|
العولمة والسيادة والاقتصاد!
فهد المضحكي
الحوار المتمدن-العدد: 5080 - 2016 / 2 / 20 - 09:43
المحور:
الادارة و الاقتصاد
هذا العنوان لمقالة كتبها الاقتصادي سنان علي ديب في جريدة (النور)، ولاشك ان العولمة المتوحشة ولأهداف اقتصادية تلعب دوراً في تدمير الإنجازات الوطنية للشعوب. واستناداً إلى ذلك يقول ديب: كان للممارسات التي حصلت تحت ستار ما سمي (العولمة) الأثر السلبي على أغلب دول العالم بحيث عمت الفوضى والأمراض الاجتماعية كالفقر والبطالة، وجهزت الأرض لتكون سهلة الاشتعال، واذا كان هناك من يبرر ويلمع العولمة فان تسويق هذا المصطلح كما يراه ديب سيقضي على الحواجز والحدود بين الدول ويدمج الهويات الصغيرة في كنف الحضارة الغربية التي وصلوا إليها نتيجة تراكمات وأبحاث وتجارب وغربلة، وبالتالي العولمة سوف توفر تكاليف وجهوداً وأبحاثاً وتختصر زمناً كبيراً على أغلب دول وشعوب العالم، ولكن التطبيق والتنفيذ سرعان ما أظهر الوجه الحقيقي لهذا الوباء الذي كان الغرض منه عولمة الأمراض التي تهدد الأجساد وتحولها هشة وتزعزع الهويات وتفرغ العقول وتحول الاستقرار الذي شهدته الكثير من الدول إلى فوضى عارمة متذرعة بجوانب لا تمارسها ولا تملكها تتعلق بالجانب الإنساني والجانب الديمقراطي، وهذه الزعزعة وسلب الهويات و«تحطيم الثقافات كان الهدف الاستراتيجي له هو المصالح الاقتصادية» والسيطرة الاحادية على العالم وعرقلة أي منافس آخر، بعد ان تفردت الولايات المتحدة بقيادة العالم من خلال تسخير المؤسسات الدولية لخدمة أهدافها: ان تبقى بلدان سوقاً لتصريف سلعها ومركزاً لتصدير المواد الأولية والثروات الطبيعية مع إضافة هدف جديد هو استثمار الأيدي العاملة الرخيصة والثروات في أماكن وجودها بأبخس الأسعار، وهو ما أدلجته عن طريق تشكيل الشركات المتعددة الجنسيات واستثمار الاتفاقيات الدولية لتكريس هذه الأهداف، كالمنظمة التجارة العالمية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي لخدمة الموضوع الاقتصادي الذي تسعى له، وتسخير الأمم المتحدة لتمرير المشاريع السياسية الممهدة لاستمرار السيطرة الاقتصادية. وفي ضوء هذا، فإن المحصلة التي يراها ديب في معرض تعليقه على الممارسات المختبئة تحت مصطلح العولمة انها انتهاكاً لسيادة الدول بشكل مباشر، أو غير مباشر، وبهذا فقد كانت العولمة المتأمركة أساساً لسلب سيادة الدول بشكل مباشر عبر التدخل العسكري أو فرض القيادات، أو بشكل استراتيجي عبر فرض البرامج الاقتصادية. وعلى صعيد العلاقة بين السيادة والاقتصاد، يقول هناك علاقة قوية وهو الهدف الأهم والاستراتيجي لسياسات الدول سواء للبناء وتقوية سيادتها، أو لعرقلة هذا البناء من دول أخرى قاضمة لسيادة الآخرين ومعرقلة لاستقلالها، وهكذا كانت الإملاءات بصيغة البرامج الاقتصادية التي حاولت الامبريالية فرضها عبر المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية أهم وسيلة لسلب سيادي مستقبلي عبر إعطاء بعض الشخصيات الاقتصادية المتطورة تاريخياً تحت عباءة الفكر الرأسمالي والنامية عبر أموال أغلبها سوداء مشبوهة وتضخم ثرواتها عبر إتاحته عولمة السوء عبر اقتصاد السوق من ازدهار تجارة السلاح والبغاء وتنامي الرشا، الأمر الذي عولم مافيات دولية مركزها في بلدان التعولم، وقد كان هدف سلب السيادة هدفاً استراتيجياً تسحب من خلالها الدول سيطرتها على الاقتصاد وتقليص الخدمات الاجتماعية المختلفة التي كانت تقدمها لمواطنيها بما يحقق العدالة وقوة الانتماء، وإعطاء أغلب المزايا والسلطات الاقتصادية لمراكز قوى أغلبها غير متعمقة في المجتمع وغير مستوعبة لحاجات المجتمع وكيفية تحقيق التوازن والتكافل