الاثنين 13 يناير 2003
تعرض مفهوم العلمانية في العالم العربي إلى تحريف وتشويه كبيرين. ولا تزال مختلف مدارس الإسلام السياسي تعمل على عملية التحريف والتشويه هذه. إنها تعرض العلمانية كمبدأ وتطبيق في الحكم وكأنها طمس الدين ومحاربته. إنها تدعي أن مفهوم العلمانية، لكونه غربيا، يمثل" تآمرا "غربيا لطعن الإسلام وتحطيمه. ومن أجل البرهنة على صواب تفسيرهم يعرضون الإسلام بوصفه دينا ونظام حكم.
والحال، إنه إذا كان المفهوم غربيا[ شأنه شأن مفاهيم الديمقراطية البرلمانية وحقوق الإنسان]، فإن هذا بحد ذاته لا يعني لا "مؤامرة " ولا "غزوا "فكريا وسياسيا. إنه كشأن مفاهيم صالحة أخرى صالحة للبشرية على اختلاف البلدان والظروف والأديان والملل، دون نفي لتنوع سبل وصيغ التطبيق. وكما أن الإسلاميين لا يجدون غضاضة في استخدام آخر منجزات الغرب في الحقلين العلمي والتكنولوجي، دون أن يؤدي ذلك إلى التخلي عن الهوية الثقافية أو الانتماء الديني. ونجد الإرهابيين أنفسهم يرسلون شفراتهم وتعليماتهم السرية من خلال الأنترنيت الذي ليس اختراعا إسلاميا ! فالاستفادة المرنة من تجارب الديمقراطية الغربية وما قامت عليه من أسس فكرية، لا يساوي التبعية أو الذوبان في الآخرين.
إن العلمانية تعني ببساطة فصل السلطتين الدينية والسياسية، مع ضمان احترام جميع المعتقدات الدينية والهويّات الثقافية والروحية للشعوب والمجتمعات. إنها تعني أن الدولة هي دولة قانون واحد يسري على جميع المواطنين حقوقا وواجبات بصرف النظر عن الدين والطائفة والعرق. إنها دولة المواطنة والمواطن، لا دواة مواطنين بدرجات [مسلم وذمي وكافر!] إنها الدولة التي تكتب على بطاقة هوية مواطنها جنسيتها دون تخصيص دين من الأديان أو طائفة ما.
لقد كان الفرعون المصري، والإمبراطوران الساساني والروماني يضفون على أنفسهم وتسلطهم الاستبدادي صبغة دينية "إلهية "لضمان تثبيت التسلط وقمع الصوت الآخر وغزو الشعوب. وهكذا أيضا فعلت كنيسة القرون الوسطى في اوروبا حتى عشية الثورتين الإنجليزية والفرنسية. وباسم الدين نصبت محاكم التفتيش للمفكرين والعلماء بحجة محاربة الإلحاد، ونكلت بالنساء بتهمة السحر! وكانت الكنيسة تدعو إلى " تنصير"العلوم والآداب والفنون كما يفعل إسلاميو اليوم من خلال دعوة "الأسلمة ". وباسم الدين شُنت الحروب الصليبية التي كانت تبيد لا المسلمين وحدهم، بل وكذلك المسيحيين الشرقيين واليهود. كانت حروبا تمزج البعدين السياسي والديني من مواقع شهوة الفتح والتعصب الديني الأعمى. وقد سار الخلفاء الأمويون والعباسيون على نمط حكم مماثل، مستندين إلى فقهاء الدين من وعاظ الخلفاء، وإلى قصائد شعراء المديح من المرتزقة والملوثين بالتعصب، السياسي أو الديني أو المذهبي.
