|
المرأة العربية .. قضية عالقة
رشا رمزي
الحوار المتمدن-العدد: 5094 - 2016 / 3 / 5 - 13:20
المحور:
ملف 8 آذار / مارس يوم المرأة العالمي 2016 - المرأة والتطرف الديني في العالم العربي
بعد تخطي أعتاب القرن الحادي و العشرين مازالت قضايا خلافية تثير المجتمع العربي و المصري تحديدا .. أهمها و أكثرها تأثيرً و تأثرا و تشابكا مع باقي القضايا هو وضع المرأة في المجتمع .. حيث هو من القضايا الخلافية الحاكمة لتقدم المجتمع و ثقافته .. دونها لن يتحقق الكثير فالنظرة الدونية للمرأة في مجتمعاتنا العربية لها أسباب كثيرة منها ما هو مُتَجذِرٌ ثقافيا، و منها ما هو مُسْتَحدَثٌ، و كليهما يجب التعامل معه إذا كنا نطمح في الوصول لمجتمع الي السواء أقرب، إذ اول مراحل العلاج هو تحديد اسباب المرض.. من أهم تلك الاسباب: اولا : التربية بالتفرقة في المعاملة بين البنات و الاولاد و تربيتهم بنت/ولد على الاختلاف .. البنت عورة "لازم تتكسف و تستخبي" .. و الولد "لا انت راجل" دون التطرق أو الاهتمام بالاخلاق و الاداب و السلوكيات بحجة انه ليس هناك ما يعيب الرجل ... هذه التربية تزرع فكرة تدني وضع المرأة و قيمتها و تلخصها في كونها متعة فقط، ليست بإنسان له قيمة بعيد عن نوعه .. تحولها الي "حتة لحمة" لذا تصبح مستباحة .. لو لم يكن بالفعل فباللفظ او النظر او بالفكرة .. بينما من معالم الرجولة ان "يعاكس" و لا نربي فيهم ان "المعاكسة" هو امتهان لمشاعر و جسد انسان اخر .. لا يحق لأي من كان ان يمتهنه.. كما يزرع في الرجل ان قيمته تتلخص في كونه "فحلا" فقط و ليس لاي سبب اخر. ثانيا : الخطاب الديني و وضع المرأة فيه عندما يتناول الخطاب الديني (الاسلامي/ المسيحي) باعتبارها مساعد الشيطان ... سبب خروج ادم من الجنة (الذي لم يكن يستحقها اصلا) صاحبة الكيد مثل الشياطين .. المغوية .. النجسة..!! و التركيز علي صورة زوجة العزيز/مريم المجدلية!! و يتم تلقين الاطفال ذلك في الصغر كيف من الممكن ان ينشأ اناس اسوياء في ظل وجود هذه الافكار التي ترْسَخ في عقلهم الباطن .. و هل من المتوقع ان يحترم الرجال النساء .. او حتي تحترم النساء انفسهن؟؟!!!!! اعتقد لا .. الخطاب الديني (الاسلامي/ المسيحي) المتعلق بالنساء يجب ان يراجع و يعدل ثالثا: الفن و السنيما هنا الفن استغل المرأة اسوء استغلال .. فقد ساهم بشكل واضح في تسليعها .. و تقديمها كسلعة للمتعة .. لم يحاول مناقشة مشاكل النساء و المرأة و تقديمها بشكل متعمق وواعي (الا اعمال قليلة) بل قدمها ايضا في شكل اغرائي ممتهن لأدميتها .. قدمها جسد .. لا عقل لا روح فقط جسد. ايضا اصر علي ان نجاح أي امرأة انما لا يتم دون استخدامها لجسدها كوسيلة، فهي لا تمتلك المقومات الذهنية لذلك اصلا. مما تسبب في زيادة حالة السعار .. بل رسخ فكرة ان النساء تحببن تلك الافعال و لا تشعرن بالمهانة منها .. فكل النساء هن النماذج المشوهة تلك التي تعرضها السنيما