|
مشهد ودلالات...كامب ديفيد2... وقرار تصفية ياسر عرفات
سعيد موسى
الحوار المتمدن-العدد: 1384 - 2005 / 11 / 20 - 06:57
المحور:
القضية الفلسطينية
منذ اللحظات الأولى لاستدعاء الرئيس كلينتون أطراف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على مستوى القمة المصيرية والنوايا الخفية فرصدت بعض الكمرات السياسية ذات العدسات الهادفة بدايات من على عتبة بوابة منتجع كامب ديفيد وقد كانت ترجمة مسبقة لما سيحدث مقدما بمطبخ المنتجع : موقف صغير كان له دلالات كبيرة حين توحدت لغة المكر والمقارعة السياسية لكل من الزعيم الخالد أبو عمار وأهود براك رئيس وزراء إسرائيل (سابقا) فظهر للعيان دعوات كل منهم للأخر بالتفضل في عبور بوابة المصيدة الكبرى حيث سبقهم بخطوة الرئيس الأمريكي راع المصيدة كلينتون ويظهر للعيان أن براك يدعو أبو عمار بإشارة اليد والانحناء للدخول من منطلق الاحترام ولكن خبرة(الختيار) المحنك كان يشعر بما تخفيه الأنفس السياسية الخبيثة فرفض على اعتبار دعوة براك للدخول كرما واحتراما ماكرا مماثلا فرفض كل منهم الدخول طوعا قبل الأخر استمرت العملية زهاء الدقيقتين وتوقفت عند ذلك المشهد الصغير الذي ترجم المعادلة الدولية والأجندة الداخلية للمنتجع(المصيدة) والأدوات ترجمت بوضوح قبل الدخول للخطوة الأولى...القوة ..ومحاولة لي الذراع والإملاء!!!! واليكم صورة الحدث الصغير تمنيت على من أراد التأكد أن يعود لتسجيل اللقطة السياسية: المشهد والدلالة تداعي كل من قطبي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بإشارات الأيدي للدخول مسبقا كسلوك احترام وقد سبقت دعوة براك لابو عمار فأبى ذلك الفارس العربي ادعاء الكرم لان الصفة من شيم العرب فتنازل عن شرف الدخول المسبق لبراك ..فالسياسة ذكاء ورموز وإشارات إعلامية..وحرب نفسية وكذلك المفاوضات!!!تطورت إشارات وانحناءات عن بعد إلى اقتراب وملامسة مدافعة بسيطة يظهر للبعض انه اقصد حميم...فلم يستطع أي من الطرفين إدخال الأخر طواعية بفعل ادعاء الكرم والاحترام الدبلوماسي....ثم تطور المشهد الدرامي وفي نظر قصار النظر كوميدي...تطور إلى التحام وعراك أيدي خرج عن المألوف لانكشاف الأمر للاثنين أن القضية ليس كرما ولكن تخلل ذلك العراك ابتسامات سياسية ماكرة يخيل لمن شاهد التطور الثاني أن أنهم انتقلوا من مرحلة الحب العفيف إلى الحب الدافق الدافئ..وكأنهم صديقين حميمين..والحقيقة عكس ذلك على الإطلاق أنها معركة الدلالات والرفض المسبق لنوايا الإملاء !!!! الأمر الواقع والدلالات: السيد الأمريكي المضيف أو المستدعي لأطراف الصراع لم يتردد في التدخل لحسم معركة الدلالات كنموذج لواقع التدخل والانحياز فقد ترك الطرفين لمدة دقيقة لكي يستطيع الطرف الأقوى إجبار خصمه على الدخول أمامه فلم يحسم الأمر كما هو على ارض واقع الصراع ..حيث أن الختيار والزعيم الذي استدعى واستنفر كل حواسه استعدادا وتحسبا لطبخة كامب ديفيد إلا أن صحته لم تسعفه عندما ضاق الخناق علية فقد كان كلينتون قد سبقهم بخطوة واحدة دخل حيز الظلام لتمتد يده من وسط الظلام وتمسك بيد الزعيم الخالد فيستغل الثور الإسرائيلي براك الموقف الأمريكي الذي يتدخل دائما وقت الذروة لحسم الصراع المرحلي لصالح الربيبة إسرائيل..