أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - أيمن زهري - الهجرة وخلجنة المجتمع المصري














المزيد.....

الهجرة وخلجنة المجتمع المصري


أيمن زهري
كاتب وأكاديمي مصري، خبير السكان ودراسات الهجرة


الحوار المتمدن-العدد: 5088 - 2016 / 2 / 28 - 00:32
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


يوجد أكثر من ثلاثة ملايين من العاملين المصريين في دول الخليج العربي، نصفهم في المملكة العربية السعودية. حتى منتصف القرن العشرين كانت علاقة المصريين بالخليج العربي علاقة روحية تقتصر في غالبها على زيارة الاماكن المقدسة في الحجاز (الجزء الغربي من المملكة العربية السعودية حاليا) وكانت زيارتهم لا تتخطى حدود مكة والمدينة، وعلى الرغم من إعلان تأسيس المملكة العربية السعودية عام 1902 على يدي الملك عبد العزيز آل سعود إلا أن هذه المنطقة من العالم ظلت معروفة لدى المصريين إلى وقت قريب ببلاد "الحجاز" أو الاراضي المقدسة. كما يعتقد البعض أن "الخليج" دولة عندما يقولون أن فلاناً قد سافر إلى الخليج مثلا.

وتعد هجرة المصريين لدول الخليج من الظواهر التي حظيت بإهتمام إعلامي وبحثي كبير خلال الفترة الماضية بإعتبارها ظاهرة إقتصادية حيث أنها مصدر رئيسي للعملة الصعبة من خلال تحويلات العاملين في الخليج، إلا أن الآثار الإجتماعية التي ترتبت على هذه الظاهرة كانت أقل حظا ولم تتجاوز إسهامات الباحثين في هذا المجال دراسة أثر هجرة الزوج على مكانة المرأة في المجتمع حيث أن الهجرة المصرية إلى دول الخليج في غالبها هجرة ذكورية. إذن لم يتنبه أحد إلى الآثار الاجتماعية والثقافية لهذه الهجرة إلا من خلال بعض المقالات والاحاديث الصحفية التى بدأت على إستحياء في التنبيه إلى إلاختراق الثقافي، وربما أيضا الفكري والعقائدي، المترتب على هذه الهجرة. وربما يعزى ذلك إلى الإعتقاد الراسخ لدينا بأن ثقافتنا غير قابلة للإختراق وأننا نحن المصريين نؤثر في محيطنا العربي ولا نتأثر به كثيرا، فنحن رواد الثقافة والفكر والتنوير بلا منازع، وإذا نازعنا في هذه الريادة أحد فلن يكون بأي حال من الأحوال هؤلاء الذين كانوا بدوا رحلاً منذ فترة وجيزة من الزمن. لقد إستطعنا التعايش مع صنوف شتى من الغزاة والمستعمرين وإستطعنا الحفاظ على هويتنا فهل نخاف من هجرة مؤقتة الى هذه الممالك والولايات؟

ولكن وربما لأول مرة في تاريخ مصر الممتد عبر الزمان لأكثر من ثلاثة الاف عام يتم إختراق هذا المجتمع الاصيل وبأيدي أبنائه، والعجيب كما أسلفت الذكر أن هذا الإختراق لا تقوم به حضارة أقوى مثل الفرس أو الروم فيما مضى، ولكن حضارة – بل قل بداوة – لا يتجاوز عمرها أعمار أبائنا وأمهاتنا. وربما يحضرني هنا ما يردده البعض دائما من قبيل المزاح وأحيانا من قبيل الغضب من أن أمريكا ليس لها تاريخ وأنها حضارة بلا جذور، كل ذلك لان حضارتها لا تتجاوز خمسمائة عام، فما بالك بحضارة نفطية لا يتجاوز عمرها خمسة عقود؟

من العجيب أن أبناء مصر الذين "علموا قلب الحجر يوصف معارك الانتصار،" كما قال الشاعر الغنائي عبد الفتاح مصطفي على لسان سيدة الغناء العربي أم كلثوم، والذين علموا أهل البادية ألف باء الحضارة، والذين على أكتافهم قامت أكبر نهضة عمرانية في الإمارات القَبَليّة في بدايات عصر الثروة النفطية قبل أن يحل محلهم أبناء جنوب شرق أسيا من العمالة الرخيصة المطيعة، من العجيب حقا أن تخترق قيم البداوة النسيج الثقافي والاجتماعي لهذا الوطن الضاربة جذوره في تراب وادي النيل منذ فجر التاريخ.

إن الإختراق الثقافي والإجتماعي الذي أحدثته هجرة المصريين لدول الخليج لا يمكن إختزاله في إرتداء الجلاليب البيضاء ذات الياقات المنتشاة أو إصطحاب الخادمات السريلانكيات والفلبينيات عند عودة الأسر المصرية لقضاء إجازة الصيف في مصر ولا إنتشار قيم المجتمع الاستهلاكي، فهذه التغيرات قد تكون إنعكاسا غير مباشر للتحولات العالمية حولنا، ولكن ما يؤلمنى هو إنحسار قيم التسامح والمودة والرحمة والبساطة، وإلاهتمام بالمظهر دون الجوهر، فتكثر لافتات "مغلق للصلاة" على أبواب المحال التجارية ويكثر معها الغش التجاري، وينتشر الزي الخليجي بين النساء والفتيات، وتكثر مع ذلك أعداد الفتيات اللاتي ينتظرن أحبائهم على كورنيش النيل بهذا الزي، ويكثر خطباء القنوات الفضائية ومن يتجرأون على الفتوى، ويقل الإلتزام الأخلاقي، ويكثر الحديث عن العبادات، وتهبط الهمم ولا يُتقن العمل، ويكثر الاهتمام بالمظهر ويقل الاهتمام بالجوهر. إن النمط الثقافي والاجتماعي الوارد إلينا متستراً خلف الدنانير والريالات المبللة بعرق المصريين وجهدهم قد يكون أشد خطرا على المجتمع المصري من الغزو الثقافي القادم من الغرب.

رحم الله الشيخ الإمام محمد عبده، عندما سافر إلى باريس في أواخر القرن التاسع عشر حيث قال قولته المشهورة "وجدت فيهم أخلاق الاسلام ولم أجد الاسلام،" ماذا لو عاد الإمام الي عالمنا الآن؟ ماذا كان سيقول عنا نحن أبناء مصر وليس أبناء الفرنجة؟ إنني أتصور أنه كان سيقول " وجدت فيهم مظهر الإسلام ولم أجد جوهر الإسلام."



#أيمن_زهري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مكتبتي الخاصة
- أهم عشر قضايا حول الهجرة والمصريين بالخارج خلال عام 2015
- تحولات الشخصية المصرية والنزوع للعنف
- مايوه شرعي
- كيف تنصر رسولك ... يا مغفل؟
- أهم عشر قضايا حول الهجرة والمصريين بالخارج خلال عام 2014
- اليوم الدولي للمهاجرين
- تراب الوطن ... أجساد الحور
- صعيدي حول العالم: في بلاد تركب الدراجات
- صعيدي حول العالم: في بلاد غاندي ونهرو
- المصريون المحدثون بين صافينار وفيفي عبده
- أهم عشر قضايا حول الهجرة والمصريين بالخارج خلال عام 2013


المزيد.....




- وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
- مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي ...
- ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
- -تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3 ...
- ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
- السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
- واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
- انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
- العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل ...
- 300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال ...


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - أيمن زهري - الهجرة وخلجنة المجتمع المصري