أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حزب العمل الشيوعي في سورية - إعلان دمشق، وموقفنا بين المبدئية والممارسة- الخط الثالث















المزيد.....



إعلان دمشق، وموقفنا بين المبدئية والممارسة- الخط الثالث


حزب العمل الشيوعي في سورية

الحوار المتمدن-العدد: 1380 - 2005 / 11 / 16 - 12:16
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


- بيان - حزب العمل الشيوعي أواسط تشرين الثاني 2005
بين الحرص والخوف على العمل الوطني الديمقراطي
إعلان دمشق، وموقفنا بين المبدئية والممارسة ( الخط الثالث)
أولاً - حول البيان :

نتوجه ببياننا وموقفنا إلى كامل الوطن ، وبشكل خاص وصريح إلى جيل الشباب الذي سينخرط قريباً جداً في العمل الديمقراطي ، على جدل العلاقة بين المهمة المركزية بإلغاء احتكار السلطة وتحقيق الانتقال الديمقراطي الشامل ، ومهمة الموقف الواضح في المسألة الوطنية ومقاومة أي تدخل خارجي سلبي وضار ، من أي طراز كان . و ليجعل كل هذا فعالاً، مندفعاً وبنّاءً. إلى جيل سيكون روح وعقل وجسد هذا العمل ، ونتوجه إليه لقناعتنا أيضاً أنه يريد الحقيقة واضحة ،بلا توسطات أو كواليس وبعيداً عن الثقافة الشفهية والاتهامات والالتباسات التي نعتقد أنه لا يحبها جميعها في عصر القيم الديمقراطية والعلنية .

أ- لقد حان الوقت لتوضيح كامل موقفنا من إعلان دمشق . بل تأخرنا كما يعتقد كثيرون، (وفي هذا بعض الصحة)، ويسألوننا: لماذا لم تكتبوا تحفظاتكم بالترافق الفوري مع قرار الانضمام إلى الإعلان، خاصةً وأن قراركم قد أكد بأن هناك تحفظات. لقد كتب الجميع في ذلك بما فيها الأطراف المبادرة في الإعلان والموقّعة عليه... ماذا بقي لكم من خصوصية ؟ ممّ تخافون وما هو موقفكم بالضبط وما هي حساباتكم ؟
ب- وعندما كان الأمر بالنسبة لنا لا يتوقف ( أساساً ) عند التحفظات ، بل في جملة وجوه موقفنا واعتباراته ، بما يعنيه تفاعلياً مع عملية الإقصاء القصدية لنا ولغيرنا ، كذلك قراءتنا وتخوفاتنا الشديدة من ردود الفعل السلبية على محتوى وشكل كذلك التفاصيل المختلفة وعلاقتها بمستقبل الوطن والعمل الوطني الديمقراطي ، ثم موقفنا بين المبدئية والممارسة المطلوبة لاحقاً بالعلاقة مع الإعلان ، كذلك بالعلاقة مع المشاريع التي سبقته أو ستأتي بعده ، والتزاماتنا المنهجية والمبدئية والأخلاقية تجاهها . من أجل كل ذلك اتخذنا موقفنا المبدئي السريع بالانضمام إلى صف الإعلان وأردنا أن نعطي انطباعاً على الموقف الصحيح المتنبّه والحذر والمتعالي على ردود الفعل والحريص على العمل الوطني ، معتقدين أنه بعد ذلك ستأتي اللحظة المناسبة لتوضيح بقية وجوه موقفنا بما فيه التحفظات ، وها هي قد جاءت .. إذ تكشّفت ردود الفعل والمواقف بجملتها، وحان الوقت لتوضيح وتعميم موقفنا.
ج- كما حدّدنا موقفنا وعرفنا مسؤولياتنا تجاه الحوارات المشتركة ، ومشاريع التوافقات والإعلانات التي صدرت ، والحراكات التي تحققت على الأرض في صفوف المعارضة الديمقراطية السورية - من لجنة التنسيق" الحقوقية " في بداية السنة وكل ما صدر عنها مروراً بمشروع إعلان دمشق الأول في الشهر الخامس، توافقاته ، اشتراطاته ، دورنا وردّنا المكتوب والمحدد على هذا المشروع ، الذي توقف وفشل دون أن يرى النور ، إلى لقاء دير الزور للمعارضة الديمقراطية ، الإعداد العلني له ، والحوارات المسبقة المفتوحة والحضور الواسع ، ثم التوافقات التي صدرت عنه ولا نزال نعتبرها الأكثر دقة ،وضوحاً وتحديداً لمستقبل العمل الوطني الديمقراطي ، لحاجاته ، ضروراته وحساسياته ، تحديداً في الموقف من السلطة ومسألة المهمة المركزية والتكتيكات المتعلقة بها ، إلى الموقف من العامل الخارجي وحضوره الملموس والمحدد والكبير في العمل والاستقطاب الوطني داخل سوريا ( العامل الأمريكي ) ، إلى مفهوم الوطن والمواطنة والمرجعية في قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان، بالتوافق أن يكون الإعلان العالمي هو المرجعية لقطع الطريق على أي إمكانية لتطور العصبيات المتخلفة من طائفية وغيرها ، إلى مسألة الأقليات القومية والحلول المتعلقة بها من منظور قيمي ديمقراطي وطني ومنظور خصوصيتها ، خاصةً المسألة الكردية الآثورية - بنفس الروحية ، اتخذنا موقفنا بقرار الانضمام إلى إعلان دمشق ، وهكذا فإن كل ما نكتبه أوسنكتبه ونمارسه ينطلق من داخل الصف أو البيت الواحد ومصالح الوطن العليا ، على الرغم من مشاكل هذا البيت .

