أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال حمد - صرخة مزدوجة و صفعة قوية..















المزيد.....

صرخة مزدوجة و صفعة قوية..


نضال حمد

الحوار المتمدن-العدد: 378 - 2003 / 1 / 26 - 00:54
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


في أقوى صفعة مزدوجة توجه للسياسة الأمريكية في العام الحالي , عبرت كل من فرنسا وألمانيا عن معارضتهما التامة لمشاريع الحرب الأمريكية ضد العراق وقد جاءت تلك المواقف المشتركة والمنسجمة  في لقاء في برلين جمع كل من الرئيس الفرنسي شيراك والمستشار الألماني شرودر في احتفال ضم 500 شاب وشابة من البلدين بمناسبة الاحتفال بذكرى توقيع معاهدة الصداقة الفرنسية الألمانية قبل نحو 40 عاما من الآن. فقد أبدى الجانبان معارضة بلديهما للحرب واعتبرا أن الحرب هي الحل الأسوأ. وقالا بأن سياسة بلدهما لم تتبدل, فهي نعارض الحرب وسوف يصوتان ضدها في مجلس الأمن الدولي, وأن تلك السياسة تكمن في تطبيق العراق لمقررات مجلس الأمن الدولي والقرار 1441. كما أبديا أسفهما لمواقف رامسفيلد الأخيرة التي وصف فيها سياسة فرنسا وألمانيا بالمشكلة لأمريكا. هذا وعبرت ألمانيا عن معارضتها التامة لأية حرب أمريكية قادمة بقرار أممي أو بدون قرار أممي. بينما ذهبت فرنسا ابعد من ذلك, عندما لمحت إلى حقها بالفيتو في مجلس الأمن. هذا ورحبت بعض الدول الأوروبية ومنها لوكسمبورغ والنرويج وبلجيكا بالموقف المشترك.

 لكن رد الفعل الأمريكي جاء مستفزا ومتوترا وعنيفا وسخيفا بنفس الوقت, حيث علق وزير الدفاع الأمريكي رامسفيلد والذي يعتبر من معسكر الصقور, فقال أن فرنسا وألمانيا لا تمثلان أوروبا الجديدة, غامزا بذلك من بوابة أوروبا الشرقية حيث مركز ثقل الحلف الأطلسي, حلف الناتو, خاصة بعد التغييرات التي شهدتها القارة الأوروبية مع انهيار حلف وارسو وتفكك منظومة الدول الاشتراكية وجمهوريات الاتحاد السوفيتي.

كان رامسفيلد يعني بقوله أن ألمانيا وفرنسا لا تمثلان أوروبا الجديدة بأن لدى أمريكا حلفاء جدد, أولا رخيصي الثمن وثانيا طيعون كما كلاب الصيد, ترتاح أمريكا للعمل معهم لأنهم قبلوا بدور التابع والخادم القليل السعر والثمن, أما فرنسا وألمانيا والدول الأوروبية التي تحترم نفسها وتعمل بما يمليه العقل والمنطق ومصلحة البشرية والتوازن والسلم الدولي, فهي لا ترغب بأن تكون خادما للسياسة التوسعية والاستعلائية المادية الأمريكية. لذا فأن دول أوروبا الغربية تأخذ مواقفها بعقلانية وببعد نظر, بينما دول أوروبا الشرقية تأخذ بحسبانها الفتات الأمريكي وتتطلع لمكان لها في المستقبل العام وفي الخريطة الجديدة, على حساب دول أوروبا الغربية, لذا فأن مواقف بولندا وتشيكيا وبلغاريا والمجر سوف تكون أمريكية أكثر من الأمريكان وملكية أكثر من الملك. وهذا شيء طبيعي عندما يتم التعامل بين الملك والمأمور على أساس ما لقيصر لقيصر وما لعبده لعبده.

