أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منال شوقي - الأزمات النفسية للملحدين 1/2















المزيد.....

الأزمات النفسية للملحدين 1/2


منال شوقي

الحوار المتمدن-العدد: 5076 - 2016 / 2 / 16 - 23:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أزمتان عويصتان يعانيهما اللاديني علي المستوي النفسي و تدفعان المعتقدين في الأديان علي شكر ربهم الذي جنبهم الوقوعهم فريسة للإلحاد و الذي أنعم عليهم بتمسكهم بدينه الذي يوفر لهم السلام النفسي و الطمئنينة
.
أولهما : أن الملحد يعيش بلا هدف و قد فقد الأمل للأبد في الحياة الثانية و في الخلود الأخروي فلا فرق بينه و بين الحيوان الذي ليس له سوي الحياة الدنيا بل لعل الحيوان أفضل حالا منه كونه لا يُدرك فنائه !
و كثيرا ما يسأل أتباع الأديان اللادينين عن سبب إستمرارهم في الحياة و لماذا لا ينتحرون طالما أن الموت أت لا محالة و ما هي إلا مسألة وقت و في الأخير ينتظر العدم !
.
و للوهلة الأولي يُخيل لنا أن الطرح منطقي بل إننا قد نذهب إلي أبعد من ذلك و نري منطقا كبيرا في سهولة إصابة الملحد بالإكتئاب و اليأس من الحياة و شتي الأمراض النفسية طالما في النهاية يُصَدق في مقولة ( إن هي إلا أرحام تدفع و أرض تبلع ) علي نهج أسلافهم من ملحدي عرب ما قبل الإسلام .
و للوهلة الأولي أيضا نجد أنه علي العكس من ذلك تماما يكون حال معتنقي الأديان فلديهم حياتان و واحدة منهما أبدية و فيها كل المتع التي لم تخطر علي قلب بشر حيث سيجد الواحد منهم في جنته كل ما حُرِم منه في دار الإختبار , فكل من رأي صورا لقصر الوليد بن طلال و شعر بغصة في حلقه سرعان ما استعاد سلامه النفسي بمجرد أن تذكر أن قصر الوليد ليس سوي ( عشة فراخ ) مقارنة بقصره في الجنة !
و كل من أُبتُلي منهم بزوجة دميمة سمينة تذكر حور عينه في الجنة و تخيلهن علي صورة نجمات السنيما العالميات و فتيات الإعلانات من بني الأصفر , و كل موظف مُعدم يعيش علي الفُتات بلا رعاية صحية أدمية و لا ضمان إجتماعي و لا تعليم لأولاده يصلح أن نسميه تعليما إحتسب الأجر و الثواب عند ربه في عظيم صبره علي ضنك العيش و نام قرير العين متيقنا من التعويض الإلهي الأخروي .
و حتي هذا الذي يذهب إلي عمله صباحا عابرا الطريق كبهلوان في سيرك كي لا تصدمه السيارات التي يقودها عميان طرشان لا يعترفون بإشارات المرور و أحقية المشاة في عبور أمن للطريق , حتي هذا القرد القافز بين السيارات و اضعا عينيه في وسط رأسه قد يسخط لثوان ثم يعود إلي رشده مطمئنا و راضيا مرضيا داخلا في عباد ربه و في جنته !
أما المسكينة التي نهرها زوجها أو حتي ضربها فهي صابرة قانعة بحكمة ربها التي شَرَعَت فعدلت فرضيت واحتسبت أجرها العادل الذي لا تضيع عنده المظالم
.
و هكذا يتضح لنا ذلك البون الشاسع بين الفرقتين دينيون و لا دينيون, من هم علي يقين من رحمة ربهم و عدله الذي لن يضيعهم و سيكافئ صبرهم بأحسن منه و هؤلاء الضائعون الذين لا يرجون أملا و قد حكموا بأنفسهم علي أنفسهم بالفناء و العدم فأي يأس و أي ضياع و قد فقدت الحياة من حولهم معناها و تلاشت دوافع التمسك بها فكان حريا بهم السقوط في بئر الإكتئاب النفسي و الذي مآله الحتمي التفكير في الإنتحار إن لم يكن الإقدام عليه !
.
و الحق أن الملحد يمر في بداية إلحادة بفترة حرجة تتناوب عليه خلالها مشاعر حادة كالذهول و الصدمة و الغضب الشديد و الحزن , و هذا بديهي لمن إكتشف لتوه أنه قد عاش طيلة حياته ضحية خدعة كبيرة بل قل الأكبر و أكثر ما يعانيه في تلك المرحلة هو الشعور بالنقمة علي النصاب / النصابين الذين ضللوه و جعلوا منه مغفلا أمام نفسه , و لكن ولحسن الحظ فإن تلك الفترة ليست طويلة و لا سيما بالنسبة لصغار السن من المستيقظين من سُبات الدين .
و علي عكس ما يفترض أتباع الأديان تماما فالملحد يتقبل بمنتهي الرضا حقيقة الحياة الواحدة !
.
