|
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 49
ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن-العدد: 5095 - 2016 / 3 / 6 - 14:17
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 49 ضياء الشكرجي [email protected] www.nasmaa.org استقالتي من حزب الدعوة استقالتي من حزب الدعوة، مثلت واحدة من أهم حلقات تحرري من سجوني (المقدسة)، وعودتي إلى (أنا)ـي الحقيقية، مكتشفا إياها اكتشافا بعد اكتشاف، فنزعت عني أردية (أنا)ـي المتوَّهَمة، رداءً بعد رداء، ونزع رداء الانتماء الحزبي تمثل بهذه الاستقالة، التي أعتز بها كواحد من أهم وأفضل وأصح قراراتي في حياتي السياسية. وحيث أني كما بينت، فإن عودتي إلى (أنا)ـي، واكتشافي لها، لم تكن دفعة واحدة، بل عبر مراحل وتدرج، كنت في لحظة كتابة استقالتي، وكذلك كتابة الرسالة إلى كوادر حزب الدعوة، وهكذا بالنسبة لرسالتي المتضمنة دعوتي لتوحيد حزبي (الدعوة) الشيعي، و(الإسلامي العراقي) السني، كنت ما أزال لم أتخلص كليا من وهم حسن الظن بالإسلاميين، وهذا ما يتجلى في اللغة المستخدمة من قبلي في هذه النصوص.
رسالة الاستقالة بسم الله الرحمن الرحيم إلى إخوتي أعضاء قيادة حزب الدعوة الإسلامية المحترمين م: فك الارتباط التنظيمي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ليس بالأمر الهيّن عليّ أن أكتب لكم قرار استقالتي من حزب الدعوة الإسلامية، أو فكّ ارتباطي التنظيمي به من الناحية الرسمية، باعتباره حاصلا من الناحية العملية ومن الجهتين؛ هذا الحزب الذي كان بالنسبة لي المنهل الأول الذي نهلت منه الكثير من الوعي الإسلامي والثقافي والسياسي والتربوي، والذي سأبقى مدينا له لما ساهم في تكوين جزء كبير من الرصيد الذي أملكه اليوم، والذي كان يمثل أسرتي لربع قرن من عمري. وهناك بلا شك أسبابي التي دفعتني لاتخاذ هذا القرار، أستغني عن سردها كلها تفصيليا، منها متعلقة بالدعوة، ومنها متعلقة بي شخصيا، وبخطابي ومشاريعي الثقافية والسياسية، منها فكرية، ومنها ما هو ذو صلة بالأداء والمواقف، للدعوة من جهة، ولي من جهة أخرى. ولكن لا بأس من سرد بعض دوافع الاستقالة بإيجاز: - التحول الفكري الذي طرأ عندي مما يجعل انسجامي ضعيفا مع الجو الثقافي والسياسي العام للدعوة. [هذا هو الدافع الأساسي، ولذا عندما كان يعاتبني البعض على الاستعجال بالاستقالة، دون استنفاد الجهود من الداخل لإصلاح الحزب، كنت أقول: أنا لم أختلف مع الحزب تنظيميا، كما لم أختلف معه سياسيا وحسب، بل بدأ الافتراق الفكري بيني وبين الحزب.] - وصولي إلى قناعة بأن الفرص لم تعد متاحة - كما كنت أتطلع لسنوات - لإجراء عملية إصلاح فكرية وتنظيمية في الدعوة. - غياب التواصل الحاصل من الناحية الفعلية منذ فترة غير قصيرة. - عدم استجابة الدعوة لطلبي المتكرر في التواصل والحوار وربما التنسيق. [هنا لا بد أن أسجل شكري لهم، لأن استجابتهم كانت ستؤجل قرار الاستقالة.] - حرصي على عدم إحراج الدعوة بسبب تباين خطابي ومواقفي السياسية التي أخذت تتقاطع أحيانا مع المتبنى رسميا من قبل الدعوة من خطاب ومواقف، بدرجة يعتد بها مما يفضل معه الحسم. - عدم قناعتي بالخطاب السياسي وبالتحالفات السياسية التي اعتمدتها الدعوة بشكل خاص في الآونة الأخيرة. - تقديري بأن الدعوة تتحمل نسبة كبيرة من مسؤولية