 

لكن الدول الأوروبية العريقة كفرنسا وألمانيا ليست دولا جائعة ولا متسولة أو تابعة تماما للسياسة الأمريكية, هذه الدول لها تاريخها الاستقلالي , الحر في التعامل مع القضايا الدولية الهامة. وقد أحسن القول وزير الخارجية الألماني فيشر عندما قال بأن وزير الدفاع الأمريكي يريد بتصريحاته تلك الإيقاع بين دول الاتحاد الأوروبي ولا سيما بين فرنسا وألمانيا. لأن  رامسفيلد المتهور والذي يمثل رأس حربة السياسة الأمريكية المتوترة , أصبح مثالا على العنجهية الأمريكية والصلف اليانكي في التعامل مع دول العالم والمجتمع الدولي, وبخاصة في قضية العراق, مع أنه كان هو نفسه قد وقع في السابق" سنوات الحرب العراقية الأيرانية" مع القيادة العراقية الحاكمة عقودا نفطية واقتصادية وحربية, مكنت العراق من الحصول على تكنولوجيا حديثة ومعدات متطورة. لكن في تلك الفترة كان العراق بسياسته وحربه الدموية الطويلة مع إيران يخدم السياسة الأمريكية المعادية لإيران وثورتها الإسلامية من حيث  يدري أو لا يدري. وانتهت المعركة كما بدأت بقرار عراقي عجيب غريب.

 

أن أكثر ما يزعج أمريكا هذه الأيام هو عدم تمكنها من إيجاد دول أوروبية وإقليمية فاعلة تقبل الوقوف معها في سياستها الحربية في المسألة العراقية, لذا تكثر التصريحات الأمريكية المتقلبة والمتعددة المعاني والألغاز, فتارة يصعدون من وتيرة تصريحاتهم الحامية وتارة أخرى يتحدثون عن إمكانية تجنب الحرب واللجوء للحل السياسي. لكن أمريكا بوش لا تملك أي حل سياسي يسمح لها بتحقيق أطماعها في نفط العراق وفي وضع اليد على ثروات البلد بلا حرب وبلا دمار, كما أنها تخاف من أن تشعل الحرب منابع النفط العراقية وغيرها في المنطقة, لذا فقد بدأت محادثاتها مع الشركات العالمية من أجل ضمان تلك الشركات في حال اشتعلت تلك المنابع النفطية الهامة. وقد اجتمع نائب الرئيس الأمريكي تشيني مع ممثلي الشركات العالمية ليؤكد بذلك مخاوف أمريكا من اشتعال واحتراق آبار النفط, فقد قال أيضا كولن باول وزير الخارجية الأمريكي: " أن احتلالا عسكريا سيتم للعراق وان البترول هو أمانة لشعب العراقي وستتم حماية حقول النفط..". هكذا هي أمريكا, "أمينة" على ثروات الشعوب وحرية الدول والأمم وعلى "التعاليم الديمقراطية" المهانة والمستباحة في معسكرات الموت في غوانتانامو وأفغانستان الجديدة. حيث شرعت الديمقراطية الأمريكية استباحة البشر ومعاملتهم معاملة لا تليق بالحيوانات, إذ أن الحيوانات تعامل بطرق وأشكال جيدة وإنسانية في العالم المعاصر, بينما معتقلي غوانتانامو لا يوجد لديهم أية حقوق على الإطلاق.

هل هؤلاء الأمناء على مصير البشر والإنسانية فعلا أمناء أم أنهم سفهاء يقودون العالم للكارثة والحروب الهمجية والويلات التي لا داعي لها.. إنهم بشر بلا أمانة ولا يؤتمنوا, فكيف للعراقيين أن يؤمنوهم على نفطهم وهم أنفسهم الذين جوعوا وحاصروا ولازالوا يحاربون العراقي بمائه وطعامه ودواءه وغذاءه وخيرات أرضه وحاضره ومستقبله.