يلتف براك بشكل المباغت الغادر إلى خلف ياسر عرفات الذي قاوم بوضوح ورأيناه يدفعه بيديه الاثنتين بقوة وكأنه يزيح جبلا إلى حيث يريد..جبلا من الفولاذ ضاربا بجزورة بعناد وحنكة وإصرار في ارض المعركة الأولى...ولكنهم دمروا الجبل واقتلعوا جذوره بفعل فلسفة الغدر والاستقواء والتأمر الاستراتيجي الثنائي ...وربما هذا المشهد الصغير-الكبير ترجم التحالف الاستراتيجي الأمريكي الاستراتيجي وترجم التزام الولايات المتحدة الأمريكية تجاه ربيبتها وامتداد أمنها القومي إسرائيل لحسم جولة الدلالات الأولى لصالح إسرائيل معتقدين أن الهزيمة النفسية للخطوة الأولى ستؤثر على لبطل التاريخي وصانع استقلال القرار الفلسطيني وحامل لواء المجد...ارادو نزع البندقية وإبقاء غصن الزيتون لتجريده من الخيارات.. فماذا حدث؟؟
الحصار الاول في واشنطن: وتحت شروط هذا المشهد بدات المفاوضات لا بل الاملاءات وقد تفردوا بالزعيم العنيد وعزلوه عن محيطة العربي والدولي وحتى عزلوه عن مساعديه...فرأيناه جميعا يستكمل معركة الدلالات والإشارات داخل المنتجع حين يسمح السيد الأمريكي بالتصوير ليرسل إشارات زائفة للعالم...فنجد الحبيب أبو عمار يترك الرئيس كلنتون وبجانبه الأيمن حليفه براك ويخطو ببطيء فيسبقه براك وكلينتون يلتفت كلنتون فيجد أبو عمار يتأخر عدة خطوات فيعيد إشارة البدء والاحترام الزائف ويمد يده الحميمة طالبا من أسطورة وبطل كامب ديفيد الفلسطيني أن يسرع بخطواته تجاههم فيرسل أبو عمار بابتسامة خفيفة للكمرا يخبرهم بها حقيقة مايحاك من سلام اسود بداخل المنتجع..نراه لثواني مترددا متأنيا لأنه يدرك حجم المؤامرة...كانت عملية العزل في معتقل كامب ديفيد من اجل المساومة على الثوابت الفلسطينية المقدسة المساومة على قبلة الشرفاء(أولى القبلتين) القدس واللاجئين ....دامت أجواء الاعتقال والابتزاز والمساومة عشرات الأيام..اسمعوا ذلك الفلسطيني الرمز الصامد مقابل عناده كلمات وتهديدات لاتليق بالزعيم الذي أفنى زهرة شبابه قابضا على بندقيته وكوفيته التي بدلالاتها تجسد خارطة فلسطين كان كالقابض على الجمر.. فكم عانى وكم تعرض لمؤامرات عربية ودولية لم تثني عزيمته هن مواصلة درب التحرير..ولكنهم كانوا يجهلون... لقد قطعت عنه جميع الاتصالات الهاتفية ووسائل الإعلام...أرادوا إعدامه وإعدام القدس وتقديمه كرجل سلام ...واستسلام.. ولكن إجابته لم تتأخر فقالها مدوية هزت أركان عرش البيت الأسود الأمريكي قال: أنا ادعوكم لحضور جنازتي في فلسطين...ما أعظمك أيها الحاضر الغائب الحاضر... لقد كانت كامب ديفيد عبارة عن محاكمة لرجل جعل من القضية الفلسطينية عملاقا يستعصى على التصفية والمساومة بل جعلها جوهر وقلب الاستقرار والسلام في منطقة الشرق الأوسط لابل استقرار وسلام العالم كله...