أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاروق عطية - نقيضان لا يجتمعان الدين والسياسة















المزيد.....

نقيضان لا يجتمعان الدين والسياسة


فاروق عطية

الحوار المتمدن-العدد: 5109 - 2016 / 3 / 20 - 02:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بحكم العادة سرحت في جلستي ونسيت الحاضر بهمومه ومتاعبه، واندمجت في حلم استفزني لدرجة تمنيت معها أن أفيق من غفوتي واستيقظ من هذا الجدل الذي لا طائل منه. كان حواري مع شخص حاد المزاج سريع الانفعال لا يقبل قرع الحجة بالحجة، رأيه هو الصواب ورأي أي من بناقشه خاطئ ولا يتفق مع تعاليم الله، كأنه هو الشخص الوحيد المكلف من الله للدفاع عنه وكأن الله عاجز عن الدفاع عن نفسه فأنابه ليقوم بهذه المهمة الشاقة. قال لي: لا تتحدث في الأمور الدينية وركز في تفاهاتك العلمانية وابتعد عن مهتراتك حول مشايخنا العظام الحاملين لكتاب الله وسنة نبيه الكريم، ناصحا لي بالابتعاد عن المشاكل وما يأتي خلفها.
قلت له باسما: أنت تعلم مثلى أن الساكت عن الحق شيطان أخرس، وأنا أربأ بنفسى أن أكون شيطانا أو أكون أخرسا يسكت عن الحق. مشايخكم الأجلاء رجال أفاضل، قيمة وقامة في الشؤون الدينية ، ولكن تدخلهم في السياسة أفسدهم وأفسد السياسة. كما قال زعيمكم المعزول الماء والزيت دونت مكس، كذلك الدين والسياسة دونت مكس مليون مرة، وحتى أوضح لك ما قد يكون خافيا، فقد أصبح الخلط بين الدين والسياية سمة هذا العصر المتقلب المزاج ومفروضا علي مساجلات ومناقشات ومحاورات الساحة الثقافية المصرية والعربية خاصة فى الأعوام الأخيرة التى شهدت ما سمي بثورة الربيع العربي التي كانت في البدء ثورة وربيع وحين ركبها أحبابك تحولت إلي عورة وخريف تساقطت فيه كل الأوراق، وازدادت حدة النقاش بعد تورة 30 يونيو التي أطاحت بالإخوان الخونة وركبها العسكر المتحالف مع السلفية التي هي أشد وطأة من الإخوان. حقيقة لا يمكن انكارها أن السيسي وإن كان عسكريا لكنه جاء برغبة شعبية جارفة، حيث لا خلاص من تمكن الإخوان وتغلغلهم في كل مفاصل الدولة إلا بالقوة العسكرية التي يحوزها السيسي، ملايين المصريين من كل الفئات خرجت تطلب من السيسي الخلاص من تحكم المتأسلمين، كل المتأسلمين وتجّار الدين، لكنه للأسف تخلص من الإخوان وارنكن علي من عم أشد مكرا وبأسا وهم السلفيون. قلنا في بادئ الأمر أن ذلك إجراء مؤقت حتي لا يعطي الدليل للعالم الخارجي أنه انقلاب علي الشرعية والأحزاب الدينية، لكنه للأسف ما زال مستمرا في مهادنتهم واسترضائهم بالمزيد من التنازلات رغم ما يقومون به من تجاوزات في حق كل من يقول كلمة حق أو رأي مخالف لما يعتقدون من أهل الفن أو الأدب أو السياسة مستخدمين قانونا مخالفا للدستور هو قانون ازدراء الأديان، وأكثر من ذاق مرارة هذا القانون هم اقباط مصر بالتلفيق والمدالسة وهم أكثر من بايع السيسي ودافع عنه في المحافل الدولية خاصة أقباط المهجر.‏ حاول محدثي مرارا أن يقاطعني لكن أعجزته الحجة عن الكلام واكتفي بمقاطعتي تأففا واستنكارا بما يبديه بحركات يديه الرافضة لكل ما أقول.