د – ربما ، بل هي المرة الأولى فعلياً في تاريخ حزب العمل الشيوعي الذي نتخذ فيه قراراً ، موقفاً سريعاً مباشراً ، لننخرط من حيث المبدأ والممارسة في عمل من داخله دون أن نكون قد شاركنا بأي مستوى فيه ،لا حواراً ولا إعداداً ولا نتائج ولا حسابات ، ليس هذا فحسب بل فعلنا ذلك ونحن على معرفة تامة بقيام العمل وتقدمه ، بالتزامن مع عملية إقصائنا القصدية والمتقنة ،فعلنا ذلك مع محاولاتنا ومحاولات بعض الأصدقاء تلافي الأمر والاكتفاء بردّ التهم والأسباب المتعلقة بإقصائنا ، ذلك بصورة شفهية كما هو المنطق الدارج، حرصاً على العمل نفسه ،وخوفاً من تفاقم منطق الاتهام ضدنا ، وكامل الحرج الذي سيتسببه الموقف المعلن والدقيق في تاريخ العمل الوطني الديمقراطي المعارض وعلاقتنا به ، وحقيقة المواقف السياسية داخله وتغيراتها ، كما حقيقة الادعاء الديمقراطي وعلاقتها بالممارسة في وسط المعارضة . إذ يعتقد البعض أن العمل والنقد من الداخل ( مهما جاء تناقضياً ومجرّحاً وحاداً )، يعتقد أن مثل هذا العمل ، يبقى بنّاءً ومقبولاً أكثر من أي نقد دقيق على أرضية الحقائق من خارج البيت ، دون أن ندري من هو البيت، ومن هو الذي داخله أوخارجه، وكم بيتاً هناك .

