|
ماهية ومكونات الإنسان في القرءان الكريم: الفصل الأول: (خلق آدم)
نهرو عبد الصبور طنطاوي
الحوار المتمدن-العدد: 5074 - 2016 / 2 / 13 - 08:21
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ظل الفلاسفة والمتكلمون والنفسيون والمفكرون الغربيون والشرقيون القدماء والمعاصرون يسودون آلاف الصفحات عن الإنسان وماهيته ومكوناته وأجزائه وأعضائه، وهل هو جسم ونفس أم جسم فحسب؟، وهل نفسه هي جوهر لامادي أم محض مادة خاليه من الجواهر؟، وما ماهية عقله؟ هل هي قوة روحية أم ملكة معنوية أم محض تفاعلات كيميائة تفاعلية في الدماغ؟، وهل للإنسان فطرة تجبله على الخير وتزوده بالمعارف القبيلة أم لا؟ وهل له روح عبارة عن كائن أثيرى يحيا بوجوده فيه ويموت بخروجه منه؟ وهل الروح خالد بعد فناء الجسد أم يفنى بفنائه؟ أم أن الروح محض خرافة جاءت بها الأديان؟، هذا غير الصعوبات والعثرات التي واجهت جموع هؤلاء في تحديد مفهوم الإنسان وهويته النفسية أو الشخصية باعتباره مفهوما فلسفيا، وهل الهوية النفسية أو الشخصية للإنسان يتم تحديدها من خلال انفتاح الإنسان على المجالات الحقوقية والأخلاقية والسياسية؟ أم لارتباط هوية الإنسان الشخصية والنفسية بذاكرته أم بوعيه أم بإرادته أم بحريته؟، وهل الإنسان كائن يختلف عن بقية الكائنات الحية الأخرى لأنه كائن عاقل أم لأنه كائن أخلاقي أم لعلاقته مع الغير أم لقدرته على المبادرة والفعل أم لأنه كائن مختار وقادر على التضحية وتحمل المسئولية؟.
كل هذه الأسئلة ومئات بل وآلاف غيرها لم تلق جوابا عليها يثلج صدور الجماهير الغفيرة ممن يتلون كتابات ومقالات الفلاسفة والمتكلمين والنفسيين والمفكرين عبر الدهور الطويلة وحتى يوم الناس، ما يجعل كل يوم نرى ظهور فلاسفة جدد ومتكلمين جدد ومفكرين جدد ونفسيين جدد علهم يجيبون على نفس الأسئلة القديمة الجديدة والمتجددة حول ماهية الإنسان وماهية مكوناته، وربما ذلك العجز عن فهم ماهية الإنسان وفهم ماهية مكوناته يعود إلى أن الإنسان ليس هو خالق نفسه، وبالتأكيد لم يشهد خلق نفسه، كما قال تعالى: (مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنفُسِهِمْ). (51_ الكهف)، إذاً، كيف يتثنى له أن يعلم مكونات ذاته وتراكيبه الداخلية والخارجية؟، أو حتى يعلم حقيقة تلك الأسماء التي نطلقها على بعض مكوناته مثل: (العقل، الفطرة، الذكاء، العبقرية ووو...إلخ)، وهل مثل هذه الأسماء لها حقيقة عضوية في الإنسان تتبع معانيها لتلك الأسماء؟ أم تلك الأسماء ما هي إلا محض أوهام سميناها نحن وآباؤنا من قبل لأشياء ليس لها مسميات ولا مضامين ولا معاني ولا مدلولات بل ولا وجود؟.
بعد اختراع الشبكة العنكبوتية وتحديدا في عام (1998) حين بدأت أتابع ما يكتب وينشر في كثير من المواقع حول الفلسفة والدين والسياسة وغيرها من المواد المنشورة وحين بدأت مواقع التواصل الاجتماعي في الظهور والانتشار بدأت ألحظ اهتماما كبيرا من كثير من رواد مواقع التواصل بالكتابات التي تدور حول الإنسان وماهيتيه ومكوناته، سواء كانت كتابات قديمة لكتاب غربيين أو عرب أو كتابات حديثة لكتاب معاصرين غربيين وعرب، ورأيت أن معظم هذه الكتابات تنسخ من بعضها بعضها مع بعض التغييرات في الصياغة والأسلوب والتناول وليس لديها جديدا ذا قيمة تقدمه للقراء، ووجدت كثيرا من تلك الكتابات الفلسفية والدينية والفكرية والنفسية التي تتحدث عن الإنسان وماهيته ومكوناته، وجدت جلها لا يخرج عن كونه محض تخيلات ورؤى وتجارب شخصية لا تمت للعلم ولا للواقع ولا للحقيقة بصلة، بل وجدت مثل تلك الكتابات تؤدي إلى تضليل الناس وإضلالهم عن أنفسهم، وتشويه الواقع الحقيقي للإنسان الذي خلقه الله عليه، بل إن جل تلك الكتابات وما تحمل من أفكار تنسب للإنسان أعضاء وأجزاء ومكونات ليست فيه على الإطلاق، ويظل الناس يطلقون أسماء أدوات وأجزاء وأعضاء إنسانية ليست في الإنسان أصلاً، بل جل تلك الكتابات قامت بإطلاق أسماء على أحد المكونات الهامة في الإنسان وذلك المكون لا يحمل أي دلالة أو معنى لذلك الاسم، وذلك المكون يحمل اسما حقيقيا آخر تم اطلاقه على عضو آخر وهكذا، حتى أصبح الانسان لا يدري بحقيقة نفسه التي بين جنبيه بل لا يدري كيف تعمل أجزاؤه ومكوناته ولا الأسماء الحقيقية لها.