وقد تعرضت نزعات ومدارس الخلط الإسلامية بين السلطتين الدينية والسياسية إلى نقد المكفرين العرب التنويريين الشجعان، أكثر من ذلك فقد تصدى لها بالنقد الجريء رجل دين مصري هو المفكر والعالم علي عبد الرازق في كتابه الفريد " الإسلام وأصول الحكم "الصادر في أواسط العشرينات الماضية. فقد فتح الكتاب بوضوح علمي وشجاعة فكرية وأخلاقية ملف تخطئة الادعاء بان الإسلام دين ودولة، مؤكدا وبالأدلة على أن الخلافة كانت خيارا بشريا لا إلهيا، وعلى أن القرآن لم ينص على شكل معين من أشكال الحكم والسلطة السياسية. وقد تعرض الكتاب ومؤلفه إلى حملة ضارية من علماء الأزهر ومن الكتاب والساسة المحافظين، وعزلوا الشيخ المؤلف من كل وظائفه وشهروا به [وإن لم يقتلوه، ولله الحمد، كما قتل فرج فودة وغيره بعد عقود من السنين وفي مصر نفسها.] وكانت حيثيات قرارات الأزهر وأفكار رشيد رضا من أسس انطلاق الحركة الأصولية السياسية، أي الساعية لأخذ السلطة السياسية تحت شعار الدين. وتمثلت الحركة في تنظيم "الإخوان المسلمين "الذي تأسس في أواخر تلك العشرينات. وتفرعت من حركة الإخوان مع سيد قطب والدعاة مثله مدارس التعصب الديني الجامح والعنفي الإرهابي، التي تكُفر جميع المجتمعات والدول غير المسلمة، بل وتكفر المجتمعات العربية نفسها داعية إلى تطهيرها من "المسلمين غير المؤمنين "!!
وثمة مدارس تشدد ديني أخرى قامت قبل الإخوان في بلاد العرب. ومن بين مختلف هذه المدارس الإسلامية المتعصبة نشأت بعض الجماعات والتيارات الأكثر تطرفا، والتي تمارس العنف الدموي لتحقيق هدف "قيام الدولة الدينية الكبرى" أو "دولة الخلافة الإسلامية" بطرق القتل والذبح والتدمير. وما حركة بن لادن ـ الظواهري وشبكاتهما الإرهابية التي تزرع الموت في كل مكان إلا التجسيد الأعمى لما يمكن أن يؤدي إليه التطرف الديني النازع لأخذ السلطة السياسية. وقد ابتلى العرب و العالم الإسلامي وخارجه بهذه المدارس الدموية التي تقدس الموت في نفوس الشباب الضائع، مسيئة للدين نفسه ولسمعة المسلمين في العالم، و ناشرة راية الإرهاب والابتزاز، ومدعية أنها الناطقة باسم الله وأن من عداها كفار يجب اجتثاثهم اجتثاثا. وهم يستغلون لمآربهم السياسية المتسترة قضايا عربية عادلة كالقضية الفلسطينية التي يرون حلها بإبادة يهود العالم وفلسطين معهم !
صحيح أن مدارس الإسلام السياسي ليست واحدة في الممارسة السياسية والاجتماعية، وهو ما يجب عدم إغفاله، وأقصد أن هناك المعتدلين الذين يعلنون قبولهم بالبرلمانية وبخيار الاقتراع الشعبي. غير أن القاسم المشترك الأعظم بين مختلف مدارس الإسلام السياسي وتياراته هو الاعتقاد بوحدة الدين والسلطة السياسية، مع تباين التكتيك للوصول لذلك الهدف. وبهذا الصدد يقول المفكر المصري محمد أحمد خلف الله إن القرآن لم يستخدم كلمة "دولة" ولا كلمة حكم بمعنى السلطة السياسية التي تدار بها شؤون الحياة في المجتمع. ونفى القرآن أن يكون النبي ملكا وأصر دوما على كونه النبي الرسول. وقد انتهى ذلك الوضع مع وفاة الرسول الكريم "، وليس هناك من رجعة " كما يقول الكاتب. أما نظام الخلافة فقد " كان نظاما مدنيا أنتجه العقل البشري "ومن حق هذا العقل أن ينهيه، وأن يختار نظاما آخر يحل محله.. .. إن الوقائع والأحداث هي التي توحي بالنظام الذي يحل المشكلات ويرتفع بمستوى الحياة إلى ما هو أفضل.. " [محمد أحمد خلف الله ]. وقد جرى زج السياسة بالدين منذ زمن عثمان فالإمام علي وهو ما أدى للكوارث في التاريخ العربي ـ الإسلامي. أما الخلفاء الأمويون والعباسيون وغيرهم فقد اضطهدوا، مدعومين بفريق من رجال الدين] مفكرين أحرارا كانت لهم اعتراضات على أساليب الحكم. وقد سجنوا وأعدموا بتهمة "الزندقة ".