و- ومن نفس المنطلقات السابقة، لتكون محصلتها إيجابية ، نؤجل نشر الحقائق المتعلقة بعمل المعارضة على مدى سنوات الانفتاح الأخيرة، وعلاقتها بالماضي ، بنهج الماضي وعقليته واتجاهاته ، ونحن على ثقة أنه ستأتي اللحظة أوالشروط حيث يصبح فيه نشر وثيقتنا وموقفنا مفيداً وضرورياً ، بما فيها التفاصيل المتعلقة بأسباب إقصائنا . تلك الأسباب التي نشرتها" شفاهةً" الجهة المبادرة في إعلان دمشق، والمسؤولة عن عملية الإقصاء بصورة أساسية ، دون أن يعني ذلك أن الأطراف الأخرى لا تتحمل مسؤولية هامة في عدم مقاومة نهج الإقصاء ذلك كما يجب .تلك الأطراف التي اشتركنا معها في مشاريع هامة، وتعرف حقيقة موقفنا من كل الأسباب التي طُرحت ، كالقول: إننا فصيل غير معارض في الأساس ، أوهمّنا قَسم العمل الوطني ، أواننا طرف يضيّع وقت الآخرين بالتدقيق في المواقف والتوافقات ،التفصيلات ،أوالادعاء غير الصادق، أن هناك من حاورنا و دعانا بينما رفضنا ذلك !!
ثانياً - في أسباب قرارنا : في 16-10-2005 صدر إعلان دمشق، تحددت القوى والفعاليات الأولى والأفراد الموقعين، اكتملت معرفتنا بها، كما اطّلعنا على النص، واكتملت معرفتنا به أيضاً، قدًرنا بسرعة الكثير من الأشياء وردود الفعل السلبية المحتملة. قدّرنا ما سيفعله الإعلام بطرح التساؤلات والاتهامات والشكوك الأكثر حرجاً وخطورةً ،ثم قدًرنا ردود الفعل المحتملة في الصف الوطني الديمقراطي المعارض، واحتمالات الاستقطاب فيه للمستقبل القريب والبعيد، واحتمالات انقساماته على قضايا العمل الوطني.
في اليوم الثاني وعلى الرغم من معرفتنا بعملية إقصائنا، وكل" الادعاءات " التي قيلت في أسبابها ، متجاوزين كل قضايا الكبرياء السياسي الحزبي وردود الفعل المفترضة ؛ قمنا بأنفسنا بعملية الاتصال بالجهة المعنية بالمبادرة وإعلان دمشق، وحاولنا أن نقدم أونعطي إشارة واضحة حول قرارنا وتوجهنا، كذلك أسبابه الشاملة، وتحفظاتنا، والوجوه الأخرى لموقفنا.
وفي اليوم الثالث اتخذنا قرارنا المحدد بعد نقاش طويل في هيئة المكتب السياسي وكادر إضافي من الهيئة المركزية ، كتبنا : "بلاغ : حرصاً على وحدة العمل الوطني الديمقراطي في سوريا، وعلى الرغم من تحفظاتنا التي سنذكرها في وقت لاحق ، نعلن قرارنا بالموافقة على إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي ، ونتحمّل كامل مسؤولياتنا تجاه ذلك . المكتب السياسي لحزب العمل الشيوعي – 18 – ت 1 - 2005 " ... فما هي الأسباب ؟
أ – إن المخاطر التي يتعرض لها الوطن الآن أشد بكثير مقارنة بنهاية السبعينات و بداية الثمانينات وهي لا تحتمل المساهمة بأي موقف أورد فعل لقسم القوى الوطنية المعارضة ( كما حصل في حينه ) ، كما لا يجوز تعميق الآثار والحساسيات السلبية القديمة في صفوفها ، ولا تجوز أية مساهمة لترك أي ارتسامات إضافية على الأسس العصبية المتخلفة .