ومن هنا رأيت أن أعود إلى صانع الإنسان وخالقه لأعلم من صاحب الصنعة وصاحب الخلقة ماهية ومكونات صنعته، (أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ). (14_ الملك). حتى أرى ماذا قال الصانع الخالق العظيم عن خلق الإنسان وماهيته ونفسه وروحه والفطرة وما هو الميثاق الذي أخذه على ذرية آدم ومتى وأين؟، وعقله _إن كان له عقل_، وقلبه وفؤاده وإرادته ومشيئته ووعيه وإدراكه وشعوره وإحساسه وعلمه ومعرفته وحواسه ووو...إلخ. وسوف أتناول كل مفردة من هذه المفردات في فصل مستقل أو حسب ما يقتضيه الموضوع، وأبدأ الآن بالفصل الأول الذي قد سبق لي نشره بتاريخ: 8 / 10 / 2009 تحت عنوان: (آدم ليس خليفة الله في الأرض). وأعيد نشره اليوم كفصل أول لكتاب: (ماهية ومكونات الإنسان في القرءان الكريم) تحت عنوان: (خلق آدم)، فهذا الكتاب كنت قد بدأت فيه وانتهيت منه منذ عدة سنوات وتركته دون مراجعة، وها الآن أبدأ في مراجعته ونشره وأسأل الله الرشد والهدى فهو الهادي إلى سواء السبيل.
## الفصل الأول: (خلق آدم)
قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) (30_ البقرة).
ينتشر في معظم كتابات السلف والخلف قولهم: (الإنسان خليفة الله في الأرض). إلا أن القوم قد اختلفوا في من (المخلوف)؟، فقال قائل منهم: آدم خليفة الله في الأرض، وقائل: آدم خليفة الجن الذين كانوا يسكنون الأرض قبل آدم، وغيرها من الأقوال التي لا برهان عليها، وهذا الخلاف جاء من خلط القوم بين دلائل ومعاني الأفعال: (رسل، وكل، فوض، خلف) وظنوا أنها جميعا تحمل معنى واحدا، ولو تقصينا دليل ومعنى كل فعل منها لوجدنا أن كل فعل منها يحمل دلالة ومعنى يخالف الآخر، فالفعل (رسل) أو (أرسل): يدل على بعث غيرك إلى شيء من دون حضورك. والفعل (وكل) أو (أوكل): يدل على اعتمادك على غيرك في أمرك وجعله نائبا عنك. والفعل (فوض): يدل على اتكالك على غيرك في رد أمرك إليه.
أما الفعل (خلف) محل النقاش: فيدل على مجيء شخص بعد شخص ليقوم مقامه، ويدل على التأخر خلاف التقدم، إلا أن القوم جعلوا كل هذه الأفعال تحمل مفهوما واحدا ودلالة واحدة مما جعلهم يحملون معنى كل من الرسول والوكيل والمفوض إلى معنى الخليفة ليستبدلوا به المعنى الحق للخليفة من دون علم ولا برهان ولا سلطان، فظنوا خطئا أن الله جعل آدم في الأرض خليفة له بمعنى نائبا عنه، أو جاء به ليرد إليه أمر تدبير شئون الأرض ويقيم الحق والعدل فيها، أو جعل آدم خليفة للجن الذين كانوا يسكنون الأرض حسب زعم القوم، وبقولهم هذا قد أضلوا الناس عن إدراك الحق في خلق آدم واستخلافه في الأرض فوقعوا في الضلال بعيد.
ولو وقفنا على المعنى والدلالة الحق لكلمة (الخليفة) لوجدنا أنه من الخطأ الفاحش أن يكون آدم خليفة الله في الأرض، لأن من دلالات الفعل (خلف) أنها تدل على الخلف ضد القدام، قال تعالى: (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ). (البقرة:255)، وقال تعالى: (فَٱ-;-لْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً) (يونس:92)، ومنها (خلف) ضد تقدم ويقال: تخلف فلان فلانا إذا تأخر عنه أو جاء خلف آخر وقام مقامه، ومصدره الخلافة، نحو: (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ ٱ-;-لصَّلَٰ-;-وةَ) (مريم:59)، ويقال لمن خلف آخر فسد مسده، وخلف فلان فلانا، قام بالأمر عنه، والخلافة لا تكون إلا نيابة عن غير إما لغيبة المنوب عنه، وإما لموته؛ وإما لعجزه؛ قال تعالى: (هُوَ ٱ-;-لَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ فِي ٱ-;-لأَرْضِ) (فاطر:39)، وقال: (وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ) (هود:57)، أما الاختلاف والمخالفة: هو تنازع في خلافة شخص لآخر في قوله أو فعله رغم وجوده، قال: (فَٱ-;-خْتَلَفَ ٱ-;-لأَحْزَابُ من بينهم) (مريم:37)، (وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ) (هود:118)، (إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ) (الذاريات:8)، وقال: (وَلاَ تَكُونُواْ كَٱ-;-لَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱ-;-خْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱ-;-لْبَيِّنَاتُ) (آل عمران:105).
وبهذا المعنى وبهذه الدلالة لكل من كلمة خلف وخلافة وخليفة لا يمكن أن يكون آدم خليفة لله في الأرض، لأن الخليفة في الأصل هو الذي يخلف غيره ويأتي وراءه أو بعده بدلاً عنه في عمل يعمله، وهذا محال في حق الله لأن الله لم يكن مقيما في الأرض وتركها ثم جعل آدم خليفة له، ولم يكن الله يعمل عملا ما في الأرض ثم جاء بآدم من ورائه أو بعده بدلا عنه للقيام بذلك العمل، ومن المحال أن يجعل الله آدم خليفة له ليتولى عملاً يريده المستخلِف مثل الوكيل والوصي، ولا يستقيم معنى الخلافة مع جعله في الأرض مدبراً يعمل ما يريده الله في الأرض، لأن الله تعالى لم يكن حَالاً في الأرض ولا عاملاً فيها ليستخلف آدم من بعده، ومحال أن يكون الخليفة خليفة إلا لمن كان له مقام حقيقي في محل الخلافة ثم رحل، ومحال أن يخلف شخص شخص آخر لم يكن له وجود في محل الخلافة.
