|
حفظ الأمن العام ، و الإخلال بالأمن العام أية علاقة ... ؟.....7
محمد الحنفي
الحوار المتمدن-العدد: 1385 - 2005 / 11 / 21 - 10:44
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
الأحزاب السياسية بين حفظ الأمن العام و الإخلال به :
و انطلاقا مما سبق، فإن الأحزاب السياسية إما أن تحرص في برامجها، و مواقفها السياسية، من القضايا الاقتصادية، والاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، على حماية الأمن العام في جميع المجالات، و في مختلف مناحي الحياة، و إما أن تنساق وراء مخططات الطبقة الحاكمة، في مخططاتها الاقتصادية، والاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، التي تخدم مصالحها، و مصالح تلك الأحزاب في نفس الوقت، على حساب مصالح الجماهير الشعبية الكادحة، لتنخرط بذلك في الإخلال بالأمن العام.
فحفظ الأمن العام، لا يعني إلا حماية المصلحة العامة، التي تهم جميع أفراد المجتمع، على أساس المساواة فيما بينهم، بقطع النظر عن الانتماء العرقي، و اللغوي، و الطبقي ، و الحزبي، و العمل على ضمان قيام شروط الصراع الديمقراطي في المجتمع، لأن ذلك الصراع، وحده، يجسد سيادة الأمن العام، و يضمن حفظه، و حمايته.
أما الإخلال بالأمن العام، فلا يعني التخلي عن حماية المصلحة العامة، لصالح خدمة مصالح الطبقة الحاكمة، و من يسبح في فلكها، على مصالح الكادحين، و المقهورين الذين يغرقون في الويلات الاقتصادية، والاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية.
و الأحزاب السياسية، و بحكم طبيعتها الطبقية، فإنها تجد نفسها : إما حامية للأمن العام. و إما مخلة بذلك الأمن. و نظرا لتنوع الأحزاب السياسية، بسبب التنوع الإيديولوجي المعبر عن تنوع المصالح الطبقية، فإن مواقفها السياسية المعبرة عن حفظ الأمن العام، أو عن الإخلال به، تتنوع أيضا، و تختلف درجتها من حزب إلى آخر، من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين.
فالأحزاب اليسارية المتطرفة، هي أحزاب لا تومن إلا بالعنف، و لا تعرف الطريق إلى الممارسة الديمقراطية، فكل شيء، بالنسبة إليها، يؤخذ بالقوة، أو يفرض على ارض الواقع بالقوة. و ممارسة كهذه لا يمكن أن تعتبر إلا إخلالا بالأمن العام، لأن الأحزاب اليسارية المتطرفة، تخلق جوا من التوتر. و الخوف المستمر، في المجتمع، يؤثر جملة و تفصيلا في مسار الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية. و هو ما يمكن اعتباره إخلالا بالأمن العام، و من موقع الادعاء بالرغبة في تحسين الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية. و هو ادعاء ينطلق من التصورات الوافدة، و غير المنطلقة، من دراسة الواقع نفسه، و امتلاك تصور عنه، يصلح للعمل على تحقيقه، و بمساهمة الجماهير الكادحة المعنية بذلك التصور. و معلوم أن كل نضال لا ينطلق من الجماهير، و معها، و لا يعمل على قيادتها لتغيير أوضاعها الاقتصادية، والاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، إنما هو عمل ينطلق من تصور جاهز، لا علاقة له بالواقع. و بالتالي فإنه بدل أن يجعل اليسار المتطرف، يعمل على حفظ الأمن العام، في جميع المجالات، و في مختلف مناحي الحياة، نجده يمارس الإخلال بالأمن العام. و لذلك نرى أن يقوم اليسار المتطرف بإعادة النظر في إيديولوجيته، و في ممارسته السياسية، حتى ينسجم، جملة، و تفصيلا، مع الواقع الذي يتحرك فيه، و يتحول بذلك الانسجام إلى يسار مناضل، و ينضج شروط إمكانية وحدة اليسار الإيديولوجية، و السياسية، في أفق الوحدة التنظيمية، لأن اليسار الحقيقي، لا يمكن أن يكون إلا حاميا للأمن العام.
و الأحزاب اليسارية لا تكون إلا معبرة عن إرادة الجماهير الشعبية الكادحة، في تحقيق الحرية، و الديمقراطية، و العدالة الاجتماعية. و دور هذه الأحزاب يتجسد في قيادة النضالات الجماهيرية، الكادحة على جميع المستويات الإيديولوجية، و السياسية، و الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية.
