أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شابا أيوب شابا - الطائفية السياسية أسباب ظهورها وسُبلْ إِلغائها - الجزء الثالث















المزيد.....

الطائفية السياسية أسباب ظهورها وسُبلْ إِلغائها - الجزء الثالث


شابا أيوب شابا

الحوار المتمدن-العدد: 5080 - 2016 / 2 / 20 - 23:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الجزء الثالث
إنّ من أوقد نار الطائفية في العراق بعد 2003 هو المُحتل الأمريكي. حيث أطاح بالنظام وحاملا في عُبّه "سياسة فرّق تسد" المجربة من قبل الإنكليز سابقاً لإحتواء جميع الأطراف المتنازعة، وسهولة التحكم بقراراتها. وقد ترك لنا بول بريمر دستوراً مليئا بالألغام، ونظاماً مَقيتاً من المحاصصة الطائفية والأثنية. إنَّ التعاون والتنسيق الذي جرى بين المسؤولين الأمريكيين والأنكليز من جهة، وبين قادة الأحزاب الأسلامية والقيادات القومية الكردية في العراق من الجهة الأُخرى قُبيل الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 وبعده، ومُباركتهم هذا الغزو وقُبولهم بنظام المحاصصة الطائفية والأثنية يُعد ميكافيلية مقيتة، وطَعنٌ بالهَوية الوطنية العراقية، وقد يصل الموقف عند بعض هؤلاء الساسة إلى حَدْ الخيانة الوطنية وذلك لِعمالتهم حَدْ النخاع ولأستعدادهم الكامل لتسليم العراق ومُقدّرات شعبه بيد الأجنبي. ويُعد هذا أيضا سبباً أساسياً إلى ما آلت إليه الأوضاع في العراق بعد 2003 من إرهاب وفساد مالي وإداري، ونهب أموال الدولة، وضعف الخدمات الأساسية، وإزدياد عدد العاطلين عن العمل، ونزوح ملايين العراقيين من بيوتهم، وهجرة مئات الآلاف منهم الى أوروبا وأمريكا وكندا وأُستراليا بحثاً عن مَلاذ آمن بعد أن إفتقدوه في وطنهم.
ومنذ سقوط النظام السابق سعى السياسيون من كلتا الكتلتين الشيعية والسنية الى تأجيج الصراع الطائفي والدفع به الى أقصى مدياته، ليس لتقديم أفضل الخدمات للشعب العراقي، وللتخفيف عن معاناته عن طريق المنافسة الشريفة، بل لكسب المزيد من الأصوات في الأنتخابات البرلمانية، وحيازة مقاعد إضافية في البرلمان والحكومة، للهيمنة على السلطتين التشريعية والتنفيذية، بغية إقرارالمزيد من القوانين التي تخدم مصالحهم الشخصية ومصالح أُسرهم وشركاؤهم والأحزاب التي ينتمون إليها، وتَضمَنْ بَقائهم واستمرارهم في السلطة لأطول مُدّة ممكنة، والتحكم بموارد الدولة العراقية وأموال الشعب العراقي، ونهبها وسلبها من دون أية رقابة نزيهة، ومن دون أيّةِ مُحاسبة أو مُقاضاة. وللأسف لعبت المرجعية الشيعية الأعلى في النجف الأشرف دوراً سلبيا في تكريس النهج الطائفي سواء بتسرّعها في إقرار الدستور الملغوم الذي وُضع في زمن بريمر، أم بإنحيازها إلى قائمة الشمعة رقم 555 في أول إنتخابات برلمانية حرة بعد التغيير. حيث لم يرى شعبنا أيّ نور من هذه الشمعة، بل خلّفت ظلاماً دامسا وكاحلاً، وكابوساً رهيباً، وجراحات عميقة في نفوس العراقيين سُنّة وشيعة، كرداً وتركماناً وكلداناً وسرياناً وآشوريين وأرمناً وصابئة مندائيين وأيزيديين، شبكاً وكاكائيين. وإستحوذ على الحكم شُلٌة من عُتات الطائفيين المقيتين من كلا الطائفتين، سُراق قوت الشعب، وناهبي