|
لماذا تخلف المسلمون فكرياً وحضارياً؟
نجم النسّاج
الحوار المتمدن-العدد: 5105 - 2016 / 3 / 16 - 01:31
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لماذا تخلف المسلمون فكرياً وحضارياً؟
نجم النسّاج *
خلال عصر محمد والخلفاء الراشدين وحتى أواسط العصر الأموي لم يظهر عالم أو مفكر أو فيلسوف واحد رغم أن ما يسمى بـ "العصر الجاهلي" الذي سبق الإسلام شهد وجود فلكيين وعدد من الأطباء وإن كانوا قلّة مثل إبن أبي رمثة التميمي والحارث بن كلدة وغيرهم، وجميع من يسمون بـ "العلماء المسلمين" ظهروا بعد ما يعرف بـ "الفتوحات الاسلامية" في بلاد الشام ومصر والعراق وبلاد فارس والمغرب وهي بلاد ليست عربية أصلاً، وكانت تنجب علماء قبل الاسلام بآلاف السنين، وهؤلاء العلماء رغم أن آباءهم دخلوا الاسلام بقوة السيف الا ان معظمهم ظلوا ملاحدة، حتى أن الشعر الذي برع فيه العرب فتر في صدر الإسلام، لسبب أوضحه عمر بن الخطاب حين قال: "كان الشعر علم قوم لم يكن لهم علم أصح منه فلما جاء الإسلام تشاغلت عنه العرب"، والحقيقة أن العرب لم تتشاغل عن الشعر وحسب وإنما تشاغلت عن كل علم مفيد بحجة أن الإسلام جامع لكل العلوم. ********** - القرآن ينهى عن السؤال والتفكير: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (المائدة/ 101 )". يقول إبن كثير في تفسيره لهذه الآية: هذا تأديب من الله تعالى لعباده المؤمنين، ونهي لهم عن أن يسألوا عن أشياء مما لا فائدة لهم في السؤال والتنقيب عنها--;-- لأنها إن أظهرت لهم تلك الأمور ربما ساءتهم وشق عليهم سماعها. ********** - محمد ينهى أصحابه عن قراءة كتب اليهود: عن جبير بن نفير عن عمر قال انطلقت في حياة النبي حتى أتيت خيبر فوجدت يهوديا يقول قولا فأعجبني، فأتيته بأديم فأخذ يملي علي، فلما رجعت قلت يا رسول الله أني لقيت يهوديا يقول قولا لم أسمع مثله بعدك، فقال لعلك كتبت منه قلت نعم، قال ائتني به، فانطلقت فلما أتيته قال أجلس اقرأه، فقرأت ساعة ونظرت إلي وجهه فإذا هو يتلوّن، فصرت من الخوف لا أجيز حرفا منه، ثم رفعته إليه ثم جعل يتبعه رسما رسما يمحوه بريقه ويقول لا تتبعوا هؤلاء فانهم قد تهوكوا حتى محا آخر حرف. وعن عبد الله بن ثابت قال جاء عمر رضى الله عنه إلى محمد فقال يا رسول الله مررت بأخ لي من بني قريظة فكتب لي جوامع من التوراة آلا أعرضها عليك فتغير وجه رسول الله، فقال عمر رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا، فسرّي عن رسول الله وقال: والذي نفسي بيده لو أصبح فيكم موسى ثم أتبعتموه لضللتم أنكم حظي من الأمم وأنا حظكم من النبيين. ********** - عمر ينهى عن قراءة غير القرآن: رجل يقرأ للناس من كتاب أحضره من الشام فيأمر عمر بن الخطاب بإحضاره ويضربه بالعصا حتى يغمى عليه، وحين يفيق يقول له عمر يا عدو الله؛ الله يقول "نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين" وأنت تقرأ لنا من هذه الكتب.! ثم أمره بحرق الكتاب وأن لا يحدّث أحدا عمّا فيه، وقال له اجلس، فجلس الرجل، فقال عمر: انتسخت كتاباً من أهل الكتاب، ثم جئت به، فقال لي رسول الله ماهذا الذي في يدك ياعمر؟ فقلت يارسول الله كتاب نسخته لنزداد علماً إلى علمنا، فغضب رسول الله حتى احمرت وجنتاه، ثم نودي بالصلاة، ثم قال: "يا أيها الناس، إني قد أوتيت جوامع الكلم وخواتمه واختصر لي اختصاراً، ولقد أتيتكم بها بيضاء نقية، فلا تتهوكوا ولا يغرنكم المتهوكون" قال عمر فقمت فقلت رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبك رسولا، كما حذر عليه الصلاة والسلام من خطر تتبع وافدات الفكر فيما يروى عنه كفى بقوم حمقاً أن يرغبوا عما جاء به نبيهم إلى ما جاء به نبي غير نبيهم أو كتاب غير كتابهم. ********** - عمر يحرق كتب فارس والاسكندرية: بعد أن دخل المسلمون مصر ووصلوا إلى الاسكندرية أرسل عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب يسأله عما يفعله بمكتبة الاسكندرية فأمره عمر بحرقها