أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - طوني سماحة - هل مسموح أن يتعرض أبو سليم للإذلال؟














المزيد.....

هل مسموح أن يتعرض أبو سليم للإذلال؟


طوني سماحة

الحوار المتمدن-العدد: 5105 - 2016 / 3 / 16 - 17:36
المحور: المجتمع المدني
    


هل مسموح أن يتعرض "أبو سليم" للإذلال؟ عنوان حلقة ناقش فيها فنانون وإعلاميون لبنانيون ظهور أبو سليم على شاشة الجديد مع الإعلامي تمّام بليق.

أبو سليم هو فنان لبناني تمانيني، متنوّع المواهب. خط الشيب رأس هذا الرجل، كثرت التجاعيد على وجنتيه، وأفقده التقدم في العمر همته. أضحك أبو سليم أجيالا بأغانيه ومسرحه. تناول مواضيع اجتماعية وثقافية على الشاشة الصغيرة والكبيرة منذ خمسينات القرن الماضي. عندما سأل الإعلامي بليق أبو سليم عن وضعه المالي تبيّن ان الرجل يعاني من صعوبات مادية، وهو على الرغم من عطائه الطويل في مجال الفن لم يكن يمتلك شقة في لبنان. اعتبر الفنانون والاعلاميون الذين ظهروا على شاشة ال MTV وناقشوا تعاطي بليق مع أبو سليم بالمهين إذ أظهره في صورة الرجل العاجز المحتاج بدل ان يكرّمه قبل ان يفوت الأوان وكان السؤال اللافت "هل مسموح أن يتعرض أبو سليم للإذلال"؟

لا ليس مسموحا أن يتعرض أبو سليم للإذلال. لكني أعتبر سؤال حلقة ال MTV ناقصا ومجحفا بحق شريحة كبيرة من اللبنانيين والعرب. وفي رأيي، يجب طرح السؤال على الشكل التالي "هل مسموح ان يتعرض المواطن اللبناني او السوري او العراقي أو... أو... للإذلال؟" إن كنا نرفض الإذلال للكبير، علينا برفضه للصغير أيضا. بل ربما من الخطأ أيضا تصنيف الناس بالكبير والصغير. فجميعنا نكبر بعطائنا: الفنان بفنّه، والعالم بعلمه، والنجار بتحفته، والفلاح بحقله، والميكانيكي بمهارته، وعامل النظافة بتفانيه في خدمة المجتمع. هنا أقول دعونا نطرح السؤال على أنفسنا وحكوماتنا وشعوبنا ومسؤولينا "هل مسموح أن يتعرض الانسان للإذلال؟"

صادف مشاهدتي لحلقة ال MTV إثر عودتي مساء اليوم الى منزلي من لقاء جمعني ببعض اللاجئين السوريين في كنيسة في مدينة تورنتو بكندا. نظم أفراد الكنيسة عشاء للقادمين الجدد كيما يرحبوا بهم في وطنهم الجديد وكيما يساعدونهم ويرشدوهم ويجيبوا على أسئلتهم. العائلة الأولى التي التقيتها تتكون من الوالد والوالدة وستة أطفال تتفاوت أعمارهم بين الرضيع وابن السابعة عشرة. خلال الحديث مع رب العائلة اكتشفت ان هذا الرجل هو الوالد البيولوجي لثلاثة من الأطفال والوالد بالتبني لأبناء أخيه الذي قضى مع زوجته في الحرب في سوريا تاركا أولاده للقدر. معاناة هذه العائلة تتخطى معاناة أبو سليم. فابن السابعة عشرة قليل الكلام، شارد النظرات، تبدو عليه بعض الاضطرابات. هو الابن الكبير في العائلة وهو أحد الثلاثة الذين فقدوا والديهم. أخبرني الوالد انه متعدد المهارات. فهو مارس العمل الكهربائي وقيادة الشاحنات. لكن ها هو اليوم في بلد غريب، لا يفهم ثقافته، لا يتكلم لغته، لا يعرف فيه يمينه من شماله. هو كالأعمى ينظر ولا يرى، كالأخرس يتكلم فليس من يعي، كالأصم يسمع وكأن أحدا لم يقل شيئا. هو كالطفل يحتاج لمن يملي عليه التعليمات ولمن يقوده يمينا وشمالا.

