|
شماعة البعث هل ستنقذ السيد بيان جبر صولاغ ؟
يوسف ابو الفوز
الحوار المتمدن-العدد: 1384 - 2005 / 11 / 20 - 09:59
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
قبل سقوط النظام الديكاتوري ، كتبت اكثر من مرة ، وفي اكثر من مطبوع للمعارضة العراقية ، بان زمن العراق القادم ، سيحول كلمة " البعث " الى شتيمة بين الناس ، وتكون شتيمة ينفر منها السامع ويخجل منها ويغضب لو نعتوه بها . وقبل سقوط نظام البعث الدموي ، كان البعض ـ افرادا ومؤسسات ـ وحين تعوزه الحجة لمواجهة طرف معين ولتصفية خلافاته يلجأ الى اسهل وابشع الحلول الا وهو اطلاق اشاعات بارتباط او علاقة فلان او الجهة الفلانية بمخابرات نظام البعث الصدامي ، المواطن العراقي ، وبعد التغيرات الكبيرة في حياة العراق السياسية ، وزوال نظام البعث الدموي ، لم يتوقع ان قوى سياسية عراقية ستلجا الى " البعث " ليكون عونا لها للخروج من ورطة حقيقية ، وفضيحة مدوية . رغم كوني ، في الشهور الاخيرة ، صرت لا اميل لمتابعة المؤتمرات الصحفية لاعضاء الحكومة العراقية الحالية ، التي اشبعتنا وعودا ، حيث لا نجد جديد في تصريحات مسؤوليها ، بل وان بعضهم يبدو لك مثل "روزخون" عادي ، في جامع او حسينية منزوية ، اكثر من كونه رجل دولة مسؤول ، ليس فقط بأسلوب ادائه ولا بهيأته ، وانما في كلامه الانشائي المعاد والممل والمزدحم بالوعود وبانجازات لم ير ويلمس المواطن العراقي شيئا منها ، اقول رغم كل ذلك ، تركت ما بيدي ، وجلست الى شاشة التلفاز ، اتابع السيد بيان جبر صولاغ ، القيادي في المجلس الاعلى للثورة الاسلامية ، ووزير الداخلية ، في حكومة السيد ابراهيم الاشيقر (الجعفري ) ، في مؤتمره الصحفي الاخير ، الذي عقده محاطا بالضباط القادة الميدانيين في وزارة الداخلية ، الذين وبعد نهاية المؤتمر تبين انهم حضروا كديكور وزينة اكثر من كونهم مساهمين . فامام تفاعل فضيحة معتقل الجادرية ، التي هزت الشارع العراقي ، واخذت اهتماما اعلاميا ودوليا ، حيث وبغض النظر عند حجم الاشاعات والمبالغات التي احيطت بها ، لاغراض سياسية او انتخابية ، فان الوقائع تشير الى ممارسات بشعة وانتهاكات فضة لحقوق الانسان تمت باسم الحكومة الحالية ومليشيات بعض القوى السياسية المؤتلفة فيها ، هذه الحكومة التي فشلت في خطابها الطائفي بادارة البلاد وتحقيق نجاحات ما ، وبدلا من المعالجة المتروية والمسؤولة لفضيحة معتقل الجادرية ، التي ادينت على نطاق واسع من مختلف الاطراف السياسية ومنظمات المجتمع المدني وساهمت في فتح ملف انتهاك حقوق الانسان من قبل مليشيات حزبية تعمل بشكل طائفي ، فأني وكمواطن ، فوجئت بالسيد وزير الداخلية ، خلال مؤتمره الصحفي ، وعصبيته اللافتة للنظر التي ظهر بها ، والتي لم تجعله يستقر في مقعده لحظة واحدة ، وكان يرفع صوته في اكثر من مرة بشكل وطريقة لا تليق برجل دولة عليه ان يلتزم الهدوء والدبلوماسية ، اضافة الى استغلاله المؤتمر الصحفي ، المخصص له بصفته وزير الداخلية العراقي ، واتباعه كسياسي اسلوب تصفية حسابات مع قوى سياسية اخرى ، عند الحديث عن الحزب الاسلامي العراقي ، الذي هاجمه علانية ، او حين تناول قضية ملفات تعود الى حكومة السيد اياد علاوي السابقة . واذا تركنا كل هذا جانبا ، فأن ما اثار استغرابي هو ان السيد الوزير لجأ الى اسهل الحلول للخروج من ازمته وورطته ، فبعد اعترافه بوجود المعتقل في قبو تابع لوزارة الداخلية ، واعترافه بوجود حالات تعذيب وان حاول التخفيف من درجتها والاستهانة بها ، وبدلا من التاكيد على موضوعة التحقيق وتوفير الادلة ومحاولة اثبات الحقائق التي تحفظ له ماء وجهه ، نراه وببساطة لجأ الى اسلوب الاتكاء على " شماعة البعث " ، فاشار الى " وجود بعثيين وضباط امن سابقين بين الكادر من ضباط المعتقل " ، ووعد " باجتثاث البعثيين من وزارته " وانه "سيكون اكثر حزما مع البعثيين" ، ولم يمض وقت طويل