|
راهن العراق ومستقبله وفق أفكار مثقفوا الاحتلال -غالب الشابندر نموذجاً- ج1
محمد علي الحلاق
الحوار المتمدن-العدد: 5108 - 2016 / 3 / 19 - 21:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مدخل : نشرت صحيفة المدى البغدادية في عددها (2539) الصادر في يوم الثلاثاء الموافق لـ 8 آذار 2016 ، وعلى صفحة (آراء وأفكار )مقالة للاستاذ غالب الشابندر تحت عنوان (رسائل الى السيد مقتدى الصدر) – الرسالة الثانية ، جاء فيها العديد من الآراء وطرح ضمنها بعض المفاهيم ( السوسيا - السياسية) الهامة والخطيرة ذات الصلة بالوضع السياسي الراهن الذي يعيشه العراق ، ورؤيته حول مستقبله كذلك ، سأعمل جهدي بالسطور القادمة من هذا الرد، على مناقشتها وفق المنهج العلمي – الوطني بعيدا عن العواطف الشخصية والافكار المسبقة ،مبينا الدور الخطير والقذر الذي اضطلعت به الغالبية الساحقة من الانتلجنسيا العراقية وبالخصوص رموزها الثقافية ،التي كانت قد تغربت هرباً من بطش النظام البعثي الفاشي،فأضحت اداة للتغريب العقل العراقي الجمعي واستلابه روحيا !؟. ففي عملية تقسيم العمل والادوار التي قامت بها الدولتان الامبرياليتان بريطانيا والولايات المتحدة لتنفيذ مشروعهما الاجرامي في احتلال العراق من اجل تدميره وتقسيمه وذبح شعبه ونهب ثرواته ، اوكل لأولئك المثقفين وبالخصوص الكتاب منهم ،دور تسويق وتسويغ ذلك المشروع ،قبل وبعد الاحتلال . حيث قامت دول الاحتلال وبالذات الولايات المتحدة الاميركية وبعد افشالها واجهاضها الانتفاضة الشعبية المجيدة ضد نظام البعث العميل في آذار من عام 1991 ،بشراء اقلام تلك الحفنة المستعدة اساساً لبيع نفسها في (سوق النخاسة العالمي) " ألما يدندل زبيله ... محد يعبيله " !؟. كان معظم تلك الحفنة وللأسف من ذوي الاصول اليسارية ، والبعض القليل منهم ، من اصول فكرية اسلاموية (حزب الدعوة) تحديدا، ومنهم يأتي (محور دراستنا) الاستاذ غالب الشابندر . والذين وبعد وصولهم الى عواصم دول اوربا الرأسمالية وخاصة (لندن) المقر الرئيس للحركات الاسلاموية – السلفية في العالم من كل المذاهب والفرق وبنك تمويلها ،اقول ما ان حطت اقدام اولئك (المجاهدين) ارض عاصمة الضباب حتى بدأ قسما كبيرا منهم ينزع عنه ثوب فكر (الجعفرية – الاصولية –السلفية) الذي غدا بعد الثورة الايرانية في عام 1979 ، فكر (ولاية فقيه الرعية ( ،حتى لبسوا رداء فكر (الليبرالية) ، فأمسى ناتج تلاقح الفكر الجعفري- الاصولي – السلفي مع الفكر الليبرالي في مرحلة العولمة المتوحشة ،مولود هجين منغولي ،مسخ ،وشخصية كاريكتيرية – هزلية ورثّة ،اخذت من اصولها الفكرية المذهبية المعنى السلوكي لـ(مبدأ التقية) وهو (طلب السلامة والعافية) ،واخذت من الفكر الليبرالي ،المتفسخ اساساٍ منذ ان تحولت الطبقة البورجوازية التي انتجته الى طبقة رجعية على اثر ثورة الشعوب الاوربية (ربيع الشعوب الاوربية )في عام 1848 والذي اعيد انتاجه كما انتجت هوليوود فيلم (كنغ كونغ) او الغوريلا المتوحش . على ايدي كل من رئيس الولايات المتحدة وممثل افلام الكاوبوي المخمور (دونالد ريغان) ورئيسة وزراء بريطانيا (العجوز العصابية) (مارغريت تاتشر) في ثمانينيات القرن المنصرم. اخذت من هذه الليبرالية (المتغولة) ، الخداع والتضليل وروح المنفعة الفردية ،الانانية والشرهة والتافهة ،ولو على حساب حياة ومصير ملايين البشر . لم يكن ذلك العمل الذي قامت به اجهزة دول الاعداء الامبرياليين المخابراتية جديدا ، فلقد سبق لها وان انجزت نفس العمل مع اليسار الاوربي حال انتهاء الحرب الثانية وبدأ مايسمى بالحرب الباردة واعلان مبدأ ترومان والمكارثية برفع شعار (مكافحة الشيوعية) ، وهي المسألة التي نفضت الغبار الكثيف عن ملفاتها ،ووجهت عليها الانوار الكاشفة ،الكاتبة الاميركية (فرانسس ساوندرز) بكتابها المثير والخطير والمشوق (الحرب الثقافية الباردة). حيث بينت ماكان يقوم به (أشعيابرلين ) من عمل لتجنيد الكتاب والمثقفين والفنانين اليساريين الاوربيين لصالح الـ (C.I.A) ،وتأسيسه للنوادي والجمعيات الثقافية والفنية والصحافة والمجلات الادبية ودور النشر في العواصم الاوربية وخاصة في (روما) ولحد اليوم . بل واكثر من ذلك فهي تقوم بتشكيل الحركات والمنظمات السياسية اليسارية وحتى الثورية .!؟ على الرغم اننا لسنا بصدد البحث في موضوع يتعلق بعلاقة تطور العلوم الاجتماعية واستخدامها في تنفيذ مشاريع الاعداء الامبرياليين ،والولايات المتحدة بشكل جد خاص ،لكن لابد لنا هنا من الاشارة الى مسألة هامة من ان الطبقة البورجوازية منتجة النظام الرأسمالي العالمي ، وقائدة هذا النظام تحديدا ،قد انتبهت وبشكل مبكر جدا الى اهمية وخطورة شريحة المثقفين من كتاب وفنانين (سينما ،مسرح،فنون تشكيلية) في موضوعة (صناعة الرأي العام ) و(تشكيل الوعي الجمعي) لشعب كامل والتي كانت اهم نتائج التطبيقات العملية لـ ( علم النفس الاجتماعي)الذي اسسه في الولايات المتحدة الاميركية ، احد ابرز واهم علماء النفس بعد (سيغموند فرويد ويونغ) ،وهو الاشتراكي الالماني السابق (ولهلم رايش). وانا ارى انه لابد لأي مناضل وطني من قراءة كتبه الهامة. فكيف ونحن نعيش اليوم بمرحلة العولمة التي تميزت بثورة تكنولجيا الاتصالات ،وفي مقدمتها وسائل الاعلام والمعرفة الالكترونية ،ولهذا اطلقت على هذه المرحلة تسمية (media time) اي (عصر او زمن الاعلام) بمختلف اشكاله والوانه ،ومن هنا زادت اهمية دور الكتاب والمثقفين. ومع بداية الالفية الثالثة وتحديدا في آذار /نيسان من عام 2003،جرى تنفيذ مخطط (مشروع ) احتلال العراق بشكل مباشر (كولنيالي) من قبل اكبر واقوى دولتين استعماريتين ،امبرياليتين هما بريطانيا (ان للأنكيزفي بلادي مطامع لاتنتهي حتى نتبلشف) (معروف الرصافي)،و الولايات المتحدة الاميركية ،من اجل (اعادة الحصان الجامح للحضيرة)!؟. لم يحصل ومن اجل تمرير مشاريعها وتحقيق اغراضها واهدافها الأمبريالية الأجرامية القذرة ،ان استخدمت تلكما الدولتان وسائل الاعلام في اي بلد آخر في العالم كله ،كمااستخدمتهما في وطني (النازف ،الجريح) العراق . فقبل عملية الاحتلال الهمجي ،جرى تأسيس العديد من القنوات الفضائية ومحطات الاذاعة ،ومنها على سبيل المثال لا الحصر (قناة الفضائية العربية) التي يمولها حكام مملكة آل سعود الرجعية السوداء ،و(قناة فضائية الحرة) و (راديو سوا ) اللذان يمولان وتشرف عليهما بشكل مباشر لجنة الامن والاستخبارات في الكونغرس الاميركي. وبعد الاحتلال صدرت اكثر من (30) صحيفة يومية ،من اجل خلط الاوراق وتشتيت ذهن وعقل المواطن العراقي .لأخفاء حقيقة ماحصل في 9نيسان الأسود ، كما تأسست العديد من القنوات الفضائية الخاصة بالعراق والتي تدار من خارج العراق، كبيروت والقاهرة وابو ظبي ودبي وعمَان ،وتمول من جهات مجهولة ،مثل (السومرية )و(الشرقية) و(البغدادية)و(الفيحاء)وغيرها . بعد ذلك وبعد ان وزعت اموال واردات النفط على القوى السياسية الطائفية – الرجعية (شيعية وسنية) وقومية كردية ،وحتى تلك التي تدعي (العلمانية ) من البعثيين السابقين او اولاد رجال العهد الملكي المباد الذين امضوا معظم حياتهم في الخارج وخاصة في (لندن)بعد هروبهم اثرثورة 14 تموز المجيدة ،اللذين جاء بهم الاحتلال كأدوات طيعة لتنفيذ مشروعه الاجرامي والذي جرى تسميته بـ(العملية السياسية) (مستأجرين يخربون ديارهم ويكافأون على تخريب الديار رواتبا ) (الجواهري الخالد في قصيدته المهداة الى الدكتور هاشم الوتري ). نقول بعد ان قام المحتلون الاوغاد بتدمير ماتبقى من بنى تحتية ومؤسسات وتوزيع اموال عائدات النفط بين تلك القوى