حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 5094 - 2016 / 3 / 5 - 15:51
المحور:
المجتمع المدني
حتى واحد ما "هاني" في زمن الحيرة !!!
ما من شك أننا نعيش زمن الغرائب والعجائب، زمن الحيرة والاحتيار، زمن تغيّرت فيه كل الأمور، وانقلبت الموازين رأسا على عقب، وأصبح فيه الحليم حيرانا ، كما قال الرسول ص في خطبة الوداع :" اقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يصبح فيها الحليم حيرانآ" أمام ما نسمع ونشاهد ونعايش من أحوال ومآسي أناس يعيشون على هامش التاريخ، غرباء في وطنهم، منسيون في مناطق معزولة ، بجبال الأطلس والريف، حيث الإقصاء والتهميش والعزلة والفقر والبرد القارس ، الذي يحتد ويشتد بسقوط الثلوج، التي تغلق المسالك الطرقية، وتحاصر المنازل المتهالكة ، التي تظل ملجأ للإنسان والدواب . مآسي تدفعنا للتعاطف والتضامن ، بدافع السنن والاعراف الإنسانية والحس الأخلاقي ، مع من يكابدون مرارة العيش من الجياع في أنحاء بلاد تزخر بخيرات وفيرة ، وتتفطر قلوبنا حزنا وتتقطع أكبادنا كمدا حينما نشاهد أجسام المحرومين السقيمة النحيلة المتهاوية وهي تعاني من الضعف والهزال الشديدين، وتتعرض لأشد أنواع الهلاك والدمار المميت بسبب قساوة الطبيعة ومحاصرة الثلوج وسوء الغداء وانعدام الغذاء والكساء والغطاء وندرة حطب التدفئة ، وقلة الاهتمام وكثرة اللامبالاة .
وفي نفس الوقت نتعاطف مع الكثير ممن يعانون الأمرين ليس مع البرد وإنعدام الغداء وما يسببه من جوع لعين وهزال مقيت، لكن بسبب آفة العصر الخطيرة ، التي ضعف الكثيرون أمام جبروتها ، ولم يتمكن العديد من وقاية أنفسهم من تهديداتها ، و المتمثلة في المبالغة في الأكل والافراط في إلتهام الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية وعدم صرفها، مما يؤدي إلى تراكم الشحوم واللحوم ، وزيادة الوزن والبدانة التي ينظر إليها السقيم الجوعان على أنها نعمة وعلامة صحة وعافية، وقد ينظر إليها غيره ، المصاب بها ، على أنها تشوه لجمال جسده وقبح في شكله ومنظرة فقط، ولا يفطن إلى خطورتها إلا الذين زحفت السمنة على أجسادهم وزادت أوزانهم زيادات كبيرة ، ووقفوا مكتوفي الأيدي أمام هجومها الكاسح ، غير قادرين على إيقافه رغم محاولاتهم العديدة والمتكررة، ونتأسف للهاتهم المستمر وراء كل أنظمة الحميات التي تروج لها وسائل الإعلام ومراكز التجميل ومصحات الرشاقة، وتجريبهم كل الريجيمات والعلاجات والأدوية المكلفة، وقضائهم ساعات اليوم بكاملها في التنقل بين الجاكوزي وحمامات السونا والبخار، والتدليك، وجلسات الشفط والعناية بالقوام والرشاقة ، وكل وسائل التعذيب، من عمليات التجميل والتجويع، التي-;- -;-يتسولونها بها التماثل مع الاخرين النحاف ، والانسجام مع ما-;- -;-يطرحه العالم الصناعي-;- -;-من موضة وغذاء وانماط رجيم تستعبد البشر وتأطرهم-;- -;-وتقولبهم جميعا لكي-;- -;-يتناغموا مع شروطها-;-.-;-
إنها لقطات من الحيرة التي تجتاح روح الإنسان وقلبه وتتركه نهب قلق مزمن لا ينتهي ..
حميد طولست[email protected]
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