أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - أمين نور - -جهاد النكاح- كذبة و تسخيف للقضية و الكفاح العلماني















المزيد.....

-جهاد النكاح- كذبة و تسخيف للقضية و الكفاح العلماني


أمين نور

الحوار المتمدن-العدد: 5104 - 2016 / 3 / 15 - 21:33
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


أذكر انزعاجي الشديد عندما بدأت أسمع هذه الإشاعة في سوريا عن الدولة الإسلامية. كانت تلك الفترة بعد انشقاق داعش عن النصرة, و في أوج امتصاص الصدمة تلك, حتى الإسلاميين(الغير داعشيين) من السوريين واجهوا سداً و حالة صعبة المرونة و التأويل, تجبرهم على مواجهة و مقاتلة و شتم داعش.
في تلك الآونة أيضاً, كان الكره لداعش في حالة تشكل و تصلّب, كره حقيقي يتكون في جسد المجموع, بمن في ذلك جبهة النصرة(الفصيل الغير داعشي الأكثر تطرفاً), حتى و إن كان بعض أعضاء النصرة يقولون عن الدواعش أنهم "إخوتنا بإذن الله و هذه الفتنة ستُحل" و هو ما سمعته بأذني أثناء عملي في شمال سوريا في الإغاثة. كانت هذه جملة خلّبية حقاً, ففي اليوم التالي, عندما هاجمت داعش مقرّات النصرة في قرية ما, تحول الدواعش إلى "خوارج و كلاب أهل النار.." و تلك الديباجة المعروفة.
كنت أعمل أيضاً في مناطق داعش, و كان يترتب علينا أحياناً الحضور إلى مقر مقاتلين برتب عالية في التنظيم لاستحصال أذون الحركة من أجل توزيع المساعدات الإغاثية. و لربما نحظى "بضيافتهم" في منازلهم, التي كانت أشبه باعتقال جبري مهذب ريثما يتم التحقق منا. لم يكن هؤلاء أناس بحاجة إلى جهاد النكاح لتبرير نزواتهم الجنسية.
يمكنهم أن يعطوك مئة دليل و دليل عن تحليل نكاح السبية و السماح بتعدد الزوجات في الإسلام و ملك اليمين و و و و ..
أما جهاد النكاح فهو شيء لا يزال يسخر منه جميع الإسلاميين في سوريا و لا يعطونه إعتباراً, و ليس فقط الإسلاميين بل بعض العلمانيين الواقعيين أيضاً(مثلي, فأنا أصف نفسي بأنني علماني).
أذكر أنني أيضاً قرأت مقالات كاملة عن جهاد النكاح هنا في الحوار المتمدن, و كنت لا زلت مجرد قارئ للموقع, و لسخرية القدر, كنت في مناطق التنظيم في مهمة إغاثية. أذكر سخريتي من جهل الكتّاب و المقال و غضبي من هذا الجهل.
لربما يكون أقرب شيء لجهاد النكاح هو نوع من وهب بعض النساء (الغير سوريات بمعظمهن) أنفسهن للزواج من "المسلم المجاهد الحق", و هو يختلف عن جهاد النكاح كثيراً, و أقرب لأن يكون إعلاناً بطريقة شرعية عن "الشغور" العاطفي و الوضعي للمرأة.
هل جرب أحد منا أن يقول لمن استشهد أباه أو أخاه على يد التنظيم أن قاتليه مجرد "مجاهدي نكاح"؟
جربت هذا في عدة مرات, و في كل مرة أرى شخصاً قُتِل أحد من عائلته على يد التنظيم قد سمع هذه الروايات, ما يلبث أن يستشيط غضباً و ينفعل و يتضايق, ثم يشتمنا لأننا نسخّف ما يراه واقعاً سيئاً حقيقياً سرق منه أهله. حتى كلمة "داعش", بعضهم يكره أن نقول عن التنظيم بلفظة "داعش" لأنه يراها تسخيفاً لتنظيم واقعيٍ كل الواقعية, تنظيم يقطع الرؤوس و يصلب الناس حقاً لا مجرد هوليوودية تلفازية.
شخصياً, لا أرى حرجاً بلفظة "داعش", إلا أنني أرى مشكلة كبيرة في مسألة جهاد النكاح.
لماذا أنا غاضب من إشاعة جهاد النكاح؟
السخرية إحدى الأدوات الفعّالة لمقاومة الطغاة, عندما نقول عن طاغية ما نكتة بأنه "خنزير" مثلاً, فنحن لا زلنا نعي بأنه إنسان(مهما تجرد من القيم الإنسانية) إلا أننا نشبهه و نقاربه بالخنزير. و لا زلنا على وعي و إدراك بأن سخريتنا هذه مجرد تشبيه سيء لـ((شخص)) سيء لا لخنزير حقيقي أو متحول بشكل سحري.
أما عندما يصبح الأمر أشبه بالإعتقاد, و تتمحور حولها كل المنظومة المقاوِمة للطاغية, فهنا نكون وقعنا في فخ المقاومة الخلّبية(الفارغة من المعنى), المقاومة الغير حقيقية و الغير أصيلة. مقاومة تخترع أشياء غير موجودة و تهلوس من أجل أن تبقى.
إن تسخيف الصراع العلماني مع التطرف بهذا الشكل هو حالة سيئة للتيار العلماني أولاً, و يجب مقاومة كل ما يسخف و يجعل من صراع حياتنا "نكتة" ترتكي على "الإشاعات" مبتعدة عن المنطق و الواقع.بكلمات أخرى, إن تسخيفنا لطغاتنا هدية لهؤلاء الطغاة.