قلت له: السياسة هي علم وفن الممكن وسيلته الخطاب العقلاني معتمدا على الإبداع الإنساني‏ والرغبة في تحقيق الحياة الإنسانية الكريمة وتحقيق قيم العدل والحرية والسلام‏ للمجتمع.‏ كل شيئ فى السياسة نسبى فلا يوجد في السياسة أفكار مطلقة أو أمور ثابتة تصلح لكل زمان ومكان، فالأفكار السياسية تكون صحيحة وصادقة بالنسبة لعصرها ومجتمعها فقط‏ وقد لاتكون صالحة لفترات قادمة‏، فالسياسة تتسم بالتغير والمرونة والنسبية‏. رغم تحيز الساسة لبعض الأفكار والمبادئ الثابتة إلا أن توجههم السياسى عادة ما يكون موجها إلى أكبرعدد ممكن من الطبقات والفئات والشرائح الاجتماعية‏. وكل المذاهب السياسية التي عرفتها الإنسانية كالاشتراكية والديمقراطية‏ وحتي الفاشية‏ كانت كلها موجهة نحو كافة الطبقات عمال‏ وفلاحين‏‏ ومثقفين وكافة الشرائح الاجتماعية الأخري‏.‏ قال لي مقاطعا: وقرآننا دستورنا صالح لكل زمان ومكان ولكل المجتمعات. قلت له: الكتب المقدسة جميعا لها احترامها وقدسينها للتعبد والصلاة لكن السياسة فيها المكر والخداع ونحن نربأ أن يشارك أو يختلط المقدس بالمدنس، العمل السياسي في العلمانية يقوم علي احترام الآخر ويحترم حق المواطنة ولا يقر التفرقة العنصرية أو الدينية، مقرا بمبدأ حرية وتكافؤ كل المواطنين، يحترم الاختلاف ويؤمن بالتعددية السياسية وحرية الرأي فلا معني للحزب الواحد أو للصوت الواحد أو للجماعة الواحدة‏، فالسياسة الحقيقية تقوم علي الحوار‏‏ و تعدد الأصوات واختلاف الرؤي‏ وقابليتها للتطبيق والممارسة. السياسة تعتبر أن العلاقة بين الحاكم والمحكومين علاقة تعاقدية‏، على الحاكم أن يحقق أهداف وآمال وطموحات شعبه‏ الذى اختاره لتحقيق هذه المهمة‏ فإذا أخفق في تحقيقها أصبح من حق الشعب الذي اختاره أن يرفضه ويغيره‏ كما حدث مع المخلوع أذله الله وحقّره، بمعنى أن الحاكم يستمد سلطته من شعبه وجماهيره، ولكن في الخلافة التي تنادون بها الخليفة بعد مبايعته لا يمكن الخروج عليه مهما أساء أو أخطأ، لآن الخليفة في رأبكم يستمد سلطته من الله والقرآن ولا يمكن الخروج عليه أو خلعه. ‏
أما إذا دخل الدين معترك السياسة فإنه سيعتمد فى سلطته على النص الديني القائم علي الإيمان والتسليم بما ورد بهذا النص، ويحرم أصحاب الجماعات الأصولية والسلفية الاجتهاد في تأويل النص الديني تأويلا عقلانيا‏ ويرفعون شعارهم الشهير لا اجتهاد مع النص. وليست هناك نسبية فى الدين وإنما هو يتسم لدي أصحابه بصفة الثبات والقداسة ولذلك فهو عادة ما يكون صالحا لكل زمان ومكان بالنسبة لمعتنقية أو المؤمنين به‏.‏ كما يرفض أصحاب التيارات الدينية فكرة تاريخية النص أو القول بأن هذا النص قد ارتبط بحادثة تاريخية أو بموقف معين‏ ويصرون علي أن النص الديني نص يتجاوز الزمان والمكان ويصلح لكل الأزمنة والأمكنة لأنه نص مقدس. يقوم علي التعصب ويرفض الخلاف في الرأي، لأن أصحابه يزعمون امتلاك الحقيقة المطلقة‏ وهذا الزعم يعطيهم الحق في نفي الآخر ورفضه ثم تكفيره واستباحة دمه أوتطليقه من زوجته في أحسن الأحوال، سواء كان هذا الآخر مختلفا معهم في الرأي أو العقيدة‏، إنما الحق دائما لدى الجماعة التى يتحدث باسمها، وغيرها مردة كفرة ومشركين وممثلين لحزب الشيطان. كما أنهم يفرضون سلطتهم،على الدنيا والآخرة، ويخضعون الدنيا الفانية للآخرة ذلك العالم الأزلى المقدس.