إن إقحام الدين بشؤون الدولة يؤدي إلى ضرب حق الشعب في خياراته لإدارة حياة مجتمعه ويشجع على التمييز الديني والطائفي والعرقي، ويخرس بالقوة المعارضين والمخالفين بحجة أنهم يشذون ومارقون عن الدين. إن الخلط بين السلطتين ومؤسساتهما يسيء لكلتيهما. فالمعتقدات الدينية أمور خاصة بالفرد المواطن الذي يجب أن يمارس معتقده الديني بحرية تامة كحق من حقوق المواطنة، ولابد من احترام المؤسسات الدينية لتقوم بوظائفها الدينية بين الناس، لا كما فعل الاتحاد السوفيتي وسائر الدول الاشتراكية السابقة بمطاردة ومنع رجال الدين والمؤسسات الدينية. فالدول الغربية التي تفصل السياسة عن الدين لا تلغي الدين ومؤسسات الكنيسة التي تمارس في بعضها نفوذا كبيرا بين المواطنين. ومن رجالات الدول الديمقراطية الغربية أناس مؤمنون ويحضرون القداس بانتظام. والحديث هنا هو عن علمانية حقيقة غير مبتورة أو ناقصة مشوهة كما يحدث في بعض الدول العربية والإسلامية، مثلما تُمارَس أحيانا ديمقراطية شكلية وصورية، وهو ما يستخدمه الإسلام السياسي للطعن في الديموقراطية والعلمانية. إنه لا يجب محاسبة الديمقراطية العلمانية على أخطاء التطبيق وتشوهاته. وقد يكون في بعض الدول الديمقراطية الغربية هنا وهناك خلل في القوانين والممارسات. غير أن القاعدة العامة تظل صحيحة. ثم إن الأخطاء والانتهاكات في هذه الأنظمة تعالج لوجود الشفافية ولدور المجتمع المدني وحريات الصحافة والتعبير والنشر، ونظرا لما وصل إليه المواطنون من وعي بحقوقهم وإمكان محاسبة الحكومات أمام البرلمانات التي تنتخب بحرية، ولوجود السلطة القانونية المستقلة ـ وهذا وضع يختلف تماما عن أوضاع دول الدكتاتوريات العسكرية والشمولية وعن الدول ذات الحكم الإسلامي كما في السودان مثلا، وبالأمس في أفغانستان. بل حتى في دول عربية أخرى لا تعتبر نفسها دولا دينية بل مدنية، نجد أنه عندما يتدخل رجال الدين في شؤون الثقافة والتعليم والحياة الاجتماعية، يختنق التعليم، وتضطهد المرأة بقسوة، وتحارب الثقافة العلمية، ويداس على حرية المواطن. ولدينا من الأمثلة الحديثة حالات فرج فودة ونجيب محفوظ ونصر حامد أبي زيد، وسلسلة من الروايات الإبداعية والكتب الأدبية الحديثة والقديمة التي أدانتها فتاوى دينية متزمتة وظلامية بدلا من أن ينشر علماء الدين هؤلاء مفاهيم التسامح وقيم الحرية، وأن يأخذوا من التراث الإسلامي جملة من التعاليم النيرة [مثلا " لا إكراه في الدين"، "أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر "، و" جادلهم بالتي هي أحسن "، "أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين " وغيرها من آيات وأحاديث وحكم نيرة.] إن الفتاوى الدينية هي التي شجعت فئة من الشباب الجاهل الملغوم فكريا بالترهات على اغتيال فرج فودة ومحاولة اغتيال نجيب محفوظ. كما أدت الفتاوى الظلامية إلى مظاهرات طلبة الأزهر احتجاجا على رواية سورية نشرت ووزعت قبل الضجة بعشرين سنة، رغم أن أيا من المتظاهرين، وكما نشرت الصحف في حينه، لم يقرا تلك الرواية. أما الحاكم التفتيشي المصري فقد قضى بالتفريق بين المفكر أبي زيد وزوجته بسبب آرائه الاجتهادية.
