|
عند جون الخبر اليقين
سلام مسافر
الحوار المتمدن-العدد: 1382 - 2005 / 11 / 18 - 10:14
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
احتاجت الامم المتحدة الى عامين ونصف العام لتقر بانتهاكات مروعة ، ترتكبها قوات الاحتلال والمليشيات الطائقية ، والمنظمات الارهابية، وعصابات الجريمة المنظمة ضد اهلنا في العراق . وعلى مدى 31 شهرا من الاحتلال ، لم تتوقف الصحافة الاميركية والاوربية الحرة عن كشف افضع عمليات التعذيب ، والقتل في سجون الاحتلال . وظهرت عشرات ، ، بل ربما مئات الافلام الوثائقية ، والاف الصور التي تسلط اسطع الاضواء على جرائم ضد الانسانية يرتكبها جنود رامسفيلد وادارة الليكوديين في البيت الابيض ، بمساعدة عملاء الاحتلال وحكومات التحاصص التي لم نسمع من غالبية وزرائها وجل مسؤوليها كلمة شجاعة واحدة ولومن باب رفع العتب ضد جرائم الاحتلال . ونشهد اليوم فضيحة المعتقل السري لوزارة الداخلية في الجادرية الذي اكتشفه الاميركان (بالصدفة ) وكانهم لايملكون مثل هذه المعتقلات في العراق وخارجه بالمئات .
ورغم ان تقرير الامم المتحدة لايغطي غير شهرين ( للفترة من 1 ايلول / سبتمبر ولغاية 31 تشرين اول / اكتوبر 2005 ) ، الا ان طبيعة الجرائم والخراب الذي حل ببلادنا يفوق التصور . فالتقرير الصادر بالامس يتحدث عن ان ( اجزاء كبيرة من العراق تعاني من حال انهيار القانون والنظام ) . ويتهم قوات الاحتلال بتشريد ( الا ف الاسر في المناطق الغربية والشمالية ) ، والقوات الخاصة والشرطة العراقية بارتكاب جرائم اثناء ( العمليات الامنية الكبيرة ) . ويرصد التقرير ( انتشار المليشيات المسلحة ، والمنظمات الارهابية والاجرامية ) ويشير الى ان ( بعض الجرائم يرتكبها مسلحون يرتدون زي الشرطة ) . وعبر التقرير عن ( القلق ) من وجود الاف المعتقلين في سجون الاحتلال، وان الاعتقالات ، تتخذ ( طابعا جماعيا ودون توجيه تهم بادلة محددة ) . ويقدر واضعو تقرير الامم المتحدة ان الضحايا بين المدنيين يصل الى اكثر من 30 الفا منذ اذار / مارس 2005 وهو رقم اقل بكثير مما نشرته مؤسسة بريطانية مستقلة تحدثت عن قرابة 100 الف قتيل وجريح ومعوق .
ويتزامن صدور التقرير مع هجمة سينمائية وثائقية تقوم بها قنوات تلفزيونية مرموقة مثل ( بي بي سي ) البريطانية و ( راي نيوز 24 ) الايطالية ، وغيرهما من المحطات العالمية التي عرضت مؤخرا افلاما وثائقية عن استخدام القوات الاميركية اسلحة محرمة دوليا في الفلوجة وتصور جثت عشرات الاطفال والنساء والمشوهين بفعل مادة ( الفسفور الابيض ) الذي يعترف ضباط المارينز بان وحداتهم تستخدمة ( للكشف عن مواقع العدو ) ؛ في حين يؤكد جنود اميركان اصحاء الضمير ان المادة استخدمت لاهلاك احياء بكاملها وان القوات الاميركية حذرت افرادها من المادة الكيمياوية الحارقة وفرضت عليهم ارتداء كمامات واقية ، اثناء قصف وتدمير الفلوجة .
المفارقة ان الفلم الايطالي الوثائقي عرض اثناء زيارة جلال طالباني الى روما والذي لم يترك كلمة في قواميس المديح ، الا وكالها ( لقوات التحالف ) واشاد بدورهم في ( تحرير العراق ) . وكان على ( مام جلال ) ان يضيف الى تلك العبارة كلمة ( من شعبه ) . وليس غريبا على الرئيس المؤقت مثل هذا التملق وتعمية الراي العام العالمي ، فقد يتذكر البعض ان رئيس دولة ( المنطقة الخضراء ) وخلافا لكل التقارير، بما فيها تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، ومنظمة ( اطباء بلاحدود ) وغيرها التي تؤكد تلوث ارض وسماء ومياه العراق بالاشعاعات النووية نتيجة استخدام (القوات الصديقة ) لحكومة التحاصص ، قذائف اليورانيوم المستنفد في عملياتها العسكرية ضد العراق منذ عام 1991 . ومع كل ذلك فان ( مام جلال ) وخلافا لكل هذه التقاريرالى جانب ابحاث وفحوصات الهيئات الوطنية ، صرح في اكثر من مناسبة بان كل مايقال عن تلوث العراق ( مجرد شائعات ) !!