ب – صحيح أننا أُقصينا ولم نساهم بأي شيء في إعلان دمشق، ولم نأخذ أي دور في الحوار والمناقشات وإبداء وجهة نظرنا، إلا أنه نص مفتوح، كما قال عن نفسه ، وقابل للتغيير والتطوير. بهذا المعنى، ها نحن نتقدم بموقفنا ووجهة نظرنا لنبدأ عملية التفاعل....
ج – على الرغم من كل ما جرى بخصوص نهج الإقصاء ، وعلى الرغم من التباسات النص ، إلا أننا على ثقة كبيرة أن الكثير من القوى و الفعاليات الموقعة على إعلان دمشق تتقاطع معنا ونتقاطع معها على مفهوم الخط الثالث ، ونستطيع سويةً إنجاز عمل ديمقراطي معارض جاد وواضح ، لا إقصاء فيه ،إنجاز برنامج وأدوات ووسائل ومؤسسات ديمقراطية تنطلق جميعها من مصلحة الوطن ومستقبله .
د - إن القوى الموقعة على إعلان دمشق تمثل طيفاً هاماً يجب العمل على تطويره وتوسيعه، من طيف آخر خارج الإعلان له ملاحظاته و تحفظاته. يجب العمل على ذلك بحماس على الرغم من احتمالات الاستقطاب والانقسام المتوقعة في العمل الوطني ، وعلى الرغم من محاولاتنا و نوايانا نحن وغيرنا لمنع ذلك .
و – وعلى اعتبار أن الإعلان والنص ، القوى والفعاليات الموقعة، لا تشكل إطاراً محدداً بعد، ولا يشكل بدوره عقداً أوميثاقاً نهائياً، ولم تتشكل مؤسساته ولا آليات تطويره، فإن هذا يشكل سبباً إيجابياً آخر، دافعاً في أسباب قرارنا بالانضمام.
ثالثاً – تحفظاتنا وملاحظاتنا النقدية :
1 – يتجسد تحفظنا المركزي في مسألة غياب التوافق بين الادعاء الديمقراطي والممارسة غير الديمقراطية في وسط قوى المعارضة. هذه السمة تجلب القمع المختلف ، والإقصاء ، والاستعلاء ، تجلب نهجاً ووسائل مساعدة في ذلك ، وتسمح بالاتهامات والمبالغات والتشكيك .... وهنا المرتع الخصب للثقافة الشفهية غير المسؤولة ، هنا المرتع الخصب لنبش حساسيات الماضي ، وبعض أخطر وجوه الماضي القديم . نحن نعرف أن عملية إقصاء خطرة قد جرت في الحوارات التمهيدية للإعلان وفي العمليات المتقدمة على الرغم من محاولاتنا ومحاولات غيرنا تدارك ذلك . كل هذا يمثل شيئاً خطراً جداً عندما يأتي من قوى يفترض أنها ستقود البرنامج الوطني، يفترض أنها تقدم مثلاً مختلفاً ونقيضاً في الوطن عن النظام القائم.
أما تحفظاتنا وملاحظاتنا النقدية على النص فيمكن تكثيفها على الوجه التالي:
2 – يبدو النص بجملته وكأنه جمعٌ لنصوص وإعلانات وتوافقات مختلفة ، يجمع تناقضات في المفاهيم أحياناً، يقيم التباسات في المفاهيم ، ويظهر التفكك . ربما كانت هناك عجلة ، أوغياب للحوار الواسع والهادئ. ما نقوله هو شيء مختلف عن مفهوم التوافقات والوصول إلى نصف المسافة أوربعها بين الأطراف ، ونحن نعرف أن أمر الإعلان سيكون توافقياً في كل شيء ، لكن هذا لا يعني أبداً ألا تكون الأشياء واضحة ومحددة ، غير ملتبسة وغير متناقضة .

