حسين عجيب
الحوار المتمدن-العدد: 5101 - 2016 / 3 / 12 - 12:05
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ثلاث محطات_ مفاصل وبؤر, تتضح فيها ومن خلالها شخصية الانسان (الفرد) وتتمايز, خصوصا الموقف من الحب أو نقيضه الخوف:
1_ حب الذات 2_ حب الشريك ة 3_ حب الخصم (العدو...)
قبل مناقشة المواقف الثلاثة_ اجد من المناسب عرض موقفي وطريقتي في الفهم, وتصوري العام للعالم الداخلي للانسان (أنت وأنا)....ربما يساعد ذلك في توضيح حدود الشعور بالأنا_ مع نشوء المعنى وتدفقه عبر الكلام وطرق التعبير والتلقي المختلفة.
أكثر ما يشبه الفرد الانساني المعاصر_من الخارج_ الكمبيوتر. وبتحديد أكثر جهاز الموبايل الحديث الذي يمثل شخصيتك_ أقرب الأشياء إلى الهوية الفردية في زمننا هذا... الآن_هنا.
الهوية الفردية للانسان الحالي مزدوجة_ او أنها موجودة عبر جانبين منفصلين تقريبا, الأول والطبيعي (الجسد) يشبهه التقني (الموبايل)_ هو التمثيل الأقرب للموقع الشخصي الانساني (الاجتماعي والفردي أيضا). المحتوى يشبه العقل.
_الموقع يتمثل عبر الجسم الصلب في الجهاز (السعة, الماركة, الحداثة, القيمة والسعر....وبقية مواصفات التصنيع_ الوراثة وتشمل العناصر والصفات الموروثة المتنوعة.
_الشخصية تتمثل عبر البرامج والعناوين وشبكة الموضوعات والعلاقات المختارة_ المكتسبة.
بالمختصر, يتمثل الموقع عبر الموروث والشخصية عبر المكتسب...تشبه جدلية الشكل والمضمون.
* * *
أيضا سأكتفي بثلاث عبارات, هي مصطلحات في التحليل النفسي:
1_ الحوادث النفسية 2_ العالم الداخلي 3_ الاسقاط والتحويل
_ الحوادث النفسية, تشمل حياة الموجود الانساني, مع المحيط الخارجي والداخلي, من الولادة إلى الموت. يتعذر تحديدها_ سوى أن كل ما هو موجود في حياة الفرد, له منعكس نفسي (شعوري أو لا شعوري) ويؤثر في حياته بنسبة ما.
_العالم الداخلي, يشمل مختلف عمليات الجسد والعقل (أفكار وعواطف) المتنوعة. بطبيعة الحال هو لا ينفصل بشكل نهائي عن العالم الخارجي_ الموضوعي, في الحياة الفعلية والواقعية.
_الاسقاط, عملية العقل المركزية والدائمة_ العقل بمستوييه الفكري والعاطفي أيضا. نحن جميعا (ضحايا) الاسقاط المتبادل_ وكلنا نسقط ,ما لا يعجبنا, على غيرنا بشكل مباشر ومستمر (لا شعوري ولا إرادي ) غالبا.
المثال الأبسط والأكثر شيوعا وعموما (الجار): العلاقة مع الجيران أو الشركاء؟
1_ في المرحلة الأولى نكتشف (ونختبر) عيوبنا ونواقصنا في جيراننا . (بحالة لا وعي ولا شعور).
2_ عبر تكرار الملاحظة والاستنتاجات (نتأكد من....صحة مواقفنا وعقائدنا وعاداتنا_ومن سوء حظنا) مع جيراننا بالأخص, فهم لا يستحقون محبتنا واحترامنا. لكن بسب لطفنا وروعتنا نقبلهم مؤقتا_ على أمل تغييرهم الفعلي, بالقوة أو مع الزمن.
(من منا يعتقد أن المشكلة "او جزء صغير منها" موجودة أيضا في موقفه وتفكيره ومعتقداته وعاداته....؟؟؟)
3_الانتقال إلى الصراع الوجودي معهم_ أو عملية نضج متبادل. (حالة الوعي والشعور بالآخر وحاجاته الحيوية).
في أفضل الحالات نقبل بالمحاكم_ مع القبول بأن علينا (جزء تافه...) من المسؤولية.
* * *
"الاسقاط"_ العملية النفسية المركزية للعقل.
أهم اكتشافات التحليل النفسي في عالم الداخل (بشكل تدريجي وعلى امتداد القرن العشرين). المفارقة_ ان الخبرة نفسها في المستوى الاجتماعي والثقافي معروفة وبوضوح في الدراسات الفلسفية والتاريخية القديمة (لكن عبر مصطلحات وسياقات متباعدة ومختلفة) ومنذ قرون.
أعتقد أن سبينوزا (على سبيل المثال) كان يدرك ويفهم (عملية الاسقاط): طبيعته, وآلياته, واشكال تحوله المختلفة أكثر منا الآن_هنا (أنت_أنا):
"إن ما يقوله بولس عن بطرس, يخبرنا عن بولس أكثر مما يخبرنا عن بطرس".