وقال له: "وأما الكتب التي ذكرتها فان كان فيها ما يوافق كتاب الله ففي كتاب الله عنه غنى، وان كان فيها ما يخالف كتاب الله فلا حاجة بنا إليها". ولما فتحت أرض فارس ووجدوا فيها كتبا كثيرة كتب سعد ابن أبي وقاص إلى عمر بن الخطاب ليستأذنه في شأنها وتنقيلها للمسلمين فكتب إليه عمر أن "اطرحوها في الماء فان يكن ما فيها هدى فقد هدانا الله بأهدى منه وإن يكن ضلالا فقد كفانا الله" فطرحوها في الماء. ********** - يقول الشافعي: كل العلوم سوى القرآن مشغلة -- إلا الحديث وعلم الفقـه في الدين العـلم ما قد كـان فـيه: حـدّثنـا -- وما سوى ذلك وسواس الشياطين ********** - قاضي القضاة أبو يوسف تلميذ أبو حنيفة النعمان وشيخ أحمد بن حنبل يقول: من طلب المال بالكيمياء أفلس ومن طلب الدين بالكلام تزندق ومن طلب غرائب الحديث كذب" ويروى هذا الكلام عن مالك والشافعي. ********** - يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع الفـتاوى): إن الكيمياء محرّمة باطلة وهي أشدّ تحريما من الربا، ويضيف: "لم يكن في أهل الكيمياء أحد من الأنبياء ولا من علماء الدين ولا الصحابة ولا التابعين"، و"كل ما أنتجته الكيمياء من منتجات هي مضاهاة لخلق الله، وبالتالي هي محرمة"، و"الكيمياء لم يعملها رجلٌ له في الأمة له لسان صدق، ولا عالم متبع، ولا شيخ، ولا ملك عادل، ولا وزير ناصح، إنما يفعلها شيخ ضال مبطل" وقال عن جابر بن حيان: "وأما جابر بن حيان صاحبُ المصنّفات المشهورة عند الكيماوية، فمجهولٌ، لا يُعرَف، وليسَ له ذكرٌ بين أهل العلم، ولا بين أهل الدين" وعن الخوارزمي الذي وضع علم الجبر قال ابن تيمية: "الجبر والمقابلة وإن كان صحيحا هذا العلم، إلا أن العلوم الشرعية مستغنية عنه، لأنه - يعني الخوارزمي - منجّم ومترجم لكتب اليونان وغـيرهم" وقد حطّ ابن تيمية في فـتاواه وأقـواله على جميع علماء المسلمين وفلاسفـتهم في عصر النهضة الإسلامية، واتهمهم بالكفر والإلحاد والزندقـة والسحر والكذب، كابن سينا، والفارابي، والكندي، واليعقوبي، والرازي، والجاحظ، وابن الهيثم، والإدريسي، وغـيرهم. ********** - ابن قيم الجوزية يقول في كتابه (هداية الحيارى): "وإن كان غير المسلمين من الأمم أعـلم بالحساب، والهندسة، والكـمّ المتصل، والكـمّ المنفصل، والنبض، والقارورة، والبول، والقسطة، ووزن الأنهار، ونقوش الحيطان، ووضع الآلات العجيبة، وصناعة الكـيمياء، وعلم الفلاحة، وعلم الهيئة، وتسيّر الكواكب، وعلم الموسيقى والألحان، وغير ذلك من العلوم التي هي بين عـلمٍ لا ينفع وبين ظنونٍ كاذبة". ********** حين نعلم كل ذلك يصبح مفهوماً لماذا تم اضطهاد عشرات العلماء والفلاسفة والمفكرين وقتلهم والتنكيل بهم ونفيهم وحرق كتبهم خلال العصور الإسلامية، ولعل أبرز الأمثلة إحراق مكتبة ابن رشد عام 594هـ/ 1198م في الساحة الكبرى بمدينة أشبيلية، والتي كانت تضمّ إلى جانب مؤلفات ابن رشد، كتب أخرى لابن سينا والفارابي وابن الهيثم وغيرهم، ووسط حضور حاشد أُرغم ابن رشد على مشاهدة مئات الكتب لعشرات الفلاسفة والمفكّرين، وهي تُحرق وسط تكبير وصراخ الغوغاء بتحريض من بعض شيوخ الدين. والمثال الآخر قيام سلطان المرابطين علي بن يوسف بحرق كتب الغزالي كلها، وذلك لا لشيء إلا "لأن كتب الغزالي قد قرعت أسماع الفقهاء بأشياء لم يألفوها وما عرفوها وبكلام خرج به عن معتادهم في مسائل الصوفية وغيرهم، فبعدت عن قبوله أذهانهم، ونفرت عنه نفوسهم"، وقالوا إن كان في الدنيا كفر وزندقة فهذا الذي في كتب الغزالي هو الكفر والزندقة، وحملوا الأمير على أن يأمر بإحراق هذه الكتب المنسوبة إلى الضلال بزعمهم حتى أجابهم إلى ما سألوه عنه، فأحرقت كتب الغزالي وهم لا يعرفون ما فيها إلاَّ أنهم يظنون أن فيها آراء إلحادية.
* كاتب وصحافي من الأردن [email protected] facebook.com/najemnassaj
#نجم_النسّاج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
-
ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|