|
مراجعات حركة حماس بين التكتيك والإستراتيجية
ابراهيم ابراش
الحوار المتمدن-العدد: 5107 - 2016 / 3 / 18 - 10:40
المحور:
القضية الفلسطينية
مراجعة المواقف والتوجهات السياسية والأيديولوجية وما يبنى عليها من ممارسات أمر محمود ومطلوب في الحياة السياسية بشكل عام ، فكيف إن أدت هذه المواقف والممارسات لنتائج كارثية على الشعب وأساءت للقضية أو العقيدة بما في ذلك العقيدة الدينية نفسها التي يدافع عنها الحزب أو النظام . لقد أكدت التجارب التاريخية الضاربة في القِدم و المعاصرة أيضا أن العمر السياسي للأحزاب والنظم الدوغماتية والدينية المغلقة قصير ، وكلما تأخرت عملية المراجعة والتحول عند هذه الأحزاب والأنظمة كلما كان سقوطها أكثر حتمية وأكثر دموية . من الجيد أن نسمع خطاب المراجعة والنقد الذاتي في الساحة الفلسطينية ليس عند حركة حماس فقط بل حتى عند أصحاب المشروع الوطني ، حيث كانت قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير في دورته السابعة والعشرين 5/3/2015 و خطاب الرئيس أبو مازن في الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 30 / 9/ 2015 بمثابة مراجعة لنهج أوسلو ولكل المرحلة السابقة ، وهو الأمر الذي قد يقرب المواقف بين الطرفين ويؤسس لمصالحة على قاعدة لا منتصر ولا منهزم . إن كانت المراجعة والنقد الذاتي ليسا بالأمر الجديد عند القوى الوطنية حتى وإن كان محدودا ولا تتبعه تغيرات جوهرية في الممارسة ، إلا أن الجديد هو ما يبدو من مراجعة ونقد ذاتي عند حركة حماس وعلى لسان بعض قادتها . حيث نسمع في الفترة الأخيرة تغيرا في خطاب حركة حماس حيث أخذ يلامس مفردات المشروع الوطني كما خففت الحركة من ملاحقة رموز المشروع الوطني كالكوفية والعلم والأغاني الوطنية ، بالإضافة إلى تخفيف حدة علاقاتها مع الشخصيات والقوى الوطنية المعارِضة لها . لكن التغير الأهم هو إعلانها أنها لم تعد جزءا من التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين وأنها تنظيم وطني فلسطيني ، وهذا ما تأكد قولا خلال زيارة الوفد الحمساوي المفاجئ للقاهرة منتصف مارس الجاري . سبق أن كتبنا وتحدثنا كثيرا في الإعلام مناشدين حركة حماس بتوطين أيديولوجيتها الدينية وأن تصبح جزءا من المشروع الوطني ، وأكدنا أن في المشروع الوطني متسع للجميع وأن الوطنية الفلسطينية لا تناصب الدين العداء ، بل إن هذا الأخير جزء أصيل منها وأحد أدواتها في مواجهة المشروع اليهودي الصهيوني الاستعماري . وقد بذلت منظمة التحرير كل الجهد لانضواء حركتي حماس والجهاد الإسلامي في منظمة التحرير وفي المشروع الوطني ، ولا يسعنا في هذا السياق تجاهل موقف الرئيس أبو مازن في انتخابات يناير 2006 حيث شجع مشاركة حماس في الانتخابات بالرغم من علمه بما تحظى به من شعبية ، كما ناشد وتمنى على حركة حماس أن تتفهم خصوصية وخطورة المرحلة وطلب من السيد إسماعيل هنية رئيس الوزراء آنذاك أن يقدم برنامج حكومي لا يمنح إسرائيل فرصة للإجهاض على الحكومة الوليدة ولا يدفع دول العالم وخصوصا المموِلة للسلطة من أن تفرض الحصار على قطاع غزة وعلى السلطة بشكل عام . كان أمام حركة حماس أكثر من فرصة ومناسبة للدخول بعِزة ومن مركز القوة في النظام السياسي والمشروع الوطني ، إلا أنها فوتت هذه الفرص نتيجة ما كانت تتعرض له من ضغوط من طرف الاجندات والمشاريع الخارجية ، وبسبب فهم خاطئ لعلاقة الديني بالوطني ، وأيضا نتيجة حقد بعض قياداتها على حركة فتح ومنظمة التحرير ، وكان ثمن ذلك سقوط الكثير من الضحايا بالإضافة إلى حالة الانقسام المريرة ، دون تجاهل أخطاء وممارسات ، بعضها مقصودة وأخرى غير مقصودة ، من بعض المسئولين في حركة فتح والمعسكر الوطني . إذن من الجيد أن تقوم حماس بتوطين خطابها وتوجهاتها السياسية وأن تتعلم درسا من تجربة مريرة من التبعية لأجندة ومشاريع عابرة للوطنية ، وقد سبقها