فعلى المستوى الإيديولوجي، تقوم أحزاب اليسار بفضح، و تعرية الممارسة الإيديولوجية للطبقة الحاكمة، القائمة على استغلال الدين، و التاريخ، و معطيات الحداثة البورجوازية، لتكوين توليفة إيديولوجية، استغلالية، تضليلية تجعل الكادحين، و سائر الجماهير الشعبية، مرضى بالوهم الإيديولوجي، الذي يجعل كل واحد منهم يتوهم أنه سيصبح، في يوم من الأيام، مصنفا إلى جانب الطبقة الحاكمة، أو يسبح في فلكها. فالكشف عن الأوهام إيديولوجية، هو مهمة أحزاب اليسار بامتياز، و لا يتم ذلك الكشف، إلا بجعل الكادحين، يدركون مواقعهم من الإنتاج، من خلال وعيهم بعلاقات الإنتاج القائمة في المجتمع، و حتى يتحققوا من جسامة الاستغلال الممارس عليهم، و يعرفوا موقع أولئك الذين يمارسون عليهم التضليل الإيديولوجي، و ما هي الغاية من ذلك التضليل، و ما هي الأيديولوجية المناسبة لمواجهة ذلك التضليل، و من هي الجهة التي يحق لها أن تقوم بقيادة تلك المواجهة الأيديولوجية.
و على المستوى السياسي، تقوم الأحزاب اليسارية بدراسة الواقع السياسي، دراسة معمقة، من اجل اتخاذ مواقف سياسية، تعبر عن إرادة الجماهير، و عن رغبة الكادحين، و تعمل على تشريح الممارسة السياسية للطبقة الحاكمة، و كل من يسبح في فلكها، و الكشف عن أهدافها الحقيقية، في حرمان الكادحين من التمتع بالحرية، و الديمقراطية، و العدالة الاجتماعية. و السياسة التي تنهجها الأحزاب اليسارية لا يمكن أن تكون سياستها إلا حقيقية، لأن السياسة الحقيقية هي سياسة الحقيقة، كما يقول الشهيد المهدي بنبركة. و سياسة الحقيقة، هي التي تضع الرأي العام أمام الواقع، كما هو، على جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، و الثقافية، و دون تضليل للجماهير الشعبية الكادحة.
و على المستوى الاقتصادي، تسعى الأحزاب اليسارية إلى تشريح الوضع الاقتصادي المتردي، بسبب فرض الاختيارات الاقتصادية الرأسمالية التبعية اللاديمقراطية، و اللاشعبية، و العمل على توجيه و قيادة النضالات الجماهيرية الكادحة، من أجل فرض اقتصاد وطني متحرر، و عادل، يتمكن، في إطاره، جميع أفراد المجتمع، من حصولهم على حاجياتهم الضرورية، و الكمالية.
و على المستوى الاجتماعي، تعمل الأحزاب اليسارية، على قيادة نضالات الكادحين، في أفق تحقيق نظام تعليمي، شعبي، و ديمقراطي، و فضح و تعرية كل مخططات الطبقة الحاكمة، في المجال التعليمي، و التي لم تنتج، إلا المزيد من الأمية، و التخلف، في المجال التعليمي، و عدم ربط التعليم بالعملية التنموية الاقتصادية، والاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، كما تعمل على قيادة الكادحين، من اجل أن تكون الصحة للجميع، و تعمل في نفس الوقت، على تشريح وضعية الخدمات الصحية، التي تسير في اتجاه الخوصصة، و توضع في خدمة الطبقة الحاكمة، و من يسبح في فلكه،ا في أفق وضع حد للإخلال بالأمن الصحي. و تعمل الأحزاب اليسارية، على قيادة نضالات الكادحين، في أفق أن يكون الشغل للجميع، وفضح و تعرية سياسة التشغيل التي تقوم بها الطبقة الحاكمة، و التي لا تنتج إلا المزيد من العاطلين، و المعطلين،، و فضح و تعرية السياسة المتبعة في مجال السكن الاجتماعي، مما يخضع حاجة الكادحين، إلى السكن، إلى المضاربات العقارية، التي لا تستفيد منها إلا الطبقة الحاكمة، التي تقف وراء الإخلال بالأمن العام، في مجال السكن الاجتماعي.
و على المستوى الثقافي نجد أن الأحزاب اليسارية تعمل على مناهضة التدجين، و التضليل، التي تزرع قيم التخلف بين جماهير الكادحين، حتى يفقدوا قدرتهم على امتلاك الوعي الطبقي، مما يجعلهم قابلين بكل أشكال الاستغلال، التي تمارسها الطبقة الحاكمة. و في المقابل تعمل الأحزاب اليسارية على نشر ثقافة تقدمية، تهيئ الكادحين لامتلاك الوعي الطبقي، بقيمه النبيلة، و البديلة لقيم التخلف، التي تلتصق بسلوكهم. و بامتلاكهم لذلك الوعي يعملون على تخليص أنفسهم من الاستغلال، بالنضال المرير، و الدؤوب، من اجل تحقيق الحرية، و الديمقراطية، و العدالة الاجتماعية.
