أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الشربيني عاشور - المسلمون الشكليون بين لحية ماركس وشكلي الذي لا يسر1















المزيد.....

المسلمون الشكليون بين لحية ماركس وشكلي الذي لا يسر1


الشربيني عاشور

الحوار المتمدن-العدد: 1380 - 2005 / 11 / 16 - 11:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


على الرغم من المقائل المتجذرة في الفكر الإسلامي ( إن الله ينظر إلى قلوبكم لا إلى صوركم ) ( رب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره ) ( إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى ) ( الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل ) وغيرها الكثير من المقائل التي تكرس للجوهر الديني كأساس في التعامل البشري ، والى القلب كموضع للتدين يعكس إشعاعاته على رقي سلوك المسلم في خطابه مع الآخر ، إلا أن هذه المقائل باتت غريبة بل مهجورة اليوم لدى فئة من المسلمين آخذة في النمو والتمدد باتجاه المناصب والمراكز القيادية والحلم بالسلطة ومن ثم التسلط على الآخرين وفرض مفاهيمهم العقيمة للدين على أنها الحق والحقيقة وما دون ذلك هو الباطل والضلال .

هذه الفئة يمكن أن نسميها ( المسلمون الشكليون ) الذين هم نتاج واضح لنظرية الأخذ بظاهر النص والتي ترفض أي تعامل مع النص الديني من خلال العقل والتأويل ، وهؤلاء يتميزون بالمحافظة على الشكل ، شكل المسلم الذي يختصرونه في الثوب والعمامة والسواك والمكحلة والمشط وطبعا إطلاق اللحية بكثافة معينة أو مختلف فيها حسب ما يجوزه البعض وما لا يجوزه البعض الآخر .

أحدهم دخل على جماعة كنت فيها الوحيد الحليق أي بلا لحية أو شارب فصافحهم جميعا من يعرفه ومن لا يعرفه بالأحضان وعندما جاء دوري نظر إلى عابسا وهو يقول : معذرة .. فأنا لا أسر برؤية رجل حليق !!!

هكذا وبلا مقدمات بدأ بمهاجمتي لأن شكلي لم يعجب حضرته .. بعد قليل وفي نفس الجلسة كان لابد أن أرد إليه إهانته ولكن بطريقتي .. فانتظرت إلى أن قدم مضيفنا شرائح من البطيخ للحضور وهنا سألت هذا الذي لم يسر برؤيتي على مسمع من الحضور : هل تعرف كيف كان النبي يأكل البطيخ ؟ فأبدى تعجبه وقال وهل كانت هناك طريقة يأكل بها النبي البطيخ ؟! قلت : نعم . وشرحت له كيف كان النبي يبدأ أكل شريحة البطيخ من اليمين إلى أن يصل إلى الوسط فيعكس الشريحة بين يديه ليبدأ من الأكل من اليمين مرة ثانية فينتهي إلى الوسط أيضا وبذلك تكون آخر قطعة في فمه هي أحلى موضع في الشريحة . وهكذا علمته أنا الحليق الذي لم يسر برؤيته شيئا لم تعلمه إياه لحيته الكثة ولا طريقته الهجومية التي أهانني بها !!

الشاهد الأول في هذه الواقعة هو الاهتمام بالشكل فقط فهذا الذي لم يسر برؤيتي توقف عند شكلي ولم ينتظر إن كان جوهري سيعكس سلوكا إسلاميا أم لا ؟ وتلك هي المصيبة فحيث يغيب الجوهر عند هذه الفئة من المسلمين لا يبقى إلا الشكل الذي يقيمون عليه الآخر المسلم وربما يغالي بعضهم فيخرجه من الملة بمجرد أنه يختلف في الشكل عنهم وهم يحتجون بالآية القرآنية ( وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) والرسول قال ( اطلقوا اللحية وحفوا الشارب ) وبالتالي يصبح هذا الأمر واجب التنفيذ وإلا فأنت فاسق مخالف لأمر النبي . على الرغم من أن الآية القرآنية الآنفة يمكن أن تفهم بما أتانا النبي به في القرآن لأنه هو الشيء الذي آتانا به وبالتالي ينحسر الأمر في الأوامر والنواهي التي جاء بها القرآن . كما أن إطلاق اللحية والشارب شيء لم يأت به النبي لا من عند الله ولا من عند نفسه وانما كان سنة من سنن العرب في الجاهلية أو عصر ما قبل الإسلام وما فعله النبي هو أنه أبقى على هذه السنة أي أنه لم يأمر بمخالفتها .