3 – نعتبر الوقت والتسارع الذي تم العمل لإصدار الإعلان فيه ، عملاً خاطئاً حتى لو كان مدروساً من قبل أصحابه الأساسيين . وإذا ربطنا هذا ببعض المفاهيم والتوافقات في الإعلان ، يصبح الأمر أكثر وضوحاً، بشكل خاص ما يتعلق بالأمر الخارجي ، فحتى لو قيل إن واحداً من أسباب الاستعجال في الإعلان كي يأتي قبل تقرير ميليس خوفاً من الاتهام اللاحق بأنه اصطفاف في حال صدوره بعد التقرير. حتى لو قيل ذلك، فما سيخطر على البال فوراً أن الضبط الزمني مقصود للترافق مع شروط سياسية خاصة في الوطن، وأنه تقاطع مقصود، أو ملاقاة . أما ما كان سيقطع الطريق على كل هذه الشكوك والتوقعات، فهو موقف واضح ومحدد (غير ملتبس )، ملموس في المسألة الوطنية والعامل الأمريكي، وهذا ما لم يحصل.

4 – نعتقد أن النهج المعارض للعمل الوطني الديمقراطي في الإعلان، والذي يجب أن يعبّر عن نفسه بالدعوة الصريحة لتشكيل قوة معارضة أو قطب معارض، ومؤسسات ديمقراطية معارضة، وبرنامج للمعارضة ووسائل نضال، بالإضافة الضرورية والواضحة لتحديد المهمة المركزية تجاه السلطة بإلغاء احتكار السلطة القائم، وقيام نظام ديمقراطي لكامل المجتمع . وعلى اعتبار أن كل ذلك كان إما غائباً من الإعلان، أو ضعيف الحضور، وملتبساً؛ فيشكل هذا ضعفاً حقيقياً ونقصاً وإشكالاً. ولا يشكل قطعاً سياسياً، صريحاً وواضحاً، في مفهوم المعارضة تجاه النظام. ومما يؤكد ملاحظتنا، وجود عبارات عديدة ملتبسة مثل : " عملية التغيير ... غير موجهة ضد احد ، بل تتطلب جهود الجميع " ، وهذا ليس صحيحاً ، بل هي موجهة ضد سلطة شمولية ديكتاتورية ، موجهة ضد ما نسميه احتكار السلطة ، موجهة ضد المسؤولين عنها .أو عبارة " تمهيد الطريق لعقد مؤتمر وطني ، يمكن أن تشارك فيه جميع القوى الطامحة إلى التغيير ، بما فيها من يقبل بذلك من أهل النظام " أو " يبقى مفتوحاً لمشاركة جميع القوى الوطنية من أحزاب سياسية وهيئات مدنية ... وشخصيات " وهذه عبارات لا تدخل في نطاق القطع المبدئي في نهج ومفهوم المعارضة ، بل في النطاق التكتيكي للعمل ،
كل ما نذكره هنا شيء منهجي ومبدئي ولا علاقة له بالتكتيك الذي تتفق أو يجب أن تتخذه المعارضة في كل مرحلة ، بشكل خاص تجاه النظام . فالعمل المعارض المنهجي المبدئي الواضح والحازم شيء، والتكتيك شيء آخر .

5 – من يقرأ الإعلان ، سيتنبه أو سيلاحظ أن هناك خطراً أحادي الجهة أو الجانب، إنه خطر داخلي صرف يتأتى من نهج النظام واحتكاره للسلطة ، والاستبداد القائم، والمستوى الذي أوصل النظام الوطن إليه ... يظهر الوطن معزولاً عن الخارج، وتظهر المشكلة حصراً بين النظام والمجتمع وقواهما، كأنه لا يوجد أي خطر آخر، كأن الخارج لا إستراتيجية عمل له على الوطن السوري ، أو كأنها إستراتيجية عمل صحيحة وإيجابية، كأن الخارج ( الأمريكي مثلاً) ، لا استراتيجية له في المنطقة ، ولا يريد صياغتها مجدداً ولا صياغة سوريا نظاماً وقضايا عمل وطني وثقافة ،الخ .
صحيح أن المسؤولية الحاسمة في كل ما وصل الوطن إليه ،هي مسؤولية النظام ، لكن هناك خطر آخر خارجي على الوطن السوري تحديدًا ، إغفاله ملفت للنظر ، وخطأ شديد، لا تستقيم اللوحة والتحليل بدون تحديده مع مفاعيله، خاصة في هذه الظروف . هناك عبارات في البيان تسمح بالتساؤل مثل " سوريا، اليوم على مفترق طرق " ، " يجنبها مخاطر تلوح بوضوح في الأفق " " العمل على وقف حالة التدهور واحتمالات الانهيار والفوضى "
فلماذا تلوح المخاطر في الأفق ؟ وهل هناك أحد آخر غير النظام يعمل على ذلك مثلاً ؟ ومن هو ؟