إن التطرف الديني السياسي يتطور إلى ممارسة اعتيادية للعنف تجاه الآخرين وإلى الإرهاب بمختف أشكاله. وفي العام الماضي صدر في مصر كتاب عنوانه "الدنيا أجمل من الجنة ـ سيرة أصولي مصري ـ" يتضمن اعترافات "أمير" ثانوي من "أمراء" الجماعات الإسلامية المتطرفة هو خالد البري المولود في أسيوط. وهذا الكتاب يلخص تجربة المؤلف منذ بداية شبابه، ويسرد كيفية تجنيده في الجماعات المتطرفة وصولا لمنصب "أمير" بين الطلبة. ففي البداية راح أفراد "الجماعة "من الطلبة يؤلبونه ضد السينما والتلفزيون وضد قراءة كتب غير دينية. ثم تطور وضعه الفكري والأخلاقي إلى ممارسة العنف في المدرسة والجامعة والحي ضد اختلاط أي طالب أو شاب بطالبة مثله، ولو كانت شقيقته هي التي تسير معه في الشارع. كما يسرد المؤلف كيف كانوا يكبتون حرمانهم الجنسي بممارسة العنف ضد المرأة إذا قرروا هم أنها لا تراعي الحشمة الإسلامية. كان ما يتلقونه هو ان الدين جلباب قصير وتحته السروال، وهو اللحية والتمسك بالجزئيات من الدين، مغلبين منطق "الحرام والحلال ". كانوا ينقضون على الناس بالجنازير والأسلحة البيضاء وهم يرددون "الله أكبر "! كانوا [وهم غير الفقهاء وغير المتبحرين في علوم الدين] هم الذين يقررون ما هو الحلال وما هو الحرام. إن سيرة خالد البري نموذج للتربية والتثقيف الدينيين المتزمتين اللذين يقودان إلى العنف الفردي فالجماعي. وهذا ما يتجسد بأبشع صوره في شبكات الإرهاب التي قامت وتقوم يوميا بقتل الأبرياء بالجملة : في الجزائر ومصر واليمن ونيويورك وواشنطن وبالي وموسكو، والعاملون على تسميم المدنيين وبلا تمييز بالسموم وقتلهم بالأسلحة الكيميائية. وفي كل يوم حدث وفي كل يوم اعتقالات لعرب جزائريين، ومصريين، وخليجيين، ولمسلمين باكستانيين، وسود، وغيرهم. ومع ذلك ترتفع صرخات النفاق الزاعمة أن العالم كله "يتآمر "على الإسلام والمسلمين ! وينهمك علماء الدين في توسيع دائرة الحرام و"البدع الضالة "لحد تحريم استعمال المرأة المسلمة لكريم الوجه في رمضان حتى ولو تزينت لزوجها. ثم اختلاف في الاجتهاد عن جواز أو عدم جواز الاحتفال بالعام الميلادي الجديد. وصار علماء الفتوى في الأزهر وغيرهم يصدرون الفتاوى بوجوب حيازة الدول العربية والإسلامية على القنبلة النووية في الوقت الذي تجري فيه حملة دولية ضد انتشار أسلحة الدمار الشامل. فهل عدم حيازة العرب على القنبلة النووية هو سبب الهزائم العربية والضعف العربي أمام إسرائيل والغرب ؟أم الأسباب هي الاستبداد السياسي للأنظمة، وفشل عمليات التنمية، وتهميش المرأة، والأمية العربية التي تبلغ اليوم سبعين مليونا من السكان، والتخلف الحضاري والإصرار عليه باسم "الأصالة "، والتشبث باعتبار الماضي كاملا ويجب العودة إليه باسم "الدولة الدينية "أو" دولة الخلافة الإسلامية "، وما تحويه مناهج التعليم الديني من روح التزمت والتعصب، ونشر ثقافة التكفير والعنف وعدم التسامح واحترام الرأي الآخر والمعتقد الآخر، ومحاربة الفكر العلمي النقدي ؟؟ وفي ما يخص دور الأنظمة العربية وخنق أكثرها لحقوق الشعب وحرياته، وتغييبها للمجتمع المدني فهو ليس بحاجة لمزيد من التوضيح لان هذه الأنظمة تشجع في بعض الأحيان رجال الدين على التدخل في شؤون الدولة لكسب غوغائية الشارع، وأحيانا قد تتعمد حكومات بعينها تصدير الجماعات المتطرفة لخارج بلدانها. وقد أدى فشل التجارب القومية والتيارات الماركسية في الوطن العربي، إضافة للاستبداد السياسي للحكام إلى نشوء مناخ ملائم لنمو وانتشار المدارس الإسلامية المتزمتة والمتطرفة في ظروف استمرار الصراع العربي ـالإسرائيلي. ونذكر كذلك دور السياسة الأمريكية في أواخر السبعينات وفي الثمانينات في تشجيع الإسلام السياسي في وجه قوى اليسار المحلية وفي خلق المصاعب للسوفيت في أفغانستان. وبينما يقوم علماء الغرب كل يوم بمنجزات علمية وتكنولوجية مذهلة يواصل علماء الدين المسلمون انصرافهم لأمور الحلال والحرام، ولمسائل اللبس والزينة والحيض و"الكريم "، وينشر الكثيرون منهم أفكارا عدائية لغير المسلمين باعتبارهم "كفارا"[الكافر عندهم هو غير المسلم]. اما المتطرفون الإسلاميون الفلسطينيون فاهم أولاء يواصلون تدمير القضية يدا بيد مع شارون، الذي يهلل لما يقومون به من عمليات ضد المدنيين تعطيه الحجج لمواصلة القتل والهدم وسلخ الأرض. وكلا الطرفين لا يريد حل القضية سلميا.
إن المزج بين السلطتين الدينية والسياسية يشجع على تعكير الأجواء والعلاقات بين المسلم وغيره، وبين الطوائف الإسلامية نفسها. وقد كان الشيخ عبد الرازق على حق في تأكيده على أن قوانين المجتمع ونظم الحكم هي من صنع الإنسان لا من تعاليم السماء.
إن الديمقراطية العلمانية هي الطريق السليم للحكم بما يسمح لجميع المواطنين على اختلاف الدين والمذهب والقومية والجنس والانتماء السياسي بممارسة حقوقهم كاملة دون تمييز وبلا تعسف، وبما يجنب المجتمعات التصادم والتناحر الداخليين، وبما يفتح أمام البلدان العربية سبل التقدم العلمي، والتقني، والإبداعي. ومن المقومات والخصائص الكبرى لهذا النظام تمتع المرأة بحقوق متساوية مع الرجل ونسف جميع الأفكار التي تقلل من شأن المرأة وتسيء إلى شخصيتها وكرامتها. فالمرأة هي الضحية الأولى للفكر الديني المتعصب وللإرهاب الإسلامي على النمطين الجزائري والطالبان ـ بن لادن. أما خيار تغييب الديمقراطية والتساهل مع أفكار التزمت الديني و تدخل المؤسسات الدينية في مسائل تشريع القوانين والدساتير، فإنه يعني بقاء الضعف والتخلف العربيين في عالم اليوم الذي لا يرحم من يرفضون العلم والتقدم والديمقراطية. وأخيرا فأعتقد أن على الحركات والتنظيمات السياسية الإسلامية التي تعلن قبولها للديموقراطية أن تلغي من شعاراتها ومناهجها هدف إقامة " الدولة الدينية الإسلامية "وأن تدين يكل وضوح جرائم الجماعات الإسلامية المتطرفة بلا مجاملة وبكل حزم. ومن الجهة الأخرى، فمن واجب القوى السياسية العلمانية، التي تدخل لأسباب المصالح العليا للشعب، في تحالفات مع القوى الإسلامية المعتدلة، أن تضمنن بكل يقظة عدم تقديم تنازلات سياسية تؤدي في المستقبل إلى حدوث الثغرات في النظام السياسي الديموقراطي. ويصدق ذلك خصوصا على الحالة العراقية اليوم.