الداخلي، وإنما ما تفهمه وتسير عليه هو ما تمليه عليها مراكز القوى الرأسمالية التي استندت عليها للوصول إلى ما هي عليه!. وبالتالي - وفي رأيه - كانت السياسات الراعية لسحب يد الحكومات الممثلة وشبه المنتخبة وجعلها منفذة لقرارات تملى عليها هذه المراكز الاقتصادية شكلاً من أشكال انتقاص السيادة وتهميش المجتمع والقوى الحقيقية الفاعلة وقتلاً للديمقراطية!. وهكذا فان قوى العولمة وجدت في توحيد النهج الاقتصادي العالمي عبر الليبرالية الجديدة جسراً للوصول إلى أقصى أهدافها، هذا النهج يؤدي إلى تقليص الأمن الغذائي إلى أقل قدر ممكن بحيث يكون البلد المستهدف بحاجة إلى البلدان الأخرى، في تأمين الغذاء وبحيث يتحكم به عند الحاجة وكذلك مواجهة السياسات الاقتصادية المخططة ذات النتائج العادلة من حيث تأمين الخدمات الصحية والتعليمية والخدمات الأخرى مجاناً أو بأسعار رمزية، وكذلك جر البلدان إلى منحى المديونية الكبرى لفرض أغلب البرامج والقرارات، ومحاربة ان تمتلك الدولة مفاتيح الاقتصاد الوطني وتسير نحو التنمية المستقرة المستمرة المستقلة. وبذلك لا وجود لسيادة مستقلة في عالم يقاد بدولة فاقدة للانضباط بالقانون الدولي، وفي ظل مؤسسات دولية تابعة لها ولإملاءاتها ودول تحافظ على سيادتها، بسلب سيادة العالم ودوله ودول كبرى تسير تحت أمرة هذه الدولة السالبة للانضباطية العالمية ولحقوق الإنسان، وأي تدخل خارجي من دون موافقة مؤسسات الدولة والاتفاق الشعبي عليه هو انتقاص وانتهاك لسيادة الدولة المستهدفة. وهكذا يستنتج أن العولمة كانت وتستمر لتقليص الدور السيادي للدول بشتى الوسائل من خلال الإرهاب الاقتصادي وبالاقتصاد، من أجل السيطرة على القرارات وتفريغ الشعوب وإفقاد الهويات لاستمرارية عملية النهب والاستلاب لاستمرارية التفوق الغربي من جهة والأحادية القطبية من جهة أخرى.
#فهد_المضحكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فاطمة ناعوت
-
البرلمانات العربية!
-
عن استراتيجية التنمية الدولية!
-
انهيار اسعار النفط والقرارات المطلوبة!
-
الثقافة الوطنية الديمقراطية
-
عن -الربيع العربي--
-
الدين العام مرة أخرى!
-
دولة الإمارات والابتكار وتمكين المعرفة
-
العمالة المحلية في القطاع الخاص!
-
الكتابة بحبر أسود
-
البطالة في الدول العربية!
-
عن التنمية والعلم والثقافة!
-
الحفاظ على المال العام ومكافحة الفساد!
-
عقود العمل المؤقتة.. ألبا أنموذجاً!
-
إنها لعبة المصالح!
-
جنوب شرق آسيا.. وحماية المصالح الأمريكية عسكرياً!
-
جمعية المرأة البحرينية واحتفالية الاتحاد النسائي العالمي
-
ماذا بعد التدابير الاقتصادية الجديدة؟
-
سلمان
-
غياب قانون مستنير للصحافة
المزيد.....
-
ناسا: عينات من كويكب -بينو- القريب من الأرض تحتوي على بعض ال
...
-
مطلية بالذهب.. بيع فيلا -قصر الرخام- في دبي بـ 115.8 مليون د
...
-
في أول قرار له يخالف ترامب.. الفيدرالي الأمريكي يثبت سعر الف
...
-
مصر.. رئيس الحكومة يوضح سبب توقف الصفقات الكبرى بعد رأس الحك
...
-
هل تعيد انتخابات ألمانيا القوة لأكبر اقتصاد في أوروبا؟
-
المركزي الأميركي يثبّت سعر الفائدة ويتجاهل انتقادات ترامب
-
الزحامات المرورية تهدر أموال العراقيين في العاصمة.. خسائر اق
...
-
أدنى مستوى لها في 11 عاما.. انخفاض كبير في مبيعات السيارات ف
...
-
أسعار الغاز في أوروبا تصل إلى 550 دولارا لكل ألف متر مكعب لأ
...
-
الخطوط الجوية الفرنسية تعلن استئناف رحلاتها إلى بيروت اعتبار
...
المزيد.....
-
دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر
/ إلهامي الميرغني
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|