6 – إن غياب التحليل الشامل والدقيق حول المخاطر التي يواجهها الوطن من الداخل والخارج ، تحديداً بسبب الصراع والاستقطاب بين استراتيجية الإدارة الأمريكية المتشددة والنظام الذي يصر على عزل المجتمع والمعارضة واحتكار السلطة ، غياب مثل هذا التحليل من جهة ، وربما قناعة البعض بدور إيجابي لبعض أطراف العامل الخارجي ، من جهة أخرى ؛ كل هذا جعل التوافق المتعلق بالعامل الخارجي ملتبساً جداً أو ربما مقصوداً أن يكون كذلك ، بينما كان يجب أن يكون واضحاً لأهميته ودوره الفعلي والاستقطابي الخطر في العمل الوطني السوري و قضاياه . فعبارات مثل " رفض التغيير الذي يأتي محمولاً من الخارج " لا تفيد بأي موقف محدد و ملموس، و نسأل: هل هناك الآن أي تدخل للخارج في العمل الوطني السوري، هل هو شيء سلبي أم إيجابي، هل نحن معه أم لا ولماذا ؟ هل هناك أي شيء محمول الآن على الخارج من أجل التغيير ؟ هل التدخل السياسي الأمريكي الكثيف هومحمول على الخارج؟ هل عملية التدويل القائمة الآن والمتسارعة للوضع السوري شيء إيجابي أم سلبي، ونحن معه أم ضده ولماذا ؟ ما هو موقفنا من أي عقوبة اقتصادية مثلاً؟ عداكم عن إمكانية استخدام الضربة العسكرية أو الاحتلال العسكري. وهل العامل الأمريكي الأشد تدخلاً من أطراف الخارج، هو عامل توحيد واتفاق في الوطن السوري أم عامل تمزيق، وكيف يجب أن نحدد موقفنا منه؟
نحن نعتقد أيضاً أن مسألة العامل الخارجي والتدخل والاستقواء يجب تحديدها بدءاً من تحديد الخارج بدقة . فبين الإدارة الأمريكية وإستراتيجية التدخل المعادية لمصالحنا وأهدافنا الوطنية والإنسانية من جهة ، وقوى النخبة الإنسانية الراقية من جهة أخرى ، هامش واسع وقوى عديدة ، منها ما يجب أن نطلب منه التدخل وأن نستقوي به ،نعني تلك القوى الديمقراطية والإنسانية وحقوق الإنسان والأحزاب والفعاليات المشابهة ، ومنها ما يمكن أن نقبل منه تدخلات وضغوطاً إعلامية وأخلاقية و دبلوماسية . ومنها ما نرفض تدخله بأي مستوى بسبب التناقض في المصالح والأهداف وقضايا مستقبل الوطن. وهكذا فبقية العبارة حول " حقيقة وموضوعية الارتباط بين الداخلي والخارجي " وما يليها ، يصبح إنشاءً غير محدد المعالم ، وغير ملموس ، يصبح الموقف بكامله من العامل الخارجي ، لا علاقة له بالتاريخ والعيان ، وهكذا في كل مرة سيُطرح فيها لاحقاً موقف معين ، فستحصل عليه خلافات . مثلاً زيارة أحد ما في المعارضة السورية لأي جهة أمريكية رسمية، إلى موضوع التدويل، إلى الضربة العسكرية...

7 – إن الفقرة الخاصة الواردة في الأسس الأولى " الإسلام هو دين الأكثرية .. ويُعتبر المكون الثقافي الأبرز في حياة الأمة والشعب "، بالإضافة إلى عبارات " وهنا ندعو أبناء وطننا.. وأخوتنا من أبناء مختلف الفئات .. والدينية والمذهبية " ، " والنظام الفئوي " . توحي بالتعبئة والاستعداد لمجتمع توافقي طائفي في أحسن حالاته، لماذا هذا الإصرار على الثقافة الدينية ؟ وبفرض أننا أصلحنا الفقرة وطوّرنا ها بإضافة كل الثقافات الدينية الأخرى في الوطن. ألن يكون في كل هذا التحديد والإيراد تشجيعاً للعصبيات الطائفية المتخلفة ؟ أليس ذكر ثقافة الأكثرية الدينية قمعاً لبقية المجموعات والثقافات، وتهيئةً ليكون مستقبل العمل الوطني من ذلك المنظور ؟ ما هي حاجتنا لهذه الفقرة بالأساس ؟ نعتقد أنها محشورة إرضاءً لنهج معين ، وقوى معينة، بينما نعرف من جهتنا أن قيادة التيار الديني في الخارج لم تطلب ذلك أبداً ، بل وافقت سابقاً على مشروع توافقات لإعلان دمشق الأول، وكان خالياً من أية إشارة إلى الثقافة الدينية .
عوضاً عن كل ذلك، كانت تكفي تلك الفقرات الهامة في الإعلان المناقضة لهذه الفقرة، وأكثر تطوراً من منظور قيمي وطني ،عوضاً عن كل هذا كان يجب التركيز على ثقافة مسألة الأكثرية والأقلية ، كثقافة ديمقراطية متطورة ، تقوم على البرنامج السياسي الوطني المركزي ، والانتخابات ومبادئ الدستور الذي يحفظ بالمطلق حق الأقلية السياسية ، وليصبح كل هذا شيئاً متغيراً دائماً، يشمل كامل ساحة الوطن ، ولا علاقة له بالثقافات الدينية والطوائف .