إن اللادينين بصفة عامة يتمتعون بميزة يفتقر إليها أتباع الأديان و هي غالبا حجر الزاوية و أساس الفروق بين الفريقين . فاللاديني لديه قدر عظيم من الشجاعة و الإستعداد للمواجهة و لتقبل الحقائق علي قسوتها - و هذا بديهي كون تركيبته النفسية من البداية عقلانية - مما يساعده علي الصمود و علي تخطي تلك الفترة الحرجة .
و تلك الشجاعة الأدبية و القدرة علي المواجهة هي ما أهله من البداية للبحث عن الحقيقة و لو كان يفتقر إليها - كحال المؤمن - لاستمر في تجاهل شكوكه و في الإستعاذه من عقله / شيطانه و كان قد تفل عن يساره ثلاثا كلما نقح عليه العقل مطالبا إياه باستخدامه .
ومن هنا كانت قدرة اللاديني علي التكيف مع الواقع الجديد و لأنه في الأساس لا يفتقر لذكاء - و إلا ما شك و طرح أسئلة و إنتهج مسارا منطقيا في التفكير و الاستدلال - فإنه يعيد ترتيب أوراقه واضعا الخطة (ب) خالقا جنته علي الأرض و هذا يُفسر إهتمام اللاديني بالإصلاح و سعيه الدائم للقضاء علي كل ما كان ليس مثاليا و كل ما من شأنه أن يضر بمجتمعه و بالإنسانية بصفة عامة .
.
لن تجد ملحدا راضيا مرضيا بظلم وقع علي غيره و لا صامتا عن حق سُلِب من غيره , علي عكس المؤمن الذي يردد كببغاء إن هو نفسه تعرض للظلم : و أصبر علي ما أصابك من الأذي فإن ذلك من عزم الأمور , اللاديني لن يصبر علي الأذي بل سيواجهه فإن كان الصبر علي الأذي من عزم الأمور فكيف تكون السلبية ؟ لن يتجاهل الملحد فشله بعبارة مثل ( المؤمن دايما مُصاب ) أو ( إذا أحب الله عبدا إبتلاه ) بل سيواجه هذا الفشل متحديا إياه و المسألة عنده أكون أو لا أكون !
.
و الملحد يحترم عقله , بل و يقدسه و يري في الإنكار و الإحجام عن المواجهة جبنا ينأي بنفسه عنه و في إدعاء الإيمان و تبني رهان باسكال حطا من قدره و ازدراءً لنفسه , و ما أكثرهم أتباع الدين المراهنين في حلبة الرب علي حصان إحتمالية وجوده فإن ربح نجوا من العذاب و فازوا بالثواب و إن إتضح أن الحصان كان وهميا ما خسروا شيئا !
و نسوا أنهم خسروا أنفسهم و عاشوا و ماتوا قطعانا في حظائر واضعي الأديان هؤلاء الذين أطعموهم علفا حتي و هم في قبورهم , و نسوا أن ربهم لو كان حقيقة لعلم قبلهم برهانهم و نفاقهم و وضاعة نفوسهم .
.
هذا هو المحور و الفرق الجوهري بين إناسا عاشوا ليموتوا فما التفتوا لقوانين قمعية و لا لدساتير مُخزية و لا لظروف حياتية لا أدمية فقبلوا بكل شيئ و أي شيئ لأنهم إعتقدوا في أن زيادة جرعة العذاب و الإذلال في الدنيا يقابلها تعويضا إلهيا أخرويا و كلما عانوا في حياتهم كلما هون عليهم ربهم حسابهم و أحسن جزائهم و بحبح يده في عدد القصور و الحوريات و أنهار العسل و اللبن و الخمر فماذا يُضير من مر يوميا علي تلال القمامة و الذباب و شَرِب ماء المجاري و تعثر في الحُفر التي لا يخلو منها شارع طالما كان الإمعان في معاناته الدنيوية تعني الزيادة في مُتعه و مكافأته الأخروية !!! ( منطق ) !
لاحظ فلسفة المؤمن التي تقول بتخليص ذنوبه في الدنيا كلما وقع عليه ضرر أو حتي إن أصابه مرض , بل و حمد ربه و شكره علي الألم ( منطق أيضا ) !
.
أما اللاديني فقد وُلِد ليحيا , و هذا هو بالضبط سبب وجوده إن كان لابد لوجوده من سبب و بما أنها حياة واحدة فينبغي أن يجعلها علي أكمل وجه و ينبغي أن يُحسِن إستغلال كل لحظة فيها لأنها لن تُعَوَض و نعلم - نحن اللادينيون - أنه ليس من الحكمة أن نحزن فنُطيل الحزن بل من العقل أن نسعد فنمد في سعادتنا إلي أقصي ما نستطيع بل أن نجتر سعادتنا إجترارا , فلا إكتئاب و لا يأس و لا دياوله .
رحلة و قضيناها علي الأرض و كنا محظوظين جدا من البداية عندما أُتيحت لنا الفرصة فعشناها لأن غيرنا لم يشأ له القدر أن يُولد من الأساس و كما كنا بعضا بلا وعي من مادة الكون قبل أن نولَد سنعود بعضا خالدا في الكون بمادة أجسامنا و بلاوعي كما كنا , فهل كان ذلك ليضايقنا !!!
.