و الاعلانات. علاوة على ان النماذج المقدمة للنساء اما انها المرأة المنكسرة ( الست امينة) في مقابل (إلهام وسلوى) في فيلم للرجال فقط حيث تضطر كل من سعاد حسني و نادية لطفي الي اتخاذ مظهر الرجال (الست المسترجلة) فقط لتحصلن علي حقهن في ممارسة عملهن، او البديل نماذج مثل افلام نادية الجندي و نبيلة عبيد حيث المرأة لا تخرج عن كونها اداة للمتعة فقط. رابعا : التراث حتي التراث لا يحترم المرأة الا حال كونها "اما" هذا هو الدور الوحيد الذي يرحم المرأة من العذاب الابدي الذي تعانيه بدء من ولادتها التعيسة علي تلك الارض الملعونة الي ان تنتقل الي عالم اخر ربما يكون احن عليها. فقد تناول التراث الابنة بالسوء "لما قالوا دا ولد اشتد ضهري و اتسند... لما قالوا دي بنية اتهدت الحيطة عليا" حتي الام المكرم دورها لا تستحق هذا التكريم الا اذا انجبت ذكور فقط .. اما اناث فلا. بل قد تمنع البنت من استلام ميراثها في الكثير من المجتمعات حتي لا يخرج الي عائلة اخرى.. هنا لأنها لا تعتبر انسان اصلا .. فالإنسان صفة مقصورة علي الذكور فقط. خامسا : الحالة الدموغرافية عندما ينشأ البشر في حالة زحام مستمر يفقد الانسان بالتدريج احساسه بجسده ثم بقيمة جسده و بحرمته.. و من ثم ينسحب هذا علي الاخر .. فاذا كان الانسان .. محشور طفلا في البيت و المدرسة .. مزنوق شابا/شابة في المواصلات/الجامعة/العمل .. من اين اذن يتعلم هذا المنتهكة ادميته و المطحون جسده ان يحترم جسد الاخر اذا كان لا يشعر بجسده هو و اذا كان لا يوجد مجال فضائي كحرم لجسده يمكنه من التحرك بحرية. سادسا : القانون و ما ادراكم ما القانون .. المفترض ان القانون بحكم الدستور لا يفرق بين المواطنين بناء علي اي اساس (اثني-ديني-نوعي ..) الحقيقة ان الدستور يتم ضرب عرض الحائط به. فمثلا العقاب علي جرائم الشرف حال التلبس للزوجة التي تقتل زوجها الخائن في فراش الزوجية تعاقب بالإعدام او المؤبد .. بينما الزوج غير ذلك. ايضا حال التلبس في فعل فاضح او دعارة تعاقب المرأة و يخرج الرجل بكفالة. امثال هذه القوانين المعيبة (كونها تفرق في العقوبة بناء علي النوع) ترسخ و تعكس فكرة عدم المساواة بل و تدني المرأة في المرتبة الانسانية .. و يصبح المبرر (دا راجل ميعيبوش حاجة( علاوة علي ان الطامة الكبرى انه "لا يوجد مصطلح التحرش في القانون المصري حيث الجرائم المنصوص عليها قانونا هي "التعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها في الطريق العام؛ وجريمة الفعل الفاضح العلني أو غير العلني؛ وجريمة هتك العرض بالقوة ثم الافظع الا و هي جريمة الاغتصاب ولكل منها تعريفها". بمعني ان التحرش اللفظي لا يعد تحرشا حيث يجب ان يكون الاعتداء جسدي ينتج عنه اذي مادي .. و هو غير مقبول لا شكلا و لا مضمونا .. فالأذى النفسي لم يتناوله القانون رغم كونه اشد ضررا. سابعا: الساسة و السياسيين لا تعترف السياسة و الوسط السياسي