وفي الأقوال المأثورة عن ضرورة احترام (الجيران)_ إلى درجة الواجب الديني الصريح ( وخصوصا الاسلام!)....أنظر_ي إلى المسلمين شيعة وسنة؟ كيف يتعاملون مع جيرانهم في أية بقعة من هذا العالم!!!
....
عبارة السيد المسيح" احبوا اعدائكم...."_ تمثل الحد المناقض للاسقاط (التمثل) أو التحويل الايجابي....(ذ... الغريب حلو).
.
.
لا استطيع أن امنع نفسي من الدخول المباشر إلى الوضع السوري_ الجنون السوري!
يتضح وينفضح الاسقاط (السوري) بلا ستر, كل طرف كشف عورة الطرف_ الأطراف الأخرى: أمام الله والعالم أجمع, بنفس الدرجة_ تحول كل طرف إلى عبء حقيقي على أصدقائه وجيرانه وعلى حاضنته الشعبية أكثر.
والأكثر مدعاة للأسى_ الكوميديا السوداء
كل هذا التوحش والتغول في الدم...باسم الله_ وفي سبيل الله أيضا!؟
* * *
1_من اين يأتي المطر؟
_من الغيم.
2- من أين يأتي الغيم؟
_من البحر.
3_ كيف يتشكل البحر, ومن اين؟
_من الجداول والأنهار ومن ذوبان الثلوج والمياه الجوفية.
4_ من أين تأتي جميعها؟
_من المطر.
5_ من أين يأتي المطر....التفسير الدائري نعمتنا ولعنتنا جميعا...منه وعبره يتكرر الاسقاط_ ومعه العقلنات والتبريرات الأيديولوجية المختلفة
.
.
_عبر التفسير الدائري, يسقط الفرد مجهوله الشخصي والخاص (نقص معارفه وخبرته ومهاراته) في المجهول العام (الالهي_الشيطاني).
_عبر التدخين مثلا, يكتسب الاسقاط جسدا وحركة (خصوصا مع القبول الاجتماعي), وبقية انواع الادمان تشترك بنفس الالية (الحلقة المفرغة).
كيف تكسر الحلقة....إسقاط, تفسير, إدمان!؟
تجربتي الشخصية مرت بأربع مراحل منفصلة ومتميزة عن بعضها_ وقد عرضتها سابقا عبر هذه السلسة, وأكتفي بتذكرها بخطوطها العامة:
1_ الرغبة الكلية( مع المقدرة الكلية والمعرفة الكلية والرغبة الكلية _ مرحلة الاستيهام والهلوسة...
2_ المقدرة, تتم بعد الفصل بين رغبات عقلانية (حاجات جسدية ونفسية حيوية) وبين رغبات وأهواء لا عقلانية (جشع, خوف, شفقة أو قرف, عدوانية...) بالتزامن مع البدء بتنمية الاهتمام الفعلي بالعالم, بالمشاركة والتفاعل.
3_ الثقة, انتقال مستوى ونمط العيش من الزمن الدائري (ماضي, حاضر, مستقبل) إلى الزمن الخطي_ التدرجي: حاضر, مستقبل, ماضي...ومعه ينتقل المنظور الفكري والشعوري, ويبدأ فضاء الفرح الفعلي والواقعي_ بعد قبول وتحمل المسؤولية الشخصية عن الوجود ايضا.
4_ الايمان, نهاية الازدواج والتناقض بين إيمان عقلاني متسامح ومرن وبين إيمان لا عقلاني مغلق ومتوحش_ مبهم وبهيمي, هو في جوهره تحقيق لشهوة الخضوع او السيطرة (لا فرق نوعي).
أو بعبارة من التحليل النفسي: الخروج من حلقة السادو_مازوشية إلى النضج العقىني والعاطفي, مع إدراك الواقع بمستوياته المركبة والمجهولة أيضا
* * *
كارل غوستاف يونغ_ يعتبر عملية الاسقاط, نفسها تجربة المشاركة الصوفية, والفرق فقط في المصطلحات والمناخات الاجتماعية_ الثقافية_ التاريخية.
تتناقص عمليات الاسقاط والكبت والهلوسة والاستيهامات وغيرها من عمليات (استبدال الواقع الموضوعي بصيغ لغوية وذهنية) _ بالتدريج, مع تزايد إدراك الواقع وجوانب النقص الذاتي.....في طريق النمو والنضج, والحكمة, والحب...
* * *
معيار وعلامة التحرر من الكبت والاسقاط: الشعور الواضح بالمسؤولية الشخصية عن السلوك وعن المشاعر الخاصة_ ايضا المسؤولية عن مشاعر الآخرين تجاهنا.
"مشاعري مسؤوليتي ومشاعرك مسؤوليتي أيضا"
العكس معادلة الكبت والاسقاط المستمر (لا شعور ولا واعي): مشاعرك مسؤوليتك ومشاعري مسؤوليتك ايضا....
* * *
القاع الانساني مشترك, لينحصر الاختلاف بيننا في درجات تطور الشخصية الفردية ونضجها عبر طرق الحب وفضاءه...
#حسين_عجيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