حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 5105 - 2016 / 3 / 16 - 03:09
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الاستثمار في نغمة الاصلاح.
لا يعلو هذه الأيام كلام فوق الحديث عن اصلاح أوضاع البلاد ، وتقويم الاعوجاج الذي حصل بها خلال التجارب السياسية المتلاحقة السابقة ، كلام طغت عليه نغمة وعود استرجاع حق الفقراء والأرامل وسكان أحياء الصفيح، وشمله التوعد بملاحقة المفسدين وبقر بطون حيتانه الكبيرة ، وفرض سياسة تقشفية ، تطبق خططها على المترفين والمتخمين ، وجميع مسؤولي الحكومة من وزراء ومدراء عامين، والنواب، من اقصى اليمين إلى اقصى اليسار ، بدل الاستقطاع من رواتب الموظفين والمتقاعدين الذين مزق العوز جيوبهم..
فهل تحقق بعض من تلك الوعود والعهود ؟ لا وألف لا ، لم يظهر منها - حتى الآن - ملمحا ، ولم تحمل تفاصيل الواقع من مضامينها أي علامة ، بل إنها ، مع الأسف ، سرعان ما غيرت مسارها من وعد بضرب رؤوس كبار المفسدين ، الى ضرب رؤوس الحشود الشعبية الفقيرة، وكل الذين عصفت بجيوبهم الفارغة الأزمات الأقتصادية، وكأن الإصلاح صمم خصيصا ليستهدف المواطن المسكين الذي ألف وقعه ومعانات مخلفاته ، التي لم يعرفها أوعانى منها أحد ممن يرفعون شعار شعارات الإصلاح ، من مسؤولي الحكومة وكل من يمت لها بصلة، من الوزراء و النواب والساسة الكبار، الذين يخصصون كل جهودهم للبحث عن مخرجات وسيناريوهات للتخفيف من نزعة الشارع الذي يغلي والذي قد ينتقم لحاله في ايّ لحظة ، بدل البحت عن وسائل وطرق الإصلاح،
الاصلاح الذي يبقى مجرد خرجات رنانة ، ووعود طنانة ، وتشكيل لجان من نخب تسبح معظم مكوناتها في فلك المفسدين ، إن لم تكن هي منهم ، بعيدا عن الإرادة القوية ، والعزيمة الصادقة ، والقرارات الشجاعة الجريئة ، واستبدال أنساق واساليب العمل القديمة التي أثبت فشلها في تحقيق النتائج المرضية ، بأخرى أكثر نجاعته وفاعلية ، ما يفسر فشل وعود الاصلاح ومكافحة الفساد الاداري ، التي نادى بها فصيل سياسي مؤثر جدا في العملية السياسية، له وزراء في الحكومة، وجيش من المناصب التنفيذية المهمة ، وكتلة مسيطرة في البرلمان ، وجمهور مؤثر ، يسانده ويزيد من رصيده..! لكنه نحى بدعوته الإصلاحية ، نحو خطاب جديد يتحدث هو الآخر عن الاصلاح ، لكن بعقلية لم نعتد عليها، تعتمد صفقتها التوافقية مع الكتل الكبرى المتحالفة ، على قاعدة دينية "عفى الله عما سلف " وكأن الاصلاح لعبة محاصصاتية لابد ان يتفق عليها الجميع ، بما فيهم المتهمون بالفساد الاداري وتضييع موارد البلاد! الأمر الذي يفضح بجلاء التناقض بين الخطاب الرسمي، الذي يؤكد على شعارات الحداثة والديمقراطية ومحاربة الفساد المالي والإداري في السلطة، والإدارة، والمجتمع، ، واستمرار تحكم البنيات التقليدية ولوبيات الفساد في دواليب الدولة ومراكز القرار.
حميد طولست [email protected]
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