في ذلك حزب النهضة في تونس والعدالة والتنمية في المغرب ، وإخوان الأردن ، والنموذج الماليزي مع مهاتير محمد ، والتركي مع رجب طيب أردوغان ، بل أيضا حركة الجهاد في فلسطين الخ . مراجعة حركة حماس لا يعني أن تلتحق بمشروع أوسلو أو حتى بمنظمة التحرير بواقعها الراهن ، بل بالمشروع الوطني الذي يجب أن يُعاد تأسيسه بمشاركة الجميع . إن كنا نستحسن مراجعات حماس ونرحب بتحسن وتصويب العلاقة بين حركة حماس ومصر ومحاولة تبرئة نفسها من الاتهامات التي توجهها لها مصر حول ضلوعها في أعمال عنف داخل الأراضي المصرية ، كما نرحب بتحسين علاقاتها مع كل البلدان العربية وغير العربية ، إلا أن غموضا والتباسا يكتنف تحرك حماس الأخير ، الأمر الذي يحتاج لمزيد من الوضوح . في هذا الإطار نتمنى أن يكون ما تقوم به حماس يندرج في سياق مراجعة وتحول استراتيجي يضعها في حالة تصالح مع الوطنية الفلسطينية ، وليس مناورة وتكتيك لحل ازماتها المالية وامتصاص حالة عدم الرضا والغضب الشعبي المتصاعد ضدها في قطاع غزة . كما نتمنى أن لا يقتصر هدف زيارة وفد حماس لمصر تبرئة نفسها من الاتهامات الموجهة ضدها و إرضاء مصر وتحسين العلاقات معها بعد تعثر مشروع الممر المائي وتراخي حماسة تركيا في دعم حركة حماس بعد تفاقم مشاكل تركيا الداخلية والخارجية . في نفس الوقت وإن كنا لا نشكك بالموقف القومي المصري كما نتفهم حساسية الأمن القومي المصري وأسبقيته على القضايا الاخرى ، إلا أننا نتمنى على الأخوة المصريين أن لا تقتصر المصالحة بين مصر وحركة حماس على حل الملفات الأمنية وتدجين حركة حماس ثم التعامل معها كسلطة وحكومة أمر واقع في قطاع غزة ، وتجاهل المصالحة الوطنية الفلسطينية الشاملة . ونتمنى على حركة حماس أن تدرك أن كل مصالحاتها مع العالم الخارجي لن يغنيها عن مصالحتها مع الشعب ومع الشريك الوطني . [email protected]
#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البديل الوطني لاتفاقية أوسلو وتوابعها
-
التضليل في خطاب (الحرب على غزة)
-
الخوف على السلطة من السلطة
-
المصالحة وعلاقتها بالانقسام والتسوية السياسية
-
السياسة ما بين (فن الممكن) وفن (مراكمة الإنجازات)
-
الحاجة لمصالحة تاريخية بين المثقفين والسلطة
-
استشكالات الهوية والانتماء في الخطاب السياسي العربي الراهن
-
الفلسطينيون بين جلد الذات وتضخيمها
-
حق الدفاع عن النفس ليس حكرا على إسرائيل
-
الشروط الذاتية والموضوعية للمصالحة الفلسطينية
-
الأزمة في سوريا تكشف بعض خفايا (الربيع العربي)
-
سر حركة فتح الذي لم يدركه الآخرون
-
غزة ليست للبيع وليست حديقة خلفية لأحد
-
الفلسطينيون وتراجيديا الغربة والسفر
-
تفكيك الأوطان وتشويه الأيديولوجيات الجامعة
-
نعم للسلطة ولكن أية سلطة ؟
-
خطورة كي الوعي والتماهي مع رواية الخصم
-
2015: عام كشفُ المستور وتغيير المعادلات وأملٌ يُرتَجى
-
جدلية العلاقة بين الكتابة والقراءة والإبداع
-
متى سيتشكل تحالف عسكري لحماية الشعب الفلسطيني؟
المزيد.....
-
-ليس سؤالًا ذكيًا-.. شاهد كيف رد ترامب عندما ضغطت عليه مراسل
...
-
دعوى قضائية بقيمة 20 مليون دولار ضد شرطية في ألاباما صعقت رج
...
-
10 أضعاف حجم البنتاغون.. الصين تشيد أكبر مركز قيادة عسكري في
...
-
مراسلة RT: العثور على صاروخ غير منفجر في شمال لبنان
-
طهران تؤيد استقرار سوريا ووحدة أراضيها وتدعم أي حكومة يوافق
...
-
أورتيغا وزوجته يحكمان نيكاراغوا بسلطة مطلقة بعد تعديل دستوري
...
-
نائب عن -حزب الله-: الغارات الإسرائيلية على البقاع عدوان فاض
...
-
مباحثات روسية أمريكية حول نقل جثث ضحايا كارثة مطار ريغان الر
...
-
كتائب القسام تنعى قائدها محمد الضيف و-ثلة من القادة الكبار-
...
-
مراسلة فرانس24: ما يدور داخل الأروقة الداخلية الإسرائيلية أص
...
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|