أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رمضان عيسى - فكرة السلف الواحد للبشرية















المزيد.....

فكرة السلف الواحد للبشرية


رمضان عيسى

الحوار المتمدن-العدد: 5080 - 2016 / 2 / 20 - 23:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تتردد كثيرا فكرة " السلف الواحد " للبشر الموجودين على سطح الأرض . فهي فكرة نبعت في بلاد الرافدين وتلقفتها التوراة وأطلقت على هذا السلف اسم " آدم " وعلى من جاء بعده إسم " الآدميين " ثم اعتمدتها الأديان الكتابية من بعدها وظلت سائدة حتى منتصف القرن التاسع عشر .
ولكن توسع العلوم والاكتشافات في علم البيولوجيا والجيولوجيا والإحاثة والوراثة والانثروبولوجيا قد وضع فكرة " السلف الواحد " على طاولة البحث ، وأصبح على مناصري فكرة " السلف الواحد " أن يجيبوا على الكثير من الأسئلة المطروحة حول هذه المسألة !!!
ومن هذه الأسئلة : - متى وُجد هذا " السلف الواحد " على الأرض ؟
- ما علاقة هذا " السلف الواحد " بأشباه البشر والانسان العاقل الذي له تاريخ يزيد وجوده على ثلاثمائة سنة على الأرض ؟
- هل فكرة " السلف الواحد " في حالة التسلسل التراجعي تقف عند آدم وتنقطع السلسلة عند هذا الأب البيولوجي للبشرية جمعاء ؟
- هل كان وجود هذا " السلف الواحد " فجائي وبضربة سحرية بهذا الشكل ، أم أنه تشكل تطوريا عبر طريق طويل من التطور المتعدد المراتب الى أن وصل الى هذا الشكل القادر على التكيف مع ظروف الحياة على الأرض؟
- لماذا الانقطاع في السلسلة والتوقف عند آدم ولا شيء غيره ، لماذا لا يكون قبله أشباه بشر مثل النيادرتال والكروماجنون ، وقبل هذه كائنات أقل درجة في التطور ، متوحشة ، وقبل هذه الكائنات كائنات أخرى مثل " لوسي " ، وقبل "لوسي" من ثدييات وزواحف وبرمائيات ؟
- ما أثر الانتخاب الطبيعي والصراع من أجل البقاء في تشكل الانسان بهذا الشكل الذي جعله قادرا على التكيف مع الطبيعة بشتى تنوعاتها وتشييد العمران البشري ؟
ولنفترض مجازا ذلك ، فإن هذا لا يمكن أن يعني أن هناك بداية بيولوجية واحدة بدأت عند رجل واحد يسمى " آدم " لكل هذا التنوع في شكل الوجه والجمجمة واللون وفصيلة الدم عند أجناس البشر في قارات الكرة الأرضية .بل ان هذا الاختلاف يؤكد التعددية البيولوجية والبيئية للبشرية .
- هل هناك أشباه بشر سابقين كانوا مختلفي الأشكال وفي لون البشرة حسب البيئات التي تطوروا فيها ، أم وجد لون واحد وحيد ، ثم تلونوا وتشكلوا حسب البيئات التي انتقلوا اليها ؟
- كيف كان شكل هذا الآدم وحجمه وطوله ــ فقد ورد في الحديث أن طول آدم يبلغ ستون ذراعا ــ وهل تتناسب هذه الصفات مع أحجام وأشكال وأطوال البشر الحاليين ؟
إن الاصرار على " فكرة السلف الواحد " تفترض الغائية ، أي أن هذا " السلف الواحد ، وحتى وجود الكون بأجرام وكواكبه قد جاء تنفيذا لرغبة " مُوجد ، مُخترع ، مُنسق واحد .
وجريا وتساوقا مع فكرة " السلف الواحد " اجتماعيا ، فان نظام الحكم الفردي ، الملكي هو الأفضل ، وتاريخ الأديان يثبت أن فكرة " السلف الواحد " كان الداعم الفكري والأيديولوجي لأنظمة الحكم الملكية والفردية والديكتاتورية والدينية ، فنرى أن الملوك كانوا يستندون في حكم العامة على الدين وصلتهم بالآلهه .
ولكن لا يُوجد لفكرة السلف الواحد غير تبرير واحد سهل الولوج ، وهذا التبرير هو اللجوء الى الغيب والأساطير حيث أن الانسان لدية سمة القلق والدهشة وذلك لأنه يملك دماغا من وظيفته التفكير واثارة الأسئلة حول مشاهداته في الطبيعة ، وبالتالي يحاول ايجاد اجابات لهذه التساؤلات التي ليس لها حدود ، فهناك تساؤلات يجد الانسان لها اجابات في الواقع المُعاش ومن خلال نشاطه العملي والتجريبي . ولكن هناك تساؤلات يطرحها دماغ الانسان تسيير أبعد من محسوساته في الواقع المادي ، انها تنطلق بعيدا الى ما وراء المشاهدات الحسية الملموسة ، الى الميتافيزيقا .