الإضرار بالعملية السياسية - التي يتحمل مسؤوليتها الائتلاف [الائتلاف العراقي الموحد (الشيعسلاموي) قبل أن يتغير اسمه إلى (التحالف الوطني)] عموما - من خلال اعتمادها منحى دينيا متشددا بشكل عام [وطائفيا]، وتأخيرها لعملية تشكيل الحكومة بشكل خاص. - تحفظي الشديد على أداء قيادات الدعوة حزبيا وسياسيا، وذلك بشقيها، شق الأخ الجعفري من جهة، وشق عموم القيادة [علي الأديب ونوري المالكي و...] من جهة ثانية. - إيماني بأن الدولة ذات النظام الديمقراطي، غير المؤدلجة دينيا، وغير الممارس فيها عملية تسييس للدين وللمذهب وللرموز الدينية من مرجعيات وعتبات مقدسة وشعائر دينية، هي الأصلح للعراق وطنا، وللإسلام رسالة للحياة، وللشيعة طائفة. - اطلاعي مؤخرا على قرار عدم سماح الدعوة من جهتها للدعاة بانتمائهم للتجمع الذي تأسس بمبادرة مني «تجمع الديمقراطيين الإسلاميين». - عدم دعوتي لجلسات الشورى التي كنت أدعى إليها عادة، مما يشكل مؤشرا آخر على اتخاذ الدعوة قرار التعامل معي على أني لم أعد محسوبا عليها. - اتخاذ الجمعية العامة لـ«تجمع الديمقراطيين الإسلاميين» مؤخرا قرارا بإجراء تعديل لنظامنا الداخلي يقضي بعدم جواز انتماء الأمين العام وأعضاء الأمانة العامة لكيان سياسي آخر، وكوني مؤسس التجمع والأمين العام المنتخب من جمعيته العامة. - قناعتي بأن رسالتي ووجودي الطبيعي أصبح في «تجمع الديمقراطيين الإسلاميين»، وليس في «حزب الدعوة الإسلامية». [يبدو إن مشروع «تجمع الديمقراطيين الإسلاميين» كان الجسر الذي كان لا بد لي من أن أعبره، لأصل إلى شاطئ حسم التحول العلماني.] كل ذلك وغيره، مما لا داعي لذكره تفصيلا، أدى إلى اتخاذي هذا القرار. مع العلم أن الاستقالة كنت قد كتبتها منذ منتصف شهر آذار من هذه السنة، منتظرا الظرف المناسب لتقديمها، فاخترت أن أقدمها الآن بعد إجراء بعض التعديل عليها. وجدير بالذكر أني عندما أتحدث عن قناعات فكرية وسياسية وتنظيمية، أراها تتفاوت بدرجة يعتد بها بيني وبين الدعوة، لا أدعي لنفسي الصواب المطلق، ولا أجعل قناعاتي معيارا عاما، بل كل ما في الموضوع تمثل المعيار النسبي لي شخصيا، وبالتالي تكون حجة علي تلزمني، لوجوب انسجام المرء مع قناعاته عقلائيا و- لا يبعد - شرعيا. إذا ما وجدت القيادة ثمة جدوى من أن يُصار إلى ثمة آلية للتواصل بيني وبين الدعوة، كصديق لها وأحد أبنائها السابقين، مما قد يسهم في تجنب الإضرار بها، والذي قد يحصل من غير قصد من خلال دوري كأمين عام لـ«تجمع الديمقراطيين الإسلاميين»، بسبب غياب التواصل، وربما التباعد، فأرحب من جهتي بمثل هذا التواصل، بما لا يؤثر على استقلال التجمع وعلى ثوابت قناعاتي. [الحمد لله الذي لم يجعلهم يستجيبون لهذا الطلب، فمثلي لا يمكن له إلا أن تكون القطيعة بينه وبين حزب مثل حزب الدعوة.] أسأل المولى العلي القدير أن يأخذ بيد إخوتي إلى ما هو أصلح لهذا الحزب المجاهد العريق، الذي عرف بنهجه الإصلاحي، وما هو أصلح لدينه ولعباده، ولنهج أهل بيت نبيه عليه وعليهم الصلاة والسلام، الذي هو نهج الوسطية والاعتدال، وما هو أصلح للعراق ولشيعته وعموم أهله، ولعموم الإنسانية، ولقيم السلام والديمقراطية. [من غير شك لم تعد هذه اللغة لغتي، بل كانت من رواسب أدبيات الثقافة الإسلاموية المستصحبة.] أخوكم: ضياء الشكرجي 03/05/2006 [وكنت