على زوبعة المؤتمر الصحفي ، وبموازاة تصريح السيد وزير الداخلية ، وحول فضيحة معتقل الجادرية ايضا ، صدر تصريح صحفي للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية ، الجهة السياسية التي يعتبر السيد وزير الداخلية احد قادتها ، ويشير التصريح ، المنشور في اكثر من موقع اعلامي ، الى اتهام مباشر لانصار المجرم صدام حسين ، " الذين نجحوا في التسلل الى وزارتي الداخلية والدفاع بممارسة عمليات التعذيب التي جرت في معتقل الجادرية " . توقع العديد من المراقبين لما يجري ان السيد ابراهيم الاشيقر ( الجعفري ) ، رئيس الوزراء الحالي ، وبعد استدعائه من قبل الجمعية الوطنية العراقية للمثول امامها ومسائلته حول فضيحة معتقل الجادرية ، ومن اجل انقاذ نفسه ومستقبله السياسي فأنه قد يلجأ وامام الجمعية الوطنية الى طرح سحب الثقة من وزيره ، السيد بيان جبر صولاغ ، وعندها سنجد انفسنا سنعود الى السؤال ، عنوان هذه السطور ، وهو هل ان شماعة البعث ، التي اتكأ اليها السيد بيان جبر صولاغ ، ستحميه وتنقذه من نيران واجراءات الجمعية الوطنية العراقية ؟ ان تصفية اثار جرائم حزب البعث الفاشي لا تتم باتباع اساليب البعث نفسه بالارهاب والاغتيالات والتصفية الجسدية ، وانما عبر المحاكم العراقية العادلة ، اما محاولة الاتكاء على شماعة البعث كمبرر لوجود الانتهاكات والتجاوزات ، فليس الا جانب يعبر عن فشل الخطاب الطائفي والتبريري ، وسياسة تشكيل المليشيات ، وفشل الحكومة الحالية في تحمل المسؤولية لبناء عراق ديمقراطي فيدرالي ، يضمن حقوق الانسان وفق القوانين التي اقرها دستور العراق الجديد ، وإستخدام الوسائل الديمقراطية والإنسانية بالتعامل مع المواطنين ، بل وان هذا الاسلوب سيدعو الكثير من المواطنين العراقيين ، خلال الانتخابات القادمة ، الى التوقف جديا والتفكير بمسؤولية واعادة وجهات نظرهم في اعطاء اصواتهم لبعض الاطراف ، التي لم يقبضوا منها سوى كلاما ووعودا لم يحقق منها شئ ، ويحاول بعضها اعادة انتاج الديكتاتورية باساليب واشكال اخرى .
سماوة القطب 18 تشرين الثاني 2005
#يوسف_ابو_الفوز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أخيرا يا ابناء شعبي ...!
-
حنون مجيد ينسج شخصية روايته من ملامح صدام حسين
-
- من يستفيد من ذلك ؟-
-
الاتحاد الكوردستاني للاعلام الالكتروني خطوة انتظرناها طويلا
-
حيث لا ينبت النّخيل جديد الشاعر العراقي عبد الكريم هدّاد
-
رجل داهمه المطر !
-
قصة ملف
-
أيزيدية زهير كاظم عبود
-
ماذا لو مات الشيخ ابو مصعب الزرقاوي ؟
-
رحيل القائد الشيوعي اليوناني المخضرم هاريلوس فلوراكيس
-
نهاية حرب عالمية أم انتصارعلى الفاشية ؟
-
من المسؤول عن تصاعد وتيرة العمليات الأرهابية ؟
-
تداعيات البصرة : ما اشبه هذا بذاك ؟
-
بين الديكتاتورية والمطر وهموم المواطن !
-
في ذكرى مجزرة حلبجة: شهادة شادمان علي فتاح ــ كنتُ هنــاك !
-
ماذا سنقول لـ ليلى ؟
-
هل نحن بحاجة الى محاكمة صدام حسين؟
-
رحيل مبكر !
-
بمناسبة قرب محاكمة الدكتاتور المهزوم : -الانفال- شاهد اثبات
...
-
النائمون !
المزيد.....
-
الجمهوري أرنولد شوارزنيجر يعلن دعمه للديمقراطية كامالا هاريس
...
-
وفد روسي يصل الجزائر في زيارة عمل
-
كوريا الشمالية: تصرفات الولايات المتحدة أكبر خطر على الأمن ا
...
-
شاهد.. ترامب يصل إلى ولاية ويسكونسن على متن شاحنة قمامة
-
-حزب الله- ينفذ 32 عملية ضد إسرائيل في أقل من 24 ساعة
-
بريطانيا وفرنسا وألمانيا تدعو إلى التجديد العاجل للخدمات الم
...
-
وسائل إعلام: تقدم في المفاوضات حول وقف إطلاق النار بين إسرائ
...
-
وفد روسي يصل الجزائر في زيارة عمل (صور)
-
إعصار كونغ-ري يقترب من تايوان والسلطات تجلي عشرات الآلاف وسط
...
-
ما هي ملامح الدبلوماسية الأميركية المستقبلية في الشرق الأوسط
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|