 

إن المتابع والمراقب للتصريحات الأمريكية يعي مدى انحسار فكرة الحرب وضيق افقها, ويعرف بأن أمريكا تقف وحدها تقريبا في تلك الحرب, باستثناء بريطانيا التي تلعب دور ذيل الكلب منذ تفكك امبروطوريتها التي افلت شمسها وغاب نورها. وكذلك بعض الدول التي تدور دائما في فلك التبعية الأمريكية مثل استراليا وإسرائيل وبولندا. من خلال قراءة سريعة لأسماء تلك الدول يتضح لنا أن أمريكا في هذه الحرب ستكون بلا حلفاء حقيقيين وبلا شركاء فاعلين, وحدها في غيبوبتها السوداء وجنون العظمة الذي يودي بصاحبه إلى الهاوية والفناء.

الإدارة الأمريكية لم تكلف نفسها عناء انتظار نتائج وتقارير البعثة الدولية وفريقها الذي يقوم بالتفتيش عن أسلحة العراق المحظورة, وحاولت بشكل مستمر إفشال مهمة الفريق أو تجييرها لصالح المطالب الأمريكية, وكانت في بعض الأحيان تقدم وجهات نظر وتقارير تختلف عن وجهة نظر وتقرير المفتشين الدوليين أو تطالبهم بتبني الموقف الأمريكي, بينما فرنسا وألمانيا وكل الذين يعادون الحرب ويرفضونها كخيار لحل المسألة العراقية, يعلقون آمالا كبيرة على عمل مفتشي الأسلحة الدوليين بقيادة بليكس والبرادعي., خاصة أن الحكومة العراقية تجاوبت بشكل جيد مع القرار الدولي 1441 مع أنه يمس السيادة العراقية ويتدخل في شؤون البلد.

وجدير بالذكر أن ألمانيا التي تطالب بتمديد فترة عمل المفتشين الدوليين التي تنتهي قريبا, سوف لن تكون وحدها في هذا المجال, فقد أبدت فرنسا وهي عضو دائم في مجلس الأمن الدولي تأييدها للفكرة الألمانية, وأكدت على العمل المشترك من أجل إصدار قرار جديد بشأن العراق يمنع وقوع حرب جديدة, لأن مثل تلك الحرب التي تريدها أمريكا وتريد القيام بها بغض النظر عن موقف دول الاتحاد الأوروبي وآراء المنظمة الدولية ومشاعر الشعوب في المنطقة حيث المزاج والموقف الشعبي ضد الحرب ومع السلام. هذه الحرب من وجهة نظر فرنسا وألمانيا في حال اندلعت سوف تؤدي إلى انهيار التحالف الدولي ضد الإرهاب, وهذا ما لا يخدم السياسة الأمريكية في حربها الأخرى ضد ما تسميه بالإرهاب العالمي.

 

 



#نضال_حمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المبادرة المصرية والمصلحة الوطنية..
- السلام المفقود والحل المنشود..
- دولة شارون- الفلسطينية -
- قصة حقيقية من مخيم عين الحلوة..
- برلمان تشيكيا نسي ربيع براغ..
- السلام والإصلاح والحقوق المستبعدة
- سمير القنطار شعلة لا تنطفئ
- حملة عداء الفلسطينيين مستمرة والذي يدفع يركب
- غريتا دوينسبرغ واللوبي اليهودي
- عندما يلقى طعام الفلسطينيين للكلاب الإسرائيلية!
- طبول الحرب و طبول الحوار
- آه يا فلسطين !
- علي المعني يلقي النفايات متهما..
- المشهد الإسرائيلي, سياسة وقضاء
- عملية تل أبيب
- صبحان الذي يغير ولا يتغير أيها الغصين..
- هؤلاء هم أولاد بنات آوى..
- إنها الحرب في ثوب جديد
- على هامش الشطب الجاري للعرب في إسرائيل
- إمبراطورية أمريكا


المزيد.....




- أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل ...
- في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري ...
- ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
- كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو ...
- هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
- خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته ...
- عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي ...
- الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
- حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن ...
- أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال حمد - صرخة مزدوجة و صفعة قوية..