موسكو
يتوهم الكثير من أبناء العرب على أن روسيا" الديمقراطية" هي نفسها "روسيا الاشتراكية" ولكن المتابع عن قرب يتلمس مقلوب الامور فالشخصية الروسية عموما هي شخصية تطغي عليها صفة "الانا" الذاتية ولمنظور قصير الاجل ناهيك عن سرعة تأثر نسيان التاريخ في وعيها أضف الى ذلك سرعة تاثر "الوعي الروسي" بالاعلام المرئي والمكتوب لا سيما المغربن منه وقد سيطرت الرأسمالية اليهودية بنزعتها الصهيونية على كل وسائل الاعلام واحكمت سيطرتها على غالبة المعاهد والجامعات ثم برزت سيطرة الرأسمال اليهودي الروسي" والمدعوم خارجيا" على كل مفاصل الاقتصاد الروسي ضمن نزعة "الرأسمالية الحديثة" ومن هنا يكون الحديث عن علاقات ستراتيجية مع العرب مجرد هراء لا يصمد أمام وقائع الحياة اليومية للسياسة الروسية ناهيك عن تبعات مخلفات الماضي ووقوف العرب مع أمريكا ضد المصالح السوفيتية تلك الورقة التي مازالت "القيادات الروسية" تعزف على وترها بين الحين والاخر فما بالك بالمغريات "الرأسمالية" التي مازالت تتدفق على العقلية الروسية المنفلتة توءً من عقال "الديكتاتورية الشمولية للعهد السوفيتي".
ان مسألة اعادة التاريخ للوراء لا يمكن قبولها لدى أي مواطن روسي بغض النظر عن مستواه الثقافي والسياسي ومجرى أحداث العصر الحالي وايقاعات العولمة تشد روسيا الى الغرب بزاوية حادة لا سيما بعد أحداث "الشيشان" في العقد المنصرم وضلوع بعض الحكومات العربية في تسعير منابع الارهاب ضد مصالح روسيا تحت يافطة "الدين الاسلامي" وروسيا اليوم ترتكز بسياستها على مصالحها الاقتصادية بالدرجة الأرأس في تعاملها مع العرب بشكل عام ومع العراق بشكل خاص.
وعلى ضوء هذه المصالح يتمحور الموقف الروسي بالسياسة الخارجية ويرتكز على النقاط التالية:
1- المصالح التجارية
2- المصالح الاقتصادية
3- المصالح النفطية
وضمن هذه المرتكزات الثلاث تنطلق روسيا في علاقاتها مع العالم العربي والاسلامي بغية الحفاظ على "صورتها" في تلك البلدان باعتبارها ضمن الكتل الكبرى في التوازنات الدولية ومازال ثقلها السياسية "صوريا" موجود في "مجلس الامن"وهي بنفس الوقت تريد الحفاظ على "دور" في الامم المتحدة باعتبارها المنظمة الدولية الوحيدة المناطة بها حل النزاعات الدولية لذلك تنطلق من النوازع أعلاه في تقدير المواقف السياسة في هذه القضية أو تلك رغم بروز بعض "الرايدكالية" في تصريحات بعض مسؤوليها السياسية خصوصا في القضية العراقية.
والعلاقات الروسية مع العراق ـ تاريخيا- متطورة وايجابية لكنها تتأثر بعوامل -رد الفعل العراقي- من جهة والضغط الخارجي من الجهة الاخرى فالمصالح الاقتصادية الروسي من -الناحية العملية- تخضع للمساومة لا سيما في العقود الؤجلة التي تبرمها الشركات الروسية مع العراق كعمل تجاري مستقبلي لكن في الواقع الحال لا تحصل الحكومة الروسية على ريع كبير من تعامل الشركات الروسية مع العراق لان هذه الشركات كارتلات دولية لها تعاملاتها الخارجية وتعمل دون حدود أو ضوابط لتقدير نسبة الدولة على المشاركة في الشركات النفطية الكبيرة كشركة" لوك أويل" وغيرها حتى أن النائب العام الروسي أوستنوف يذكر في احدى تصريحات للصحافة الروسية في مستهل عام 2002 م بأن من مجموع 15 مليار دولار حصلت عليها الشركات الروسية من بيع وشراء النفط العراقي لم يدخل الميزانية الروسية منها سوى 400 مليون دولار وفي المقابل تغري الولايات المتحدة الاميركية روسيا بأن تضمن لها تسديد الفوائد بنسبة 8 % على مبالغها التي في ذمة العراق والبالغة "8 مليارات" فيما اذا "اعتدلت" في مواقفها السياسية في القضية العراقية وسارت ضمن الايقاع الاميركي وعزفت على نغمة الحرب ضد العراق.