قال لي: نحن لا نرفض الحوار، فها أنا الآن أتحاور معك، قلت له: قد يعترف أنصار الجماعات الدينية بالحوار نظريا فقط في بعض الحالات التي تتفق مع مصلحتهم ولكن عمليا هم لا يعترفون بجدوي الحوار‏ وكلمة التفكير تتحول بسهولة علي أيديهم الي تكفير، فمفردات حروف الكلمتين واحدة‏!!‏ وغالبا ماتكون إمكانية التحول من الاعتدال الي التطرف يسيرة ومن التسامح الي العنف والإرهاب‏ ممكنة إرتبطا بنوع معين من الفهم الذي يفسر النصوص الدينية بما يناسب مصلحة الجماعة، ومن خلال الاحتماء بمظلة النص الديني تمنح الجماعة لنفسها حق التحدث باسم الله واسم الدين وأصحاب هذا الدين‏، بل إنهم يصبحون بمثابة المفوضين من قبل الله بحماية هذا الدين والدفاع عنه ضد أعدائه والمتربصين به. وتلجأ معظم الجماعات الدينية الأصولية المعاصرة الي الخلط بين الدين والسياسة بصورة فجة فعلى سبيل المثال تستخدم الجماعة المحظورة عادة عبارة‏ أن الإسلام دين ودولة‏، بمعنى أن الإسلام ليس فقط مجرد طقوس وعبادات دينية وإنما هو أيضا دستور ورؤية سياسية‏، علما بأن كلمة دولة ‏كما وردت في القرآن واللغة العربية معناها مختلف يشير الي الزوال والتقلب والتحول مخالفا للمصطلح الحديث للدولة بمعناها السياسي الوضعي‏.‏ وهم ينظرون للبشر والحقائق بمنظار ضيق وجامد، أبيض أو اسود، مؤمنون أو كافرون، إسلاميون أو علمانيون ولا شيئ وسط بين النقيضين، وهومنطق يتنافى وطبيعة البشر وطبيعة الحقائق وطبيعة الوجود ‏والحياة المليئة بألوان الطيف.
لم يجد محدثي وسيلة للرد وإتيان الحجة التي تقرع حجتي وتلجمني فاستشاط غضبا وأخرج من جيب سترته مطواة كان يختزنها للرد القاطع وراح يطعنني حتي خارت قواي فصرخت طالبا للنجدة، فأتتني النجدة سريعا في وجه أم العربي ينظر إلي والشرر يتطاير من عينيها، فاعتدلت في جلستي ورددت علي حنقها بابتسامة أضحكتها.



#فاروق_عطية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر ومخططات الأبالسة-5
- زمن عزّت فيه المعجزات
- مصر ومخططات الأبالسة-4
- أنا أحلم والكل يحلم أيضا
- مصر ومخططات الأبالسة-3
- مصر ومخططات الابالسة-2
- مصر ومخططات الأبالسة
- صعيدي من جرجا في بلاد الفرنجة
- الشيخ شيبة وفنجال القهوة
- غزوة المعممين
- السيد أفندى خلقة
- أمراضنا المزمنة هل آن أوان التخلص منها ؟
- أحداث فرنسا الملتهبة
- محمد صابر والحمي الديكرومية
- إفتكاسات حول الانتخابات
- عودة حزب الكنبة للانعقاد
- حلمى البايظ بين المال والمؤهلات
- عمو فؤاد والكيف وليلة الجمعة
- التعليم بين الأمس واليوم
- تخبط كاتب وتصحيح معلوماته


المزيد.....




- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاروق عطية - نقيضان لا يجتمعان الدين والسياسة