فعندما فشل كلنتون وفقد الأمل من فريسته وذاق مر لحمها الذي حاول أن ينهشه... فشل في انتزاع التنازل الاستراتيجي تحت مضلة المؤامرة العربية الدولية الصامتة رغم علم الجميع بالمحاولة والجريمة المخطط لها... وقد كان حينها موعد اجتماع القمة العالمي للثماني الكبار من الدول الصناعية كان قد تأمل ذلك الساذج أن يذهب إليهم بدولة استطاعت حسم الصراع الذي دام مئة عام في أيام وكما يريد وانه بطل السلام ..وحفاظا عل ماء وجهه طلب من الأطراف المكوث في المنتجع شكليا لحين عودته ليبلغ أقطاب العالم ويخفي فشلة تحت ذريعة الظروف المعقدة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي وان أطراف الصراع مازالت مقبلة وبرغبة كبيرة تتفاوض هناك في كامب ديفيد!!!! لقد كان لكامب ديفيد2 تجليات ودلالات سياسية واضحة وترجمات لحقيقة الصراع العربي-الإسرائيلي المختزل في بؤرة الصراع الحقيقية الفلسطيني- الإسرائيلي...وقد كانت المؤامرة واضحة عزل وضغط جسدي ومعنوي وسياسي إسرائيلي أمريكي ولا نصير... خزي وصمت عربي إسلامي يندى له الجبين ..صفحة سوداء أخرى يسجلها التاريخ في نوتة لابل قاموس الانحدار والانهزام والانحطاط العربي.... فتسربت البطولة والمعاناة ... فجاء صوت نصير من العدم العربي... رسالة عبر مؤتمر صحفي للرئيس المصري حسني مبارك يرسل برقية دعم للصنديد الفلسطيني بان(القدس ليست للفلسطينيين وحدهم وان مصيرها تقرره الأمة العربية والإسلامية) فكانت الرسالة كنقطة ماء تسقط في قلب صحراء جرداء فتنبت زهرة...وهذا للعلم بان السياسي المصري محنك وقارئ للأحداث ويعلم أن ذلك الأسد المغوار أبو عمار لن يتنازل عن ذرة تراب من قدس الأقداس فهي حلمة الذي دفع حياته ثمنا ومهرا رخيصا من اجلها. لقد كانت كامب ديفيد2 محاكمة حقيقية ومنعطفا تاريخيا وقد صدر الحكم هناك بإعدام الزعيم أبو عمار سياسيا وبدأت المؤامرة تلو المؤامرة ولم يفلح العزل والحصار الأول في كسر إرادة السياسي المقاتل فانعقدت المحكمة الثانية من واشنطون إلى تل أبيب أحيلت الأوراق وملف القضية لتنفيذ التوصيات الثنائية السوداء فكان الحصار الثاني الآثم. الحصار الثاني: من واشنطن نقطة البداية إلى تل أبيب مقر النهاية: كم أنت عملاق أيها المعلم والقائد ... أيها الزعيم الخالد...فأنت مدرسة عالمية وأممية لصناعة الرجال...حيث بدء الإسرائيليون بتنفيذ جريمتهم المعدة مسبقا ودون تفاصيل بحصار مقر الرئيس بمقاطعة رام الله تحت حجج واهية وزائفة حصار الأسد لا بل المارد الإسلامي العربي الفلسطيني على مرأى ومسمع العالمين العربي والإسلامي وثالثهما العالم الحر المتحضر صاحب شعارات الحرية الزائفة.. حصر وقرار بالتصفية السياسية أو الجسدية لاخيار ثالث لهما..ولكن هذه المرة كان اللعب على المكشوف والضوء الأخضر الأمريكي ساطعا.. حصار دام سنين على أن يثني هذا الرجل أو يجعل إرادته تلين..هيهات...هيهات.. خطة إذلال وإرهاب تنفذها المدافع وكاسحات الألغام الإسرائيلية تنفذ بواسطة المر كفاه العملاقة حرب دولة في أمتار..حصار.. وتجويع... ومداهمة حصرت الحرب في عدة أمتار وذلك لانتزاع الاستسلام وقبول التسوية الهزيلة ويأتي صوت البطل من قلب الحصار مدويا للمرة الثانية... اللهم أطعمني الشهادة...