بالنسبة لمشاهداتي و تجربتي, خرجت هذه الإعتقادات التسخيفية عن داعش من رحم العلمانيين العرب, و سرت بينهم و أصبح التنظيم نكتة, و قام العلمانيون "مشكورين" بنشر هذه الإشاعة و تلقينها لغوغاء الناس, لربما بهدف التسلية و السخرية و حسب, مثلها مثل تسويق لفظة "داعش". و بالفعل أصبح داعش نكتة, أصبح داعش مجرد: نكاح نكاح نكاح نكاح نكاح نكاح نكح ينكح نكاحاً فهو منكوحٌ..الخ, ثم بعد أن انحسر العلمانيون الأوائل عن استخدام هذا الإصطلاح لربما لأنهم أصابهم الضجر من تكرير نكتة أصبحت مملة, بدأنا نرى التأثير الجانبي السيء.. و انعكس التأثير الموجّه ضد التطرف ليصبح أداة لتطرف آخر, فأصبح معظم من يستخدم مصطلح "جهاد النكاح" اليوم هم المتدينين و المتطرفين الشيعة لوصف كل من يخالفهم بالرأي, و الذين لا يفرقون في رأيي عن المتطرفين السنة بسوءهم و دمويتهم و حماقتهم(في أغلب الأحيان). أصبحت أرى حتى في الصفحات الإلحادية التي تسخر من الأديان و الطائفية في التواصل الإجتماعي, تعليقات من قبل الشيعة تمجّد المنشورات المعادية للسنة, لكن عندما يصل الأمر لمعاداة الشيعة, تراهم يصفون مديري الصفحات و كل من أعجبه المنشور بـ "مجهادي النكاح و أكلة الأكباد.." و تلك الديباجة التي أصبحت العلامة المسجلة للديباجة الشيعية.
هناك أناس حقاً يصدقون بوجود جهاد نكاح, و أن داعش موجودة فقط لتنكح هذا و هذه و تلك و ذاك. أناس جاهلون لا يعرفون وضع العراقيين و السوريين. أقابلهم كل يوم في دراستي الجامعية, منهم من يتكلم العربية مع الأسف. و علينا(نحن السوريون و العراقيون) أن نلوم أنفسنا لأننا سمحنا لهذه البروباغاندا بأن تتفشى.
و شخصياً أرى من واجبي كحامل للقضية أن لا أسمح لأحد بأن يسخف قضيتي و صراعي هذا, الصراع السوري الذي يحصد أرواحنا بمئات الألوف, لكي يصبح بالنهاية من أجل "نكاح".
ليس هذا التسخيف مقصوراً على داعش, نحن قومٌ سخفّنا حياتنا, ثقافتنا و كتبنا, الكثير من الكتب اليوم تخرج بعناوين ساخرة من كتب عالمية, أو بعناوين غوغائية, متاجر الكتب العربية أصبحت تخيف جيلنا الشاب الصاعد, الذي يتعلم باللغات الأجنبية و المعرض مستقبلاً لنبذ كتبنا العربية التي باتت بلا قيمة, معظم الكتب العربية اليوم إما تاريخية تراثية أو غوغائية القالب و المعنى أو عن هراء البرمجة اللغوية العصبية و كيف تتحدث اليابانية في ثلاثين يوماً. فقدنا الجدية في كلشيء, لم يعد المثَل "خلينا نضحك بهالعمر مرة" صحيحاً, بل تحول إلى "خلينا نضحك طول هالعمر", كأن علينا أن نظل سكارى. فلنفتح عيوننا!
علينا أن نكون جدّيين, هذا صراع يخطف الأرواح و منعطف تاريخي و ليس لعبة.
مسألة التسخيف أكبر من مجرد تنكيح/منكحة داعش, بل تخترق ثقافتنا أيضاً, و علينا أن نغيير هذا المسار السيء و نواجه العالم كبالغين يتقبلون و يستوعبون الواقع, لا كأطفال.
و هذا يكون إحدى علامات النضوج الثقافي و الفكري.



#أمين_نور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهوية و الماضي
- الهوية و ظاهرة خلع الحجاب
- سوريون و لسنا عرباً
- أين أودت الثورة السورية الجيل الأول من شبابها
- أسوء أجيال مرت على سوريا و العرب
- أخلاقيات المصورين الإغاثيين
- اكتئابات شباب بلا شمس
- قصة وجودية قصيرة تنتقد سوريي المهجر بعنوان -عبد القادر السور ...
- الثورة السورية و استحقاق ثوراها للحضارة بشجاعة أو الجبن و خس ...
- نظرة توفيقية بين التيار الإلحادي و الإسلام العربي
- في تسويق الأمثال العربية و الدينية للكسل و الانحطاط و تغييب ...
- في تسويق الأمثال العربية و الدينية للكسل و الانحطاط و تغييب ...
- في تسويق الأمثال العربية و الدينية للكسل و الانحطاط و تغييب ...
- عن -تأملات في الثورة الفاضلة- كتابٌ قصير لشاب صغير


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - أمين نور - -جهاد النكاح- كذبة و تسخيف للقضية و الكفاح العلماني