو كانت آتية من حلم ليلي، لأفسر الطريقة التي يعون بها حركة الواقع. لقد كانت الثقافة صدمتهم، التي كان بمقدورها أن تعيد إليهم الوعي، لو أنهم تخلوا عن أحلامهم الشخصية الخاصة.
لقد كان بإمكانهم أن يروا الواقع مماثلاً، أو أن يتبددوا كما يتبدد كل كابوس بانبثاق الصباح. وغنه لكابوس بالفعل، أن يخرج زير أمام العالم، وبين يديه مرافقون يحملون له الحذاء، ليضعوها في قدميه المقدستين، في بدايات الألفية الثالثة.

ترى ألو سألنا هذا الوزير إن كان يرى نفسه مثقفاً، ماذا ستكون إجابته؟



#خضر_محجز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة كاذبة عن تطور المخلوق الطبيعي إلى شيء آخر
- خطاب الرئيس مرحلة أخرى
- حول الشعر والنسوية والوطن: هذيان متدين أحمق
- خطاب الرئيس محمود عباس: قراءة واستنتاج
- زوووم8
- داعش ومصر وحماس: قراءة في نقض الحكم
- أحد عشر كوكباً
- الإصلاح والمبادئ
- العرب وفلسطين: ثم ماذا؟
- عن داعش والداعشيين الحقيقيين
- المستحيل يحدث أحياناً: قراءة في الاتفاق الأخير بين حركتي فتح ...
- جعلتك قبلتي في كل حين
- على الجميع أن ينتظر كلام غزة
- هناك عندما في الأعالي -من وحي ساعة غزة-
- المصالحة الفلسطينية والرواتب
- حقيقة منصب الخلافة لمن يقولون بمنصب الخلافة
- الاتفاق الأخير والهتاف لسعادة لم تتحقق بعد
- التفكيكية
- زووووم مرة أخرى
- نظرية المحاكاة بين أفلاطون وأرسطو


المزيد.....




- قوات جيش الاحتلال تقتحم مدينة سلفيت في الضفة الغربية
- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خضر محجز - في الثقافة والدنيوية