8 – نعتقد أن المسألة الوطنية برمتها ، مستوى حضورها الآن ، والتعويم الذي اتخذته ، والاستقطاب، إن كان بسبب سياسات التعبئة من جهة النظام كرد على الضغوط الخارجية في نفس الحقل ، أو استغلاله لها كعادته عند الأزمات تجاه الداخل ، أو بسبب المخاطر الجدية التي يتعرض لها الوطن من الخارج . لكل هذه الأسباب وغيرها فإن هذه المسالة تحتاج إلى موقف برنامجي واضح ، مختلف ومستقل عن النظام ، تحتاج من المعارضة إلى موقف شامل، يمسك بها، حتى ولو كانت مهمتنا المركزية إلغاء احتكار السلطة وما تفترضه من جهود أساسية ، حتى ولو كان مدخلنا إلى المسألة الوطنية بكل تفاصيلها هو الإنجاز الديمقراطي المتطور .
وبذلك المعنى نعتقد أن مسألة الجولان مسألة أساسية وهامة، تحتاج إلى فقرة خاصة بها واهتمام خاص، مختلف عن المحتوى والشكل الذي جاءت عليه في الإعلان .

9 – أما العبارة المتعلقة " بالتأكيد على انتماء سوريا إلى المنظومة العربية .. " فهو التباس إضافي آخر، ويعبر عن موقف غير موضوعي وغير تاريخي في مسألة انتماء سوريا ،وازدواجية ذلك الانتماء الحقيقية إلى الوطن السوري من جهة ، وإلى القومية والأمة العربية وضرورة العمل لتحقيق أهداف قومية محددة لها أفق تاريخي ملموس ، من جهة أخرى .

10 – إن مسألة الأقليات في سوريا أكثر تعقيداً مما عبر عنه الإعلان ، فهناك أولاً تجاهل لأقلية أصيلة أخرى غير الكردية هي " الآثورية " ونعتقد ثانياً أن الحلول المستقبلية لكامل هذه المسألة يجب أن تكون أكثر رقياً ووضوحاً ، كما يجب أن تقوم على أسس سياسية وأخلاقية نصّت عليها مواثيق وإعلانات عالمية ،مثلاً ما نصّ عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فيما يتعلق بالأقليات الأصيلة والتي تمثل جزءاً من أمة أو شعب مقسم ، أو تلك المهاجرة إلى وطن آخر ما لأي سبب .وكل هذا لا يتناقض أبداً مع ضرورات الانتصار الديمقراطي العميق والشامل مستقبلاً ، لتصبح مثل هذه الحلول ممكنة ، ولا يتناقض بالمقابل مع ضرورة التركيز على المخاطر التي يواجهها الوطن السوري ، بل ربما يساعد على مواجهتها.

11 – لا شك أن هناك ضرورة قصوى لوضع أسس مبدئية و قيمية ، بل حتى تبشيرية لمستقبل وطننا الديمقراطي ، لكن علينا التنبه إلى أننا قد نضطر ، وخاصة في البدايات إلى طرح منطق وصيغ تدريجية ، وتوافقية انتقالية في مسائل عديدة، مثل مسألة الجيش ودوره السياسي الفعلي ،أو دوره الوظيفي ، بالإضافة إلى حقوق أفراده في العمل السياسي الديمقراطي ، أو مسائل الهيئات الانتقالية المختلفة وعلاقتها بقضايا صندوق الاقتراع ،فبين المبدأ والوقائع قد يصل الوطن إلى توافق " ديمقراطي" شكلاني ،وقابل للتفجر مجدداً على أسس التزرير والوحدات الصغيرة ( قبل وطنية ) .

12 – نعتقد أن هناك ملفات تمثل مفاصل هامة في سياق الانتقال الديمقراطي تحتاج لاهتمام خاص. نلفت النظر إلى ملف الاعتقال وضرورة الاهتمام الشامل به ، إن أهميته تتجاوز بكثير مسألة إفراغ السجون والفروع الأمنية من المعتقلين، تتجاوزها إلى آلاف المفقودين والمتوفين، والآلاف من الذين أُطلق سراحهم وعلى كل ذلك ترتبت مشاكل ومطالب كثيرة.
13 – هل صحيح أنه على إعلان مثل إعلان دمشق أن يهتم حصراً بالأسس والمبادئ والتوافقات، أوبالمسائل السياسية الراهنة والخطرة، كالمهمة المركزية، والمهمات الأخرى التي تأتي بعدها بالأهمية الخ . أم يجب أن يؤسس لبرنامج وطني شامل ولو بتكثيف ، وفي هذه الحالة كيف ننسى ضرورة طرح مطالب هامة ، معيشياً واقتصادياً لكتلة الشعب الهامة، وكيف ننسى طرح مطالب فئات اجتماعية محددة تجمعها قضايا خاصة ( الشباب والمرأة )، كيف ننسى طرح مشاكل أخرى هامة في الوطن ؟
رابعاً – موقفنا بين المبدئية و الممارسة ( الخط الثالث ):

