عدنان غازي الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 5112 - 2016 / 3 / 23 - 14:22
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
. لنتابع الوقوف عند بعض نصوص كتاب الله تعالى ، والتي تاه بعضهم في إدراكها ، عن سوء نية ، أو عن حسن نية ، وذهب بعضهم الآخر لاتِّهام كتاب الله تعالى بالركاكة اللغويّة .. سنقف اليوم عند قوله تعالى :
(( وسخَّر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه إنَّ في ذلك لآيات لقوم يتفكَّرون )) [ الجاثية : 13 ]
قالوا : كلمة (( منه )) لا محل لها من الإعراب ، فلا داعي لذكرها ..
.. ما نراه أنَّ كلمة (( جميعاً )) هي حال من (( ما )) .. وكذلك كلمة (( منه )) هي حال من (( ما )) .. وكلُّ حالٍ من هذين الحالين ، يُعطي دلالة ضروريّة ..
.. كلمة (( جميعاً )) تفيد عدم استثناء أيٍّ ممَّا في السماوات وممَّا في الأرض ، من هذا التسخير .. وتفيد في الوقت ذاته أنَّ تسخير ما في السماوات وما في الأرض ، ليس مجرَّد تسخيرٍ لكلِّ عنصر بمعزل عن التكامل مع تسخير بقيّة العناصر ، فالتسخير للجميع متكامل في إطار هدف واحدٍ ، كون المُسخِّر هو الله تعالى ، والتسخير هو لخدمة الإنسان ... وهذا كلّه .. تضيفه دلالة الحال : (( جميعاً )) ..
.. لكن .. هذا التسخير .. من أين منبعه ؟ .. ولمن يعود الأمر فيه إيجاداً وتوجيهاً ؟ .. هل هو تسخير لعناصر خارجة عن إيجاد الله تعالى لها ، تعالى عن ذلك علوّاً كبيراً ، والتسخير مجرَّد أوامر بالخدمة ، كتسخير بعضنا لبعض ؟ .. أم هو تسخيرٌ يعود إلى الله تعالى إيجاداً لهذه المسخّرات ، وإعطاءً لحيثيات وجودها لها في كلِّ لحظة ، وأمراً لها بالقيام بهذا التسخير ؟ .. وهنا تأتي كلم (( منه )) كحالٍ ثانية تبيّن لنا أنَّ هذا التسخير هو بكلِّ حيثيّاته من إيجاد المسخّرات إلى الأمر لها بالتسخير إلى إعطائها القدرة على القيام بذلك ، هو من عند الله تعالى ، ويعود إليه .. بمعنى : سخَّرها كائنةً منه جلَّ وعلا في كلِّ شيء ..
.. فكيف إذاً لا داعي لكلمة : (( منه )) في سياق هذه الآية الكريمة ؟!!!!!!! .. كيف ؟!!!!!!! .. المسألة بالنسبة لهؤلاء هي إلقاء بالكلام على عواهنه ، دون إدراكٍ حتى لما يخرج من أفواههم ..
#عدنان_غازي_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