بالنساء الا كأرقام في اللجان الانتخابية فقط .. حتي حينما حاولوا تمكين المرأة (و هي محاولة شكلية) اخترع البعض مسألة الكوتة ، التي ارى انها تعمق حالة تدنى المرأة و ترسخ فكرة عدم جدارتها بممارسة العمل السياسي او المشاركة السياسية. هذا علي مستوى النظام الساسي نجد نفس الوضع في الاحزاب السياسية فتمثيل النساء متدني سواء كنسبة عددية او حتي في المناصب!!!!!!! اما عن منظمات حقوق المرأة فهي الاسوء قاطبة في التعامل مع وضع المرأة اذ انها اساءت من حيث ارادت الاصلاح ... فالحقيقة ان اغلب المؤسسات المختصة بهذا الموضوع استغلته اسوء استغلال لتحقيق مكاسبة و منافع مادية و لم تقدم للنساء لا قليل و لا كثير .. فانتقل الوضع من سيء لاسوء ثامنا : النساء لا اعفي النساء من تبعة تدني وضع المرأة في مصر فالمرأة هي التي ترعى ثقافة الذكور تلك و تغرسها في عقول و نفوس البنات و الاولاد منذ الصغر، لذا نجد الام تصر علي ان تجعل ابنتها هي المسئولة عن خدمة اخيها لانها بنت و هو ولد، هو الافضل ... الاعلي.. الاجدر بالخدمة من قبل اخته الاقل فائدة. من يمكنه الحصول على كل الفرص الحياتية في حين قد يتم استنكار طموحها حتى من قبل أمها لان أخرها البيت و الزواج و الاطفال. تاسعا: الاقتصاد امتزاج كل تلك الاسباب في بوتقة اقتصادية خانقة ظالمة ممتهنة لأدمية البشر و منتهكة لحيواتهم (فحتي الحيوان له حقوق يمارسها بشكل طبيعي) بينما سكان هذه البقعة من الارض المعنونة علي الخريطة ب"مصر" لا حقوق لهم بالمرة، فهم محرومون من الحب .. العمل .. الحياة .. الزواج .. التحقق علي أي مستوى كان. كل ما تقدم جعل من الطبيعي أن تعامل المرأة وفقا لتلك النظرة المتدنية ... مما يغرس ثقافة الجوع المستمر و النهم المستعر. للاسف و نحن قد تخطينا عتبة القرن الحادى و العشرين مازلنا ننقاش بديهية وضع المرأة في المجتمع المصري!!!!!!
#رشا_رمزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما بين الخطابين .. الحرية تنتصر على الامن في فرنسا
-
الحلم الديمقراطي المستحيل .. من بوش لعز
المزيد.....
-
جيم كاري في جزء ثالث من -سونيك القنفذ-.. هل عاد من أجل المال
...
-
الجولاني: نعمل على تأمين مواقع الأسلحة الكيميائية.. وأمريكا
...
-
فلسطينيون اختفوا قسريا بعد أن اقتحمت القوات الإسرائيلية مناز
...
-
سوريا: البشير يتعهد احترام حقوق الجميع وحزب البعث يعلق نشاطه
...
-
مصادر عبرية: إصابة 4 إسرائيليين جراء إطلاق نار على حافلة بال
...
-
جيش بلا ردع.. إسرائيل تدمر ترسانة سوريا
-
قوات كييف تقصف جمهورية دونيتسك بـ 57 مقذوفا خلال 24 ساعة
-
البنتاغون: نرحب بتصريحات زعيم المعارضة السورية بشأن الأسلحة
...
-
مارين لوبان تتصدر استطلاعا للرأي كأبرز مرشحة لرئاسة فرنسا
-
-الجولاني- يؤكد أنه سيحل قوات الأمن التابعة لنظام بشار الأسد
...
المزيد.....
-
الانثى في الرواية التونسية
/ رويدة سالم
المزيد.....
|