الشيء الأهم هو التعامل مع قول النبي ( اطلقوا اللحية وحفوا الشارب ) فالملاحظ فيه أنه قول تهذيبي تعليمي بمعنى أن المسلمين باعتبارهم عربا كانوا يطلقون اللحية والشارب بالفطرة أو لافتقاد أدوات الحلاقة المعروفة الآن ولو أنهم كانوا يحلقونهما لكان قول النبي مخصوص بحدود الأمر بالإطلاق أو لقال : لا تحلقوا اللحية . ولكن الأساس في مقولة النبي هو التهذيب وتحديدا تهذيب الشارب الذي كان يبتل بشرب الحساء من الإناء أو يعلق به الطعام . ومن ثم فحف الشارب هو المعني بقول النبي والهدف هو النظافة لمن يطلقون لحاهم وشواربهم .

النقطة الأخرى هي هل إطلاق اللحية مظهر إسلامي فقط أي يختص به المسلمون وحدهم بالتأكيد لا .. فاليهود والمسيحيون والمجوس والهندوس وغيرهم من أصحاب الديانات السماوية وغير السماوية يطلقون لحاهم وشواربهم وبالتالي فان قول بعضهم بأن الحليق يتشبه بغير المسلمين والتشبه بغير المسلمين منهي عنه مردود عليه لأن غير المسلمين أيضا يطلقون لحاهم فهل يتشبه بهم المسلمون الحريصون على إطلاق اللحى ؟!!

الشاهد الثاني في الواقعة هو تغييب الجوهر ونفي التعامل معه قبل المرور بالشكل الذي إن صلح من وجهة نظر هذه الفئة فانه يكفي أو سيعني صلاح الجوهر وهي فكرة خاطئة تماما ، ومن الواقعة ذاتها يمكن الاستدلال . ذلك أن هذا الذي لم يسر برؤيتي كوني حليق وقع في عدة أخطاء جوهرية هي أولا التعدي باللفظ على شخصي .. ثانيا إفساد صفاء الجلسة بجعلي أ فكر في كيفية الرد على إهانته وإحراجه كما أحرجني .. ثالثا تجاهله لتلك المقائل الأساسية في الفكر الإسلامي والواردة في صدر هذا المقال .. رابعا تغييب العقل في التعامل مع النصوص وتعقيمها بحيث تفقد ثرائها الدلالي الذي يسمح بتعدد الرؤى ومن ثم يتيح صلاحية النص للتعامل الزماني والمكاني المتغير .. خامسا هذا التعقيم يؤدي إلى التحجر الفكري والعزلة المكانية والزمانية وبالتالي البعد عن روح العصر الذي نعيشه فتبدو هذه الفئة بفهمها المنغلق خارج الزمن والتطور وهذا الخروج هو ما يدفعها للشعور القاتل بالعزلة والاغتراب الذي يحيل إلى ( نرجسية جريحة ) تقود إلى إبطال صوت التسامح والعقل وإعلاء صوت التشفي والقتل . وكما قيل فإن النار تبدأ من مستصغر الشرر وهذا المستصغر كامن في الشكليات التي تتوقف عندها هذه الفئة بلا فهم أو تعقل فتقودها في النهاية إلى الإجرام .

وهنا أطرح سؤالي الافتراضي الأخير لو أن كارل ماركس كان حاضرا في هذه الجلسة بلحيته الكثة الشهيرة ودخل هذا الذي لا يسر إلا برؤية اللحى دون أن يعرف أن الجالس هو ماركس المحذر من تغييب الأديان للعقول هل كان سيوسعه تحضينا وتقبيلا ؟ أعتقد نعم .. وستكون أحضانه حميمة ودافئة وكثيفة قدر كثافة لحية ماركس ذاتها !! وتلك كارثة الشكل والشكليين .



#الشربيني_عاشور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهذيان في ورك الممثلة الذي بان !!
- وكان الشيطان معي .. بدايتي في البحث عن الذات
- رئيس تحرير وهابي إرهابي متعجرف ( 2 ) .. السرقة باسم البركة
- مؤخرة روبي وحنجورية الصوت الإسلامي
- صيف بلادي يمطر حزنا
- من دفتر العشق والذاكرة 2
- تقبيل أيادي المسئولين .. بين تواطؤ المشايخ وخرس المثقفين
- أنفي والشيخ زفت
- الله الغاضب على المصريين
- حوار مع الشاعر عبد الرحمن الأبنودي : هزيمة الحلم هي خبرة الأ ...
- من دفتر العشق والذاكرة 1
- لعنتة B.B أو ما يشبه السعادة
- مشكلة المنابر والخطاب التنويري
- وهل اعتنقنا الأسلام أولا .. حتى نرتد عنه ؟
- رئيس تحرير وهابي ارهابي متعجرف


المزيد.....




- “فرحة أطفالنا مضمونة” ثبت الآن أحدث تردد لقناة الأطفال طيور ...
- المقاومة الإسلامية تواصل ضرب تجمعات العدو ومستوطناته
- القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل- ...
- مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الشربيني عاشور - المسلمون الشكليون بين لحية ماركس وشكلي الذي لا يسر1