أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إلياس الاسماعلي - داعش التاريخ














المزيد.....

داعش التاريخ


إلياس الاسماعلي

الحوار المتمدن-العدد: 5077 - 2016 / 2 / 17 - 03:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يمكن تشبيه حالة المسلم اليوم بما كان يعيشه الأوروبي خلال القرون الوسطى أو أسوء من ذلك، فهو يعيش حالة من اللاواقعية فكل شيء أصبح ضده وكل أصابع الاتهام توجه نحوه فأصبح مدانا بالارهاب وتارتا بالكراهية وتارتا بعدم تقبل الاخر، أمام كل هذه الاتهامات وأمام ألف وأربعمئة سنة من التاريخ مازال لا يبدع المسلم التصرف. لقد أصبح قليل الحيلة والتفكير خصوصا مع تعدد الجبهات وظهور جماعات متطرفة تقتل وتحرق باسم الدين فإما أن يتنكر لاخوته في العقيدة وهو أمام خيارين اما تجديد الدين أو التغافل عن التاريخ، عن التراث وعن كل شيء يستغله المتطرفون لينتجون أنفسهم من جديد. أو أن يقبل بأمر الواقع ويعترف بأن داعش هي امتداد للتاريخ امتداد للدين والتراث. ولازالت نظرية المؤامرة تسلب تفكيره ولازال الكثير من المسلمين يؤمنون وبقوة أن كل ما يجري هو من تدبير منظمات عالمية فيخشى أن يسمي الأمور بمسمياتها ليس هناك ماسونية بل نظام رأسمالي لا يهمه شيء سوى الربح وبالتالي لا وجود لمؤامرة ضد الاسلام. هناك حلقة ما مفقودة يخشى كافة المسلمين أن يذكرونها حتى الحملات الاسلامية الأكثر قوة في أوروبا تخشى ذكر ذلك وهي بالتالي توصل صورة مغلوطة وحقائق مشوهة للمواطن الأوروبي.
الحلقة التي يخشى الكل كشفها هو التاريخ نفسه هو التراث الديني الذي اعتمد أسلوب المتانة في تفسير الدين والذي اعتمد أيضا أسلوب النص الحرفي وبالتالي قسم النصوص الدينية لقسمين: نصوص قطعية الدلالة ونصوص ظنية الدلالة حيث ترك للمتخصصين للأزمنة اللاحقة اللعب على نطاق ضيق فيما يخص بالنصوص ظنية الدلالة دون أن تعاد قراءة تلك التي يعتقد أنها قطعية وهي واضحة كما نزلت من السماء. لا يعي المسلم أن المنظمات المتطرفة تعمل بتلك التي يعتقد أنها قطعية الدلالة ( الزنى، السرقة، شرب الخمر، قتل المشركين...)، فالمشكل الأكبر يقبع خلف تلك النصوص القطعية وأغلب هذه النصوص يتعلق بالأحكام والحدود وهذا ما يجعل الأمر خطيرا أي أنه لا يمكن المساومة على حياة الاخرين وحرياتهم من أجل عقلية تأبى الرضوخ لأمر الواقع. ساهم رجال الدين بدورهم في انتاج هذه المنظمات والبعض منهم الان يتبرأون منها كما قد قاموا أيضا باجهاض أي محاولة لاعادة تفسير الدين واعادة تأويله بل وقد حاربوا بشراسة من أجل ذلك، وهم من يتحمل المسؤولية الأكبر في اراقة كل هذه الدماء هم من يتحملون ظهور كل هذه المنظمات الإرهابية وهنا يكمن خبثهم ودجلهم وحربائيتهم أيضا، فهم تارتا يدعون لإقامة خلافة على منهاج النبوة وتضييق الحرية ومحاربة الكفار والعلماننين ولا يتوانى رجل الدين عن تكفيرهم والدعوة لإقامة الحدود عليهم وتارتا يتنكر لكل ذلك ويتهم تلك المنظمات التي عملت بكلامه بتشويه صورة الدين وأنهم صناعة صهيوأمريكية وما الى ذلك حتى يضمن لنفسه وقتا أطول أمام شاشة التلفاز. على مدى فترة طويلة من الزمن أنتج هؤلاء وعيا جماعيا يعيش ذهانا وانفصاما فكريا شكلوا أجيالا من المرضى النفسيين والعقليين، ان المسلم اليوم لا يستطيع التفكير، لا يستطيع فهم ما حوله فهو أبعد ما يكون عن الواقع.
