طلال الصالحي
الحوار المتمدن-العدد: 5109 - 2016 / 3 / 20 - 23:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الموت أصبح لا يخيفني فهناك من ينتظرني ممّن رحل إلى الموت جدّتي أبي أخي ..أمّي
قد يولد الانسان ولم ير أمّه فالأغلب من هؤلاء هم قادة العالم ,نوابغ يتامى أمّ ,أم يتامى أبوين معًا
وجود الأمّ "الأمّ التقليديّة" في غالبه عندنا ,عائق كبير للنبوغ
لم أبكها لمجرّد أنّي وجدتها أمّي ( أمومة الأمر الوااقع ) فأمّي ,كما هي كلّ أمّ , ليست عامل بيولوجي وجودي فقط..
أغلب الناس يبكون "الأمر الواقع" بعيدًا عن معنى الأمومة الحقيقي
منذ زمن طويل وأنا أكره الاستماع لأيّ أغنية تشيد بالأم ,"غريبة من بعد عينك ييمّا" أو "ستّ الحبايب"..
كلّما امتدّ العمر بأمّي ,خفت عليها من الاحتفال بها أو التغنّي "بعيدها" أحسّ وكأنّها تقترب من الموت
"التكريم" ل "روّاد فكر" أو رياضة أو علوم لا يختلف تأثيرها النفسي السيّء عن أيّ أغنية تخصّ الأمومة ,فكلاهما برأيي إعلان نهاية ..
فتكريم "المبدع" وصاية على الإبداع ..والتغنّي بالأمّ "نبش لكوامن القلق على حياتها أن تضيع"..
لم نسمع او نقرأ عن من سجّل حضوره التاريخي قد تمّ تكريمه وهو حيّ ..فهل السابقون قليلوا إدراك ؟
التكريم ,لمن يتحرّى ,هي "عمليّة إماتة مبكّرة للإبداع" ..فتكرار "للنصوص الفنّيّة" في العقود الأخيرة على مستوى العالم دليل ذلك..
أغاني تمجيد الأمّ مردودها سلبي من حيث يُظنّ أنّها عمل إيجابي ..
حرصت طيلة حياتي أن تكون عواطفي صادقة التعبير ..دائب التمرّن على ذلك.. ومنها عواطفي تجاه أمّي.. راقبت نفسي "قبل أربعين يومًا" مع كل شهقة دموع أنزفها على أمّي, وجدتها أنّها فعلًا تستأهلها؟ ..
أمّي لم تكذب علينا يومًا ..
لم تأمرنا بعقيدة نمارس طقوسها يومًا..
لم تبحث لنا عن زوجة ..
لم تخبّئ عن أبي فعل فعلناه لا يليق ..
لم تتكلّم على أحد بغيابه ,ولا بحظوره..
لم تثقل وجهها بوجه ظيوف ..
لم تجامل أحدًا يومًا أو تتبسّم بوجهه زيفًا..
لم تطلب منّا مبلغًا ماليًّا طيلة حياتها..
قليلة الكلام جدًّا ,وإن تكلّمت فردًّا مختصرًا موجزًا على سؤال وُجّه إليها..
لم تتشكّى يومًا ولم نسمعها تلعن "الزمن" أو القدر أو ألالهة أو نبيّ أو مرسل ولو في أحلك ظروف العيش..
الويل لنا نحن أطفالها لمن التقط "فشارًا" من ملاعب الشارع وتلفّظ به داخل البيت
ولم تحرص على صلاة أو طقس "إلّا ما ندر" فقط لجأت "لأبو الجوادين" تضرب بكفّها جدران ضريحه وأخي بين الحياة والموت بحادث سيّارة في مستشفى الكرح الجمهوري
كثيرة المديح للشعوب الغربيّة تقول: ناجحون في حياتهم دومًا لأنّهم بعيدون عن القيل والقال
حافظة لجميع الأمثال وتطلق المثل في مكانه ووقت حاجته تصيب به الهدف بدقّة
أبكيها دمًا وليست دموعًا فقط لأنّها بموتها سكت مصدر كل ذلك..
#طلال_الصالحي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