أموال الدولة، وعلى رأسهم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي. وإستقوى كل طرف منهم بحلفائه من دول الجوارمن إيران وتركية والسعودية وقطر لمدّ نفوذه داخل العراق، مُعرّضين البلاد الى شبح التقسيم وأتون الحرب الأهلية. وهذا ما بدا واضحاً ومفهوماً لقطاعات واسعة من إبناء الشعب العراقي بعد تجارب مريرة. مما دفع بمئات الآلاف منهم الى النزول في ساحة التحريرببغداد، والى الساحات العامة والشوارع في المحافظات الوسطى والجنوبية، مُطالبين بتحسين الخدمات، و بإجراء إصلاحات جذرية في البرلمان والحكومة، وإلغاء المُحاصصة الطائفية، ومحاسبة المفسدين وناهبي المال العام، والمسؤولين عن سقوط الموصل والرمادي وعن جريمة سبايكر، وتشكيل هيئة قضاء عادل من قُضاة يتسمون بالنزاهة وبمهنية عالية، لمقاضاة المجرمين، والذين تسبّبوا بِمُعاناة ملايين العراقيين من النازحين، وممن دُمّرت منازلهم، وسُفِكتْ دماء أبنائهم. وفي خضم هذه الأحداث تدخلت المرجعية كخطوة إيجابية من جانبها لتصحيح ماذهبت إليه في دعمها لهذه القوائم وذلك بالضغط على رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي، وطالبته بمكافحة الفساد ومحاسبة المفسدين، وتوفير الخدمات، وإجراء إصلاحات في الجيش والحكومة، وتقليص إمتيازات المسؤولين.
وكان من أخطر إجراءات الأحتلال الأمريكي، هو حَلْ الجيش، المُؤسسة التي يُوكل إليها حماية الوطن والمواطن، وإنتشار العديد من المجموعات الجهادية المُسّلحة والتنظيمات المتطرّفة عند السُنّة من أمثال أبو مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم القاعدة في العراق، وظهور تنظيم داعش من رحم هذا التنظيم وسيْطرته على ما يُقارب ثُلثْ مساحة البلاد. يُقابله ظهور تشكيلات الميليشيا عند الأحزاب الأسلامية الشيعية مثل جيش المهدي، وعصائب أهل الحق، وسرايا السلام وكتائب حزب الله وغيرها. و قَتلتْ هذه التنظيمات المُسلّحة من العراقيين الأبرياء أضعاف القتلى الأمريكيين.
وما كان لهذا الأرهاب أن يتوسع ويمتد إلى محافظات بكاملها، ويفتك بأرواح مئات الآلاف من العراقيين الأبرياء، ويدفع بالملايين منهم الى النزوح من مدنهم وقُراهم، لو أَصغى رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وقادة الأحزاب الأسلامية الشيعية الى مطالب أهل السنة المعتصمين في الساحات العامة ( الذين يشعرون في أغلبيتهم بالأقصاء والتهميش)، والتي كانت في مُعظمها مطالب مشروعة. صحيح أنَّ من بين المُعْتصمين في هذه الساحات عدد غير قليل من الأرهابيين والمُندسين، ومن الذين يحملون أجندات خارجية، لكن هذا لا يُبرّر فَض الأعتصام بالقوة وبالحلول العسكرية فقط. كان لا بد من إيجاد حل سياسي يُرضي جماهير واسعة من المعتصمين وأبناء هذه العشائر لعزل الإرهابيين وبقايا الصداميين عن المواطنين السنة الحياديين، ممن ليس له مصلحة مع الإرهابيين والقاعدة . ولكن مِثلُ هذا الحل ما كان ممكناً، ما دام المالكي رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، هو رَجُلْ إيران، ومُنَفّذْ أَجندتها بأضعاف السُنّة في العراق وتهميش دورهم.
