سمر محسن
الحوار المتمدن-العدد: 5086 - 2016 / 2 / 26 - 13:40
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كنا صغار، نتجمع كل مرة في بيت إحدانا أنا وصديقاتي ونلعب.
في إحدى المرات إقترحت صديقتي (س) أن نقيم مجلس عزاء للحسين في بيتها، سألتها عن فائدته لنا فأجابت بما كانت تُلقنهُ من أبويها بأننا سنحصل على الكثير من الحسنات مقابل كل دمعة تنزل منا على مصاب الحسين، وافقنا وبدأنا بإعداد المجلس العاشورائي.
كنا خمسة فتيات صغيرات وأعمارنا ما بين التاسعة والخامسة، وضعنا بعض الوسائد وجلسنا على شكل حلقة، أخبرتنا (س) التي ترأست المجلس ( بحكم كونها أكثر معرفة فيه ) إننا يجب أن نتذكر كيف قُتِل الحسين وعائلته ونبدأ بالبكاء.
بدأنا بالمحاولة، كنتُ أغمض عيني بقوة وأحاول، ولكن أبت دموعي النزول، فتحت إحدى عيني بعد برهة ونظرتُ إليهن وهن يحاولن جاهدات مثلي البكاء وبعضهن قد أحمر وجهها من شدة العصر!
وبدل أن أبكي أخذتُ أضحك فأنتقلت العدوى إليهن وبدأن بالضحك أيضاً، غضبت (س) وهي تردد (حراااام حراااام)، سكتنا خوفاً من الحرام وإعتدلنا في قعودنا وعاودنا محاولة البكاء, وأيضاً لم ننجح, حينها إقترحت (س) أن نقوم بقرص بعضنا عسى أن ينفع الألم في إستحضار بعض الدموع والحسنات معها (ولا أعلم ما هي ذنوب الأطفال كي يحاولوا كسب حسنات لمحيها!)
أفلح القرص والألم بجلب المزيد من الضحكات والكركرات والمزيد من أستياء (س).
بعدها إقترحت علينا أن نقطع بصلة ونشمها، وبالفعل جلبت من مطبخهم بصلة كبيرة وشطرتها نصفين وأخذنا نشمها بالدور.
نزلت بعض الدمعات مننا، ولكننا قرفنا من ريحة البصل جميعنا وأخذنا نتململ حينها يأست (س) وقالت (يكفي ما نزل من دمعات اليوم لقد أدينا اللي علينا وكسبنا حسنات).
رمت البصلة ولململنا الوسائد وعدنا للعب لعبة بيت بيوت بتمثيل أدوار الأم وأبنائها.
يقولون إن الدين هو الفطرة الطبيعية للطفل, ويتناسون إنهم هم من يقوموا بتلقينه وتشويه براءة طفولته بدينهم الذي لم يجلب إلا التعاسة والحزن والحروب والتفرقة.
ليتنا بقينا أطفالاً نستمع لقصص الشعوب ونتعظ منها وننظر بين الحشائش بحثاً عن نيلز الولد المشاغب الذي صار قزماً ونحاول أن لا نؤذي الحيوانات كي لا ننال مصيره.
ليتهم تركوا طفولتنا فعلاً على فطرتها.
#سمر_محسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