|
عازف المزمار و الاطفال (2)
الياس ديلمي
الحوار المتمدن-العدد: 5107 - 2016 / 3 / 18 - 18:49
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
و انا نائم بعد مشقة تفكيرية اتعبت راسي وجدت نفسي في ارض خضرة ذات سهول نضرة من تحتها انهار جارية ، تساءلت قائلا ( اين انا هل اعيش في نعيم الجنة ام هي الاعيب الشيطان كالعادة ؟ ) .. فاخترت الاحتمال الثاني لأنني لم اجتز مسابقة البكالوريا الخاصة بالقبر و لا اتذكر ان اسمي موجود في قائمة الحاصلين على تأشيرة دخول الجنة ، فإذا بي اجد رجلا مهلهلا فلا هو متسول محرج و لا هو ساحر مهرج ، تقدمت منه عسى ان اجد اجوبة تشفي غليلي فقد كنت كثير النهم المعرفي اتطفل على كل مكان اشتم فيه رائحة اعمال العقل مثلي كمثل اشعب و بنان ، سألته ( يا سيد انا تائه ابحث عن بوصلة توجهني او حكيم يعلمني؟ ) ، فرد عليا قائلا ( ما انا عليك بسيد و ما انت لي بعبد ، تحرر من قيدك فعقلك بوصلتك و قلبك معلمك ) ، قلت ( علمني مما علمت بشرط ان لا اكون لك تابعا ) . قال ( او انت خير من النبي موسى ؟ ) ، قلت ( هو فعل ذلك لكي اعتبر و اتدبر و افهم فها لي البشرى ) ، قال ( و هل انت حر؟ ) ، قلت ( ستجدني ان شاء الله وقت الكر و الفر ) .. قال ( انك لن تعرف معي الصبر ، و كيف ذلك و لم يأتك الخبر؟ ) ، قلت ( اما الخبر فمقدور عليه و اما الصبر فهو مدعى عليه ) . تم الاتفاق و سرنا حتى مررنا ببلدة خاوية على عروشها فقلت ( انى يحي هذه الله بعد موتها ) فإذ بي ارى الى جانب الجدران جحافل من الجرذان ، عندئذ قال الرجل ( انا احيي هذه القرية ) ، فقلت ( و هل انت هو الله حتى تدعي ما تدعيه ؟ ) ، قال ( اصبر حتى يأتيك الخبر ) ، فقلت ( قولك هذا سيؤدي بنا الى سقر ) ، قال ( اتبعني ) .. فتبعته و ما انا بمطمئن . لما وصلنا وجدنا اناس خائفة ذاهلة فزعة تختبئ في بيوتها و كأن طائف ما سيطوف عليها ، فتقدم اليهم الرجل و كلمهم بكلام لم افهم منه إلا كلمة ( اشلبدش ) الالمانية و التي تعني ( احبك ) نظرا لمجتمعي الذي تزخر ثقافته بشتى انواع المصطلحات الاجنبية التي تخص الحب و العشق و المواعدة .. فجأة اخرج الرجل شيئا ما من جيبه ، قلت متسائلا ( ما تلك بيمينك يا حكيم ؟ ) ، قال ( هو مزماري فيه اسرار كبرى ابعد بها ضجيج الشياطين و اؤنس بها اذان المحبين و اضمن بها طاعة المتبعين ) ، ثم انطلقنا حتى وصلنا الى هضبة فقال ( هذا ما كنا نبغ ) و قام بالعزف على المزمار بالحان ضاق صدري بها و كأننا في عالم الاموات الذي لا حياة فيها ، الحان حزينة و عزف بطئ لا يعجب السامع ، فإذا بأصوات غريبة و تحركات مريبة صعدت الصخرة فإذا بجحافل الجرذان تسير في ارتال مرتبة و بخطوات مسرعة .. صرخت متسائلا ( ما هذا ؟ ) ، فرد عليا ( اصبر سيأتيك الخبر ) .. الجرذان تسير و تقود بعضها البعض الى نهر عريض ، هل هي ذاهبة للشرب ام لفعل امر اخر ؟ لا ، بل هي تقفز و كأن لقفزتها محفز . . . يا الله ما هذا ا لهذا الحد تفعل الموسيقى افاعيلها .. بعد برهة من الزمن كل تلك الجحافل اختفت و عادت الحياة للبلدة و كأنها من جديد ارتوت .. قال الحكيم ( اولم اقل لك اني سأحيي البلدة ؟ ) ، فقلت ( ان الله امات كل تلك الجرذان بعد ان غرقت فات بها من جديد فبهت الذي لا ادري أكفر أم من سنن الله يسخر ) ، فانطلقنا لحاكم البلدة و بعد جدال لم افهمه كعادتي يصحبه صراخ تم طردنا من البلدة بعد ان ابوا ان يضيفوننا فسألته يا حكيم ( اهذا جزاء سنمار فكم انا محتار؟ ) ، قال ( اصبر فستأتيك الاخبار ) ، قلت في نفسي ( تبا لمن يصاحب الاحبار ..وعود ثم وعود الى غاية اللحظة ان لم تبذل الجهود لن تأت الاخبار) ، فانطلقنا الى حيث يلعب الاطفال و الغلمان فاخرج الحكيم مزماره فقلت ( يا ويلي هل جن الرجل ؟ هل سيفعل بالأطفال كما فعل بالجرذان؟ ) . شرع العازف في العزف و يا سبحان الله ... يا له من عزف كأن ملائكة النور تلقي بظلالها علينا او اننا نشم نسيم امواج الجنة ، اعادت الاحداث نفسها مع تغيير طفيف .. الاطفال تجري و تمرح و تتجمهر حول العازف ثم بدا بالسير و الجحافل كالعادة تتبع ، لم استطع لحاقهم من شدة الجوع الذي اضعف جسمي فاختفوا و معهم الحكيم في مغارة بابها صخري لم استطع له نقبا .. و ايقنت ان ابليس ذاته من كنت بصحبته فلا انا استفدت من الرحلة و لا انا وجدت لبطني لقمة . تمكن مني التعب و العطس فلا انا نعسان و لا انا جوعان ، استلقيت تحت شجرة فلم اشعر إلا بشخص ينادي انهض ، انهض .. انه الحكيم حاملا بيده رغيف خبز . قال ( انهض و اشبع بطنك لكي تشبع فيما بعد عقلك ) ، قلت ( أبشر انت أم شبح ماذا فعلت بالغلمان و ماذنبهم حتى تقودهم الى مغارة ؟ ما هذه التصرفات؟ لو كنت اعلم ان رحلتنا ستكون على هذه الشاكلة لما صاحبتك ) ، قال ( سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا و لم تحط به خبرا ) ... تبا .. رجعت النفس للجسد بعد رحلة مجنونة فقد اشرقت الشمس و اتى المدد .. انه مدد والدتي التي قامت بإيقاظي و بهذا ضاعت الرحلة و تبخر شخص الحكيم و انتهت الفسحة فلا انا تنبأت بالتأويل و لا انا فهمت سر المزمار ، و بدا يوم جديد لأفكر و أتفكر في ساعاته لعلي استرجع تفاصيل حلمي المسكين فلربما استعين بكتاب ابن سيرين او اتصل بقنوات تفسير الاحلام .. يتبع ..
#الياس_ديلمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عازف المزمار و الاطفال (1)
-
كيف نقرا القران و نتدبره ؟ (2) : الترتيل .
-
كيف نقرا القران و نفهمه ...(1) / ( المفردة القرانية )
-
رحلة سريعة الى زمن خير القرون ( السلف الصالح )
-
حقيقة يوم عاشوراء ...
-
الصراط ...حقيقة ام خرافة ؟!
-
الناقة عند الله ... اية من الايات ام جنية من الجنيات ؟
-
الحور العين ... ثمرة فاكهة ام حسناء فاتنة ؟
-
كيف اصبح محمد الها (2)
-
كيف اصبح محمد الها (1)
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|