إن عدم إستجابة رئيس الوزراء لبعض مطالب السُنّة المشروعة، والمُضي قدماً في سياسة الأقصاء والتهميش ضِدَّهم ومُلاحقة بعض قياداتهم بتهم الأرهاب والفساد، دفَع العديد منهم للتعاون مع المجموعات الأرهابية المُسَلّحة المُعارضة للعملية السياسية، وخاصة تنظيم داعش الأرهابي، وأصبح الكثير منهم رهائن بيد هذا التنظيم. إنَّ تنظيم داعش الأرهابي صناعة محليّة وإقليمية وبِسكوتْ أمريكي ودعم صهيوني، وبتمويل وتدريب وتسليح سعودي، قطري، تركي. وما كان له أن يتوسع في العراق لولا التطرّف الطائفي من جانب قيادات كِلا الفريقين.
دعونا نتكلم بصراحة أنَّ تنظيم داعش والقاعدة وجبهة الُنُصرة وبوكو حرام ومثيلاتها لم تهبط إلينا من السماء، بل هي جَميعُها وليدة بيئة الصحراء القاسية المجاورة لنا، والفكر الوهابي التكفيري المُتطرّف وجزءاً من تراثنا الذي إتسمَ بالعنف لقرون خلت. وهي بمجملها تطبيقات جديدة لتيارات فكرية وعقائدية نشأَت في هذه البيئة، وفي ظل ظروف إقتصادية وإجتماعية متخلّفة، مارست العنف والقسوة كسبيل لأنتشارها.
ورغم تَمتْرسْ الساسة الطائفيون العراقيون خلف طوائفهم، لكنّهم لم يفلحوا في تحقيق مُبتغاهم في كسب كل أبناء الطائفة إلى جانبهم. فقد ظلَّ الوعي الجمعي في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن الماضي حاضراً في ذاكرة النُخب المُثقفة، وعند الوطنيين والديمقراطيين، وبين جمعٌ غفير من الشباب العراقي المتطلّع إلى رُؤية دولة مدنية ديمقراطية، تقوم على أساس المواطنة وتُراعي مبدأ الكفاءة والنزاهة والعدالة الإجتماعية.
إنَّ نقيض الطائفية وكل الهويات الفرعية الأخرى هو الهوية الوطنية، التي تُوحّدْ جهود كل المكونات لمصلحة البلد وعموم المواطنين، وتقف سَدّاً منيعاً بوجه الأطماع الخارجية. وتقوم الهوية الوطنية على أساس المُساواة بين جميع المواطنين ومن دون تمييز في العرق أو الدين أو المذهب أو الجنس أو اللون أو الإنتماء السياسي أو الفكري. ولضمان حقوق المواطنين وعدم التمييز فيما بينهم، يتطلّب وقوف الدولة وكذلك كل المرجعيات الدينية، على الحياد بالنسبة إلى جميع الطوائف، ولا يجب النظر إلى الأغلبية العددية لهذه الطائفة أو تلك عند توزيع المناصب العُليا في الدولة، بقدر ما يجب النظر إلى كفاءة ونزاهة ومهنية الأفراد من هذه الطائفة أوتلك.
إنّ الأَخذْ بهذه المعايير المُجرّبة يُطلق كل الطاقات الكامنة لدى الإختصاصيين والمُبدعين لتقديم أفضل ما لديهم من مَعرفة وخبرة ومهارة. وستساهم بالتأكيد هذه المعارف والخبرات في إستقرار الأوضاع السياسية والأمنية في كل محافظات العراق وإلى نهوض إقتصادي سريع وسليم.



#شابا_أيوب_شابا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطائفية السياسية أسباب ظهورها وسُبلْ إِلغائها - الجزء الثا ...
- الطائفية السياسية أسباب ظهورها وسُبلْ إِلغائها
- في الذكرى الأولى لمأساة سنجار
- داعش طاعون الفكر المعاصر الجزء الثالث
- داعش طاعون الفكر المعاصر الجزء الثاني
- داعش طاعون الفكر المعاصر
- جنس الدواعش - 3
- جنس الدواعش


المزيد.....




- عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شابا أيوب شابا - الطائفية السياسية أسباب ظهورها وسُبلْ إِلغائها - الجزء الثالث