أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل صوما - يعيش يعيش حكم المرشد















المزيد.....

يعيش يعيش حكم المرشد


عادل صوما

الحوار المتمدن-العدد: 5108 - 2016 / 3 / 19 - 21:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


رغم خروج ملايين المصريين حاملين شعار "يسقط يسقط حكم المرشد"، ما جعله يسقط سياسيا بواسطة المؤسسة العسكرية التي دعمها وفوضها معظم الشعب، ورغم إعلان وزارة الشؤون الدينية التونسية إطلاق حملة "غد أفضل" التي ستستمر سنة كاملة لمقاومة الفكر الديني المتطرف الذي "غزا" شباب البلاد، ورغم أن الدول التي مولت التطرف، وبدأت تحاربه بتحالف اليوم لأنها تخشى على عروشها منه، ما زلتُ على يقين بأن هيمنة الفكر المتطرف ستستمر لمدة عقود في منطقة الشرق الاوسط، والدليل بعض المشاهد التي تناقض بعضها بعضا من بلديّن ما يزالان صوريا علمانيين ختى اليوم.
الكلمة في السياق
لم تشهد مصر في السنة التي حكم فيها المرشد العدد نفسه من الاحكام على فنانين واعلاميين وكُتّاب بالسجن، بعد إدانتهم بتهم مختلفة أغربها ما قيل عن فنانين "نشروا الفجور والتحريض على الفسق والفعل الفاضح وصنعوا كليبات خادشة للحياء"، حسب اتهامات النيابة المصرية العلمانية والمحكمة العلمانية التي صدّقت على إتهامات النيابة، بعد الثورة العلمانية العارمة الشعبية على "حكم المرشد" والجداريات التي سبّت وسخرت من "الاخوان".
لم يحدث هذه الامر ولا حتى ما يشبهه من بعيد، في مصر العلمانية التي سمحت بعرض افلام ظهرت ناهد شريف فيها، على سبيل المثال، فيها عارية تماما وشبه عارية، كما ظهرت الفنانة "التائبة" شمس البارودي ايضا شبه عارية في افلام كثيرة.
تدخل الرقيب وأمر بقص المشاهد الساخنة جدا، أو اتخذ قرارا بعدم عرض الفيلم من الاساس، ولم يصل الامر ولا مرة إلى المحاكم ولم تتهم النيابة الفنانتين المذكورتين أو غيرهما بالتهم نفسها التي نسمع عنها اليوم. لم يُسجن فنان واحد منذ دخول عصر السينما إلى مصر حتى ظهور موضة مليونيات "يوم الجمعة" في الميادين. لم تُتهم ناهد شريف وشمس البارودي أو غيرهما بالتحريض على الفسق والفجور وإشاعة الرذيلة، لأنها مصطلحات دينية صرفة لا شأن للمحاكم العلمانية بها، فشأن المحاكم هو قضايا الدعارة مدفوعة الاجر فقط .
في مصر كان هناك جملتيّن شائعتين تقولان: "لو انطبقت السما على الارض انا مش حعمل كده"، و"لو ربنا نزل على الارض انا مش حعمل كده". كانت العبارتان تُقالان في سياق معين لم يرد عليه أي إنسان آنذاك ولا مرة بعبارة "استغفر الله العظيم"، لأن السياق يُفهم منه على مستوى مصر كلها ان أي وسيلة ضغط على الانسان الذي قال أي عبارة منهما لن تثنيه عن رفض ما يُطلب منه أن يفعله، ولا يعني بتاتا حَرفية نزول الله على الارض، أو هبوط السماء على الارض.
ربنا يستر
كان هذا في مصر العلمانية قبل أن تسيطر ميكروبات "الاستفادة من الدين" على أعصاب الناس وتتلف عقولهم، وكانت إحدى نتائج ذلك منذ اسابيع ان ضرب نائب في البرلمان نائبا آخر بالحذاء، لأسباب دينية، لأنه تناول الطعام مع سفير إسرائيل. نسى النائب ان برلمانه وقّع مع إسرائيل إتفاقية، وانه لا يجوز لبرلماني ان يفعل ما فعله، وان الاعتراض على سياسة إسرائيل لا يتم بضرب نائب مصري بالحذاء.