الاجتماعية –السياسية المرتبطة ،وجوديا وحياتيا مع اسيادها كأسلاب وغنائم ،جرى تأسيس الكثير من القنوات الفضائية والتي يعود معظمها الى الأحزاب والحركات السياسية المتأسلمة و(الشيعية) منها تحديدا ،والمتفرع 90% منها من (حزب الدعوة) فصار اليوم لكل حركة او حزب منها قناة فضائية او اكثر خاصة به ،لكنها تشترك جميعا في مسائل عدة ،اولها شرعنة مشروع الاحتلال وتسويفه ، بث الفكر الطائفي – الرجعي من اجل تكريس تقسيم العراقيين طائفيا وتعميق مشاعر الكراهية والفرقة بينهم ، وهو واحد من اخطر اهداف مشروع الاحتلال الاجرامي . تجهيل وتضليل الغالبية الساحقة من جماهير الشعب العراقي لتغطية ماقاموا ويقومون به من دمار وخراب وبيع للوطن ،وسرقة اموال عائدات النفط منذ الاحتلال في 9 نيسان من عام 2003 وحتى اليوم والتي تقدر بـ 800 مليار دولار . اما محطات الاذاعة ، فحدث ولا حرج !؟، ففي بغداد وحدها يوجد اكثر من (20) محطة اذاعية ،حيث صار اخيرا لكل تشكيل من تشكيلات مايسمى بـ (الحشد الشعبي) مع جل احترامنا للتضحيات التي قدمتها شبيبة هذا الوطن في سبيل طرد الارهابيين الذين جاء بهم المحتلون . وهي كانت صفحة جديدة من صفحات مخطط الامبرياليين ، لاستنزاف الموارد البشرية والمالية لهذا الوطن ،والتي ابتدأت عندما زج هؤلاء الامبرياليون (انفسهم) النظام السابق في حروب عبثية – اجرامية – مدمرة بالنيابة ،وبعد ان ادى مهامه الموكلة اليه بكل امانة واخلاص ،جرى استبداله بقوى اجتماعية – سياسية (الاحتياط المضموم) اخرى ومما يتفق مع اهداف استراتيجيته الجديدة لعموم هذه المنطقة من العالم .انها تماما كـ (لعبة البريد) في سباقات الساحة والميدان حيث يجري تسليم العصا من يد لأخرى لانهم بالنتيجة والمحصلة ينتمون الى فريق واحد هو فريق اعداء الوطن وخونة الشعب ، وهو ذات الفريق الذي تآمر (مجتمعا) على ثورة 14 تموز الخالدة ، حتى اسقاط الجمهورية الفتية في 8 شباط الأسود، وايضا لكون مدربهم ومديرهم الفني والمشرف عليهم هو واحد .!؟
#محمد_علي_الحلاق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تظاهرات (الجمعة ) العراقية بين الوهم والإيهام (ج5.. والأخير)
-
تظاهرات الجمعة بين الوهم والايهام (ج4)
-
تظاهرات (الجمعة) العراقية بين الوهم والإيهام (ج3)
-
تظاهرات (الجمعة) العراقية بين الوهم والإيهام (ج2)
-
تظاهرات (الجمعة ) العراقية بين الوهم والايهام (ج1)
-
من وحي ذكرى الانقلاب الدموي – الفاشي في 8 شباط 1963 -القائد
...
-
من وحي ذكرى الانقلاب الدموي – الفاشي في 8 شباط 1963 -القائد
...
-
الكويت وإسرائيل ... الوظيفة والأهداف وأبو الأسود الدؤلي الحل
...
-
الكويت وإسرائيل ... الوظيفة والأهداف وأبو الأسود الدؤلي الحل
...
-
يوسف سلمان ( فهد ) حزين وغاضب يوم التاسع من نيسان الحلقة الث
...
-
كلمات بينة للناس - ((ايها العراقيون... اية حكومة تنتظرون...
...
-
كلمات بينة للناس (الشيوعيون العراقيون بين النظال الوطني والع
...
-
كلمات بينة للناس
المزيد.....
-
مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا
...
-
وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار
...
-
انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة
...
-
هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟
...
-
حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان
...
-
زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
-
صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني
...
-
عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف
...
-
الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل
...
-
غلق أشهر مطعم في مصر
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|