إن اللجوء للغيب والأساطير يعني تجاهل المكتشفات والاستنتاجات العلمية ونظرية التطور التي تُعلم بأن هناك تطور وتغير في الحياة العضوية ، وليس ثبوت أجساد أو أن الانسان قد تكون خارج الأرض بمعجزة ثم تم ارساله الى الأرض .
أن نظرية التطور تبين كيف وُجدت الحياة على الأرض ، وأصبحت على ما هي عليه كما نراها الآن ، وأن الكائنات الحية تتعاقب وتتطور الى الأفضل القادر على الاستمرار وتتغير أشكالها ووظائف أعضائها وفق ظروفها المعيشية ، بينما نرى نظرية الخلق تصر على أن الحيوانات تتجاور فقط ولا تتغير ، ثابتة في أشكالها منذ الخلق الأول إن جاز القول .
إن نظرية الخلق التوراتية تعجز عن الاجابة على السؤال: ما سبب انقراض الكثير من الحيوانات ، وهل من الممكن أن تُوجد كائنات حية لم تكن موجودة من قبل ؟
فالانتخاب الطبيعي هو آلية تفعل فعلها باستمرار لتحسين مدى تأقلم الأنواع مع أوساطها، فالطفرات الوراثية الحادثة داخل النوع تكشف كيف يتم الاحتفاظ بالصفات المفيدة والتي تساعد على البقاء ، وهذه تسمى عملية "الانتخاب الطبيعي" ، حيث يتم تمرير هذه الجينات التي تحمل الصفات المفيدة للجيل القادم. مع مرور الوقت ، الطفرات المفيدة ليس في جزء من الجسم ، بل في أجزاء كثيرة في الجسم ، تتراكم والنتيجة هي كائن مختلف تماما (وليس مجرد اختلاف الأصلي ، وإنما هو مخلوق مختلف تماما).
فداروين قصد الانتخاب التراكمي( التطوري) ، أي أثناء التكاثر النوعي والتصارع من أجل البقاء ، كانت تظهر صفات جديدة في النوع ، فكلما ظهرت في النوع صفة جديدة إما تُثبتها الطبيعة أو ترفضها (أي هناك انتخاب)، فالظروف الطبيعية (وفرة المياه، الغذاء ، الحرارة، الغابات ،ونوعية الأعداء ، الضغط الجوي ، ..الخ) هي التي تقوم بدور المراقب الذي تجعل الكائن يحتفظ بالصفات المناسبة للحياة .
حسب داروين يحدث التطور نتيجة تغير أو طفرة في ميزات قابلة للتوريث ضمن نوع على امتداد أجيال متعاقبة ومع الوقت، يمكن أن تنتج هذه العملية ما نسميه نوعاً جديداً من الأحياء بدءاً من نوع موجود أساسا.
بالنسبة لهذه النظرية فإن جميع الكائنات الموجودة ترتبط ببعضها البعض من خلال سلف مشترك لمجموعة متقاربة من الحيوانات مثلا ، كنتيجة لتراكمات التغيرات التطورية عبر ملايين السنين. فالتطور هو عملية بطيئة و تدريجية كما كتب داروين "... الانتخاب الطبيعي يحدث من خلال الاستفادة من التغيرات المتعاقبة الطفيفة، والتي تحدث بخطوات متتالية وأكيدة " .
وبهذا يؤكد داروين على ان الحياة العضوية ليست ثابتة بل في تطور وأن الكائنات تتطور على مر الأجيال بما فيها الانسان . هذا هو جوهر التصور الذي عرضه داروين بمهارة فائقة في كتابه "أصل الأنواع".
من هنا نرى أن فكرة " السلف الواحد " لكل البشر فكرة غير ثابتة الأركان وتدحضها العلوم المتخصصة في هذا الاتجاه . فالانسان لم يوجد فردا ، بل تطور بشكل متشعب ومتنوع وفقا للانتخاب الطبيعي من الأقل اعتدالا الى الأكثر انتصابا ، وهذا التطور دام ملايين السنين الى أن وصل الى هذه الصورة التي هو عليها الآن .



#رمضان_عيسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علمية الماركسية تنبع من منهجيتها
- الوحي في الأديان الكتابية
- ما هي الفلسفة ؟
- الوعي نتاج اجتماعي
- الخروف رقم - 6 - - قصة قصيرة
- الأُصول المعتقدية لداعش !!!
- من الاخوان الى القاعدة الى داعش
- حرب غزة التي لا تنتهي !!!
- سلة المهملات !!!
- ما لم يُقال عن حماس وفتح والانقسام
- حقيقة الاسلام -2-
- الحجاب هو حجاب على العقل !!!
- أسباب القصور في العقل العربي
- فُله تصلي في بلاد اليوكوشيما - قصة قصيرة
- الثوابت الفلسطينية بين الأمس واليوم
- الانسياق خلف الخرافة
- كيف عرفت نظرية داروين ؟
- دفاعا عن مانديلا
- فتاوي خطرة
- اشكالية العلم مع الميراث المقدس


المزيد.....




- القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل- ...
- مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رمضان عيسى - فكرة السلف الواحد للبشرية