أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خطاب عمران الضامن - في سبب فشل الثورات العربية















المزيد.....

في سبب فشل الثورات العربية


خطاب عمران الضامن
باحث وكاتب.

(Khattab Imran Al Thamin)


الحوار المتمدن-العدد: 5107 - 2016 / 3 / 18 - 00:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في أسباب فشل الثورات العربية.
في أواخر عام 2010 أقدم الشاب التونسي محمد البوعزيزي الذي كان يعمل بائعاً متجولا للخضار والفواكه، أقدم على إحراق نفسه في وسيلة تعبير غير مسبوقة عن رفضه لمصادرة السلطات الحكومية لعربته (عربانته) التي كان يكسب رزقه منها، جاءت عملية البوعزيزي لتكون الشرارة التي أشعلت نيران الاحتجاج الشعبي المليوني في كل من تونس، مصر ، ليبيا ، سوريا واليمن وغيرها من الدول العربية، تعبيراً عن رفض أنظمة الحكم الفردي وتفشي الفساد والفقر والظلم في عموم الدول العربية.
فاندلعت حينها ما سمي بالثورات العربية أو ثورات الربيع العربي، وهي بحق اقرب ما تكون للثورات بالمفهوم اللغوي والعملي للثورة، حيث مثلت إرادة شعبية مليونية سلمية للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، على العكس من كل ما سمي جزافاً بثورات قبل هذا التأريخ، فثورة يوليو في مصر، وتموز في العراق، والفاتح في ليبيا غيرها في دول عربية أخرى لم تكن سوى انقلابات عسكرية نفذها ضباط مدعومين من مخابرات دولية، فانهوا بتلك الانقلابات أنظمة حكم ملكية واستبدلوها بأخرى ديكتاتورية مقنعة بجمهورية، وكان من الممكن لهذه الثورات العربية أن تحقق نجاحات تحسن من مستوى الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لو قدر لها أن تنجح.
والمؤسف حقاً أن هذه الثورات السلمية الشعبية التي نجحت في تحقيق بعض أهدافها في مراحلها الأولى قد انحرفت عن مسارها في بعض الدول العربية، وجلبت الويل والدمار لدول عربية أخرى، حيث تحولت بعض دول الربيع العربي إلى ساحات حرب طائفية عنصرية إقليمية ودولية، والسؤال المهم هنا هو ما هي الأسباب التي حالت دون نجاح الثورات العربية؟ بينما نجحت ثورات أخرى مشابهةً لها في بعض الدول الغربية ؟
إن الأسباب التي حالت دون نجاح هذه الثورات تتلخص وفق تقديري بالنقاط الآتية:
1. الخصائص الاجتماعية والدينية للدول العربية.
2. دور إسرائيل (عن طريق حليفتها قطر) وحلفائها من الدول الغربية في تغذية العنف وإشاعة ظروف عدم الاستقرار.
3. دور السعودية وإيران في تغذية العنف الطائفي والمذهبي.
4. الإطماع التركية في استعادة السيطرة على شمال سوريا والموصل.
وفي ما يلي توضيح مختصر للنقاط التي ورد ذكرها أعلاه:
1. الخصائص الاجتماعية والدينية للدول العربية.
القبلية والعشائرية:
شأنها شأن جميع المجتمعات البشرية الأخرى، تتصف المجتمعات العربية بمجموعه من المواصفات التي تميزها عن غيرها، ومنها سيادة العصبية القبلية والعشائرية، فالقبلية أو العشائرية التي تقع على النقيض من المدنية أو الحضرية صفة تطغى على المجتمعات العربية في العراق وليبيا واليمن وغيرها من الدول العربية, والفرد القبلي يتميز بشجاعته التي جعلت منه محارباً مغوار ونهاباً محترف في ظروف ضعف سلطة الدولة، الأمر الذي ساهم في زيادة أعمال العنف والنهب خلال الثورات العربية وبعدها وأدى أخيرا إلى فشل تلك الثورات.
صعود المنهج الديني المتطرف:
تعتبر المجتمعات العربية من أكثر المجتمعات البشرية تدينا،ً وأشدها تزمتاً بقيمها الدينية، ولا يتسع المجال أمامنا للإسهاب في مناقشة موضوع الدين الذي يحتاج إلى مزيد من الوقت والجهد، لقد ساهمت المجموعات الدينية الجهادية والسياسية في تعميق الأزمات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية في كل من العراق وسوريا واليمن وليبيا وتونس، حيث استغلت هذه المجموعات الفراغ الأمني الكبير الذي أنتجته الثورات العربية أو الاحتلال الأميركي لتفرض واقعها الدموي الذي ولد حالة من الإرهاب والنهب والدمار ساد في معظم دول الثورات العربية، مما أسهم مساهمة فاعلة في فشل هذه الثورات.
تأصل قيم الحكم الديكتاتوري:
اعتادت المجتمعات العربية ومنذ نشأتها على أنظمة الحكم الديكتاتورية التي تنتهج من الإرهاب وتكميم الأفواه وسيلة للحكم، ولسوء الحظ أن انهيار هذه الأنظمة الديكتاتورية جاء بشكل مفاجئ ودون مقدمات أو مراحل تمهيديه، الأمر الذي أدى إلى انتشار أعمال القتل والنهب وسيادة الفوضى والانفلات الديني والسياسي والإعلامي والأخلاقي، ويمكن تشبيه المجتمعات العربية في هذه المرحلة بالرجل الذي قضى كل شبابه سجيناً جائعاً معذبا فوجد نفسه حراً بلا سلطة للدولة أو القانون فجأة، فهو يسعى إلى تعويض نقصه وعقده الدينية والاجتماعية قدر ما استطاع وبشتى الوسائل المتاحة.
2. دور إسرائيل (عن طريق حليفتها قطر) وحلفائها من الدول الغربية في تغذية العنف وإشاعة ظروف عدم الاستقرار.
إن الدور الخفي الذي تلعبه إسرائيل في إشاعة العنف وظروف عدم الاستقرار في الدول العربية، يبدو واضحا من خلال السياسة الخارجية لدولة قطر على المستويين الإعلامي والتمويلي، فقناة الجزيرة (الإسرائيلية – القطرية) عملت ومنذ تأسيسها على إشاعة أجواء العنف وعدم الاستقرار عن طريق الدعم الإعلامي الغير محدود لجميع الحركات السياسية والجماعات المسلحة التي ظهرت في جميع الدول العربية، ولا زلنا نرى هذا الدعم لتنظيم الدولة الإسلامية وجميع الجماعات المسلحة واضحاً في قناة الجزيرة.
أما على مستوى تمويل الجماعات المسلحة والحركات السياسية المعارضة في الدول العربية، فإننا نرى اليوم جيوشاً على الأرض تقاتل بالمال والسلاح القطري أو (الإسرائيلي) في سوريا وليبيا وربما غيرها من الدول العربية، ومن هذه الجيوش والمنظمات على سبيل المثال لا الحصر جبهة النصرة في سوريا، الكتائب الإسلامية في ليبيا، الإخوان المسلمون في مصر واليمن وغيرها الكثير، هذا الرأي ينطبق أيضا وبدرجات مختلفة على الأدوار التي تقوم بها الولايات المتحدة حليفة إسرائيل وراعيتها الأولى وبريطانيا وفرنسا وتركيا.
3. دور السعودية وإيران في تغذية العنف الطائفي والمذهبي.
يمكن وصف نظام الحكم في المملكة العربية السعودية بأنه نظام إسلامي يتخذ من المنهج السلفي الوهابي ركيزة أساسية في فلسفته الدينية، وتعتبر حكومة السعودية نفسها الممثل الشرعي للمذهب الإسلامي السني، كما وتعتبر نفسها المسئولة عن التبشير بهذا المذهب والحفاظ علية، ويقوم نظام الحكم في جمهورية إيران الإسلامية على نفس المنهج السعودي لكنها تختلف عنه كونها تنتهج المنهج الإسلامي الشيعي، ومن هنا بدأ الصراع الغير مباشر بين كل من السعودية وإيران، فأخذت كل منهما تجند العملاء وترسل الأسلحة والأموال والمقاتلين للدفاع عن مذهبها والتبشير به قدر المستطاع، فنحن نرى اليوم عدد كبير من المجموعات المسلحة والفصائل يمثل كل منها إما حكومة السعودية أو إيران في سوريا واليمن على وجه الخصوص، الأمر الذي فأقم الأزمات الإنسانية والأمنية وساهم بصورة كبيرة أيضا بإفشال هذه الثورات بل واستمرار الصراع في سوريا واليمن إلى آجال غير معلومة.
