|
فيرس ومرض التقليد
نشأت عبد السميع زارع
الحوار المتمدن-العدد: 5078 - 2016 / 2 / 18 - 14:12
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
نشأت زارع يكتب عن ((فيرس ومرض التقليد ))
التقليد من اخطر امراض الامم لايتفشي فى امة الا وجعلها فى ذيل الامم تتسول غذائها ودوائها وسلاحها وتعيش عالة نفسها وعلى الاخرين لاتقدم نفعا لنفسها ولا للاخرين .
حتى الشخص المقلد هو انسان ميت حى او حى ميت ليس له جهد وليس له اجتهاد وليس له نصيب من اعظم نعمة ميزه الله بها وهى العقل ان اعمال العقل فرض والتفكر والتدبر واجب ان المقلد امعة يسلم عقله للاخرين يفكروا له وهو متبع بل يسرق جهد غيره
واسأل سؤلا لماذا أصاب كثيرا من افراد المجتمع التقليد ثم الجمود وصار لسان حالهم (( انا وجدنا اباءنا على امة وانا على اثارهم مقتدون )) والسبب ايضا بسبب قلة القراءة وطريقة التعليم القائمة على الحفظ والتلقين وليس على الفهم والتفكير.
بل الكارثة الكبرى ان التقليديين يثورون على المجتهدين والمجددين ياليتهم يثورون معهم لكنهم للاسف يثورون عليهم وليس معهم . فى قصة رمزيه حول هذا المعنى (( صديق يقول لصديقه زوجتك تخونك فذهب لكى يتقصي الخبر فوجده صحيحا فبدلا من ان يبحث عن حل لمصيبته فاذا به يقتل صديقه والمقتول فى النزع الاخير يقول له تقتلنى لانى بصرتك بالحقيقة فرد عليه قائلا انا كنت مرتاح )) هو كان مستريح بجهله ولما علم كانت المصيبة .
والكارثة الاخرى ان المجتهد والمجدد متهم دائما بكل انواع الاتهامات لانه اراد استخدام عقله وفكره ويمارس انسانيته ويرفض الموروث الذى لايتناسب مع واقعه بل يبدع ويبتكر افكارا جديدة تتناسب مع الحال والواقع فهو متهم باالالحاد وانكار ثوابت الدين وانه مارق وانه زنديق وانه يريد هدم الامة وصاحب اجندات وممول من الماسونية والصهيونية وسلسلة من الاتهامات .
تعالوا بنا نأخذ لقطة من التاريخ (( جوردانو بورنو )) فيلسوف ايطالى وعالم فلك عاش فى القرون الوسطى واختلف مع رجال الكنيسة فى مسألة دوران الارض وخرج عن الاراء التقليدية لرجال الدين فحكموا عليه بالسجن 8 سنوات ثم قطعوا لسانه وتم اعدامه حرقا فى وسط ميدان الزهور فى روما عام 1600 والجماهير المطحونة تهتف الموت للكفار الموت للكفار. واعتبروه كافرا لانه مخالف لاراء رجال الدين .
وعندنا بن رشد المفكر العظيم الذى افاد امما وللاسف ايضا هناك امته لم تستفيد منه بل احرقوا كتبه واتهموه بالكفر والزندقة والالحاد وضرب على راسه حتى فقد بصره .
ان طبيعة الحياة قائمة على التجديد وسنة الله فى الكون التجديد فى كل المجالات فى الصناعة والزراعة والسياسة والاتصالات والطب والافكار فالحياة متجددة وكل يوم فى الكرة الارضية هناك جديد وهناك اناس عاكفون فى معاملهم يسابقون الزمن لاكتشاف علاج للمرض الفلانى او بحثا يخدم الانسانية فى مجال معين والمجتمع والامة التى تجرى فى دمائها وشرايين ثقافة التجديد والاجتهاد فى عقول ابنائها لاشك انها لها امل كبير ان تكون امة عظيمة .
ان اوربا لم تتقدم الا بعد ان اتخذت طريق الاجتهاد والتجديد ورفضت ثقافة التقليد والجمود ومنحوا العقل والفكر مساحة واسعة للابداع .
لقد اجتهد السابقون لزمانهم بما يتناسب مع امكانياتهم فى هذا الزمان وعلى اللاحقين ان يجتهدوا الان لزمانهم ايضا بالوسائل المتاحة ولايصح ان نعيش عالة على جهد السابقين .
لايمكن ان تتقدم امة قيد انملة الا اذاعطت ابنائها ومؤسساتها ضوءا اخضرا حقيقيا لاعمال العقل والاجتهاد والتجديد فى كل مجالات الحياة مع الضمان لهم ان لايثور عليهم اصحاب الامية الثقافية وانصاف وارباع المتعلمين مهما كانوا يحملون من شهادات .
ان مصير الامم يتوقف على ثقافة ابنائها ويتوقف على طريقة التفكير لديهم هل هم مقلدين يبحثون فى بطون الكتب التى كتبت من الف عام او اكثر او اقل لكى يستخرجوا منها الحلول لمشاكلهم ام انهم يبدعون ويفكرون ويجتهدون ويجددون مع الحفاظ على الاصول والثوابت التى تتعارف عليها الانسانية ام لا
لابد ان نغير قناعتنا من الحفظ والتلقين والتقليد الى الفهم والتفكير والاجتهاد والتجديد فى كل شيء بما يعود علينا بالنفع وهذه هى ايضا مقاصد الشريعة التى اهم مقاصدها عمارة الارض وعمارة الارض لن تأتى بالتقليد وانما بالتجديد والاجتهاد . حتى قواعدنا الاصولية تقول اذا اجتهد المجتهد وأخطأ فله أجر واذا اصاب فله اجران فى كل الاحوال هو له اجر .اما اخونا الذى سلم عقله لغيره يفكر له وهو متبع له فهو امعة .
هناك نوعية اشبه برجل مريض فبدلا من ان يذهب الى الطبيب لكى يكشف عليه ويكتب له الدواء فاذا به يبحث عن روشتة قديمة ويكرر العلاج الذى مر عليه شهورا وربما سنوات وربما نوع المرض غير السابق فهذا تقليد ايضا خطير
اننا اصبحنا فى وقت لايتحمل التقليد والجمود والركود ونطلق كلمات ليس فى الامكان احسن مماكان . وانا وجدنا اباءنا على امة وانا على اثارهم مقتدون . فهذا مخالف لسنن الكون ومخالف لنعمة العقل بل وتعطيل لها عن مهمتها المقدسة
#نشأت_عبد_السميع_زارع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كلمة للعالم
-
مقارنة بين أمم الارض
-
خواطرى حول داعش
-
تجديد الخطاب الدينى ضرورة حياتية ومجتمعية ورؤيتى حول قضية ال
...
-
قناة السويس الجديدة الامل والعمل
-
المسلمون وليلة القدر
-
خواطر رمضانية
-
دروس من الاسراء والمعراج
-
ورقة عمل وخلاصة أفكار
-
((عندما يغيب العقل ويحكم الدواعش ))
-
((الاسلام القولى والاسلام العملى ))
-
التفكير فى زمن التكفير
-
كيف نحتفل بميلاد النبى ص
-
داعش كفار بالاسلام الصحيح
-
زيارة الى عقل دواعشى
-
نعم للرئيس السيسي (( تجديد الخطاب الدينى هو الحل ))
-
فقه الحياة
-
عن الفكر التكفيرى اتكلم
-
((هل ترى قناة الازهر الفضائية النور فى مثل هذه الظروف ))
-
الطائفية والمذهبية سرطان الاوطان
المزيد.....
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
-
ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|