إن دور الأنظمة العربية والشمال افريقية لا يقل خطورة عن ما فعله رجال الدين، فبالإضافة الى ما فعله هؤلاء ساهمت هذه الأنظمة بإبعاد مواطنيها عن فهم مكمن الخلل. لا يمكن أن نستقرأ حاضرنا ولا أن نتوقع مستقبلنا دون فهم للتاريخ. تم تلقين هذه الشعوب تاريخا لا يمت للحقيقة بصلة، حيث استبدلوا تسمية الغزاة بالفاتحين والقتلة بالمدافعين عن الدين وتم تبجيل المجرمين ليصبحوا رموزا للحضارة والقوة والشجاعة وتم طمس هوية الشعوب الأصلية وفصلها عن تاريخها وحضارتها. لو تم تلقين التاريخ على حقيقته ما كنا سنجد صعوبة في وضع يدنا على الجرح وما كنا نستطيع التمييز بين ما تقوم به داعش وما كان يقوم به أسلافنا الذي قضينا وقتا طويلا في تبجيلهم. فالاغتصاب هو نفسه واستعباد واسترقاق البشر والاتجار فيه هو نفسه قطع الرؤوس وحرق الخصوم وتدمير البلاد والعباد هو نفسه لماذا نخشى القول أن داعش هي التاريخ هي منظومة تعيد نفسها باستمرار ؟ الا يكفينا خجلا أننا فوتنا على أنفسنا ركب الحضارة ركب التقدم والازدهار !
لا يمكننا القطع مع كل هذا دون فهم لماضينا كما يجب ودون أن نتصالح مع الحقيقة ونعانق أحلاما جديدة، على المسلم اليوم أن يعي مدى ضرورة اعادة تأويل الدين وعليه أيضا أن يعي جيدا أنه لا يوجد أخطر من أفكاره عليه ولا يوجد أخطر من المسلم على المسلم، عليه أيضا أن يودع تلك العقلية التي نصطدم بها كلما أردنا المضي قدما. كما يجب أن يسأل الطبيب عوض رجل الدين أن يسأل المؤرخ عوض الشيخ وأن يرى مصلحته ومصلحة الاخرين من حوله عوض التشبث في أفكار مدمرة لن تزيد سوى الطين بلة. فعقلية ألف وأربعمئة سنة كانت كافية لنكون أغبى وأجهل أمة عرفها التاريخ حاربنا العلوم بما يكفي تصدينا للتنوير ووضعنا كل الحواجز حتى لا يجد منفذا لعقولنا، اضطهدنا كل من يخالفنا ويختلف معنا ولازلنا نعتقد بكل سذاجة أننا الوحيدون من يملك الحقيقة المطلقة واستغلنا ذلك من أجل اقصاء الآخرين فأي تاريخ نحن ؟
إن أغلب محاولات تجديد الخطاب الديني باءت بالفشل كيف لا وهناك أزيد من 96 مليون جاهل جهلا فاحشا داخل هذه البلدان العربية والشمال إفريقية ولأن تعليمنا لا يجيد سوى تخريج أفواج من المعطلين ذهنيا. فهشاشة التعليم يجعل من هذه الشعوب أرضية خصبة لتنامي نزعات التطرف وقبل ذلك مشروع مجتمعي ديني لكهنة الاسلام، هنا يكمن التشابه بين ما نعيشه الآن وما كانت تعيشه أوروبا خلال العصور الوسطى إننا الآن في مرحلة التدمير الذاتي، إننا على وشك مشاهدة سوبر نوفا إسلامية فالشيء الذي لا يستطيع أقلمة نفسه وأن يكون لينا مع المتغيرات من حوله يكون مصيره الزوال وفي التاريخ شواهد عديدة على أمم دامت لآلاف السنين كان مآلها في النهاية هو الاختفاء كما تفعل النجوم حين تكون عاجزة عن الاستمرار فلا يبقى لها سوى أن تفجر نفسها وما أصعب مرحلة النهاية حيث تكون مدمرة ومجنونة وعشوائية تماما كما يحدث الآن.



#إلياس_الاسماعلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
- ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إلياس الاسماعلي - داعش التاريخ