بكر الإدريسي
الحوار المتمدن-العدد: 5084 - 2016 / 2 / 24 - 19:14
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بدءا من أي لحظة بنى الإنسان علاقة مع العدم ..؟
هل عندما أدرك الإنسان أن وجوده لم يكن بفضل تدخل إلهي أو رغبة متعالية/سامية ، إنما الصدفة أو نتيجة الفوضى الكونية ؟
بالتأكيد هذا الإدراك توصل له الإنسان في لحظة متأخرة جداً ..
كانت البشرية في بدايات علاقتها مع " المقدس" غير مشخصة ، إنما تحيل إلى قوى غيبية غير مرئية .
ثم بدأ تشخيص الآلهة مع الديانات "الطوطمية" أي إعطاء صفة للعدم .
قبل أن يدرك الإنسان أهميته على مسرح الوجود فبدأ ينصب آلهة من جنسه .
هي رغبة إذاً في التواصل مع ذلك "المجهول المخيف" أو حاجة إلى "عدالة مفقودة" ﻻ-;- يمكن تحقيقها على الأرض إلا بالرجوع إلى الآلهة أو سادة العدم .
ولكن الحضارة البشرية عرفت في القرون الأخيرة "موجات حداثة" وتطور في ميادين العلوم والمعرفة نزعت الطابع السحري عن العالم وبذالك نصب الإنسان نفسه سيد الطبيعة والمشرع الأول .
وقدم الوعود والآمال للإنسانية بأن تعيش في سلام ورفاه ومساواة و إخاء ..
عندما فشلت هذه الوعود الطوباوية مع الحربين العالميتين كانت الصدمة قوية فعم البؤس واليأس والسواد والانتحار ..
هنا عادت العدمية مع أربابها أو المتحدثين الجدد باسمها -سيوران ، بيكيت ، بيرنهارد ، كونديرا ، يلينيك - حيث ﻻ-;- غاية من الحياة وكل الخيارات محكومة بالفشل وأن جريمة الإنسان الكبرى هي أنه قد ولد .. !!
ما نريد إيصاله بعد هذه الخلاصة العابرة للأزمان هو أنه بالفعل هناك عدم ولكن كيف نبني علاقتنا معه ..؟
كل النماذج السابقة غير مقنعة أو شديدة التطرف والسلبية
يبدو لي أن الأكثر إقناعاً في الوقت الراهن أن تكون العلاقة مع العدم أولاً غير مشخصة كما في بدايات بوادر التدين لدى البشر ، ولكن مع فرق التطورات التي حدثت بحيث نكون متجاوزين لفكرة المقدس والطابع السحري /الخارق للعالم .
هناك عدم يتمثل في "الفجوة" التي يشعر بها كل شخص بينه وبين نفسه من جهة ، وبينه وبين المجتمع أو العالم من جهة أخرى .
ومن حق كل شخص ان يملأ هذه الفجوة بالمعنى الذي يلائمه ويطمح ويأمل له .
#بكر_الإدريسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