أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - إنعام كجه جي .. عراق في إمرأة














المزيد.....


إنعام كجه جي .. عراق في إمرأة


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 5084 - 2016 / 2 / 24 - 18:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إنعام كجه جي .. عراق في إمرأة
جعفر المظفر
بكل النوايا الطيبة يكتب أحدنا عن المسيحيين, مغرقا في المحبة ومتطرفا في المديح, لنكتشف بعدها أنه كان صادقا في التصويب, لكنه كان مخطئا في الإصابة. فما نلاحظه في أكثر كتابات المحبين أن لغة كتابها كأنما تتحدث عن ضيوف طيبين لا عن مواطنيين أصلاء.
هناك من يشير إلى نظافة محيطهم وبيئتهم وسلاسة وحسن معشرهم ويقارنهم بنا (نحن المسلمون) الذين ندعي أن النظافة من ديننا ومع ذلك فإننا لا نعيرها ذات الإهتمام الذي يعيرون. ونجد أيضا من يقف أمام تسامحهم ومساهمتهم البناءة في اللغة والعلوم والفنون, ويتحدث عنهم وكأنهم خبراء أجانب كنا قد إستقدمناهم لقاء أجور فأحسنوا السلوك وأجادوا الأداء.
وفي أكثر مقالاتنا ذات النوايا الطيبة, لكن ذات الأنا المنفصلة والمترسبة في اللاوعي, ليس من الصعوبة أن نكتشف أننا نتحدث في النهاية عن ضيوف طيبين, أو في أحسن الأحوال عن مواطنين من الدرجة الثانية.
المسيحيون هم جزء من الشعب العراقي كما هم المسلمون واليهود والصابئة, وكل أصحاب الديانات الأخرى التي تأسست على هذه الأرض الطيبة أو التي جاءت إليها من الجوار, وإن واحدا من أكبر هفواتنا أن نحسبهم وكأنهم إمتدادا للغرب لمجرد تقاسمهم الدين الواحد, ناسين أن المسيحية كانت قد نشأت على أراضينا ثم إمتدت إلى الغرب مما يقلب معادلة التبعية الدينية على عقب.
وهناك على الجهة المقابلة من يبالغ في عروضه العاطفية فيجعل المسلمين العراقيين مجرد أقوام غازية كانت زحفت من الجزيرة العربية وسلبت الأرض العراقية من سكانها الأصليين, وهم هنا المسيحيون بطبيعة الحال, مضافا إليهم البعض من أصحاب الديانات الأخرى كالصابئة مثلا. هؤلاء يقعون في الخطأ نفسه الذي يقع فيه من يحسب المسيحي ضيفا لا صاحب أرض فيجعل العرب المسلمين غزاة ليس أكثر. وما دام هؤلاء, الذين نتحدث عنهم هنا, يؤسسون الهوية الوطنية على أساس ديني فهم لا شك سيقعون في نفس الخطأ مساهمين في تضييع المفهوم الحقيقي لمعنى الوطن والمواطنة.
إن هذه هي الثقافة التي يجري الترويج لها في هذه الأيام, ونرى أن الثقافة الإسلامية, حتى بشقها المعتدل, تعصر نفسها عصرا لكي تستدعي أفضل ما فيها وهو ذلك الذي يعتبر المسيحيين كتابيين من أصحاب الذمة الذين أحسن الإسلام إستضافتهم.
إن الواقع بكل تأكيد هو عكس ما يشيع له الطرفان, فلا المسيحي ضيفا ولا المسلم مستعمرا أو محتلا أو سالب أرض لسبب أن الهويات الدينية هي هويات ثانوية لا يجب الإعتماد عليها في تعريف الهوية الوطنية بل ويجب أن (تُحَّرم) الإشارة إليها حينما يجري تعريف منه هو العراقي.
لقد إحتل العرب بلاد فارس بعد معركة القادسية وظلت بلاد إيران فارسية, أي أن الهوية القومية لأهلها لم تتغير وإنما ديانتها هي التي تغيرت, والمسلمون الذين فتحوا بلاد فارس لم يطلبوا من أهلها أن يكونوا عربا وإنما طلبوا منهم أن يكونوا مسلمين.
ولنتصور الحال التي كان عليها العراق أثناء الزحف الإسلامي وسنكتشف أنها لا تختلف كثيرا عن أختها الحالة الفارسية, أي أن الجند المسلمين الذين جاءوا من الجزيرة العربية لم يحولوا سكان العراقيين الأصليين إلى عرب بل حولوهم إلى مسلمين, في حين ظل قسم على حاله مسيحيا وصابئيا ويهوديا. اما الهوية العربية لعشائرها المسيحية والصابئية وحتى اليهودية فقد ظلت على حالها, أو هي تبلورت أكثر.
وأقول الهوية العربية بدلا من القومية لأن الأخيرة تعرف على أساس صلة الدم والعرق في حين أن الأولى يجب أن تعرف على اساس وحدة الثقافة والشعور والتطلع, وهو المفهوم الذي أعتقده لائقا كأساس للتعريف الهوياتي الوطني لآنه يتسع ليشمل أقواما لا تجتمع على صلة الدم, التي تحولها السياسة إلى مفهوم عنصري, بل على صلة وحدة الشعور ووحدة الثقافة ووحدة التطلع التي هي مزيج متفاعل بين ثقافات ومشاعر مختلفة تفاعلت لكي تنتج حالة ثقافية وروحية مشتركة يصعب فصل مكوناتها أو ترئيس واحدة على الأخرى.
الجدة العراقية الموصلية (رحمة) التي قرأت عنها في رواية أنعام كججي الرائعة (الحفيدة الأمريكية) أغنتني عن العودة إلى قراءة عشرات الكتب التي تتحدث عن تاريخ المسيحيين في العراق, والتي فكرت الرجوع إليها غرض التأكيد على عراقيتهم الأصيلة. وأقصد بالأصيلة هنا ليس قِدَم الإنتماء وإنما سمّوه. عن هذه القصة التي فازت بجائة البوكر العالمية كأفضل قصة عربية لعام 2009 هناك الكثير مما يمكن قوله, لكن أكثر ما اجده ذا صلة بموضوعتي هنا هو البساطة التي تقدم فيها (رحمة) عراقيتها النقية السامية الأصيلة في حوارها مع حفيدتها القادمة من ديترويت مع جيش الإحتلال الأمريكي.
مع (رحمة) تكتشف أن الوطن ليس صلة دم أو عرق أو دين بل هو صلة روح.
ومع انعام كجه جي تكتشف أن انعام (المسيحية الديانة) هي عراق في إمرأة.