ومن جهة أخرى فان العالم العربي لم يستطع أن يتقدم بخطوة صحيحة نحو الامام لتعزز العلاقات العربية مع روسيا من حيث التوظيفات المالية.فحتى هذه اللحظة مازالت الاموال العربية في ودائع البنوك الاميركية مجمدة وشبه مجمدة ومازال "التخوف العربي" هو بان الروس"شيوعيين ملاحدة" ولم يتقدم العرب أيضا بمشروع سياسي كبير يلزم العالم الغربي بمواقف سياسة متميزة أزاء القضية الفلسطينية حيث انه- بالنسبة للروس – موقف قابل للمقايضة والتسويف. أضف الى ذلك أن مبيعات الاسلحة من الغرب لا تعادل 5 % من مبيعات الاسلحة من روسيا الوافدة على العالم العربي.
والنخب السياسة الروسية لم تلمس موقفا متطورا من العرب في تقوية ومد الجسور السياسية بين العالم العربي وروسيا فيما الغرب الاوربي يسعى بكل ثقله لفصم العلاقات العربية الروسية ويحتار الروس أحيانا من تذبذب الموقف العربي بخصوص قضاياه الوطنية والقومية الامر الذي يشكل احراجا للروس في ممارسة الموقف السياسي على أمريكا والغرب في القضايا العربية فمثلا تعارض روسيا ضربة العراق من قبل أمريكا وتصر على أن يكون القرار دوليا في حالة عدم تنفيذ العراق لبعض بنود القرار الدولي "1441" بغية خلق هيبة للمنظمة الدرولية وبروز روسيا في السياسة الدولية في السياسة الدولية أيضا لكن الساسة العرب يغردون بواد اخر وهذا يعني أن الساسة العرب لا يدركون ميزان التوازنات الدولية حتى لصالح قضاياهم العربية.
اذن "هناك شبكة واهنة" تمر بها العلاقات العربية الروسية بحاجة الى تقوية نسيجها من جانب العرب أولا بغية خلق حالة جديدة للموقف الروسي من القضايا العربية.
كما ألمحنا –آنفا- بأن علاقات العراق مع روسيا جيدة بالشكل العام لكن نزوع الساسة العراقيين الى الارتجال والانفعالية يجعلهم ضحايا هذا الموقف وبالتالي تنعكس هذه الامور سلبا في السياسة الدولية من قبل أصدقاء العراق التقليديين مثل روسيا، فلقد قام العراق في مستهل شهر ديسمبر 2002 م بخطوة فاجأ بها العالم وفاجأ الروس بشكل خاص حينما أعلن العراق من جانب واحد فك الارتباط بعقد تجاري مع شركة" لوك أويل" الامر الذي هز أركان شبكة المصالح الاقتصادية الروسية مع العراق حيث أن الحكومة الروسية تمتلك في هذه الشركة ماتربو نسبته على 26 % من رأسمال الشركة وبالتالي خلخل الموقف السياسي الروسي برمته من القضية العراقية الامر الذي أفرح الدوائر الامبريالية الاميركية لانها رأت فيه "صب المياه في طاحونتها" وانبرت الصحافة الروسية المتصهينة ووسائل الاعلام الاخرى لنبش ماضي العراق وضرورة قطع التعاون معه باعتباره يشكل "ثقلا على الموقف الروسي" في السياسة الخارجية ويعرقل انضمام روسيا الى الاتحاد الاوروبي ثم فتحت ملفات عالقة كانت في طي الادراج للتشنيع في الموقف العراقي حتى أن مسألة اعادة المفتشين الدوليين الى العراق والتي سعت روسيا قبل سنتين لاثارتها مجددا في مجلس الامن الدولي وخروج قرار دوليا يلزم العراق بتنفيذه ساهمت روسيا والصين وفرنسا بصياغته يقبل ببعض الشروط العراقية وعلى اساس الموازنات الدولية الا أن رفض العراق لهذا القرار –وقتذاك-خيب امال الروس ولما جاء القرار"1441" المذل لكل العراق، قبلته السلطة العراقية "بالكلش" وهي صاغرة رغم أنفها.
يقول الصديق الصحفي المعروف في موسكو سلام مسافر:
"تناقشت مع أحد المستعربين الروس الذين عملوا في العراق سابقا وأحد المتنفندين في الخارجية الروسية حاليا حول جانب الموقف الروسي من قضية العراق الحالية أجاب "لقد سعينا بكل طاقتنا لاخراج العراق من مأزقه الحالي ولكن ساسة العراق لهم منوال اخر" ثم أضاف هذا المستعرب: "لديكم مثل شعبي عراقي جميل ينطبق على واقع السياسة العراقية الحالية يقول : الما يرضى بجزة يرضى بجزة وخروف".