|
بدون مؤاخذة- كي تنهض الأمّة
جميل السلحوت
روائي
(Jamil Salhut)
الحوار المتمدن-العدد: 5089 - 2016 / 2 / 29 - 19:37
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
جميل السلحوت بدون مؤاخذة- كي تنهض الأمّة تعيش الأمّة العربيّة مرحلة هزائم ماحقة، قد توصلها إلى الاندثار كأمّة، فهناك الاقتتال الدّاخلي لتكريس الطّائفيّة، وتقسيم المقسّم لتزداد ضعفا على ضعف، ومن غير العجيب أنّ الاقتتال العربيّ، وتدمير الأوطان، يتمّ بأيد عربيّة "مسلمة" وبمال عربيّ، وسلاح مدفوع الثّمن عربيّا، وقد يصبح قاتل الأمس قتيل اليوم بتمويل ودعم ممّن دفعوه لقتل الآخرين، والقتلة يتسلّحون بمفاتيح "الجنّة" وكأنّها بأيديهم. وعندما تصل الهزيمة نهايتها يُرجع القتلة الذين بقوا على قيد الحياة ذلك إلى "إرادة الله". أي أنّهم يبرّؤون أنفسهم من الجرائم التي ارتكبوها، وألحقت الويلات بالأمّة. فما أسباب ذلك؟ وكيف الخلاص منه؟ في مقدمته تحدّث ابن خلدون (1332 - 1406م) عن عقليّة الصّحراء، ووحشيّتها وعدائها الفطريّ للحضارة، لكنّ العرب لم يتّعظوا ممّا كتبه ابن خلدون، تماما مثلما لم ينتبهوا حتّى يومنا هذا للثّقافة الوحشيّة الموروثة، والمغروسة في الأذهان. ومنها ثقافة شعبيّة قائمة على عقليّة القبيلة، لكن ما يهمّنا هنا هو الموروث المختبئ داخل عباءة نصوص " دينيّة" أفرزتها عقول بشريّة، ومن خلالها استباحوا دماءهم ودماء اخوة لهم في الدّين، ونظرا للانغلاق الثّقافيّ، وعدم الاطلاع على التّطوّر العلمي والحضاريّ الهائل الذي تعيشه الشّعوب المتحضّرة، فإنّ البعض من العربان لم يجدوا ما يستأنسون به سوى العودة إلى نصوص بشريّة تكفيريّة؛ ظنّا منهم أنّها الدّين الصّحيح، والأدهى من ذلك أنّهم منقسمون إلى جماعات كلّ منهم تكفّر الأخرى وتستبيح دماء أتباعها ومناصريها. ويصل الجهل مداه عندما يقدّسون أقوال بشر مثلهم، مع ايمانهم أن لا مقدّس في الاسلام غير القرآن الكريم والسّنّة النّبويّة الصّحيحة. بل إنّهم يخرجون نصوصا دينيّة عن سياقها وزمانها، فوجدنا منهم من عاد إلى احياء "العبوديّة والرّق" واستباحة حياة وأموال وأعراض غير المسلمين من شعوبهم. وحتّى من المسلمين الذين يخالفونهم الرّأي، مستغلّين بذلك جهل بسطاء المسلمين بدينهم ودنياهم. ووجدنا مثلا من يؤمن بالقوى الخارقة "لبول البعير" في معالجة الأمراض على أنواعها، رغم التّقدّم الهائل في علوم الطّبّ. ووجدنا من يضيّع سنوات في البحث في "فقه الضّراط والطّهارة" حتى أنّ أحد مدّعي العلم فاخر في احدى الفضائيّات " أنّ عدد الكتب الاسلاميّة في الطّهارة بلغت مئة ألف"! لكنّ أحدا من هؤلاء لم يسأل نفسه عن مدى مشاركة العرب والمسلمين في الاختراعات العلميّة الهائلة، أو تطوير الزّراعة أو الصّناعة، والبحث عن موارد الطّبيعة الدّفينة والظّاهرة؟ وما هي أسباب ذلك؟ وهم يعفون أنفسهم من هذا التّفكير، ولا يريدون غيرهم أن يفكّر، لأنّهم يكرّسون حياتهم "لليوم الآخر" ويخرجون من الحياة كما دخلوها، فهم لا يعطون الحياة حقّها، ومن يستمع لغالبية الخطب في المساجد يعتقد أنّ الله لم يخلق النّار والحساب إلا لتعذيب المسلمين، ومن يخالفهم الرّأي من المسلمين وغير المسلمين. وهم لا يفرّقون ولا يميّزون بين علوم الدّنيا، والمعتقد الدّيني، لذا فإنّ العالم جميعه يعتبر "الرّياضيّات" أساس العلوم، بينما يعتبر "جهابذة الدّين" "العلوم الدّينيّة" أساس العلوم، دون تمييز بأن الدّين عقيدة وليس علما. وهنا نستذكر ما ينسب للامام محمد عبده الذي زار فرنسا في القرن التّاسع عشر وعاد يقول" وجدت فيها اسلاما ولم أجد مسلمين"! فما الاسلام الذي وجده الامام في فرنسا؟ لقد وجد الحضارة والنّظافة والنّظام والتّقدّم العلميّ، والصّدق. فلماذا لم يبحث العربان عن الاسلام الذي وجده الامام محمد عبده في فرنسا؟ ولماذا لم يتحلّوا به؟ ولماذا يعادون العلوم الدّنيوية، خصوصا وأنّ الرّسول الكريم قال في حادثة تلقيح النّخيل الشّهيرة " أنتم أدرى بشؤون دنياكم"؟ فهل العلوم الدّنيوية تتناقض مع التّعاليم الدّينيّة؟ وهل كفر رئيس وزراء ماليزيا السّابق مهاتير محمّد عندما طوّر نظام التعليم في بلاده، وما تبع ذلك من تطوّر في مختلف مجالات الحياة، ونهض ببلاده من دولة مدينة إلى دولة لديها احتياطيّ ماليّ بمئات المليارات؟ لقد نجح "المتأسلمون الجدد" في تدمير بلدانهم، وقتل شعوبهم، ومنعها من التّطوّر، واستعداء غير المسلمين على الاسلام والمسلمين، حتى أنّ العلماء الألمان كتب قبل أكثر من عقدين" قد أرتاح بجوار مفاعل نوويّ أكثر من راحتي في السّكن بجوار مسلم، لأنّني أعلم متى يشعّ المفاعل النّوويّ وآخذ احتياطاتي، لكنّني لا أعلم متى يقتلني جاري المسلم"! فمن أوصله إلى هذا التّفكير؟ أليست تصرّفات المسلمين؟ وما الدّافع وراء تصريح الملياردير الأمريكي، مرشّح الحزب الجمهوري للرئاسة الأمريكيّة بأنّه"لن يسمح للمسلمين بدخول أمريكا في حالة فوزه"؟ إنّ الشّعوب العربيّة تحديدا، بحاجة إلى إعادة النّظر بثقافتها، وتطوير التّعليم فيها في مختلف مراحلة، وإعادة النّظر في الموروث الثّقافي الذي وضعه البشر، وأن ينتبهوا إلى أنّ "الدّين الصّحيح لا يتناقض مع العلم الصّحيح" وضرورة اعادة تفسير القرآن الكريم بما يتناسب والعصر وما يشهده من تقدّم علميّ، خصوصا وأنّنا نؤمن "أنّ الدّين يصلح لكل زمان ومكان." 1 آذار –مارس- 2016
#جميل_السلحوت (هاشتاغ)
Jamil_Salhut#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بدون مؤاخذة-انتصار القيق له دلالاته
-
ذاكرة سلمان ناطور لا تنسى
-
بدون مؤاخذة- المتأسلمون الجدد وقضايا الأمّة
-
رام الله مدينة الأديب شقير الثانية
-
سلمان ناطور مع الخالدين
-
من ينقذ حياة القيق؟
-
ديوان-خروج من ربيع الرّوح- في اليوم السّابع
-
الأحفاد الطيّبون
-
بدون مؤاخذة- الدّين لله والوطن للجميع
-
رواية البلاد العجيبة في اليوم السابع
-
اليتيم
-
أمّي في رحاب الله
-
رواية -الهروب- في اليوم السابع
-
ظبي المستحيل لبكر زواهرة في اليوم السابع
-
رواية -فانتازيا- في ندوة اليوم السّابع
-
رواية -فانتازيا-والربيع العربي
-
كيف ترى ديمة السمان القدس من برج اللقلق؟
-
فراشة عمر حمّش تبوح في اليوم السابع
-
بدون مؤاخذة- احتجاز الجثامين وهدم البيوت
-
رواية -رولا- لجميل السلحوت في اليوم السابع
المزيد.....
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
-
إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش
...
-
مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|