4. الإطماع التركية في استعادة السيطرة على شمال سوريا والموصل.
يتصف الشعب التركي بغلبة الشعور القومي العميق على قيمة الاجتماعية، أو العنصرية المتأصلة، فهذا الشعب كان قد أسس إمبراطورية كبيرة حكم من خلالها أجزاء واسعة من أسيا وأوربا لقرون طويلة، تسببت الحرب العالمية الأولى بإنهاء هذه الإمبراطورية لتعلن استقلال الكثير من الشعوب التي كانت تحت حكم هذه الإمبراطورية القومية الدينية، أحدثت الثورات العربية فراغاً واضحاً في سيادة بعض الدول التي تحررت من الحكم العثماني التركي ومنها سوريا والعراق، وما كان من حكام تركيا إلا أن يقدموا الدعم للتنظيمات الإرهابية عن طريق التمويل والرعاية والسماح بعبور الأسلحة والإفراد عبر حدود تركيا مع سوريا، بغية خلق أوضاع تساعد على استعادة تركيا لأجزاء من سوريا والعراق، والدليل على ذلك أن معظم عناصر تنظيم الدولة الإسلامية عبروا الحدود التركية إلى سوريا ومن ثم العراق، وان طريق الإمداد الوحيد للأسلحة والذخائر والأموال التي تصل إلى هذا التنظيم تعبر عبر الأراضي التركية.
خلاصة القول في الثورات العربية وفشلها وما أنتجته من صعود للتيارات الإسلامية الجهادية، وما سببته من مأساة للشعوب العربية، إن الثورات العربية كانت نتيجة حتمية للظلم والاضطهاد والفساد الذي خلفته أنظمة الحكم الفردي الديكتاتوري، لكن الأوضاع الإقليمية والدولية والخصائص التي يحملها المجتمع العربي حالت دون نجاحها، ولو أن هذه الثورات حدثت في دول غير عربية لكان النجاح من نصيبها والحرية والازدهار من نتائجها، كما حدث بعد الثورة الفرنسية وغيرها، وان النموذج الديمقراطي لا يصلح لحكم الدول العربية في الوقت الراهن، والديمقراطية في الدول العربية ينبغي أن تقدم بدفعات أو مراحل متسلسلة زمنيا لتحافظ على هيبة سلطة القانون والدولة وتردع المعتدي القبلي والديني وتمنع التدخل الخارجي.



#خطاب_عمران_الضامن (هاشتاغ)       Khattab_Imran_Al_Thamin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفشي الفساد بين سياسيي العراق أسباب وحلول
- الطائفية وباء فل نحذر منها.
- أهكذا يكرم ضيف الحسين يا أهل الحلة؟ غدر الشيخ خطاب صالح الضا ...
- في سبب تفشي الارهاب بين المجتمعات السنية
- في الجدوى من حياة الإنسان.
- بين القرية والمدينة وعغب جغب.
- الوحشية والتسلط قيم إنسانية خالصة
- حديث جدتي، وجملة ابي وحياتي.
- الشرق العربي واللا دينية.
- في ذكر الشهيد جمال الضامن
- الصراع الطائفي في العراق .... الأسباب والنتائج (2).
- الصراع الطائفي في العراق .... الأسباب والنتائج (1).
- مجلس النواب الأميركي وقانون العراق
- ألعرب بين الهوية القومية والهويات الطائفية
- الحرب العراقية الايرانية .. الاسباب والنتائج


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خطاب عمران الضامن - في سبب فشل الثورات العربية