ثم جاءت الضربة الدينية الثانية بعد ايام، حين أعفى مجلس الوزراء العلماني المصري، الذي طلب رئيس جمهوريته من الازهر نفسه تحديث الخطاب الديني، وزير العدل أحمد الزند من منصبه، بعد ضجة إنفعالية حماسية أثارها قوله في مقابلة تلفزيونية إنه يمكن أن يحبس النبي محمد إذا خالف القانون.
جملة الوزير الزند في السياق، حسب مصر العلمانية التي عرفتها وعشت وتعلمت فيها وأفهم تماما ما عناه شارعها قبل هوس عصر الاستفادة من الدين، يستحيل ان تخرج عن مضمون" انا سأحبس أي شخص مهما بلغ شأنه إذا خالف القانون"، لأن أي وزير عدل في مصر يواجه فسادا مدعوما من نافذين رفيعي المستوى لم يسبق مصر أن عانت منه، وبسبب هذا الفساد وسوء الادارة سقط حكم الرئيسين مبارك ومرسي بشكل لم يتوقعه أحد.
العلمانية هذه التي اعرفها تفهمّت يوما "رسالة إلى الله" كتبها توفيق الحكيم بعد وفاة إبنه ونشرتها جريدة "الاهرام" بالعنوان نفسه، وعنفها فقط داعية مصري متعصب صاحب ميول وهابية، لم يأبه الشعب بما قاله رغم إنه خط أحمر لا يُلمس في وجدان مسلمي مصر، كما لم يكترث المصريون كثيرا بما قاله بعض شيوخ الازهر عن هذه الرسالة، لأن الشعب فهم سياق كلام رسالة الحكيم وهي حزنه العميق الذي كاد أن يقتلع توازن عقله على إبنه الشاب المتوفي.
صحيفة "الاهرام" نفسها قال رئيس تحريرها محمد حسنين هيكل للرئيس عبد الناصر اثناء زيارة له لمقر الجريدة بحضور الروائي نجيب محفوظ:
- حننشر قصة "اولاد حارتنا" للاستاذ نجيب على حلقات، ويمكن ما تعجبش الازهر.
- خلّي الازهر يقول إلّي هو عايزه. قال الرئيس.
- يعني رأيك مع نشرها؟ سأل هيكل الرئيس.
- إنشرها وربنا يستر. قال الرئيس وهو ينظر ويبتسم إلى الاستاذ محفوظ.
العلمانية المنفتحة
كانت تونس دولة علمانية منفتحة لدرجة ان رئيسها الراحل الحبيب بورقيبة قال للرئيس عبد الناصر في أوج حماسيات الاخير ضد إسرائيل، يجب ان تفكر بمقعد في الجامعة العربية لإسرائيل، إذا اردت ان تدير صراعا واقعيا معها، وسأله عبد الناصر كم نسبة المزاح في عبارته هذه، ورد الرئيس التونسي بمنتهى الجدية: صفر بالمائة.
مشهد مختلف تماما عن مشهد وأد حلم معظم التونسيين، بعد الربيع العلماني إياه، بتأسيس دولة علمانية عربية، أو على الأقل الإبقاء على تراث العلمانية والانفتاح "البورقيبي" في دستور بورقيبة سنة 1959، بعد أن أبقى النواب على صيغة "الاسلام دين الدولة" في الدستور، لإرضاء المستفيدين من الاسلام سياسيا الذين فشلوا في فرض الشريعة الإسلامية كمصدر أول للتشريع، وهو أمر مستحيل علميا لتغيّر مفهوم السرقة، على سبيل المثال فقط، عما ورد في الكتب الابراهيمية.
محاولة أسلمة علمانية تونس، المؤجلة حتى الان، تسببت في انضمام اكثر من 5500 تونسي غالبيتهم تتراوح اعمارهم بين 18 و35 عاما، الى تنظيمات مصنفّة إرهابية في الخارج، خصوصا في سورية والعراق وليبيا، حسب تقرير نشرته في يوليو/تموز الماضي مجموعة العمل التابعة للامم المتحدة حول استخدام المرتزقة في العالم. وهذا العدد من المرتزقة التونسيين في هذه التنظيمات، هو الأعلى بين الاجانب بمناطق إهانة وتقويض هيبة الدول.