شهيدا شهيدا شهيدا...وقد قبل العالم المتآمر الآثم سياسة الأمر الواقع الصهيونية الصغرى بفعل سياسة العصي الصهيونية الأمريكية الكبرى... وتسابق الزعماء والقادة والأقزام لزيارة الأسد العربي المحاصر الصامد ...في مشهد تبثه كل قنوات العالم الفضائية انه وصمة عار في جبين الأمة العربية والإسلامية والعالم الحر المتحضر وذلك للاطمئنان على صحته في سجن المقاطعة حيث أنهم تخلوا عنه في سجن كامب ديفيد2 وبارك الله فيهم لإدخال بعض زجاجات المياه ومعلبات الطعام... والتعبير عن العجز والانسحاق والمؤامرة ومن ثم المغادرة والسلام ...لانا مت أعين الجبناء... لانتمت أعين الجبناء...وعندما ثبت البطل على مواقفه صدر الحكم الأسود الثاني والأخير بتصفيته جسديا... وتأمر الخونة والعالم ليشهدوا بأم أعينهم إعدامه دون وازع من ضمير ودون أن يحركوا ساكنا. فلكل شيء دلالاته وصورة البداية كانت واضحة ... ولكن هل هزموه...هل قهروه...هل فرط...هل تنازل!!!هل مات؟؟!!! لا ومليون لا لم يمت لأنه جاثم هناك على مشارف القدس انه ينبوع البطولة يرفد شعبة بالصمود كلما وهنت عزائمهم ونال منهم اليأس والإحباط العربي والإسلامي برفدهم بصوت النصر والصمود مهما علت أمواج الإرهاب الأمريكي الإسرائيلي ومهما سقط قناع الحياء عن العورات العربية الإسلامية صامدون...انه المثل والنموذج انه الأسطورة والمعلم...وليس فينا ولا منا ولا بيننا من سيخون العهد أو حتى يملك أن يساوم على الثوابت وليس فينا من سيفرط بذرة تراب أو هواء من فلسطين وقدسها. سوف يأتي يوما بإذن الله تصدع فيه تكبيرات المآذن وأجراس العودة من الكنائس لتعزف لحن النصر الخالد...يرونها بعيدة ونراها قريبة بإذن الله هذا وعد الله أن ينصر المؤمنين المرابطين... سيرفع شبلا أو زهرة فلسطينية العلم الفلسطيني فوق أسوار القدس ومآذنها وكنائسها . رحم الله سيد الشهداء....ياسر عرفات...ومن هنا البداية
#سعيد_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
**وهم التسوية السلمية في ظل الثوابت الصهيونية
-
التفوق الأمني الإسرائيلي...والعجز الأردني الأمريكي ...من تفج
...
-
الدكتوقراطية الامريكية وفلسفة القوة
المزيد.....
-
الجمهوري أرنولد شوارزنيجر يعلن دعمه للديمقراطية كامالا هاريس
...
-
وفد روسي يصل الجزائر في زيارة عمل
-
كوريا الشمالية: تصرفات الولايات المتحدة أكبر خطر على الأمن ا
...
-
شاهد.. ترامب يصل إلى ولاية ويسكونسن على متن شاحنة قمامة
-
-حزب الله- ينفذ 32 عملية ضد إسرائيل في أقل من 24 ساعة
-
بريطانيا وفرنسا وألمانيا تدعو إلى التجديد العاجل للخدمات الم
...
-
وسائل إعلام: تقدم في المفاوضات حول وقف إطلاق النار بين إسرائ
...
-
وفد روسي يصل الجزائر في زيارة عمل (صور)
-
إعصار كونغ-ري يقترب من تايوان والسلطات تجلي عشرات الآلاف وسط
...
-
ما هي ملامح الدبلوماسية الأميركية المستقبلية في الشرق الأوسط
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|