|
المرجعية بين التدخل في السياسة وعدمه
طاهر مسلم البكاء
الحوار المتمدن-العدد: 5076 - 2016 / 2 / 16 - 00:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ادعى الأحتلال انه جاء من اجل نشر الحرية والديمقراطية الأمريكية وإشاعتها في العراق ولكنه على أي حال فهو احتلال،وقد ادت ممارساته الى تخريب البلاد وهدم بناها التحتية ،ورغم ان مرجعية السيد السيستاني تعلن في كل مناسبة انها معنية بالأمور الدينية والعبادية ،غير انها تدخلت في أكثر من مناسبة محاولة الوقوف الى جانب الشعب العراقي الذي بدى بدون مساندة بين مطرقة الأحتلال وسياسي المهادنة ،اولئك الذين هادنوا الأحتلال باحثين عن مغانم شخصية ومناصب ورواتب فخمة وامتيازات غير موجودة في اي مكان في العالم فأفقروا العراق وأوصلوه الى شفير جرف هار ٍ ! برز السيد علي السيستاني المرجع الديني للشيعة في العالم والذي عاش فترات قد تكون صعبة خلال الأحتلال الأمريكي للعراق ،كون مرجعيته كانت تعنى بالأمورالدينية دون التدخل بالسياسة ،وتعطينا نظرة سريعة الى مؤلفاته العديدة ،نجد انها دينية ولم يتطرق فيها الى السياسة ، غير اننا نجد حرصا ً ان يكون ممثل عن المرجعية ضمن لجنة كتابة الدستور ،واستقبل العديد من سياسي العراق ومن خارجه ،بعد 2003 ،لماكان يملك من امل في اعادة بناء العراق ودوام استقراره ورفاهيته ، وقد تمييز بفتوى الجهاد الكفائي ،الذي كان فعالا ً في الحد من توسع فيروسات داعش وانتشارها ،والتي ادعت الجهاد ايضا ً ولكن جهادها تمييز بالقتل والذبح والحرق والأغتصاب وهتك الحرمات وتشوية الدين الأسلامي دين السماحة واليسر، بينما الجهاد الذي دعت اليه المرجعية كان غرضه الأساس حماية أموال واعراض المسلمين كافة ،من السنة و الشيعة ومن يعيش بين ظهرانيهم من الأقليات الأخرى ،وكان يمكن ان تسقط البلاد بيد داعش بسهولة لولا الفتوى تلك التي قلبت موائد تخطيط مسيّري داعش ومحركيها . يقول القائلون لماذا لاتتدخل المرجعية ؟ يتساءل الكثير من المواطنين وخاصة هذه الأيام ،وبعد أعلان ممثل المرجعية عدم تناول الأمور السياسية في خطب الجمعة ،لماذا يحصل هذا الموضوع وهم ينتظرون تدخلا ً بصورة اكبر ويريدون كشف المرجعية لأسماء السياسين الذين أوغلوا في الفساد وسرق المال العام ،فما الضير من كشف المرجعية لأسماء الفاسدين والمجرمين والمزورين والمتصيدين في المياه العكرة, بأعتبارها الراعية والموجهه دينيا واخلاقيا وحماسيا للجماهير الغاضبة، وهم يعتقدون ان على المرجعية ان لا تخشى في الله لومة لائم وعليها ان تكشف اسماء الفاسدين بأسرع وقت ممكن لكي تكون موطن ثقة المواطن الذي قد يفقد الثقة بكل شيء . يتوقع البعض ان المرجعية قالت قد بحت اصواتنا، وقد تكون فضلت الانسحاب من الجانب السياسي،وهي تعبر بذلك عن أعلى درجات اليأس بالمسؤولين وجماهير الشعب على حد سواء ، فالشعب الذي يرفع شعارهيهات منا الذله وهو غارق في الذل وعبادة الأشخاص الى العظم ،والبعض الآحر يقول لا لن تتخلى المرجعية عن الشعب وهي تتهيأ لدور أكثر واكبر تأثير،وعلى الشعب ان يعي انه ملزم بالوقوف معها ،وهناك فريق آخر يرى ان القادم سيكون اسوء بكثير ،ولأجل حفاظها على بياض صفحتها فأنها تستبق الأحداث وتحاول البقاء بعيدا ً . وهناك فريق يرى في ظهور ممثل المرجعية ،في الأيام التالية مباشرة ، وهو يكنس في الشارع ، إشارة الى ضرورة كنس جميع زمر الفساد في البلاد ،وقول آخر من ان دور المرجعية ليس اكثر من دور توعية وتوجيه للحكومة ،فهي ليست صاحبة القرار في ظل وجود حكومة مختارة من قبل الشعب و انسحاب المرجعية جاء لوعيها بأن خطبها السياسية هي مضيعة للوقت ،فلا تجد اذاناً صاغية في ظل التخبطات السياسية والحزبية ، وحتى السياسيين كأشخاص ليس لهم قرار ناتج عن وعي ومعرفة واستقلالية بل هو اتباعاً لقائد الحزب والكتلة اكثر منه قراراً شخصياً . فدور المرجعية هو النصح والارشاد وهو دور سنه الله سبحانه وتعالى من خلال انبياءه ولمختلف الرسالات (فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ)، ( فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ )، ( لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ ) وايات اخر، اما اذا تعدى دور المرجعية الدور الحالي ،والذي يطالب به المثقفون الان فهو يتحول الى ولاية الفقية وهو غير مقبول من المثقفين انفسهم لقولهم : انه يصادر عقولنا، المشكلة مشكلة سياسين و مشكلة مجتمع ، فالمجتمع مثقف يٌنظر في المقهى وفي الجلسات الخاصة ،لكنه لايستطيع ان يجتمع على رأي واحد ومطالب موحدة ومشرفة ،يفرضها فرضا ً على السياسين لأستعادة كرامته المهدورة وثروات البلاد المنهوبة . هل المرجعية معذورة ؟ تاريخيا ً وعند تتبعنا لسيرة آل بيت الرسول (ص) وهي السير التي تسير المرجعية بهداها نجد أجوبة شافية لكل متسائل ، ونجد اننا نستطيع تحديد مقدار إقدام المرجعية الحالية من تاريخ 2003 ولحد اليوم : فالأمام علي لم يتدخل في الحياة السياسية خلال فترة الخلفاء الذين سبقوه،مالم يطلب منه ذلك ،ولكنه فرض اسلوبه في الحكم خلال فترة خلافته ،وبعده تخلى ابنه الحسن عن الخلافة لمعاوية في تسوية سياسية بعد ان تجلى له خيانة عسكره وميلهم الى الأطماع الدنيوية الرخيصة ، وثار الحسين في كربلاء على يزيد الذي كان توريثه للخلافة تجاوز على الأسلام وتشويه لمبادئه ، غيران من آزره نفر قليل ،رغم انه سليل الرسالة المحمدية ،واتخذ الأئمة من بعده طريق المرجعية الدينية والأرشادية والعلمية ومع ذلك لم يسلموا من بطش السلطات المتعاقبة ،إذن فما نطلبه اليوم من المرجعية الحالية هو مطلب ليس سهل ،حيث لاتملك المرجعية اي سلطات سياسية او قوات عسكرية ،وليس من المتوقع ان فتوى باتجاه رؤوس الفساد تفيد كونها تحتاج الى إحالة الى القضاء والقضاء فاسد، وقد طلبت المرجعية في أولى طلباتها إصلاح القضاء دون ان ينفذ ، ودون ان ينتج عن ذلك رأي شعبي ضاغط يؤدي الى نتائج مرجوة ، وهذا يعني ان ماحصل في التاريخ قد يتكرر اليوم وبكل سهولة ،فقد يتم النيل من المراجع ان استمر الوضع على هذا الحال ،مع شعب لم يفهم ماتريده وماتطلبه المرجعيه منه ،ولم ينفذ توجيهاتها ،فعلى سبيل المثال : عندما وجهت على اختيار النزيه والكفوء في الانتخابات ،وعدم اعادة المسؤولين السابقين الذين تم تجربتهم فلم يفلحوا ،لم يلتزم الشعب ، وفي امور أقل شأنا ً كأطلاق العيارات النارية في المناسبات ،وفي الألتزام في عادات غير جيدة في مراسم العزاء ،وفي التجاوز على الشبكة الكهربائية ، وفي الطلب بعدم المشاركة في الفساد والرشى وغيرها . ورغم ان شعبنا يشترك في الشعائر الدينية بأكمله ،غير ان هناك شعارات وتصرفات مخيفة فيه مثل : شعليه يا أخي ، وهلا بيك هلا وبجيتك هلا ،ياهو الجان ،وعادة المسح على أكتاف المسؤول بدلا ً من قول كلمة الحق في وجه ،وهكذا ، كل هذا يجعلنا نعطي مرجعية النجف الحالية درجات عالية من الأقدام في الأشتراك في الحياة السياسية ،وفي توجيه الساسة والشعب على حد سواء ،ولكن درجات الخذلان التي تعرضت لها من الساسة والناس على حد سواء ،كانت كبيرة ،وهناك قصص اعلامية كثيرة عن تحذيرات وصلت الى المرجعية بعدم التدخل في الأمور السياسية وعلى فترات مختلفة،ولكنها تجاوزتها رغبة منها في الأبقاء على وحدة الصف !
#طاهر_مسلم_البكاء (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل تصلح أمريكا ماأفسدته؟
-
انسحاب المرجعية والقرار العراقي
-
أمريكا ودعوى الجهاد
-
ربيع جديد ام خيبة امل
-
هواة التظاهرات
-
المحاصصة البغيضة تهدم العراق
-
ايران والعراق.. مقارنة
-
الأرهاب أم حوادث الطرق
-
من سايس حمير الى أمير
-
ماذا كسبت أمبراطورية أمريكا ؟
-
العراقي والمستقبل
-
الرد العراقي
-
أمريكا والعزف على أوتار داعش والكرد
-
فايروسات الحروب الأمريكية
-
اكبر مهرجان في العالم (1)
-
أكبر مهرجان في العالم (2)
-
من حفر حفرة لأخيه وقع فيها
-
الطائرة الروسية هل تثير حربا ً
-
السكاكين الصدئة وبيت العنكبوت
-
خرافة الجلبي وامريكا
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|