و بذلك، تكون أحزاب اليسار الحقيقي، و المتميز، منفردة وحدها بالعمل على حماية الأمن العام، و بالطرق الديمقراطية، التي لا وجود فيها لأي شكل من أشكال الإخلال بالأمن العام، حتى و إن كانت الطبقة الحاكمة تصف ممارستها بالإخلال العام، كما يحصل دائما، و في جميع أرجاء الأرض.
أما أحزاب البورجوازية الصغرى فإن طبيعتها تقتضي أن تتأرجح بين السعي إلى الإخلال بالأمن العام و بين العمل على حماية الأمن العام. فهي عندما تنساق وراء مخططات الطبقة الحاكمة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية التي تتناقض تناقضا مطلقا مع مصالح الكادحين، فإنها تكون مخلة بالأمن العام و من بابه الواسع، لأنها حينها تتحول إلى جزء من الطبقة الحاكمة، أو من الذين يسبحون في فلكها لحرصها على تحقيق التطلعات البورجوازية للمنتمين إليها. و عندما تختار أن تقف إلى جانب الكادحين، و تعمل على قيادة نضالاتهم فإنها تعمل على حماية الأمن العام للكادحين في جميع المجالات و على جميع المستويات، و في جميع مناحي الحياة حتى يصير الكادحون ممتلكين لوعيهم بخطورة مخططات الطبقة الحاكمة الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، و مدركين لما يجب عمله لتحقيق إرادتهم في الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية.
#محمد_الحنفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حفظ الأمن العام ، و الإخلال بالأمن العام أية علاقة ... ؟....
...
-
حفظ الأمن العام ، و الإخلال بالأمن العام أية علاقة ... ؟....
...
-
حفظ الأمن العام ، و الإخلال بالأمن العام أية علاقة ... ؟....
...
-
حفظ الأمن العام ، و الإخلال بالأمن العام أية علاقة ... ؟....
...
-
حفظ الأمن العام ، و الإخلال بالأمن العام أية علاقة ... ؟....
...
-
حفظ الأمن العام ، و الإخلال بالأمن العام أية علاقة ... ؟....
...
-
إذا لم يستحي الانتهازي، فليفعل ما يشاء .....2
-
إذا لم يستحي الانتهازي، فليفعل ما يشاء .....1
-
الارتباط العضوي بالشعب الكادح شرطه التخلص من أمراض البورجواز
...
-
الارتباط العضوي بالشعب الكادح شرطه التخلص من أمراض البورجواز
...
-
الارتباط العضوي بالشعب الكادح شرطه التخلص من أمراض البورجواز
...
-
في المجتمع المغربيدور البورجوازية الصغرى في إشاعة الفكر الطا
...
-
دور البورجوازية الصغرى في إشاعة الفكر الطائفي في المجتمع الم
...
-
المدرسة المغربية : الوظيفة الإيديولوجية و التسلق الطبقي.....
...
-
المدرسة المغربية : الوظيفة الإيديولوجية و التسلق الطبقي.....
...
-
المدرسة المغربية : الوظيفة الإيديولوجية و التسلق الطبقي.....
...
-
المدرسة المغربية : الوظيفة الإيديولوجية و التسلق الطبقي.....
...
-
المدرسة المغربية : الوظيفة الإيديولوجية و التسلق الطبقي.....
...
-
المدرسة المغربية : الوظيفة الإيديولوجية و التسلق الطبقي.....
...
-
المدرسة المغربية : الوظيفة الإيديولوجية و التسلق الطبقي.....
...
المزيد.....
-
حزب النهج الديمقراطي العمالي يثمن قرار الجنائية الدولية ويدع
...
-
صدامات بين الشرطة والمتظاهرين في عاصمة جورجيا
-
بلاغ قطاع التعليم العالي لحزب التقدم والاشتراكية
-
فيولا ديفيس.. -ممثلة الفقراء- التي يكرّمها مهرجان البحر الأح
...
-
الرئيس الفنزويلي يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
على طريق الشعب: دفاعاً عن الحقوق والحريات الدستورية
-
الشرطة الألمانية تعتقل متظاهرين خلال مسيرة داعمة لغزة ولبنان
...
-
مئات المتظاهرين بهولندا يطالبون باعتقال نتنياهو وغالانت
-
مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|