#منال_شوقي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التكنولوجيا علي وشك الإنتهاء من نعش الله
- في عيد الحب ... رسالة حب لعزيزي المسلم .
- الله الذي سكت دهرا ثم نطق سخفا
- الله الرجل (2 )
- الله المحدود
- الله الرجل (ّ1)
- الله السميع ذو الأذنين !
- الله ذو الحاجة
- نوال السعداوي يا هويتي
- أحتاج إليك يا ......
- أحتاج إليك
- الله البدائي !
- فاطمة ناعوت و ازدراء العلمانية ( بالشفا )
- المرأة المسلمة هي الأقذر بلا فخر
- بين قذارة العقل و طهارة الفرج المزعومة
- دعوة علي مائدة الجسد ... ماذا يضيرك يا الله !!!
- بالتوك الله و مجاهديه
- لحكمة لا يعلمها حتي الله
- في دولة المسلم و المسيحي تعالي يا وكسة هنا في ريحي
- تشريعات إلهية أم إمتيازات محمدية


المزيد.....




- سيناريوهات حاسمة تنتظر -الإخوان- بالأردن بعد كشف خلية الفوضى ...
- محمود عباس: نؤكد دعمنا للجهود المبذولة للحفاظ على الوجود الف ...
- كيشيناو تمنع رئيس الأساقفة من السفر إلى القدس مجددا
- استجواب جماعي لرجال الدين الأرثوذكس في مولدوفا
- رئيس البعثة الكنسية الروسية في القدس: سلطات كيشيناو تتدخل بش ...
- الكنيسة الروسية تعلق على تعطيل كيشيناو رحلة أسقف المطرانية ا ...
- إصابات إثر اعتداء للمستعمرين في سلفيت
- المسيحيون في القدس يحيون يوم الجمعة العظيمة وسط أجواء مثقلة ...
- البابا فرانسيس يزور سجنا في روما ويغيب عن قداس عيد الفصح
- فرح الصغار وضحكهم: تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على نايل ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منال شوقي - الأزمات النفسية للملحدين 1/2