1 – إن التحفظات والملاحظات التي طرحناها تمثل قناعة سنعمل مع كثيرين غيرنا للوصول إليها ، داخل إعلان دمشق وخارجه ، سنعمل إذاً على تطوير إعلان دمشق ،وتوسيع طيفه ، بل سنعمل على تحويله إلى إطار ومؤسسات وبرنامج ،إلى تحالف محدد وواضح في كل شيء ، مع معرفتنا أن كل هذا يأتي توافقياً . سنعمل مع غيرنا لتطويره إلى جبهة عمل ديمقراطي واسعة تنجز المهمة المركزية وتلاقي بقية المهمات لإنجازها .
2 - هناك فعاليات كثيرة وهامة خارج إعلان دمشق، لها تحفظاتها وموقفها النقدي ،سنعمل معها أيضاً بهامش واسع من حرية الحركة ، للوصول إلى توافقات وبرنامج الخط الثالث كما نتصوره ، وذلك بنشاطات وصيغ حزبية رسمية ، أو فردية .
3 – داخل إعلان دمشق وخارجه ،وكما سنعمل بمبدئية سياسية عالية ،فإننا سنعمل أيضاً بمبدية عالية وحازمة لمنع أي إقصاء أو مصادرة أو تعالي،ومنع صيغ التفويض بالائتمان على العمل الوطني ، لأحد أكثر من أحد ، وسنعمل على رد الاعتبار لكل من وقعت عليه أي ممارسة قمعية ، أو إقصائية من أي طراز.
4 – نعتبر الماضي القريب بوجوهه السلبية في الوصول إلى إعلان دمشق ، شيئاً ماضياً أيضاً ، لكن أي تطوير داخله ، تنظيمي أو سياسي أو برنامجي أو غيره ، مجدَداً بصيغ وممارسات خاطئة ، كواليسية ،أو بالنيابة عن الآخرين ، أوالاعتقاد بوجود حق مسبق أو أكبر من حق الآخرين ، أو بدون اشتراك الجميع بصورة ندية وديمقراطية ، فإنها ستدفعنا مثل غيرنا إلى ممارسة حقنا بالنقد العلني المباشر، والتحفظ .

حزب العمل الشيوعي – المكتب السياسي
أواسط تشرين الثاني 2005



#حزب_العمل_الشيوعي_في_سورية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الآن - العدد (32) تشرين الثاني 2005
- تدويل الوضع السوري ( المسألة السورية) تداعيات لجنة التحقيق ا ...
- الآن -العدد (31) أيلول 2005
- بيان اثر اعتقال بعض ناشطي (خميس الاعتصام) في طرطوس
- نداء إلى أبناء وطننا السوري حيال أحداث القدموس الثانية
- الآن العدد 29
- بيان صادر عن حزب العمل الشيوعي ـ المكتب السياسي
- الآن العدد28
- بيان من حزب العمل الشيوعي
- الآن العدد (27) أيار
- نشرة الآن العدد 26
- الوطن في خطر دعــوة الى حـوار وعمــل انقـاذي مشتـــرك
- العدد 25نشرة الآن
- نشرة الآن- العدد 24
- الآن
- الآن العدد 22 / تشرين الأول 2004
- الآن – العدد 21 – أيلول 2004
- حزب العمل الشيوعي في سورية يتقدم بورقة حوارية وموقف من -الور ...
- -بيان- حول مسألة حزب يساري من طراز جديد
- - ورقة دعوة- من أجل المساهمة الندية والديموقراطية


المزيد.....




- مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
- السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون- ...
- مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله ...
- اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب ...
- محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
- مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
- من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
- خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال ...
- هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
- قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حزب العمل الشيوعي في سورية - إعلان دمشق، وموقفنا بين المبدئية والممارسة- الخط الثالث