قد ألحقت النسخة الموجهة إلى نوري المالكي بالعبارة أدناه:] إضافة خاصة بالأخ الأستاذ أبي إسراء: أجدد تهنئتي لك بتسميتك لرئاسة الوزراء، وأدعو لك بالتسديد والتوفيق للضلوع بهذه المهمة الصعبة، آملا منك الاستفادة من التجربة السابقة، وحسن اختيارك مستشاريك، وتطعيمهم حتى بمن يخالفك الرأي في بعض التفاصيل من داخل وخارج الدعوة، فكفاءة المستشارين وتنوعهم عامل نجاح مهم [كات لدي أسباب تجعلني أحسن الظن بالمالكي، لكني عندما اكتشفته على حقيقته تحولت إلى أشد المعهارضين به]، ونجاحك هو نجاح للعراق عموما، ولشيعته [من أشد ما أمقته فيّ آنذاك وأنا أراجع اليوم هذه النصوص، هو تكرر ذكر الهوية الطائفية، فأشكر الله على تكامل رشدي، الذي عبرت عنه في مقالة في 12/01/2013 بعنوان «أفتخر أني لست شيعيا ولا سنيا»] بشكل خاص، ولعقلاء الإسلاميين، لاسيما للدعوة الإسلامية بشكل أخص، والذي ما زال نجاحها يهمني رغم انفكاكي عنها واختلافي معها في كثير من القضايا. مع مودتي وتقديري الخاصّين. أخوك: ضياء الشكرجي |هنا كنت ما زلت أفكر - لما تبقى من رواسب سذاجتي الإسلاموية والشيعية - بمصلحة الطائفة، لكني في وقت لاحق حسمت لامذهبيتي، واعتذرت من على إحدى الفضائيات للشعب العراقي عن جلوسي لسنة كاملة - أي أثناء عضويتي في الجمعية الوطنية للمرحلة الانتقالية عام 2005 - على مقعد إسلامي وشيعي - أعني عضويتي في الائتلاف العراقي الموحد (الشيعسلاموي) -، وكذلك ما زال هنا اهتمامي واضحا بنجاح من أسميتهم بـ(عقلاء الإسلاميين)، بينما أصبحت أتمنى في حال وصول الإسلاميين إلى الحكم، إن في العراق أو في أي بلد آخر، أن يكون ذلك لغير العقلاء منهم ولغير المعتدلين، لأن الاعتدال يُجمّل صورة الإسلام السياسي، ويطيل بالتالي من عمره في الحكم، ويبقى متقاطعا بقدر أو بآخر مع روح الديمقراطية ومبدأ المواطنة والدولة المدنية وحقوق الإنسان والحريات.|
#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 48
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 47
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 46
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 45
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 44
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 43
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 42
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 41
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 40
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 39
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 38
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 37
-
هل تتجه مرجعية السيستاني نحو العلمانية؟
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 36
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 35
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 34
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 33
-
أمراض المتعصبين دينيا أو مذهبيا
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 32
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 31
المزيد.....
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|