أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نضال نعيسة - نجوم خلف القضبان















المزيد.....

نجوم خلف القضبان


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1384 - 2005 / 11 / 20 - 09:57
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


أن ترى عتاة المجرمين واللصوص والقتلة يرتعون وراء القضبان لينالوا جزاء ما اقترفته أياديهم بحق الناس من شرور وآثام، فذلك ليس مدعاة للأسف والندم على الإطلاق. أما أن ترى نخبة العقول، وأكثر الناس إنسانية، ووطنية، وحبا، وإبداعا خلف القضبان، فإن ذلك، لعمري، مصيبة، ونكبة كبرى توحي بأزمة مستعصية، ولغز كبير لا يجد له المرء، من جواب شاف، أو تفسير على أية حال.

إن فلسفة السجن تقتضي بالدرجة الأولى إصلاح المفسدين، وردع الشاذين، وإعادة تأهيل المنحرفين. فما بالك بمن يسجن مشاعل النور، والمصلحين، وأصحاب الفكر والضمير، ورواد المجتمعات، ومفكريه. ويصبح السجن في هذه الحالة الفريدة واللامعقولة محاولة فقط لقهر الذات، وترويض الإرادة، وتدجين المردة، وتحطيم النفس،وسحق الروح، وتمريغ الكبرياء، ووأد الحياة في نفوس الناس، وتحويلهم لهياكل آدمية بدون أرواح، أوإرادات، وإلى قطعان هائمة ، وأنعام نائمة، ومطايا جاهزة للركوب والقياد، ولا يهم عندها من هو الفارس، والخيال.لأن المطلوب، في النهاية، وطن من العبيد والقطعان المستلبة، والرعايا المهمشة سهلة القياد، وفاقدة الإرادات ترهن مصيرها لأي كان.

لكن، وبكل فخر واعتزاز، وانتصارا لعزة الرجال، وعزيمة الأبطال، والنفوس الأباة، لم تستطع سنوات السجن، والقهر النفسي أن تهزم إرادة الصديق والفنان عبد الحكيم قطيفان، وبدا وهو يتكلم في حلقة أدب السجون التي بثتها قناة الجزيرة عشية الخميس الماضي، وبتلك الروح العفوية السمحة الطيبة، تماما، كما عرفته من زمان، ويدين من جهة أخرى، وبشكل غير مباشر، تلك العقلية الأمنية التي حبسته زمنا طويلا خلف القلاع وفي الظلام في ظروف إنسانية وضيعة ومهينة، معلنا هزيمتها، والنصر عليها بآن. إنه نفس الشاب الذي ينضح شبابا وفتوة وكبرياء,وبروح الدعابة، والوجه الباسم الصبوح، في سنوات الفتوة أثناء دراستنا الجامعية في جامعة دمشق حيث تزاملنا، ونشأت صداقة أعتز بها مع هذا الفنان السوري اللامع، ولكن سرعان ما عصفت بها ظروف الحياة، وضاع كل منا في زحمة الصعاب، إلى أن التقيته في مرة يتيمة خلال الخمس والعشرين سنة الماضية في اللاذقية، وفي هذه المرة الصاعقة أيضا على قناة الجزيرة، ناهيك عن عشرات المتابعات، على الشاشات، من خلال مسلسلاته التي برز فيها بشكل لافت في الدراما السورية المميزة، التي شقت طريقها بنجاح برغم صعوبة المناخات، والحصار الذي يعاني منه الإبداع، والمبدعون في سورية بشكل عام، و"تسلبط"، وتحكم الكثير من الرقباء والأوصياء,وأمزجة "العصملية" والأغبياء على الموهبة، والفكر، وثنايا الدماغ في عالم الأمن والاستخبارات، في محاولة يائسة لتطويعها خدمة لتيار سياسي فج، عقيم، وبال أصبح في حكم الماضي، ومع الأموات.

وتعود صداقتي مع عبد الحكيم إلى أواخر السبعينات، وأوئل الثمانينات، في جامعة دمشق، ذلك المعقل الجبار، والصرح العلمي البارز الأخاذ الذي خرّج مئات النجوم الذين يملؤون فضاءات الكون ،الآن، عطرا، وحبا،وتألقا، وإنسانية، وإبداعا، وبالتأكيد فإن الفنان الكبير عبد الحكيم قطيفان، أحدهم، وليس استثناء من هؤلاء. وكم أمضيناردحا من العمر في تبادل الحديث، والأفكار، والضحكات، في مقصف الشهيد الأرزوني في قلب الجامعة حيث كان موئلا, وفسحة للكثير من الطلاب، ولكوكبة أخرى من الزملاء والأصدقاء الذي يشغلهم الصالح، والهم العام. ولا أنسى، أيضا، تلك اللحظات الرومانسية الحالمة الرائعة في أماسي دمشق الدافئة، الحالمة، والحميمية في مقهى "اللاتيرنا"، القنديل الذي كان يضم النخبة السورية المثقفة، حيث كان ملتقى لهم، وتحكي فسحة هذا البيت الدمشقي العريق،بمزيج من عبق التاريخ، وحداثة وروعة الحاضر الكثير عن هذا النسيج السوري الفريد حيث كان يتم عرض الجديد والإبداع، وتناقل الأخبار، والالتقاء بالنخبة المثقفة آنذاك بين الأصدقاء السوريين الذي يطغى على جلهم التميز والإبداع، ومعظم الأسماء الكبيرة، في الفكر والفن، التي من الممكن أن تخطر على البال الآن، ربما مرت ذات يوم، ووجدت لها محطة، وكان لها بصمة، وذكرى، ولقاء هناك.وفي اللاتيرنا الكثير من القصص، والحوارات، والذكريات، التي لو قيض لجدرانه أن تحكي، لروت معلقات طويلة عن تلك السهرات, واللقاءات التي لا تغيب عن البال، ولا يمحوها طول الأيام.