فالخلافة أو الخليفة هو الذي يخلف غيره ويأتي وراءه أو بعده بدلاً عنه في عمل يقوم به، وهذا محال في حق الله لأن الله لم يكن مقيما في الأرض وتركها ثم جعل آدم خليفة له، ولم يكن الله يعمل عملا ما في الأرض ثم جاء بآدم من ورائه أو بعده بدلا عنه للقيام بذلك العمل، ومن المحال أن يجعل الله آدم خليفة له ليتولى عملاً يريده المستخلِف مثل الوكيل أو الوصي، ولا يستقيم معنى الخلافة مع جعله في الأرض مدبراً يعمل ما يريده الله في الأرض لأن هذه ليست خلافة، لأن الله تعالى لم يكن حَالاً في الأرض ولا مقيما فيها ليستخلف آدم من بعده، ومحال أن يكون الخليفة خليفة إلا إذا كان للمخلوف مقام حقيقي في محل الخلافة قبل أن يرحل، ومحال أن يخلف شخص شخصا آخر لم يكن له وجود في محل الخلافة.
فلا يستقيم المعنى إذا قلنا مثلا: أن الرئيس الأمريكي (باراك أوباما) جاء رئيسا للولايات المتحدة خلفا للرئيس (جاك شيراك)، لأن الرئيس الفرنسي (جاك شيراك) لم يكن يوما رئيسا للولايات المتحدة أو مقيما فيها بصفة دائمة حتى يأتي (باراك أوباما) خلفا له، إنما يستقيم المعنى حين نقول جاء الرئيس (باراك أوباما) رئيسا للولايات المتحدة خلفا للرئيس (جورج دبليو بوش)، لأن الرئيس بوش كان رئيسا فعليا للولايات المتحدة الأمريكية وليس الرئيس (جاك شيراك)، إذن فكيف يستقيم الأمر إذا قلنا إن آدم خليفة الله في الأرض ونحن نؤمن ونوقن أن الله من المحال أن يكون قد استوطن الأرض أو أقام فيها؟.
وأقدم للقارئ بعض آيات القرآن التي تؤكد هذا المعنى: قال تعالى: (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ) (26_ ص) وقال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ) (165_ الأنعام) وقال تعالى: (ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) (14_ يونس) وقال تعالى: (فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُنذَرِينَ) (73_ يونس) وقال تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ) (39_ فاطر) وقال تعالى: (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) (9_ النساء) وقال تعالى: (إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُم مَّا يَشَاءُ كَمَا أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ) (133_ الأنعام) وقال تعالى: (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ) (69_ الأعراف) وقال تعالى: (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ) (74_ الأعراف) وقال تعالى: (قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ) (129_ الأعراف) وقال تعالى: (وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي) (142_ الأعراف) وقال تعالى: (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي) (150_ الأعراف) وقال تعالى: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الكِتَابَ) (169_ الأعراف) وقال تعالى: (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً) (92_ يونس) وقال تعالى: (فَإِن تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ) (57_هود) وقال تعالى: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ) (59_ مريم) وقال تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ) (55_ النور) وقال تعالى: (أَمَّن يُجِيبُ المُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ) (62_ النمل) وقال تعالى: (وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) (7_ الحديد). إذن فالخلافة لا تكون إلا لمخلوف كان له وجود حقيقي وفعلي في محل الخلافة.
وآدم من المحال أن يكون خليفة لله في الأرض، وبما أن آدم ليس خليفة لله فهو خليفة لأحد غير الله، وكون آدم خليفة في الأرض فحتما هو خليفة لأحد كان له مقام حقيقي في الأرض، وهذا يعني من دون شك ولا ريب أن آدم ليس هو المخلوق الأول من الطين وإنما هو خليفة لمخلوق كان قبله من نفس جنسه خلقه الله من طين ثم اصطفى الله آدم من نسل ذلك المخلوق ثم قام بتسويته وتطويره ونفخ فيه من الروح فجعله آدم الذي جاء منه نسل الإنسان.
وقبل استرسالي في هذا الأمر أحب أن أنبه القارئ بأن حديثي في هذا الأمر ليس حديثا علميا، فلن أستشهد بنظريات علم الأحياء ولا بنظرية التطور لـ(دارون)، ولا بعلم الأحافير ولا بعلم الآثار ولا بغيرها من العلوم ذات الصلة، فلست خبيرا في هذه العلوم ولا مطلع فيها ولا صاحب تخصص، فما أنا سوى قارئ وحسب لهذه العلوم، أما علمي الوحيد الذي يحملني على الحديث في هذا الأمر هو علم قرء آيات الكتاب الكريم، ومن هنا أحاول جاهدا أن أقرأ ما جاء في الكتاب الحكيم من آيات تحدثت عن خلق آدم واستخلافه في الأرض.
لذلك فلن يكون حديثي في هذا الأمر إلا قرء لآيات الكتاب الحكيم وحسب، وعلى كل حال هو جهد بشري مني قد يصيب وقد يخطئ، وأطلب من كل عالم بالعلوم التي ذكرتها آنفا أن يبلو ما جاء في حديثي عن قرء خلق آدم واستخلافه في الأرض من آيات الكتاب ويعرضه على تلك العلوم فينظر مدى الاتفاق أو مدى الاختلاف مع تلك العلوم، وله شكري وعرفاني من قام بذلك. وأقدم للقارئ براهيني التي استقرأتها من آيات الكتاب حول خلق آدم وأنه ليس خليفة لله في الأرض، وليس هو أول من خُلِقَ من طين، وإنما هو من سلالة خلقت قبله من الطين وهو انحدر منها.
قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) (30_ البقرة). إن كلمة (جاعل) من البراهين الهامة على أن آدم كان مقيما في الأرض مع بني جنسه من قبل جعله إنسانا مثلنا ذا أطوار، فكلمة (جاعل) من الفعل جعل والفعل جعل يختلف في دلالته عن الأفعال: (صنع، خلق، أوجد، أحدث، فطر)، والفعل جعل يدل على تحويل شيء من حال سابقة إلى حال جديدة من دون استبدال الشيء ذاته، والفعل جعل لا يدل إطلاقا على الإيجاد من لا شيء، أي لا يدل على الإيجاد من العدم، بل يدل على إحداث تغيير في شيء ما مع الحفاظ على ذات الشيء، ومثلا على هذا قول الحق عن الأرض: (ٱ-;-لَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱ-;-لأَرْضَ فِرَٰ-;-شاً). (البقرة:22)، فالأرض هي الأرض وجعلها فراشا لا يؤثر في ذاتها وحقيقتها وكونها أرضا، إنما جعلها فراشا لمن أراد أن يفترشها أو يتخذ منها فراشا. ومنه قول الحق: (وَجَعَلَ ٱ-;-لْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً) (نوح:16)، وجعل القمر نورا لا يؤثر على ذات القمر وأصله أنه كوكب، ولو قمت بتحري آيات الكتاب التي ضمت الفعل (جعل) لوجدت أن الجعل لا يعني خلق شيء جديد مستقل بذاته، وإنما هو إحداث تغيير ما في شيء موجود من قبل، قال تعالى: (جَعَلَ لَكُمْ مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً) (النحل:81)، وقال: (وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً) (الزخرف:10). وقال: (جَعَلَ لَكُمْ مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً) (النحل:81)، وقال: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً) (الزخرف:3). وقال: (إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ ٱ-;-لْمُرْسَلِينَ). (70_ القصص).
إذن فكلمة (جاعل) في لسان قوم الرسول لا تعني خالق ولا تعني صانع ولا تعني موجد ولا تعني محدث ولا تعني فاطر، وإنما تعني بعض التغييرات في شيء موجود ومخلوق وقائم بالفعل ولا تعني خلق مخلوق جديد ليس له أصل من قبل، هذه الدلالة للكلمة هي الدلالة الحق في لسان قوم الرسول الذي نزل به القرآن، وهي الدلالة الحق لكل الآيات التي وردت في القرآن تحمل هذه الكلمة (جعل جاعل). فالجعل هو تغيير يحدث في الشيء عما كان عليه لا يذهب بأصل الشيء وحقيقته، فحينما يقول الحق عن آدم: (إني جاعل في الأرض خليفة) يعني أنه سيقوم ببعض التغيير لفرد من مخلوق وموجود وقائم بالفعل ليجعل منه خليفة، فإيراده لكلمة (جاعل) من دون الكلمات (خالق، صانع، فاطر، موجد، محدث) يدل من دون شك ولا ريب على أن آدم كان مخلوقا موجودا قائما بالفعل قبل جعله خليفة في الأرض، أما كيفية هذا الوجود وكنهه فهو من اختصاص العلماء الذين يسيرون في الأرض لينظروا كيف بدأ الخلق كما أمر الله، والعجيب أن القرآن هو الكتاب الديني الوحيد في تاريخ البشرية الذي أمر الناس بالسير في الأرض لينظروا كيف بدأ الخلق، قال تعالى: (قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (20_ العنكبوت).
خلافة آدم من البراهين الهامة كذلك على أنه لم يخلق من الطين مباشرة أو ابتداء لقول الحق: (إني جاعل في الأرض خليفة)، وقد بينا فيما سبق أن آدم محال أن يكون خليفة الله في الأرض، لأن الخليفة استخلف في مكان أو أمر من كان قبله، فهو مأخوذ من أنه خلف غيره وقام مقامه، والخليفة لا يصبح خليفة لمن ليس من جنسه كالله أو الملائكة أو الجن أو غيرهم، فالخليفة ليس خليفة إلا لمن هو من بني جنسه حتى ولو تم بعض التعديل والتغيير عليه فلابد أن يكون من أصل المخلوف ومن نفس جنسه، فلا يصلح أن يخلف الإنسان الملائكة، ولا تصلح الملائكة في خلافة الإنسان، ولا يصلح أن يخلف الإنسان الجن، ولا تصلح الجن في خلافة الإنسان.
ونجد البرهان على ذلك في قوله تعالى: (وَلَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَا مِنكُمْ مَّلاَئِكَةً فِي ٱ-;-لأَرْضِ يَخْلُفُونَ) (الزخرف: 60)، لاحظ قوله: (منكم ملائكة) أي من جنسكم ملائكة، فقوله: (وَلَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَا مِنكُمْ مَّلاَئِكَةً) أي لو نشاء لجعلنا (منكم) من نفس جنسكم ملائكة في الأرض يخلفون، لأنه لا يصلح أن يخلفكم ملائكة من جنس غير جنسكم فلو جعلنا ملائكة يخلفونكم سيكونون منكم كما جاء في الآية: (لَجَعَلْنَا مِنكُمْ مَّلاَئِكَةً)، ومثلا على ذلك رد الحق سبحانه على أهل مكة حين طلبوا من الرسول أن ينزل الله عليهم ملكاً خلفا لمحمد فأجابهم الله: (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً) (9_ الأنعام) أي لو أنزلنا عليكم ملكا خلفا لمحمد كما طلبتم لجعلناه رجلا منكم لأنه لا يمكنكم أن تروا الملك أو تتعاملوا معه وهو في جنسه الملائكي، فلابد من جعله رجلا مثلكم. وفي هذا دلالة واضحة على أن آدم كان خليفة لمخلوقات من نفس جنسه وليس خليفة لجنس من غير جنسه، فالخليفة لا يصلح أن يكون خليفة إلا لبني جنسه وحسب.
ومن ثم فآدم لم يخلقه الله هكذا من عدم، ولم يبدأ خلقه من طين كما يظن معظم الناس، إنما آدم انحدر من سلالة حيوانية كانت موجودة بالفعل في الأرض وقبل انقراضها أراد الله أن يصطفي منها آدم وزوجه فقام بتطويرهما إلى الطور الذي عليه الإنسان بصورته وتكوينه الحالي.
