|
حزب البعث والحرص على الدستور في سوريا
ميشال شماس
الحوار المتمدن-العدد: 1382 - 2005 / 11 / 18 - 07:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أوردت صحيفة السفير خبراً لمراسلها بدمشق في عددها الصادر بتاريخ 9/11/2005 تحت عنوان: /> تقرّ مشروع قانون للأحزاب ينظم الحياة السياسية .. ويمنع تداول السلطة/ .. ومما جاء في المقال: "وفي ما يخصّ الفقرة الأولى المتعلقة بتداول السلطة، وقف البعثيون في الجبهة، ومعهم أمناء أحزاب آخرون، ليشكلوا غالبية ضد الإبقاء عليها، باعتبار أن دستور الدولة ينص، في الفقرة الثامنة منه، على قيادة >، وبالتالي انتهى النقاش عند فكرة أنه قبل الحديث <<عن إمكانية تعديل الدستور لن يتمّ تجاوز هذه النقطة>>." رغم الاعتراض الذي أبداه الحزب الشيوعي السوري ممثلاً بأمينه العام يوسف فيصل حول هذه النقطة. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو أي معنى يبقى لقانون الأحزاب السياسية المنتظر في ظل الأبقاء على المادة الثامنة من الدستور التي تسمح بهيمنة حزب واحد على الحياة السياسية، واحتكاره سلطة قيادة الدولة والمجتمع.؟! وأي معنى للتعددية السياسية إذا لم يتم تعديل قانون الانتخاب يعيد الاعتبار لمبدأ الانتخاب الحر والمباشر والسري في جميع المستويات، مع التأكيد خصوصاً على ترك الخيار للشعب أن يختار مرشحه لرئاسة الجمهورية من بين عدد من المرشحين تحت إشراف القضاء.إذ ليس من المعقول أن ينحصر الترشيح لرئاسة الجمهورية بحزب معين يفرض مرشحاً وحيداً كي "يختاره" الشعب؟! والملفت في الخبر الذي أوردته السفير هو حرص "الرفاق البعثيين" على الدستور وإصرارهم على عدم مخالفة الدستور بشأن تداول السلطة ، طالما أن المادة الثامنة من الدستور تخصهم وحدهم بقيادة الدولة والمجتمع دون بقية القوى والأحزاب السياسية المنضوية في الجبهة وخارجها. بينما لم يمض شهر على موافقة البعثيين في الحكومة ومجلس الشعب وخلافاً لأحكام الدستور على إقرار المرسوم 95 الصادر في 4/10/2005 والذي أجاز لمجلس الوزراء لمدة أربع وعشرين ساعة ولأسباب يعود تقديرها إليه ،أن يقرر صرف القضاة من الخدمة ، ولا يشترط في هذا القرار أن يكون معللا أو أن يشمل الأسباب التي دعت للصرف من الخدمة، ويسرح القاضي المقرر صرفه بمرسوم غير قابل لأي طريق من طرق المراجعة أو الطعن أمام أي مرجع إداري أو قضائي..؟! ومن باب الحرص على الدستور لماذا لم يستمع الأعضاء البعثييون في مجلس الشعب وهم الذين يشكلون الأكثرية فيه إلى الأصوات المطالبة بإلغاء كل القوانين والمراسيم المخالفة للدستور ؟ كما في المادة 107 من قانون تنظيم مهنة المحاماة رقم 39لعام 1981 نصت على : ( يجوز بقرار من مجلس الوزراء حل المؤتمر العام ومجلس النقابة ومجالس الفروع في حالة انحراف أي من هذه المجالس أو الهيئات عن مهامها وأهدافها ويكون هذا القرار غير قابل لأي طريق من طرق المراجعة أو الطعن. و المادة 8 من المرسوم التشريعي رقم 47 لعام 1968 القاضي بإحداث محكمة أمن الدولة العليا التي نصت على : ( لا يجوز الطعن بالأحكام الصادرة عن محكمة أمن الدولة العليا). و المادة 4 من قانون إحداث المحاكم الميدانية العسكرية التي نصت في الفقرة ج منها على : تصدر قرارات النيابة العامة قطعية ولاتقبل أي طريق من طرق الطعن ، كما نصت المادة 6 أيضاً على : وتطبق المحكمة العقوبات المقررة ولاتقبل الأحكام التي تصدرها أي طريق من طرق الطعن . والمادة 7 من قانون الاستملاك التي نصت على : ( أن مرسوم الاستملاك مبرم وغير قابل للطعن أو المراجعة)...إلخ. فالمرسوم 95/ المذكور كما العديد من القوانين والمراسيم كالتي ذكرت أعلاها تخالف صراحة أحكام الدستور السوري وخاصة المادة 28 منه حيث نصت الفقرة "4" منها حرفياً : ( 4- حق التقاضي وسلوك سبل الطعن والدفاع أمام القضاء مصون بالقانون ) كما خالف المرسوم المذكور المادة الثامنة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي انضمت إليه سورية ، التي نصت : ( أن لكل إنسان الحق في أن يلجأ إلى المحاكم ويلقى لديها الإنصاف عند ارتكاب أي فعل ينقص عليه الحقوق الأساسية التي يقر بها الدستور والقانون ) . يبدو أن المسؤولين العثيين والجبهويين في قيادة الدولة والمجتمع لايحفظون من أحكام الدستور إلا المواد التي تحمي امتيازاتهم وتميزهم عن باقي فئات الشعب السوري ، وبخاصة المادة الثامنة من الدستور التي تمنحهم دون غيرهم من السوريين حق قيادة الدولة والمجتمع .! ولابأس إذ هم خالفوا بعض أحكام الدستور طالما أن الأمر يخدم مصالحهم فقط ، بينما إذا خالف غيرهم أحكام الدستور فإنهم يحاسبون ويحالون إلى المحكمة ، وقد يحكمون بالسجن كما حدث مع معتقلي ربيع دمشق.. فالسلطة في المجتمعات الحديثة تخضع للقانون، ولا يخضع القانون فيها للسلطة، كما يخضع للقانون كل من الحاكم والمحكوم. وأن سيادة القانون والمساواة أمامه لن تتحقق إلا إذا كانت سائر السلطات خاضعة في تصرفاتها للقانون ، وأن تكفل الرقابة القضائية هذا الخضوع.
#ميشال_شماس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مخاطر القرار 1636على سورية
-
هل ينطلق الإصلاح من تحت الضغوط؟!
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|