ولا أنسى أبدا صوت الصديق العزيز عبد الحكيم وهو يقلد الشاعر الزجلي السوري الآخر حسين حمزة، حين كان يلقي أشعاره بتلك المسحة البلدية الرائعة،والنبرة المحببة، واللكنة المحلية التي تسكر الأحجار، وتطرب الأموات. وكم كنت أطلب منه أن يعيد لي مرات وكرات، بصوته الأجش الثابت، كلمات شاعرنا المبدع، ومفرداته العفوية الصادقة التي تخرج من قلب الأرض لتدخل صميم الفؤاد، ولم يكن يعتريه الملل، أبدا، من كثرة طلباتي التي كانت، طبعا، على خلفية الإعجاب المطلق، وبنفس الدرجة العالية، بالشاعر الكبير حسين حمزة، وبالفنان اللامع عبد الحكيم قطيفان.

لم يكن من الحكمة أبدا، وتحت أية حجج وتبريرات تغييب مبدع، وفنان كبير كعبد الحكيم كل هذه السنوات، ولم يأت هذا الفعل العليل سوى بالسوء، والحرج، والخيبة على فاعليه بالذات، ولم ينتقص السجن من قدر هذا الرجل الخلاق، بل ربما رفعه درجات في سلم الشرف والمواقف الناصعة البيضاء، وإن يكن قد سبب له عطلا وتأخيرا في حياته في جزء ما. كما أنه ليس من الرجولة مطلقا الاعتداء على السكان الآمنين، والأبرياء، والمفكرين والأدباء والتعامل معهم بهذه الطريقة البدائية، التي تذكر، فقط، بعصور الهمجية والقرون الوسطى والانحطاط، بل على العكس إن وجود هكذا مناضلين وشرفاء، في صف أي نظام، يقوي من ركائزه، ويعزز من أسسه، ويكسبه مصداقية كبيرة، ويقويه، حتما، في مواجهة الأعداء، وهذا ما نفتقده، ونبحث اليوم عنه "بالفتيل والسراج"، في ظل هذه المواجهة المريرة الطويلة والعبثية مع الذئاب التي تحوم حول جسد الوطن العزيز من كل مكان، والتي نتمنى جميعا، ومن القلب، أن تنجلي، وبأقل الخسائر الممكنة على سورية القلب, والوجع، والوجدان.

وللصديق الفنان، والأخ العزيز عبد الحكيم قطيفان،وزميليه الكريمين، تحية حب، وتضامن، وإعجاب.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شدّوا الحزام
- كلاب أمريكا
- جنازة وطن
- الرسالة
- عرس الدم
- فرنسا الشمولية
- دعاء الجنرالات
- عصافير لا تطير
- ربيع سوريا الواعد
- أيه حكايةالأمراض النفسيةالماشية في البلد اليومين دول؟
- ديبلوماسية الكوارث
- كل عام وأنتم بلجنة للتحقيق
- الملاليس
- فليُسعدِ النَطْقُ إنْ لم تُسعدِ الحالُ
- إنهم يورطون الرؤساء
- سوريا العلمانية
- الغائب الأكبر
- دراويش الفضائيات
- علام يراهن السوريون
- السيناريو الأسوأ للسوريين


المزيد.....




- الجمهوري أرنولد شوارزنيجر يعلن دعمه للديمقراطية كامالا هاريس ...
- وفد روسي يصل الجزائر في زيارة عمل
- كوريا الشمالية: تصرفات الولايات المتحدة أكبر خطر على الأمن ا ...
- شاهد.. ترامب يصل إلى ولاية ويسكونسن على متن شاحنة قمامة
- -حزب الله- ينفذ 32 عملية ضد إسرائيل في أقل من 24 ساعة
- بريطانيا وفرنسا وألمانيا تدعو إلى التجديد العاجل للخدمات الم ...
- وسائل إعلام: تقدم في المفاوضات حول وقف إطلاق النار بين إسرائ ...
- وفد روسي يصل الجزائر في زيارة عمل (صور)
- إعصار كونغ-ري يقترب من تايوان والسلطات تجلي عشرات الآلاف وسط ...
- ما هي ملامح الدبلوماسية الأميركية المستقبلية في الشرق الأوسط ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نضال نعيسة - نجوم خلف القضبان