#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مات الأستاذ .. مات هيكل
- الفساد بين عهدين .. عهد صدام والذي بعده (2)
- الفساد بين عهدين .. عهد صدام والذي بعده (1)
- الكاتب السياسي والسياسي الكاتب
- وخلقنا الإنسان في أحسن تقويم
- القرآن والإعجاز العلمي
- حوار حول الدولة الكردية وتقسيم العراق
- الإستفتاء على تأسيس الدولة الكردية
- خذوها مني
- الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه
- وساطة مطلوبة ووسيط غير مطلوب
- مشاريع تقسيم العراق
- ظاهرة الحرشة في ألمانيا وما قاله شيخ المفكرين العراقيين عنها
- إعدام الشيخ نمر النمر في السعودية
- الناسخ والمنسوخ بين التراتبية الأخلاقية والتراتبية الزمنية
- غسان أبو المولدة
- لكي لا نموت في الأرض الحرام
- صدام والأسد .. هل كان أحدهما طائفيا (2)
- صدام والأسد .. هل كان أحدهما طائفيا (1)
- أرقام حنا بطاطو ... الرقم سمكة


المزيد.....




- خلال لقائه المشهداني.. بزشكيان يؤكد على ضرورة تعزيز الوحدة ب ...
- قائد -قسد- مظلوم عبدي: رؤيتنا لسوريا دولة لامركزية وعلمانية ...
- من مؤيد إلى ناقد قاس.. كاتب يهودي يكشف كيف غيرت معاناة الفلس ...
- الرئيس الايراني يدعولتعزيز العلاقات بين الدول الاسلامية وقوة ...
- اللجوء.. هل تراجع الحزب المسيحي الديمقراطي عن رفضه حزب البدي ...
- بيان الهيئة العلمائية الإسلامية حول أحداث سوريا الأخيرة بأتب ...
- مستوطنون متطرفون يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
- التردد الجديد لقناة طيور الجنة على النايل سات.. لا تفوتوا أج ...
- “سلى طفلك طول اليوم”.. تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصن ...
- الحزب المسيحي الديمقراطي -مطالب- بـ-جدار حماية لحقوق الإنسان ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - إنعام كجه جي .. عراق في إمرأة