أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - أيها الشعراء غنّوا وأُسجنوا!














المزيد.....


أيها الشعراء غنّوا وأُسجنوا!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5096 - 2016 / 3 / 7 - 12:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"إذا أردتَ ألا ينتقدكَ أحدٌ: لا تعملْ، لا تتكلمْ، وكنْ لا شيء.” لا شك أن برنارد شو كان يسخر كعادته حين قال العبارة السابقة. لكنّ ما قاله عينُ الجِّد، وقلبُ الصواب. دعنا نسميه: "مانيفستو الغياب". من يرِد "ألا" يكون موجودًا، فليصمتْ للأبد. فلا نراه، ولا نؤاخذه، ولا نسجنه. تذكرون قصة سقراط مع تلامذته؟ بعد الدرس، عاتب تلميذٌ أستاذَه: “لماذا لم توجّه لي كلمة واحدة اليوم أيها المعلّم؟!” فقال له الفيلسوف: “لكنني لم أرك. في المرة القادمة تكلمْ حتى أراك.” هذا" “مانيفستو الحضور".
وإذن، أيها الشعراء أمامكم نجدان: الحضور أو الغياب. الكلام أو الصمت. اختاروا ما تشاءون من كلا الدربين، واعلموا أن لكل درب فاتورة. فتشوا في جيوبكم النفسية لتتأكدوا أنكم تمتلكون ثمن اختياركم.
فاتورة الغياب يسيرة. فأنتم في مأمن من الخطر. سوف تعيشون في أمان تأكلون وتشربون وتتناسلون وتنامون ملء جفونكم عن شواردها. لكنكم غير موجودين. لو طرأت في بالكم فكرة، إياكم أن تتجاوز رؤوسكم. فإن وقفت على ألسنكم ابتعلوها فورًا وأطبقوا شفاهكم ولا تنطقوا. ولا تنسوا أنكم غائبون، والغائب لا يتكلم. ثمن بخس؛ لأنكم ستنعمون بحريتكم فلن تُسجنوا ولن تُكفّروا ولن تطاردكم اللعناتُ من حناجر الأشاوس الذين يزعمون أنهم ظلالُ الله على الأرض، ومستحيل أن تصيبكم رصاصة أو طعنة خنجر أو نفي إلى بلد غريب.
أما لو اخترتم الطريق الوعرة: “طريق الحضور"، فلا أضمن لكم شيئًا مما سبق من رغداء العيش و"البُلَهْنِيَة" وهي منتهى الرخاء، حسب معجم لسان العرب.
بعد الحكم بسجني ثلاث سنوات بسبب تغريدة أشفقتُ فيها على تعذيب الحيوان أثناء ذبحة على غير منهج الذبح الإسلامي الرحيم، قال "مفيد فوزي": “لو فاطمة ناعوت اتسجنت هاخاف، وأنا مش عاوز أخاف.” كان يقصد أنه سيخاف أن يفكر بحرية ويتكلم بحرية. فكم واحدًا من الكتاب والشعراء سيخافُ أيضًا؟
خذ عندك مثلا حيًّا. بالأمس قرأتُ في إحدى الصحف الخبر التالي: (مجلس الفكر الإسلامي في باكستان يرفض قانونًا جديدًا يُجرّم العنف ضد المرأة، واعتبروه خروجًا عن الإسلام. وقال محمد خان شيراني رئيس المجلس في مؤتمر صحفي: "إن هذا القانون يتعارض مع الدستور الباكستاني ويجعل الرجل يشعر بعدم الأمان."
قبل أن تتهوّر أيها القارئ الكريم وتغضب لأمك وأختك وزوجتك وزميلة عملك من هذا الرأي الغريب، تحسس جيبك وتأكد أولا أنك تمتلك ثمن اعتراضك، وإلا حجزنا لك الزنزانة المجاورة لزنزانتي. أنا شخصيًّا سأعترضُ مطمئنةً. ليس فقط لأن الشاة لن يضيرها سلخُها بعد ذبحها، باعتبار أن حكم سجني من المحتمل أن يتأكد في جلسة الاستئناف نهاية هذا الشهر، ولكن لأنني اخترتُ طريق "الحضور" رغم فاتورته الضخمة. أنا مؤمنة بالله وأحبّه، ولهذا أعتزُّ بهداياه لي. ومن ضمن تلك الهدايا عقلٌ يفكر. يصيبُ ويخطئ. ولسانٌ لا يهاب قول الحق مهما كان ثمن ذلك.
سألتني صحفية في معرض الكتاب: “بماذا تنصحين الشعراء بعد الحكم بسجنك؟" فقلتُ: “اكتبوا ما تشاءون وادخلوا السجن مطمئنين. تجبنوا أمورًا ثلاثة جرّمها دستورُ بلادكم الجديد: “التحريض على العنف، إشاعة العنصرية، الخوض في الأعراض"، ودون ذلك اكتبوا ما تشاءون لأن الدستور يحميكم. أما قانون ازدراء الأديان المضحك، فمآله إلى زوال لأنه مخالف للدستور وللمنطق وللثورة، ومخالف أيضًا لمشيئة الله الذي منحنا الحرية والإرادة. ومع هذا، لا أضمن لكم ألا تُسجنوا، إن طرحتم أفكاركم. أيها الشعراء: غنّوا، لأنني سأغني. سأُغني رغمَ النِّصالِ تتحلّقُ حولَ جسدِي من كلِّ صوب، مثل ذِبحٍ لا يقدرُ أن يقولَ: أحسِنوا الذَّبحَ يا جماعةَ الخير. فأنتم تجعلونَ السماءَ تبكي!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحريةُ مناطُ التكليف | أخرسونا لتدخلوا الجنة!
- لماذا لم يعصفِ اللهُ بالملائكة؟
- ازدراءُ الأديان ازدراءٌ للأديان!!
- سياطٌ على ظهر الحكيم
- قصيدة للشاعرة فاطمة ناعوت (سجن)
- سأهربُ إلى قبر جدتي
- قانون -نيوتن- الرابع
- ماذا قال لي برنارد شو
- رسالة إلى الله
- اسجنوا أولئك الثلاثة
- أم الشهيدة والأرنب المغدور | سامحيني يا سمراء!
- افتحوا نوافذَ قلوبكم للحب
- هذا العماءُ خطأٌ في الإجراءات
- الإنسان الطيب
- معرض الكتاب.... ومحاكمتي | كلاكيت ثاني مرة
- إلى الشيخ الحويني .... قنصُ العصافير من وراء الحُجُب
- وأنتم اللاحقون!
- عن النقاب سألوني
- قضية ازدراء جديدة | مَن الذي روى الرواية؟
- ميري كريسماس رغم -غلاستهم


المزيد.....




- قوات جيش الاحتلال تقتحم مدينة سلفيت في الضفة الغربية
- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - أيها الشعراء غنّوا وأُسجنوا!