|
البورصة والأرباح الرأسمالية
احمد البهائي
الحوار المتمدن-العدد: 5107 - 2016 / 3 / 18 - 20:43
المحور:
الادارة و الاقتصاد
يقولون إن البورصة هي المرآة الحقيقية لأي إقتصاد، ولكن ما يحدث في مصر خلاف ذلك تماما، حيث نجد اقتصاداً يعاني، ومع ذلك، تحقق البورصة مكاسب بالمليارات، فبورصتنا هي الوحيدة التي تحقق مكاسب من الإشاعات. من فينا يتذكّر قرار الحكومة المصرية، برئاسة إبراهيم محلب، في 18 مايو/أيار 2015 ، تجميد ووقف العمل بضريبة الأرباح الرأسمالية في سوق المال عامين مع استمرار العمل بضريبة التوزيعات النقدية التي فرضتها الحكومة في يوليو/ تموز من عام 2014، حيث اعتبر خبراء في سوق المال، قرار الحكومة أحد الأسباب الرئيسية في هروب الإستثمار الأجنبي والعربي خارج البلاد، مؤكدين أن ذلك الوضع يتسبب في تدهور الحقل الاقتصادي للبلاد، مع وجود شبهة إزدواج ضريبي، وقد أجمعوا على رفضهم التام فرض قوانين ضرائب على البورصة، واصفين الامر بأنه غير مدروس ومتسرع، لأنه يؤثر على تعاملات البورصة والقيمة السوقية للأسهم. كانت التعاملات في البورصة المصرية معفاة من أي ضرائب، إلا من ضريبة "الدمغة"، والمقدرة بنحو 1 في الألف على إجمالي التعاملات في البورصة، قبل أن تلغيها الحكومة في يوليو/ تموز 2014، وتقر فرض ضريبة على التوزيعات النقدية بواقع 10% بجانب ضريبة أخرى بنسبة 10% على الأرباح الرأسمالية المحققة من الاستثمار في البورصة. ولكن، في الحقيقة، جاء قرار وقف العمل بضريبة الأرباح الرأسمالية تراجعا من حكومة محلب ومخيبا للآمال، ويعد انتصارا للمستثمرين ورجال الأعمال والبورجوازية المستفحلة على حساب المواطنين، وخصوصاً المواطن الفقير الذي يتحمل الجانب الأكبر من زيادة الأعباء الضريبية، نتيجة لجوء الحكومة إلى زيادة الإيراد الضريبي، من دون توسيع القاعدة الضريبية، فقد ضغطوا على الحكومة، بما لديهم من نفوذ وأدوات يملكونها، وعملوا على إسقاط البورصة، وكان لهم ما أرادوا، لأن الحكومة ضعيفة، وضيّعت حق الدولة برضوخها لرغبة المستثمرين والقطط السمان في البورصة، فهم من يصنعون القرارات، حيث فشلت الحكومة، مرة بعد مرة، في فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية، والتي تمثل إجراء ضرورياً من أجل تحقيق العدالة الضريبية وعدالة توزيع الثروات المرجوة، وبوقف الضريبة تكون الدولة قد خسرت أرباحا كبيرة، ما سينعكس على عجز الموازنة العامة الذي تضطر معه الحكومة المصرية إلى الإقتراض من الخارج، لتغطية العجز بين المصروفات والايرادات . ومن هنا نقول: ألم يحن الوقت لإلغاء قرار تعليق ضريبة الأرباح الرأسمالية في سوق المال الذي اتخذه رئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب؟ وهو الذي كان بحجة أن الضريبة أدت إلى شح السيولة، وقتل الحالة التنافسية، وخروج مستثمرين مصريين وأجانب عديدين من السوق، كذلك لغموض آلية تطبيقها والأعباء الإضافية التي تفرضها عليهم، فإيقاف الضريبة صدر بقانون من رئيس الجمهورية، ولا يلغيه إلا قانون من رئيس الجمهورية وليس مجلس الوزراء، كذلك أصبح لنا برلمان الآن، وجميع القرارات بقانون التي صدرت قبل انعقاد البرلمان، والتي لم تناقش في مجلس النواب، تعتبر ملغاة بقوة الدستور والقانون، وبالتالي، يمكن إعادة العمل به بعد عرضه على البرلمان، طالما وجد فيه وسيلة لتوسيع القاعدة الضريبية لإنعاش الخدمات العامة المتردية والموافاة بالإلتزامات الدستورية بزيادة الإنفاق على بنود مثل التعليم لـ 3% والصحة لـ 4% من الناتج القومي. عدد من له حق التعامل في بورصة مصر من الأفراد والمؤسسات هو 540 ألف مستثمر، فالبورصة دائما تحقق مكاسب بالمليارات، على الرغم من أن المنحنى الإقتصادي في هبوط، وهذا هو العجب بعينه، فقد حققت البورصة المصرية في شهر فبراير/ شباط الماضي، مكاسب بلغت نحو 1.92 مليار جنيه، ليبلغ رأس المال السوقي لأسهم الشركات المقيدة بالبورصة نحو 393.09 مليار جنيه مقابل 391.12 مليار جنيه في يناير/ كانون ثاني، بارتفاع بلغت نسبته نحو 5ر0 %، حيث أن سوق الأسهم استحوذت على 43،43% من إجمالي قيم التداول فيما استحوذت السندات على نحو 57،56%، واستحوذ المستثمرون المصريون على 89،90 % من إجمالي تعاملات السوق. الاقتصاد المصري ذو هيكلية بنيوية معقدة وقديمة، وتلك أحد عيوبه، فعموده الفقري مصاب وفقراته متآكلة، تحتاج الى تدخل جراحي على وجه السرعة، على الرغم من أعراضها الجانبية، فالعلاج يتمثل في برنامج إصلاح اقتصادي، أحد محاوره الرئيسية الإصلاح الضريبي، لتحقيق نوع من التوازن بين الإيرادات الحكومية وسبل وطرق الإنفاق الحكومى وضرورة الحد من النفقات لتقليص مستوى العجز، فارتفاع مستويات العجز في الموازنة وخروجها عن الحدود المتعارف عليها سوف ينبئ بكارثة حقيقية، ليست فقط في تراكم الديون الداخلية والخارجية، بل عدم القدرة على سداد تكاليفها من الأقساط والفوائد، فالبداية يجب أن تكون برؤية شاملة وكاملة، لتحسين إجراءات جمع الضرائب وتوسيع القاعدة الضريبية على أسس قانونية لرفع معدلات الإيرادات، وتفعيل نظام إيرادات التخصيص، وإعادة هيكلة نظام الضرائب المباشرة، وخصوصاً الضرائب على أرباح الشركات والبورصة لتكون أكثر فاعلية وشمولية. تتهرب البورجوازية الإدارية من الضريبة، لذا يجب وضع مجموعة من القوانين أكثر صرامة وحزماً بهدف التصدي للتهرب الضريبي، حيث تكون الشفافية صفحته الأولى. وهذا لا يتم إلا من خلال برنامج اقتصادي شامل بأيدي مصرية، جاهز على طاولة التوقيع، من أجل تحقيق التنمية الوطنية والعدالة الإجتماعية، فالاقتصاد المصري كبير ومتنوع، الأمر الذي يجعله قادرا على استرداد مقوماته وانطلاقه وتعافيه في فترة وجيزة، شريطة توفر الإرادة السياسية والعزيمة المجتمعية الوطنية القادرة على تحقيق ذلك.
#احمد_البهائي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رفع سعر الفائدة،فك إرتباط الجنيه بالدولار
-
مصر الثورة.. لا للمصالحة نعم للحساب
-
الصين.. مصر قلب طريق الحرير الجديد
-
البرلمان المصري وتحصين العقود
-
لجوء سياسي في ألمانيا
-
الانتخابات المصرية..قمع الإنتلجنسيا عنوانها
-
السلطان اردوغان..الدب الروسي في المياه الدافئة
-
سعر الفائدة والاحتياطي الالزامي جراحة سريعة
-
أردوغان وشبح إتفاقية لوزان
-
الدولار واليوان..معركة كسر عظم
-
المشهد الثالث من خريطة الطريق المصرية
-
وكالات التصنيف.. الاقتصاد المصري تحت المراقبة
-
ايميل (2) الى سيادة الرئيس. عبد الفتاح السيسي-مصر بدون اعلام
...
-
الدب الروسي .. صدق رومني واخطأ اوباما
-
رفع الفائدة..مواجهة الدولرة في مصر
-
الحكومة المصرية من الاسكان الى البترول
-
اليورومنى والبورجوازية الكبيرة
-
هيكل .. والذات العارفة
-
الى السيسي احتكار المرافق العامة هذا ما نخشاه
-
الرحلة المقدسة على خطاها فتحت مصر
المزيد.....
-
سعر غير مسبوق.. -البتكوين- تسجل رقما قياسيا جديدا
-
“لحظة بلحظة الآن”.. انخفاض سعر الذهب اليوم في مصر الجمعة 22
...
-
-البتكوين- تسجل رقما قياسيا جديدا
-
بمواصفات منافسة.. Oppo تطلق حاسبها الجديد
-
كم سعره اليوم؟.. أسعار عيارات الذهب اليوم في العراق الجمعة 2
...
-
بعد اجتماع البنك المركزي بتثبيت سعر الفائدة .. سعر الدولار ا
...
-
بسعر المصنعية .. سعر الذهب اليوم بتاريخ 22 من نوفمبر 2024 “ت
...
-
بعد اجتماع البنك المركزي بتثبيت سعر الفائدة .. سعر الدولار ا
...
-
بسعر المصنعية .. سعر الذهب اليوم بتاريخ 22 من نوفمبر 2024 “ت
...
-
سؤال يؤرق واشنطن.. صنع في المكسيك أم الصين؟
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|