|
أعتدلنا أعتدلنا أعتدلنا
بيتر ابيلارد
الحوار المتمدن-العدد: 1384 - 2005 / 11 / 20 - 07:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الموضع الذي يشغل كثير من المحللين هذه الفترة هو موضوع الإفراج عن قادة الجماعة الإسلامية دون قادة الجهاد من سجون مصر. والأمر الذي لم يتلفت له أحد أو ربما أتفتوا إليه ولكن فضلوا كالعادة دفن الرأس في الرمال أو تجاهل الموضوع وعفا الله عما سلف، وأعني به مبادرة الجماعة لوقف العنف. وهذا تم سواء من خلال كتب المراجعات التي تصدى لها ناجح إبراهيم أبرز المفرج عنهم أو من خلال الحوارات اللينة من خارج مصر من الغلبان والمسكين والبريء جدا أسامة رشدي، أو حتى من محاولة إنخراط الزيات في العمل السياسي. فنحن الآن نتعامل مع جماعة سياسية طيبة جدا ولا تقتل أحد، وتحترم الرأي الآخر ولا تتعامل معه بالتفجير أو القتل أو أيا من الوسائل التي كانت شرعية جدا ومطلوبة قبل عام 97. والسؤال الذي يطرح نفسه بشدة علاقة الجماعة نفسها بموقفيها المتعارضين تماما. الموقف الحالي لجماعة "طيوبة خالص" وناس عايزة تعيش وتشتغل سياسة، والموقف السابق لجماعة تطارد السياح في الأقصر وتذبحهم ذبح النعاج، أو تسرق محلات المواطنين من المسيحيين. وطبعا واحد من هذين الموقفين شرعي والآخر لأ، أو أن كلا الموقفين شرعي وحلال حسب الظروف، هذه هي الإحتمالات الموجودة لدينا ولا أرى لها إلى إحتمال واحد أخر وهو أن الجماعة تكذب علينا ولم تغير موقفها أصلا عملاً بحديث "الحرب خدعة" وهو ما ستكشف عنه التفجيرات القادمة. لكن لنفترض جدلاً صحة أحد الإحتمالات الثلاثة الأولى : خطأ الموقف العنيف: أليس من المفروض في هذه الحالة أن يقوم قادة الجماعات علنا بالتوبة والأعتذار عما أرتكبوه من إفساد في الأرض؟ أليس من المفترض أن – عملا بمبدأ حسن النوايا – الإعتراف بكل ما أرتكبوه من جرائم وتحمل المسؤولية الكاملة عنها؟ ففي أدبيات الجماعة لا معنى لتوبة لص ما لم يرد المسروق، ولا معنى لتوبة قاتل ما لم يدفع دية من قتله إن كان قتلاً خطأً. أم أن هناك خوف من أن الجرائم التي أرتكبوها فعلاُ وبدون إدعاء التلفيق من أمن الدولة تكفي لوضعهم في السجون مدى الحياة وربما أكثر؟ خطأ الموقف المعتدل: ربما موقف الجماعة الجديد هو الخطأ ولو كان الأمر كذلك فسوف تكتشف الجماعة بمجرد الإفراج عن قادتها خطأ هذا الموقف وسترجع ريما لعادتها القديمة مع فارق وحيد، سيكون لريما الكثير من القادة الموجودين في الشارع وغير مضطرين لقيادة الجماعة من خلف القضبان. وطبعا كفاءة الأجهزة الأمنية أقل كثيراً من التعامل مع هذا الموقف. صحة كلا الموقفين: وطبعا صحة الموقفين تتوقف على تغير الظروف سواء على الساحة السياسية أو في قدرات الجماعة نفسها. وهذا الأمر هو ما تصرخ به أدبيات الجماعة حتى في سلسلة كتيبات المراجعات التي صدرت في السجون.فالجماعة تخبرنا أن الإسلام – إسلامهم - نهى عن العنف إلا للضرورة، وطبعا لم يخبرنا أحد ما هي هذه الضرورة. كما يقال لنا أن العنف لغير مصلحة منهي عنه شرعا؛ ولم يخربنا أياً منهم ما هي المصلحة التي يتحدثون عنها ولمن هي. وبالتالي فمن الممكن جدا تغير المصلحة بعد سويعات قليلة من خروج قادة الجماعة ومن ثم يصبح العنف موقفاً شرعيا مرّة أخرى. وطبعا لن يدفع الثمن سوى هذا الشعب التعيس. الجماعة والعمل السياسي هناك مقولة قالها الشاعر والفيلسوف جورج سنتيانا "هؤلاء الذين لا يتعلمون من التاريخ لعنوا بتكراره" وفي التاريخ المصري المعاصر لدينا موقف قريب جدا مما يحدث الآن، وهو ما حدث مع قادة الإخوان. فبعد أن حُكم على بعضهم بالإعدام وبالسجن على البعض الأخر، ثم خروجهم من السجون. نجد موقف مماثل لما يحدث الآن. تحولت الجماعة إلى تنظيم سياسي يحاول أن يكون له صوت يعلو حينا ويخفو أحيانا. في نفس الوقت خرج من عباءة الجماعة كل التنظيمات المسلحة المعروفة إبتداء بالفنية العسكري مرورا بالتكفير نهاية بالجماع والجهاد. فماذا ننتظر؟ تكرار نفس الموقف؟ إن جُل قادة الجماعة المفرج عنهم لا علاقة لهم من قريب أو بعيد بالعمل السياسي، فقبل السجون كانوا مجموعة من الشباب الذين أختاروا العمل تحت الأرض وليس في النور، ومن وقتها علاقتهم بالعمل السياسي كانت من خلف القضبان وليس على أرض الواقع، وطبعا كل ما يمكن أن نتوقعه من مثل هؤلاء هو أنهم سوف يتعلمون سياسة في هذا الشعب، وفي حال فشل تعلمهم العمل السياسي فهناك مبادرة لنبذ مبادرة وقف العنف والعودة لاعتبار الجميع كفار ويجب تطهير مصر منهم. طبعا الجميع عدا قادة الجماعة الطيبين جدا الذين لا ينقصهم سوى عبد الحليم حافظ يغني لهم "أعتدلنا أعتدلنا أعتدلنا" بيتر أبيلارد
#بيتر_ابيلارد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أسكت إنت متعرفشي حاجة
-
الفيروس المصري
-
نجيب سرور نبي أضاعه قومه
-
كلا لسنا أخوة، أحباء، ولا يحترم بعضنا البعض
-
منتصر الزيات فعل فاضح فى الطريق العام
-
أقباط مصر ومحمد عبد المطلب
-
رجاء تطبيق الشريعة الإسلامية في مصر
-
الاسلاميون والعمى الفكرى الاختيارى
-
نعم أنا أُسيء للدين الإسلامي
-
الإسلامويون والعمى الفكري الإختياري
المزيد.....
-
رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز
...
-
أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم
...
-
البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح
...
-
اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات -
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال
...
-
أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع
...
-
شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل
...
-
-التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله
...
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|