لماذا يذلّ الإنسان في وطني؟ لماذا يجوع الطفل؟ لماذا يُقتل الرجل؟ لماذا ترمّل النساء وييتّم الأطفال؟ لماذا نكاد نكون الشعوب الوحيدة على هذه الكرة الذين نخرج من حرب لنتورط في أخرى؟ لماذا يموت الناس على أبواب المستشفيات؟ لماذا تذرف الفتيات الدموع ولماذا لا يجد الشباب عملا؟ لدينا من الثروات الطبيعية ربما ما يفوق الكثير من ثروات الدول الأخرى لكننا من أكثر الشعوب فقرا. نستورد اليد العاملة على الرغم من فيضها عندنا. تتزايد الأمية عندنا مع أننا نفتخر أننا صدّرنا الحرف للعالم. لدينا أفخم القصور ومعظم أهلنا يعيشون في بيوت متهالكة. نتوضأ للصلاة والقمامة تغطي شوارعنا.

لماذا يذّل الإنسان في وطني؟ لأننا ببساطة لم نتعلّم احترام الانسان. نحن نفتقد لثقافة احترام الآخر: احترام الطفل، احترام المرأة، احترام من ليس على ديننا، احترام من يخالفنا الرأي الديني والثقافي والسياسي، احترام الفقير قبل الغني، احترام أصحاب المهن الوضيعة، احترام من هم في السلطة، احترام من يمثلون القانون، احترام الوقت الضائع والمهدور، احترام الممتلكات العامة قبل الخاصة.

لن نكنّ لأبو سليم الاحترام ما لم يكن لدينا قوانين تحترم أصغر فرد في المجتمع. لن يعيش أبو سليم شيخوخته كريما ما لم يكن كل شيوخ بلدي محترمين. علينا بإعادة بناء الإنسان، بناء القيم التي ليست لدينا: الصدق، قبول الآخر، العدل، المساواة، أمام القانون، الاحترام، العمل الدؤوب، تطوير المهارات، نبذ العنصرية والتطرف الديني والاثني والثقافي. عندها سوف يقفل أبو سليم عينيه ويغفو مرتاحا لأن جميع شيوخ بلادي مكرمين.



#طوني_سماحة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شبهة وردود-1- يسوع سارق الحمير
- عهد قديم وعهد جديد-11- حمورابي وموسى
- عهد قديم وعهد جديد-10- جولة على معتقدات القارة الفتيّة
- عهد قديم وعهد جديد-9- قراءة في الهندوسية
- هل قال أيوب أن السماء ترتكز على أعمدة أربعة؟
- مرحبا أيها الحب!
- عهد قديم وعهد جديد-8- قراءة في البوذية
- كافر أنا
- عهد قديم وعهد جديد -7-جولةعلى آلهة حوض البحر الابيض المتوسط
- رأيت يسوع- قصة خيالية
- منطق آلهة سادية أم بشاعة وسادية القدماء؟ رد على مقال الاستاذ ...
- عهد قديم وعهد جديد -6-الحرب على كنعان، إبادة جماعية أم دينون ...
- حسناء باريس... وردة ذبلت أم أشواك دامية؟
- عندما يكون الدم ثمن الحرية
- إنسان يموت وكلب يعيش
- عهد قديم وعهد جديد -5- إسمع ما يقوله إيل الثور الإله، سيّدك
- عهد قديم وعهد جديد -4- وسمع الإله دعائي وباركني
- إنها الحياة-6- ومن الحب ما قتل
- عهد قديم وعهد جديد -3- مبروك للعروسين
- عهد قديم وعهد جديد -2- بين الطائرة والمدرسة


المزيد.....




- كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
- اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
- السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في ...
- ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
- السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير ...
- غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا ...
- شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
- هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و ...
- ممثل حقوق الإنسان الأممي يتهرب من التعليق على الطبيعة الإرها ...
- العراق.. ناشطون من الناصرية بين الترغيب بالمكاسب والترهيب با ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - طوني سماحة - هل مسموح أن يتعرض أبو سليم للإذلال؟