|
إسرائيل و الحب المستحيل!
ريهام عودة
الحوار المتمدن-العدد: 5074 - 2016 / 2 / 14 - 00:55
المحور:
حقوق الانسان
في أي دولة عادية، عندما يرغب رجل بالزواج من امرأة تحمل نفس جنسيته و لكنها تقطن في مدينة أخرى حدود الدولة ، لا يتجاوز الأمر مدة ساعة بالقطار، و يذهب إليها أو تأتي إليه، ويتم عقد القران بكل بساطه دون أي حواجز أو عوائق للسفر سوى ربما ثمن تذكرة الحافلة أو القطار ، فالزواج من نفس الجنسية أمر مفروغ منه في كافة دول العالم ، و لا يوجد محاذير أو شروط أو مشاكل قانونية تعيق هذا النوع من الزواج ، وهو موضوع لا يتم مناقشته أبدا بتلك الدول، لأنه حق طبيعي لأي مواطن أو مواطنة بالتنقل و السفر و الحركة بحرية في كافة أنحاء الوطن.
لكن بالنظر للمواطنين الفلسطينيين المتواجدين في كل من قطاع غزة و الضفة الغربية ، فالموضوع أشبه بالمستحيل، عندما يريد مواطن من الضفة الغربية أن يرتبط بمواطنة من غزة أو عندما ترغب مواطنة من الضفة الغربية أن تتزوج من مواطن بقطاع غزة ، مما جعل الفلسطينيون بالضفة الغربية ينصحون أبنائهم و بناتهم أحياناً ، بعدم التعلق أو الوقوع في الحب مع أشخاص يسكنون في قطاع غزة ، لأن ذلك هو الحب المستحيل !
و ذلك بسبب القوانين الأمنية للاحتلال الإسرائيلي التي تمنع الفلسطينيين من شقي الوطن بالحصول على تصريح تنقل للزواج أو وثيقة للم الشمل تجمعهم للعيش تحت سقف واحد ، وذلك بغض النظر عن بعض الحالات الخاصة التي ربما سُمح لها من قبل، بالحصول على أوراق ما يسمى "لم الشمل" بعد عدة سنوات من المعاناة في أروقة مؤسسات حقوق الإنسان و محافل المحاكم الإسرائيلية.
إن الغريب بالأمر، و في موضوع عدم سماح إسرائيل لمواطني قطاع غزة للتنقل إلي الضفة الغربية من أجل الزواج بمواطني الضفة الغربية أو العكس ، هو أن معظم القادة الإسرائيليون السياسيون و العسكريون يصرحون دائما ، أن إسرائيل تؤمن بحل الدولتين و أن إسرائيل لا تريد حكم كل من الضفة الغربية وقطاع غزة و أن احتلالها للضفة الغربية هو مجرد مرحلة مؤقتة لحين توفر شريك فلسطيني مناسب لها و مستعد للسلام للنهائي معها حسب معايير الأمن الإسرائيلية ، الأمر الذي يجعلنا نطرح هنا بعض الأسئلة التعجبية و هي:
- طالما لا يوجد نية لإسرائيل لاستمرار سيطرتها على الضفة الغربية و قطاع غزة ، فلماذا مازالت تتحكم إسرائيل بمصير سكان هاتين المنطقيتين حتى الآن؟ - ما هو الخطر الأمني الذي سيهدد إسرائيل في حال تزوج محبين اثنين من الضفة الغربية و قطاع غزة، و اختارا العيش إما بالضفة الغربية أو قطاع غزة ؟ - ولماذا تتدخل إسرائيل في الزواج المختلط بين سكان الضفة الغربية و قطاع غزة ، ماداموا هم مواطنون فلسطينيون، و سوف يعيشون تحت مظلة القوانين الفلسطينية و في كنف السلطة الفلسطينية ؟ - هل تخشى إسرائيل على طبيعة التغيير الديمغرافي بالضفة الغربية في حين حصل نسب مشترك بين أهل الضفة الغربية و أهل غزة ؟ ماذا يهم ذلك الإسرائيليون إذا كانوا بالفعل لا يكترثون بحكم الضفة الغربية للأبد ؟ - هل إسرائيل قلقة على طبيعة الجينات الخاصة بسكان الضفة الغربية في حال تزاوجوا مع سكان قطاع غزة ؟ أم أن الموضوع هو مجرد عقاب جماعي ضد سكان القطاع و سكان الضفة الغربية و مجرد مزاج شخصي لرجل الأمن الإسرائيلي الذي يتحكم بعواطف الفلسطينيين و يُنصب نفسه قاضيا على قلوب الفلسطينيين، فيسمح تارة لمحبين بالزواج و يمنع تارة أخرى زوجين آخرين بعدم الالتقاء و الزواج؟
إن استمرار المنع الإسرائيلي للفلسطينيين للزواج ضمن حدود جغرافية معينة ، لا يوجد له أي مبرر إنساني أو قانوني أو حتى أمني ، سوى حب السيطرة و التحكم بمصائر البشر!