في 2015 نفذ اربعة شبان تونسيين ثلاث هجمات دامية تبناها تنظيم الدولة الاسلامية المتطرف واسفرت عن مقتل 59 سائحا اجنبيا و13 عنصر امن. كم نفذ هذه السنة عشرات المرتزقة هجمات "متزامنة" على ثكنة الجيش ومديريتي الدرك والشرطة في مدينة بن قردان بهدف احتلالها وإقامة "إمارة داعشية" فيها، وسط هواجس وكوابيس من انتشار مدّ فوضى الربيع الليبي نحو تونس.
لم تحسّن محاولة أسلمة علمانية تونس الاداء الاقتصادي ولم ترفع مستوى خط الفقر ولم تدفع إلى البحث العلمي ولم تخفض مستوى الجريمة. دفعت هذه المحاولة الناس إلى التفكير في عذاب القبر وتنفيذ الحدود وارتداء ازياء لا تصلح للعصر واعتبار الآخر كافرا يجب قتاله حتى يعلن توبته.
الوارد مجرد امثلة بحاجة للتأمل في مستقبل منطقة، بدأ رجل الدين المتزمت رافض الآخر يتحكم في مقدرات مواطنيها سياسيا واجتماعيا، وتختم دول فيها نشراتها الاخبارية، عن الطقس بعبارة "والله أعلم"، وتقول عن سقوط الامطار المتوقع "إن شاء الله"، لأن منطقة الشرق الاوسط ما زالت تحتفظ في وجدانها بعبارة "التنبؤ بالطقس" الدينية، بينما العالم يعتمد على ما تقوله الاقمار الاصطناعية في احوال الطقس، بدون أن يعتبر ذلك نوعا من التنبؤ، لأنه ببساطة خريطة الغيوم واتجاه الرياح في الجو.
واضح أن حكم المرشد السُنّي سقط سياسيا إلى حين، لأنه اليوم هو الحاكم الفعلي على القلوب والمتحكم بالعقول ونوعية الثياب وشكل اللحى وطراز الابنية والاقتصاد ومناهج المدارس وأهم دور النشر ووسائل الاعلام والنقابات ونسبة عددية تتعاظم في البرلمانات.
ورغم ان الشيعية الحقيقية هي محاولة الالتفاف على صرامة النص والتعامل مع الظروف المستجدة بعيدا عن الظروف التي قيل فيها، جاء مرشد ثورتها، الذي تحوّل إلى الولي الفقيه، على متن "إير فرانس" ليحكم الناس سياسيا ويغيبهم في سراديب وصراعات لم تعد تناسب العصر ولا حتى النص.



#عادل_صوما (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل أفلست الاديان شكلا ومضمونا؟
- افراط البطش الذي يتجاهل القرآن والاحاديث
- تعدي مؤسسة على صلاحيات الله المطلقة
- -موال الهوى-: رواية تعبق بثقافات البحر المتوسط
- المسلمون المتنورون والصم المسيحيون
- ختان العقل ووأد الروح واستهجان الاستنارة
- تحت خط الفقر العلمي
- التمييز والعنصرية والتقية ومصادر التمويل
- الازدواجية الاخلاقية في الضمير الجهادي
- ليته يستقيل قبل تشرين
- الفرق بين رجال السياسة وبائعي التمائم
- تحديث الخطاب الديني مهمة العلمانيين
- قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا(8)
- قراءة في فكر المستفيدين من الاسلام سياسيا (7)
- قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (6)
- قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (5)
- قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (4)
- قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (3)
- قراءات في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (2)
- قراءات في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا


المزيد.....




- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل صوما - يعيش يعيش حكم المرشد