ويبدو أن آباء آدم الأولين كانوا يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء مما جعل الملائكة يقولون: (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) وذلك لعلم الملائكة بأحوال سلف آدم الأولين وما كانوا يفعلون في الأرض، وليس كما يقول المفسرون ومن سار على دربهم أن الله أعلم الملائكة بما سيصنع آدم وأولاده فقالوا ما قالوا. نقول: كلام المفسرين يناقض ما جاء في رد الله على الملائكة ونفيه علمهم بشيء مما سيحدث وذلك حين رد عليهم بقوله: (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)، فكيف ينفي الله عنهم العلم بما سيحدث ثم يقول المفسرون أن الله أعلمهم بما سيحدث، أليس في هذا تناقض واضح؟؟. وكذلك قول المفسرون أن الجن كانوا في الأرض من قبل آدم وكانوا يفسدون فيها ويسفكون الدماء، وهذا قول لا برهان عليه إن هو إلا ظن والظن لا يغني من الحق شيئا.
حين أخبر الله الملائكة بأنه سيجعل في الأرض خليفة، سارع الملائكة بالقول: (قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء). ذلك أن آباء آدم الأولين الذين اصطفى الله منهم آدم كانوا يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء، ما جعل الملائكة يعترضون على استخلاف أفراد من نفس الجنس أو السلالة المفسدة في الأرض والسافكة للدماء مرة أخرى، وقد يسأل سائل ويقول ما الجديد الذي سيحمله (آدم) من جنسه الموجود بالفعل في الأرض؟، أقول: هناك جديد، وهو أن آدم تم تطويره بأطوار جديدة لم تكن موجودة من قبل في جنسه السابقين، هذه الأطوار سوف نتحدث عنها فيما بعد، ومن أهم هذه الأطوار التي حدثت لآدم طور نفخ الروح، وطور التكليف، وطور تعليم آدم الأسماء كلها، هذا هو الجديد الذي حدث بخلافة آدم لبني جنسه، وهو حدث جديد على الملائكة لم يكن لديهم علم به.
إذن فلو قال قائل: ما سبب اعتراض الملائكة على استخلاف آدم مع أن الأمر معتاد لديهم أقول: إن السبب الحقيقي لاعتراض الملائكة أنهم ظنوا أن الخليفة سيكون بنفس الصفات السابقة لبني جنسه ولم يكن لديهم علم بعملية التطوير ونفخ الروح والتكليف وتعليم الأسماء كلها وغيرها من الأطوار الجديدة التي ستضاف إلى آدم ولم تكن في جنسه السابقين، فظنت الملائكة أن الأمر للتكرار وحسب، فرد الله عليهم بقوله، (إني أعلم ما لا تعلمون).
وكي أزيد الأمر إيضاحا أقول: إن اعتراض الملائكة جاء في اقتراب انقراض هذا الجنس وزواله لأن الخلافة كما قلنا لا تصلح إلا بالبعدية، ونحن جميعا نعلم أن من سنن الله في خلقه إيجاد مخلوقات ثم تنقرض كما حدث للديناصورات وغيرها من المخلوقات المنقرضة، ففي أواخر وجود هذا الجنس وقبل انقراضه الكامل وفي أواخر سلالاته أخبر الله الملائكة بأمر الخلافة لهذا الجنس الموشك على الانقراض ثم اصطفى الله منه آدم، وكأن لسان حال الملائكة يريد أن يقول: كيف تجعل من هذا الجنس المفسد في الأرض السافك للدماء الموشك على الانقراض والزوال كيف تجعل منه خليفة يفسد في الأرض ويسفك الدماء كما فعل أسلافه.
وقد يسأل سائل ويقول: وما دليلك على أن الجنس الذي اصطفى الله منه آدم كان قد أوشك على الانقراض مثل الديناصور؟، أقول: دليلي هو عدم وجود واحد من أفراد ذلك الجنس الذي اصطفى الله منه آدم في الأرض حاليا، بل قد كشفت لنا المكشوفات العلمية عن هياكل شبيهة بالإنسان، وقد يكشف لنا البحث والعلم مستقبلا عن هياكل عظمية وأحافير أخرى لهذا الجنس المنقرض الذي انحدر منه آدم، وإذا لم يكن لذلك الجنس الذي جاء منه آدم وجود الآن في الأرض فهو برهان ساطع على انقراضه، لأنه من المعلوم أن الله لم يصطفي الجنس كله وإنما اصطفى منه آدم وزوجه، أما بقية الجنس فبقي كما هو على خلقته الأولى التي لم يصبها التطوير حتى انقرض، وعدم وجوده في الأرض إلى الآن فيه دلاله على انقراضه وفنائه.
ويؤيد كلامنا هذا ما جاء عن الفرس قديما أنهم قالوا: (إنه كان قبل الإنسان في الأرض جنس شبيه بالإنسان اسمه الطَّم والرَّم وكان اليونان يعتقدون أن الأرض كانت معمورة بمخلوقات تدعى (التِيتَان) وأن (زفس) كبير الأرباب في اعتقادهم (جلاهم من الأرض لفسادهم). أقول: ولما لا يكون كلام الفرس واليونان صحيحا، فاليونان أخذوا عن الفرس ذلك والفرس كان لديهم وحيا إلهيا (كما بينت في دراستي حول الأديان الشرقية) ذلك الوحي جاء به النبي زرادشت في كتابه (الأبستاق)، وهذا يتفق مع القرآن الكريم، بل ويدل على وحدة المصدر وهو الوحي الإلهي.
هل النفس الواحدة التي خلقنا الله منها هي نفس آدم كما يظن معظم الناس؟؟. لقد جاء في القرآن الكريم أن الله خلقنا من نفس واحدة وخلق منها زوجها وجاء هذا في عدة آيات منها: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً) (1_ النساء). (وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ) (98_ الأنعام). (خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا) (6_ الزمر).
نلحظ أن كلمة (نفس) في الآيات جاءت نكرة، وجاء وصفها بواحدة نكرة كذلك، وزوجها جاءت نكرة كذلك، (نفس، واحدة، زوجها) مما يبرهن على أن تلك النفس ليست هي آدم وإنما هي نفس أخرى خلق الله منها آدم وزوجه، وعبارة (من نفس واحدة) يراد بها جنس من الخلق وليس شخصا مفردا بعينه، وبرهان ذلك أن كلمة نفس جاءت نكرة والنكرة تفيد العموم ما يعني أننا لم نخلق من نفس واحدة مفردة ولكن من جنس واحد منفرد له أفراد كثيرون خلق الله منهم آدم، فلو كانت النفس الواحدة التي خلقنا الله منها هي آدم كما يفهم البعض لما جاءت نكرة في الآيات الأربع إذ لا معنى للتنكير مع معرفتنا وعلمنا بآدم، أما وقد جاءت نكرة فهي لا تعني آدم على الإطلاق لأن النكرة تفيد غير المعين وغير المعروف، وهل آدم غير معين وغير معروف؟؟، ويدل ذلك على أن آدم خلق من أحد أفراد جنس تلك النفس الواحدة من ذكورها، وكذلك زوجه أو من تسمى بـ(حواء) خلقت من جنس تلك النفس الواحدة من إناثها، وليس من ضلع آدم كما يقول القائلون بغير علم.
إذاً هل هي نفس واحدة منفردة؟ أم نفس واحدة يراد بها جنس من الخلق له أفراد كثيرون؟؟. الجواب: هي نفس واحدة يراد بها جنس واحد منفرد من الخلق له أفراد كثيرون ولدي عدة براهين، منها. قوله: (خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها) لقد ذكر الله نفس واحدة يريد بها جمع من النفوس يحتويه جنس واحد منفرد له أفراد كثيرون، بدليل أن الله ذكر كلمة نفس نكرة مفردة في مواضع كثيرة من الكتاب وأراد بها الجمع، ومثله قوله تعالى: (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ) (17_ السجدة). (وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ) (70_ الأنعام). (يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ) (68_ الفرقان). (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) (34_ لقمان). (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ) (16_ ق). (وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ) (18_ الحشر). (عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ) (14_ التكوير), ومن المعلوم أن كلمة نفس النكرة المفردة الواردة في الآيات السابقة ليس المقصود منها نفس واحدة مفردة بعينها، وإنما قصد منها جمع من النفوس وليس نفسا واحدة، وكذلك كلمة نفس النكرة المفردة المذكورة في آيات الخلق لا يعني بها نفسا واحدة مفردة بعينها وإنما عنى جمع من النفوس من جنس واحد مفرد له نفوس كثيرة متعددة، ويدل على ذلك ورود بعض الآيات عن الخلق ذكرت نفوس عدة وأزواج عدة كقوله تعالى: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً) (72_ النحل). (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا) (21_ الروم). (فَاطِرُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً) (11_الشورى).
وليس هناك ما يمنع أن يكون لآدم إخوة وأخوات وأعمام وعمات وأخوال وخالات لهم أزواج وزوجات لهم بنين وبنات أي أسرة كاملة ثم تطويرها مع آدم وزوجه وكان آدم وزوجه هما رأس هذه الأسرة، ويدل على هذا قوله تعالى: (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً) (38_ البقرة). والعلم والنظر والسير في الأرض كفيل بأن يثبت الصواب من الخطأ.
قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى العَالَمِينَ) (33_ آل عمران).
وأصل الاصطفاء من الفعل (صفو) الذي يدل على اختيار شيء وتخليصه وتصفيته من كل شائبة، والاصطفاء يكون من شيء أو على شيء، فلم يرد على الإطلاق في القرآن ولا في كلام العرب أن الاصطفاء يكون من لا شيء أو على لا شيء، فإذا وجد الاصطفاء وجد المصطفى منه أو المصطفي عليه، وإذا كان المصطفي فردا لابد وأن يُصْطَفَى من أفراد جنسه لا من أجناس أخرى، فلا نقول: اصطفيت الحجر على الناس أو من الناس، وإنما نقول اصطفيت الحجر من الأحجار أو على الأحجار، واصطفيت فلانا من الناس أو على الناس، فلا يصح اصطفاء شيء من غير جنسه أو على غير جنسه، فهذا ليس له مثيل في الكتاب ولا في كلام العرب على الإطلاق، بل لا وجود له في الواقع المشاهد والمنظور في الحياة أمامنا.
فاصطفاء الله لآدم من دون شك ولا ريب يبرهن على وجود خلق كثيرون من جنسه اصطفاه الله منهم أو عليهم. وهذا يدل بكل وضوح على أنه كان هناك جنس من المخلوقات كان مليئا بالشوائب والأدران الخلقية والسلوكية في تكوينه وخلقته، فاختار الله آدم من هذا الجنس فاصطفاه عليهم، بأن قام بتصفيته وتعديله وتطويره عن بقية أفراد جنسه، فنقاه من الشوائب التكوينية التي كانت في خلقته الوحشية الحيوانية والتي كانت في جميع أفراد جنسه، فنقى سلوكه وتكوينه وقام بتعديله في طور خلقي جديد مصطفى على بقية أفراد جنسه، ثم قام بتقديمه على بقية أفراد جنسه بما حدث له من تصفيه وتطوير.
ويؤكد مفهوم الاصطفاء هذا أن الله اصطفى إبراهيم على قومه ومن قومه، واصطفى الله لإبراهيم وبنيه الدين (الإسلام) على بقية الأديان الباطلة، واصطفى الله طالوت على قومه، واصطفى مريم على نساء العالمين، واصطفى موسى على الناس، واصطفى من الملائكة رسلا، ولم يصطفي الله البنات على البنين، إذن فهناك أقوام وأمم وعالمين ونساء وأديان اصطفى الله منهم آدم ونوح وآل إبراهيم وآل عمران وموسى ومريم، وكان هناك أديان كثيرة باطلة اصطفى الله منها الإسلام لإبراهيم وبنيه، فلا يمكن أن يثبت في بال أحد أن يكون الاصطفاء من لا شيء أو على لا شيء، واصطفاء الله لآدم كان من جنس له وجود فعلي حقيقي في الأرض وليس اصطفاء من العدم كما يظن معظم الناس.
قال تعالى عن إبراهيم: (وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) (130_ البقرة). (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (132_ البقرة). (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ المُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ المَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ) (247_ البقرة). (وَإِذْ قَالَتِ المَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاك وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ العَالَمِينَ) (42_ آل عمران). (قالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي) (144_ الأعراف). (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ المَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ) (75_ الحج). (قُلِ الحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى) (59_النمل). (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا) (32_ فاطر). (أَصْطَفَى البَنَاتِ عَلَى البَنِينَ) (153_الصافات). (لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً لاَّصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ) (4_ الزمر).
فلا يكون الاصطفاء إلا من جنس المصطفى منه أو عليه، ولا يكون اصطفاء من لا شيء أو على لا شيء، فاصطفاء الله لآدم كان من جنسه الذين خلقهم الله من تراب ثم اصطفى منهم آدم، واصطفاء الله لآدم يدل من دون شك أو ريب على وجود جنس من المخلوقات اصطفى الله منه آدم.
يشير القرآن الكريم إلى أن خلق آدم وذريته تم على مراحل في حياة ذلك الجنس من المخلوقات التي اصطفى الله منها آدم وزوجه، فالله قد خلق جنس آدم (آباءه الأولين) من الطين كما نص عليه القرآن الكريم في العديد من المواقع، ويشير القرآن الكريم كذلك أنه قد كان لذلك الجنس سلالات كثيرة من النسل، اختار الله من تلك السلالات سلالة بعينها اصطفي منها آدم وزوجه، أما ذرية آدم أي نسل آدم نفسه هو وزوجه فخلقهم الله من طور جديد غير الطور الذي خلق منه آدم وزوجه، فآدم وزوجه تم اصطفاؤهما من سلالة من تلك السلالات الكثيرة التي كان منها جنسه الوحشي الحيواني الذي كان موجودا في الأرض من قبل.
أما ذرية آدم فلم يصطفوا من تلك السلالة وإنما خلقوا من صلب آدم ومن رحم زوجه بعد التطوير الذي أدخل على خلقتي آدم وزوجه، فخلق الله ذريته من ماء مهين، أي من المني الذي يخرج من صلب آدم، وهذا يدل على وجود فجوة خلقية أو تمايز خلقي بين آدم وزوجه وبين ذريتهما، هذه الفجوة أو ذلك التمايز يكمن في طبيعة الخلقة التي تم تطوير آدم عليها من بين بني جنسه، وفي طبيعة خلقة ذريته التي جاءت من ماء مهين قد خرج من صلب آدم، وهذا ربما يدعو إلى القول أن هناك تمايز ما بين طبيعة خلقة آدم وزوجه وطبيعة خلقة ذريته، وقد نص القرآن الكريم على أن الإنسان الحالي ليس من جميع ولد آدم وليس من جميع نسله، بل القرآن الكريم نص على أن آدم كان له من نسله سلالات كثيرة اختار الله من كل تلك السلالات سلالة واحدة هي من بقيت إلى الآن، والعلم والبحث في الأرض والنظر كفيل بكشف ذلك والتحقق منه.
أما برهان ذلك ما ورد في الكتاب، قال تعالى :(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ(12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ) (13_ المؤمنون). والفعل (سل) يدل على نزع وخروج شيء من شيء، وهي مِنْ سَلَلْتُ الشيءَ من الشيءِ أي استَخْرَجْتَه منه، كسل السيف من الغمد، وسل الولد من الأب، وقيل للولد سليل. وجمع سليل: سلالة، وسلالة على وزن فعالة وهو بناء للقلة كالقلامة والقمامة، وكان العرب يسمون الذرية سلالة، والسلالة في الآية الكريمة هم ذرية من جنس المخلوقات التي خلقها الله من طين حيث كانت لها سلالات كثيرة اختار الله من تلك السلالات سلالة واحدة تلك السلالة اصطفى الله منها آدم وزوجه، وليس المقصود بالسلالة عينة من الطين كما قال المفسرون، فكلمة سلالة لم ترد في كلام العرب ولا في القرآن الكريم إلا لمجموعة من الناس والذرية، ومن غير الصواب بل ومن الخروج على النص والمعلوم القول إن السلالة هي الطين نفسه أو جزء منه، إنما السلالة هي سلالة من ذرية خلقت من الطين انسل منها آدم وزوجه.
ومن الأشياء التي تم تغييرها وجعلها في آدم أن نسله جُعِل من سلالة من ماء مهين، قال تعالى: (وَبَدَأَ خَلْقَ ٱ-;-لإِنْسَـٰ-;-نِ مِن طِينٍ(7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مّن مَّاء مهِين) (8_ السجدة). أي جميع نسل آدم جعل من سلالة من ولد آدم، تلك السلالة جعلت من ماء مهين، وهذا يدل على أن آدم وزوجه خلقا من سلالة خلقت من طين، ونسل آدم خلقوا من سلالة من سلالات ولد آدم خلقت من ماء مهين. وهذا يكشف لنا معلومة هامة كما سبق وأن قلنا وهي أن مكونات خلق آدم وزوجه تختلف عن مكونات خلق ذريته، فمكونات خلق آدم وزوجه كانت من سلالة من طين، ومكونات خلق نسله كانت من ماء مهين بعد تعديل آدم وتسويته ونفخ الروح فيه.
قال تعالى: (مَا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً(13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً) (14_ نوح) إن خلق الإنسان لم يكن بغتة (فجأة) من الطين، ولم يكن مرة واحدة كما يظن كثير من الناس، إنما خلق الإنسان قد مر بأطوار عدة بدءً من طور العدم وحتى طور الوفاة، والفعل (طور) يدل على امتداد في شيء حالة بعد أخرى، وهي المرة من الأفعال أو من الزمان، وتعدد الأطوار يكون في النوع وليس في التكرار، وهو مأخوذ من طوار الدار وهو ما امتد منها من البناء كالحد الذي يحدها، ويقال عدا فلان طوره أي تجاوز حده، ومنه: فعل فلان كذا طورا بعد طور، أي تارة بعد تارة، وحالا بعد حال، ومنه قول الحق: (وقد خلقكم أطوارا) أي حدا بعد حد وتارة بعد تارة وحالا بعد حال، وقد ذكر الكتاب هذه الأطوار بدءً من اللاشيء (العدم) وحتى الوفاة.
قال تعالى: (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا) (1_ الإنسان)، ثم طور التراب، ثم طور الماء وخلطه بالتراب، ثم طور الطين، ثم طور الطين اللازب، ثم طور الحمأ المسنون، ثم طور الصلصال شبيه الفخار، ثم طور النفس الواحدة (الجنس أو النوع)، ثم طور السلالات، ثم طور اصطفاء آدم من إحدى السلالات، ثم طور جعل الزوج، ثم طور التسوية، ثم طور التعديل، ثم طور التصوير، ثم طور نفخ الروح، ثم طور تعليم آدم الأسماء كلها، ثم طور الخلافة، ثم طور جعل نسله من سلالة من ماء مهين، ثم طور الماء الدافق، ثم طور النطفة، ثم طور أمشاج النطفة، ثم طور الذكورة والأنوثة، ثم طور العلقة، ثم طور المضغة، ثم طور العظام، ثم طور اللحم، ثم طور إنشائه خلقا آخر، ثم طور إخراجه طفلا، ثم طور جعل وإنشاء السمع والبصر والفؤاد، ثم طور بلوغ الأشد، ثم طور جعله شعوبا وقبائل، ثم طور التعارف، ثم طور جعله نسبا وصهرا، ثم طور الشيخوخة، ثم الوفاة.
وهذه هي الأطوار كلها كما جاءت في الكتاب: قال تعالى : (مَا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً(13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً) (14_ نوح) (أَوَلا يَذْكُرُ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) (67_ مريم). (خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ) (37_ الكهف). (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ المَاءِ بَشَراً) (54_ الفرقان). (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ) (2_ الأنعام). (إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لاَّزِبٍ) (11_ الصافات). (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَأٍ مَّسْنُونٍ) (26_ الحجر). (خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) (1_ النساء). (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ) (12_ المؤمنون). (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ) (12_ الأعراف). (الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ(7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ) (8_ الانفطار). (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي) (29_ الحجر). (خَلَقَ الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ) (4_ النحل). (فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ(5) خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ) (6_ الطارق). (فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى) (39_ القيامة). (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا العَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا العِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ) (14_ المؤمنون). (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ المَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً) (54_ الفرقان). (ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلالَةٍ مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ) (8_ السجدة). (هَوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (67_ غافر). (وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ) (9_ السجدة). (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) (13_ الحجرات).
(للحديث بقية في الفصل الثاني: من هو الإنسان؟)
نهرو طنطاوي كاتب وباحث في الفكر الإسلامي _ مدرس بالأزهر مصر _ أسيوط موبايل : 01064355385 _ 002 إيميل: [email protected] فيس بوك: https://www.facebook.com/nehro.tantawi.7 مقالات وكتابات _ نهرو طنطاوي: https://www.facebook.com/pages/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D9%86%D9%87%D8%B1%D9%88-%D8%B7%D9%86%D8%B7%D8%A7%D9%88%D9%8A/311926502258563
#نهرو_عبد_الصبور_طنطاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السنة ما لها وما عليها: الفصل السابع عشر: (هل نهى رسول الله
...
-
السنة ما لها وما عليها: الفصل السادس عشر: (هل جمع الرسول الق
...
-
السنة ما لها وما عليها: الفصل الخامس عشر: (القرءان الكريم رو
...
-
نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب - الجزء السابع الأ
...
-
نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب - الجزء السادس
-
نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب – الجزء الخامس
-
نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب – الجزء الرابع
-
نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب – الجزء الثالث
-
نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب – الجزء الثاني
-
نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب – الجزء الأول
-
(مسيحيون أم نصارى)؟ حوار رمضاني مع الأستاذ (أسعد أسعد)
-
نبضة قلب في حياة ميتة
-
لماذا توقفت عن كتابة مقالي اليومي في (روزاليوسف)؟
-
(الإلحاد) هو الابن الشرعي للعقائد المسيحية
-
(ليندي انغلاند) (أنجلينا جولي): يد تبطش والأخرى تداوي وتطبطب
-
الفرق بين الإنسان الواقعي والإنسان الافتراضي
-
الفرق بين -حقائق الأشياء- و-زخرف الكلمات- و-عوالمنا الخاصة-:
-
آخر الهوامش: هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 ي
...
-
هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (26)
-
هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (25)
المزيد.....
-
بابا الفاتيكان: الغارات الإسرائيلية على غزة وحشية
-
رئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا يعلق على فتوى تعدد الزوجات
...
-
مـامـا جابت بيبي.. حـدث تردد قناة طيور الجنة 2025 نايل وعرب
...
-
بابا الفاتيكان يصر على إدانة الهجوم الاسرائيلي الوحشي على غز
...
-
وفد -إسرائيلي- يصل القاهرة تزامناً مع وجود قادة حماس والجها
...
-
وزيرة داخلية ألمانيا: منفذ هجوم ماغديبورغ له مواقف معادية لل
...
-
استبعاد الدوافع الإسلامية للسعودي مرتكب عملية الدهس في ألمان
...
-
حماس والجهاد الاسلامي تشيدان بالقصف الصاروخي اليمني ضد كيان
...
-
المرجعية الدينية العليا تقوم بمساعدة النازحين السوريين
-
حرس الثورة الاسلامية يفكك خلية تكفيرية بمحافظة كرمانشاه غرب
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|