ولم نسمع من ممثلي الطبقة الحاكمة في العراق ، مايدلل على انهم سيلاحقون المجرمين الذين اقترفوا التعذيب وانتكهوا اعراض النساء والرجال في سجن ابو غريب وفي سجون الاحتلال العلنية والسرية الاخرى . بل على العكس ، فان البطانة ، يجهدون في التستر على الجرائم التي لولا حيوية المجتمع الاميركي والمجتمعات الغربية ، واخلاص الصحافة الغربية للشفافية ، حتى وان جاءت من منطلق السبق الصحافي ، لما سمع العالم بجرائم الاحتلال التي هزت اوساط الراي العام، وخاصة في عواصم ( التحالف ) ، لكنها لم تهز شعرة في ضمائر الزبانية وتجار العملات والمعلومات الكاذبة وتلفيق التقارير المزورة عن امتلاك العراق اسلحة الدمار الشامل ، الذريعة التي استخدمتها ادارة بوش لغزو واحتلال بلادنا . وانكشف زيفها الى حد ان وزير الخارجية السابق كولن باول اعتبر التقرير الملفق الذي ادلى به امام مجلس الامن الدولي عشية العدوان ( وصمة ) في جبينه . واستقال اكثر من وزير في حكومة الكذاب توني بلير احتجاجا على تزوير الوثائق وخداع الراي العام في بريطانيا .
وياتي تقرير الامم المتحدة متزامنا مع دعوى رفعها سجينان عراقيان سابقان في ابو غريب تعرضا الى التنكيل والتعذيب دون تهمة . وفي نفس الوقت تكشف ( التايم ) عن ان الاستخبارات المركزية الاميركية اخفت ملابسات وفاة سجين اسمه ( مناضل الجمادي ) في سجن ابو غريب بعد ساعة ونصف من اختطافه يوم 4 تشرين ثاني 2003 وتعرضه الى التعذيب الشديد على يد جلادي السجن الرهيب الذي استحضر الاميركان كل ارواح جلادي نظام صدام حسين في اروقته وزادوا عليها من ارواحهم الشريرة ، فضاعة . وتكشف الاسبوعية الاميركية عن ان ( سي اي ايه ) تعمدت اخفاء المعلومات التي تعرفها عن قتل المختطف بناء على شبهة لم تثبت بعد موته معذبا .
وجاء التقرير مع صدور كتاب ( لصوص بغداد ) لماثيو بوغدانوس رئيس لجنة التحقيق في نهب التحف والاثار التاريخية من متحف بغداد ، والذي يتحدث عن ما يصفها المؤلف ( اكبر سرقة من نوعها في التاريخ ) . ويعترف الكولونيل في الجيش الاميركي ، بان جنود الاحتلال ( تركوا احدى بوابات المتحف مفتوحة وسمحوا للرعاع بالدخول ونهب محتوياته ) . ويشير الى ان 138864 قطعة نهبت من مجموع 500 الف قطعة اثرية ضمتها جدران متحف بغداد وخزائنه . ويقول ( عثر الى الان على 700 قطعة في بريطانيا والولايات المتحدة ) . ويشيد بوغدانوس بالعراقيين الذين اعادوا القطع الاثرية ومنها اثمن تحفة في تاريخ البشرية ( مزهرية الورقة ) التي اعادها مواطن عراقي لايذكر اسمه . وربما يكون هذا البطل المجهول قتل على يد قوات الاحتلال او المليشيات الطائفية او عصابة الزرقاوي في بغداد المحتلة . فالعراق ، وفقا لتقرير الامم المتحدة الذي جاء متاخرا ، والافلام الوثائقة والتحقيقات الصحافية ، والاهم من ذلك شهادات اهلنا ومعاناتهم اليومية ، بلد تعيث به قطعان المحتلين والمليشيات والمجرمين والارهابيين فسادا . وترتكب الفضائع تحت سمع وبصر حكومة المنطقة الخضراء التي مددت لبقاء الاحتلال سنة اخرى ، ضاربة عرض الحائط باستطلاعات الراي التي تجريها منظمات دولية مستقلة ، وتؤشر على ان غالبية العراقيين يريدون رحيل ( اليانكي ) . واحتقار وتجاهل 121 نائبا في الجمعية الوطنية طالبوا حكومة الجعفري بعدم التمديد ( لقوات التحالف ) . ولم يبحث الطلب حتى من الناحية الشكلية .
في الفلم الوثائقي ( العراق الحرب الدائمة ) ، انتاج ( بي بي سي ) وعرضته الجزيرة ، يتحادث جنديان اميركيان وهما يختفيان خلف مدفع رشاش من سطح عمارة في شارع حيفا ، فيقول احدهما ان الضابط طلب من الجنود اخذ وضع الاستعداد عند مرور اعضاء الحكومة العراقية . ويعلق الجندي المستاء بسخرية ( ربما يريدنا ايضا ان ناخذ لهولاء التافهين التحية ) . واضاف ( عليهم هم ان ياخذوا لنا التحية لانهم بفضلنا يحكمون الان في بغداد ) . وعند ( جون ) الخبر اليقين !!
#سلام_مسافر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد
...
-
الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي
...
-
فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
-
آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
-
حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن
...
-
مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
-
رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار
...
-
وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع
...
-
-أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال
...
-
رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|