فهؤلاء المحبون، عندما يحصلون على لم الشمل وتصريح المرور، سوف تسري عليهم كافة القوانين الفلسطينية مثلهم مثل أي مواطن عادي يعيش في الأراضي الفلسطينية ، و ليس لذلك أي تأثير على أمن إسرائيل، لأنهم سيعيشون ضمن المناطق الجغرافية التي تتحكم بها السلطة الفلسطينية ، لذا فقد حان الوقت لسلطات الاحتلال الإسرائيلي أن توقف سياسة منع الشمل و إجراءات التفرقة بين الفلسطينيين حسب مكانهم الجغرافي و عليها أن تلغي قوانينها العقابية ضد الشعب الفلسطيني بحجة المحافظة على أمن إسرائيل ، فكيف لإسرائيل أن تُسوق لنفسها أمام العالم ، بأنها الدولة الديمقراطية الوحيدة بالشرق الأوسط و أنها مناصرة لحقوق الإنسان حسب تصريحات قيادتها ، وفي نفس الوقت تناقض نفسها بنفسها و تقبل أن تكون بمثابة حاجز فصل عاطفي عنصري بين الفلسطينيين أنفسهم ؟
لماذا تحرم إسرائيل الفلسطينيين من أبسط حق إنساني لهم، وهو الحق بالحب و الزواج بالأشخاص الذين يرغبون بهم، وذلك تحت ذريعة أوهام أمنية وقوانين إسرائيلية قديمه عفا عنها الزمن، وقد حان الوقت لأن أن تتخلى إسرائيل عنها للأبد و أن تتخلى أيضاً عن احتلالها ليس فقط للأراضي الفلسطينية بل لمشاعر الفلسطينيين الممزقة اللذين يشعرون بالألم و المعاناة بسبب حرمانهم من الحرية و منعهم من التمتع بأبسط حق في الحياة ، حق التنقل و الزواج بمن يحبون.
و أخيرا، أقول هنا و بصوت مرتفع : في عيد الحب و بأمر الحب ، فليُغرم الجميع و ليتزوج الجميع ! فهل نصبت إسرائيل نفسها أيضاً حاكماً عسكرياً على قلوب الفلسطينيين؟
#ريهام_عودة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إلي اللواء ماجد فرج: لا تُبرر ولا تُعطي الحبة الزرقاء !
-
السياسة ليست لعبة قذرة !
-
التحالف مع الشيطان !
-
هكذا تدفع إسرائيل ثمن محاولة تهميش عباس !
-
إسرائيل لم تردع حماس
-
من ينقذ الشعب ؟ البحث عن البطل!
-
المخاوف العربية من الاتفاق النووي الإيراني
-
الوليد بن طلال ، إنسان اكتشف معنى الحياة ...
-
لماذا يكره العرب إسرائيل و يحبون فرنسا ؟
-
الحل ليس السلام!
-
رأس العبد !
-
التلوث يهدد بحر غزة
-
موسيقى الغجر ...
-
انتهاك حقوق الحيوانات إلي متى ؟
-
السائق الفلسطيني وحزام الأمان
-
البضاعة الصينية إلي أين ؟
-
العقل العربي و المؤامرة ...
-
إعادة إعمار غزة : قيود إسرائيلية و مخاوف فلسطينية
-
لا لعبادة الأصنام !
-
قيادة الأمل : هذا ما يحتاجه الشعب الفلسطيني !
المزيد.....
-
يوم أسود للإنسانية.. أول تعليق من الرئيس الإسرائيلي على أوام
...
-
حماس: أوامر اعتقال نتنياهو وجالانت تصحيح لمسار طويل من الظلم
...
-
رفض إسرائيلي لقرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو
...
-
منظمة الفاو تحذر من وصول المجاعة إلى أعلى درجة في قطاع غزة،
...
-
مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت والضيف.. كل ما نعرفه للآ
...
-
مذكرة اعتقال ضد نتنياهو.. أول تعليق من مكتبه وبن غفير يدعو ل
...
-
زلزال سياسي: المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال في
...
-
حماس ترحب بإصدار المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال بحق ن
...
-
حماس تحث المحكمة الجنائية الدولية على محاسبة جميع القادة الإ
...
-
هولندا تعلن استعدادها للتحرك بناء على أمر الجنائية الدولية ب
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|