فى قضية الروائى أحمد ناجى

حمدى عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 5090 - 2016 / 3 / 1 - 23:45
المحور: حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير
    

لم أقرأ رواية الأديب الروائي أحمد ناجي والتي تم الحكم بحبسه بعد نشرها في جريدة أخبار الأدب
لكنني
أولاً : أثق في أن جريدة أخبار الأدب لاتنشر إلا الأعمال الأدبية المستوفاة للشروط الإبداعية الأساسية للعمل الأدبي
ثانياً : أرى أنه من الخطأ الكبير بل ومن الجرائم في حق حرية الإبداع أن يقيم العمل الأدبي على غير شروط وملابسات مايكمن وراء العمل من إبداع أدبي
ثالثاً : أنه لايصح على الإطلاق الحكم على أي عمل إبداعي سواء كان مكتوباً أو مرئيا ً
أو مسموعاً على أساس المعايير الأخلاقية أو السياسية أو الدينية
رابعاً : أن التعامل مع الأعمال الإبداعية وفقاً لكل ماسبق يجب أن يبتعد تماماً عن أن يكون مكانه أقسام البوليس بأنواعه أو جهات التحقيق الأمنية بكل فروعها أو النيابات والمحاكم أو المساجد والزوايا والكنائس ومؤسسات الأزهر وخلافه من كل هذه الأماكن
وإنما التعامل الوحيد معها يكون يتناولها النقدي وإبراز أوجه القصور الإبداعية فيها وما افتقدته من شروط إبداعية وقدر ماافتقدته من اتساق إبداعي وماإلي ذلك من هذا القبيل في حالة القصور
أو إبراز المناطق الجمالية والمهارات الإبداعية الكامنة وراء تلك الأعمال وتفكيك الدلالات المنتجة وتحليلها وتبيان مدى البراعة في إطلاقها أو تفجيرها من خلال العمل وكذلك إبراز الأسئلة التي يطرحها العمل الإبداعي وماإلي ذلك في حالة الأعمال الإبداعية الجيدة
ولذلك فمنصات الندوات والمؤتمرات ومنابر الفكر والأدب والنقد وحلقات النقاش الموسعة أو الضيقة هي فقط الأماكن التي يمكن فيها أن يتم تناول الأعمال الإبداعية ابتداءً من النقاش حولها وتناولها بالنقد انتهاءً بمحاكمتها ابداعياً
رابعا : لهذا ولكل ماسبق فإنني ( على قدر تواضع شخصي ) أتضامن مع الكاتب أحمد ناجي وأعتبر أن سجنه أو سجن غيره على خلفية عمل إبداعي أو ممارسة الحق في التعبير والتفكير الخلاق هو سبة في جبين المجتمع المصري ودليل أخلاقي وسياسي واجتماعي على توغلنا في التخلف لدرجة مايشبه إنعدام التسامح الثقافي والديني والأخلاقي ..
خامساً : على البرلمان المصرى أن يبدأ فوراً في تنقية التشريعات وإصدار تشريعات من شأنها إنفاذ مواد الدستور الخاصة بحرية التعبير والإبداع والتفكير
وضبط وتنقية التشريعات من كل مايؤدي إلى رفع أو تحريك دعاوى الحسبة ومايتشابه مع محاكم التفتيش وماإلي ذلك من شوائب تشريعية تنتمي إلى تشريعات ماقبل القرون الوسطى

ملاحظة أخيرة
---------------
ذكرت في مقدمة ماكتبت بصدد القضية المثارة عن رواية الأديب أحمد ناجي أنني لم أقرأها وتحدثت عن ضرورة تناول الأعمال الإبداعية وفقاً لشروط الإبداع والمعايير الأسلوبية والتقنية للإبداع
وعبر لي عدد من الأصدقاء المقدرين لدى عن استيائهم من الرواية وتحديداً الفصل الخامس منها وأرفقوا لي مشكورين ماكتب في هذا الفصل
ومع التحفظ المبدئي على اجتزاء هذا الفصل من كامل الرواية واختزالها فيه فمن الواضح أن به نوع من الكتابة الايروتيكية التي لايقبلها الكثيرون لكن على أي حال هي نوع من الكتابة عرفه التراث العربي سواء فيما كتبه العديد مما عرفوا بالشعراء الصعاليك وكذلك ماكتبه الشيخ السيوطي وما إلى ذلك من مؤلفات عديدة
وهي كتابات قد دفعت بكاتبة روائية عربية شهيرة هي سلوى النعيمي لأن تكتب روايتها الشهيرة (( برهان العسل)) وهي نسجت كافة وقائعها ومفرداتها اللغوية من وحي ذلك التراث لتدلل على أن المكتوب بالعربية قد سبق المكتوب باللغات اللاتينية عن الحب والجنس وأن المخيلة العربية كانت مخيلة حافلة بالمسكوت عنه في مجتمعاتها اليوم من مفردات التعامل اليومي في قضية الجنس والحب
وكذلك كتاب الف ليلة وليلة كان حافلاً بالسرد الايروتكي ومفردات مكشوفة وهو بالمناسبة كان مصدراً لإلهام تيار الواقعية السحرية الذي ازدهر في أدب أمريكا اللاتينية في القرن الماضي
هذا ليس تفضيلاً لهذا النوع في الكتابة ولا دفاعاً عنها لكنه إقرار بوجودها وبوجوب التعامل معها بمعيارية ماتقدمه من أدوات فنية لا بالمعيارية الغرائزية ولا بمعيارية النهي عن المنكر والأمر بالمعروف
وربما قد رأي الكثيرون أن مشكلة الفصل الخامس من الرواية انه قد احتوى مفردات جنسية فجة صادمة للحياء العام ورأى البعض الآخر أن تلك مفردات غير ملائمة للسياق الأخلاقي والقيمي المجتمعي وهذا حق للجميع
لكن ذلك مكانه المحاكمة النقدية والأدبية وليس مكانه أقسام الشرطة والمحاكم الجنائية أو ماإلي ذلك
وهذا لايعني الموافقة على أن يسجن كاتب قد نشرت روايته في دورية أدبية مرموقة كأخبار الأدب
تحياتي لكل الأصدقاء الذين تفاعلوا مع ماكتبت سلباً أو إيجاباً
وارجوا أن أكون قد أوضحت
حمدي عبد العزيز
21 فبراير 2016

#حمدى_عبد_العزيز (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات