عايده بدر
باحثة أكاديمية وكاتبة شاعرة وقاصة
(Ayda Badr)
الحوار المتمدن-العدد: 5084 - 2016 / 2 / 24 - 14:54
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
عندما يتحول الموت إلى حياة
لم تكن ( سحر ) الفتاة الجامعية الجميلة التي سكنت أرض الأجداد منذ أمد طويل و بين رفقة كانت تظن أن الأيام لن تمنحها وجها آخر فإذا بها تتبدل الأيام و يظهر وجه اللؤم و الغدر و دون أن تمهلها الأيام وقتا كافيا لتعي أنها أصبحت رمزا للحياة التي قامت من بين الموت
بالعودة للعام 2014 و في الشهر الثامن منه تغير وجه العالم في عين سحر بحلول نكبة داعش في الموصل و سنجار و مطاراداتهم الشرسة لبقية القرى التي يسكنها الأقليات العرقية في شمال العراق و خاصة الايزيدين
كانت سحر واحدة ضمن آلاف ضحاياهم و لم يكن الوحش الذي افترسها عنها غريبا فهو الجار و الأستاذ الذي تعلموا على يديه و الصديق المقرب لها و لزميلها الشاب ( عامر )
و الذي ربطت بينهما قصة حب لم تكتمل نهايتها على الأرض و لا تزال قائمة رغم انتقال سحر لرحمة ربها بعيدا عن دنس هذا العالم و بقاء عامر حتى الآن على عهده لها و الأخذ بثأرها
بعد النكبة الكبرى التي حصدت مئات الأرواح البريئة من الايزيدية ، بقت عظام سحر شاهدة على ما اقترفته يد الخيانة و الغدر
كانت صدمة الفقد أكبر من أن يدركها قلب أو عقل لكن لأن المصاب ليس فرديا فقط و لأن سحر لم تكن وحيدة و إنما مئات ( سحر ) قد لقين مصيرهن المظلم بلا ذنب
كان التفكير في الثأر لسحر يمكن أن يظل فقط محصورا في الانضمام لكتائب تحرير الموصل التي انضم إليها عامر برفقة الكثيرين و أصيب مثلهم
و لكنه رغم الحطام الذي تحول إليه و قد كان من الطلاب المشهود لهم بالتفوق الجامعي قرر أن تظل سحر حية رغم أنف الذئاب
قام بنظيم حملة باسم سحر لدعم عوائل الشهداء و المنكوبين كانت الممر الذي عادت منه روح سحر إلى الحياة ... هذه الحملة التي هدفت لمحاولة منح الحياة لمن سلبت منهم و من فقدوا ذويهم
عائلات بأكملها دُرست تحت تراب الغدر و أخرى سلبت حياتها و تفرقت و لا زال إلى الأن هناك مثل سحر الكثيرات رغم ما لاقوه و لا يزالوا لكن ينتظرن التحرر و العودة لذويهن
القصة ليست قصة فردية بل نكبة مجتمع تحولت حياته بين ليلة و ضحاها إلى ظلام و الأشد وجعا أن يأتي الظلام من المقربين و المؤتمنين عليهم
لم يفقد عامر و غيره فقط المثال الحي للمعلم و القيم العليا للجار و الأخ لكنهم فقدوا قيمة أن تعيش بأمان لأنك بين عشية و ضحاها معرض لأن يأكلك أخوة يوسف و ليس الذئب
-;-
عايده
22-2-2016
#عايده_بدر (هاشتاغ)
Ayda_Badr#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