|
عالم داعش . . من النشأة إلى إعلان الخلافة
عدنان حسين أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 5073 - 2016 / 2 / 12 - 20:49
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
صدر عن دار الحكمة بلندن كتاب " عالم داعش . . من النشأة إلى إعلان الخلافة" لهشام الهاشمي المؤرخ والباحث في شؤون الجماعات الإسلامية. يتضمن الكتاب مقدمة وثلاثة فصول وهي تنظيم القاعدة، تنظيم الدولة الإسلامية، وتوصيات لمكافحة داعش". يرصد الباحث في الفصل الأول من الكتاب نشأة تنظيم القاعدة وتطوره منذ تسعينات القرن الماضي، ويصفه بأنه تنظيم غير سياسي مقره في أفغانستان، أما الهدف من إنشائه فهو مقاومة العدوان على البلدان الإسلامية، ومحاربة الطاغوت الأميركي في جميع أنحاء العالم. يتواجد التنظيم في عشرين بلدًا وتتراوح ميزانيته بين 350 – 600 مليون دولار أميركي. تعود إرهاصات هذا التنظيم إلى عامي 1982-1984 حين أنشأ أسامة بن لادن وعبدالله يوسف عزّام مكتب الأفغان الذي يقوم بتجنيد وتدريب المسلمين غير الأفغان للجهاد ضد الغزو السوفييتي للأراضي الأفغانية. يتوقف الهاشمي عند جماعة التوحيد والجهاد التي انحدر مقاتلوها من تنظيم "أنصار الإسلام" وشكّلوا في خاتمة المطاف تنظيم الدولة الإسلامية في العراق الذي اكتسب قواعده من معسكرات التدريب في أفغانستان وباكستان، إضافة إلى ما تمّ قراءته من الموسوعة الجهادية لأبي زبيدة الفلسطيني التي تُعتبر دستورهم الأساس الذي يمهِّد لإحياء دولة الخلافة الإسلامية. أسس الزرقاوي جماعة التوحيد والجهاد عام 2003 وحينما بايع ابن لادن عام 2004 غيّر اسمها إلى "قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين". كان الزرقاوي يمسك بكل الملفات بيده، ويتخذ القرارات من دون مشاروة أحد. يذبح بيده، وخاصة الأجانب، ويسجّل الخطابات الصوتية بنفسه، وليس له نواب على الإطلاق. لم يحترم المشاركة السنية في الحكومة والبرلمان. ويقود نحو عشرة آلاف من المقاتلين بطريقة استبدادية واضحة. ومع ذلك فقد أنجبت هذه القاعدة "مجلس شورى المجاهدين في العراق" تساعده وزارة إعلام نشطة يديرها أبو ميسرة العراقي. تمّ الإعلان عن دولة العراق الإسلامية في 15-10-2006 من قبل تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين الذي يضم 12.000مقاتل، وعشرة آلاف لا ينقصهم سوى التجهيز إضافة إلى 13 مجموعة أخرى من بينها جيش الطائفة المنصورة، وسرايا الجهاد الإسلامي، وكتائب كردستان وسواها. امتنع أبو عمر البغدادي (حامد داود الزاوي) من الظهور في تسجيل مرئي بخلاف الزرقاوي المُحب للشهرة والذيوع، وفتح باب العمليات الانتحارية للنساء بعد أن كانت حكرًا للرجال. أسس فيلق عمر ليقاتل فيلق بدر وجيش المهدي لاحقًا، وفيلق الصدّيق ليقاتل الصحوة، وفتيان الجنة ليقاتلوا الحزب الإسلامي العراقي، وكتيبة عائشة أم المؤمنين للعمليات الخاصة. هناك سبع جهات سُنية جهادية معتدلة (سلفية، إخوانية، صوفية) تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية وتعمل على تأسيس الإقليم السني وهي "الجيش الإسلامي العراقي، جيش المجاهدين، جماعة أنصار السنة، حماس العراق، الجماعة الإسلامية للمقاومة العراقية، فصائل التخويل وجيش رجال الطريقة النقشبندية" وغالبيتها لا تؤمن بالعمليات الانتحارية، والتفجيرات العشوائية، والقتل الطائفي، ولا تتعرض للشرطة المحلية، ولا للمال العام ولكنها تستهدف الجيش العراقي والمليشيات الشيعية. يحضّ الهاشمي على التفاوض مع المجلس السياسي للمقاومة العراقية. وثمة إشارة إلى أن تعداد الصحوات قد بلغ مائة ألف مقاتل كان يمولهم الأميركان بـ 30 مليون دولار شهريًا، أي بمعدل 300 دولار لكل مقاتل. والصحوات هي من بنات أفكار الجنرال ديفيد بيتريوس. أما الصحوات الجديدة فقد انهزمت أمام داعش كما انهزم الجيش لكن هذه الصحوات هي التي ستنتصر في خاتمة المطاف في الأنبار وكل المدن العراقية كما يرى الهاشمي. بعد أقل من شهر من مقتل أبو عمر البغدادي ووزير الحرب أبو حمزة المهاجر في 19 أبريل 2010 تمّ مبايعة أبو بكر البغدادي (إبراهيم عواد إبراهيم البدري السامرائي) أميرًا لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق الذي تحالف مع جبهة النصرة في 8 أبريل 2013. أسس أبو بكر فروعًا متعددة لداعش على غرار قاعدة الجهاد، وموّل تنظيمه ذاتيًا من خلال السيطرة على آبار النفط، ومخازن الحبوب، وأخذ الإتاوات والفِدْيات، وتهريب الآثار بحيث أصبحت داعش من أغنى التنظيمات الجهادية التكفيرية في التاريخ المعاصر. يُعتبر داعش أشرس تنظيم تكفيري في الشرق الأوسط وخاصة ذراعه العراقي. فالبغدادي عاش في سجن بوكا أربع سنوات وتحمّل الكثير من المصاعب التي واجهته وحينما بويع للخلافة أخذ بمنهج بن لادن وأخذ يقلّده في أشياء كثيرة. يشير البغدادي في خطاباته إلى أن داعش لديها مشروع جهاد، ومخطط لبناء دولة بخلاف خصومه الذين يتكئون على مشاريع ناقصة ورؤى مشوّشة. كما أوضح غير مرة عدم بيعته للظواهري وأوكل إدارة الصراع إلى مجموعة من كُتاب الفكر التكفيري. تزايد تعداد داعش حتى وصل إلى 18.000مقاتل لكن البغدادي جمّد كل من لا يمتلك عنوانًا وظيفيًا، كما جمّد دور المهاجرين العرب في المناصب القيادية داخل التنظيم. استعان البغدادي بضباط أمن واستخبارات الجيش السابق، وأسند المناصب المهمة إلى العراقيين حصرا. وكان يختار بنفسه عناصر المجلس العسكري والهيئات الشرعية لأن هناك من يطمح بالإمارة وقد ينشقون عنه في أية فرصة سانحة. يحلل الهاشمي قادة داعش ويصفهم بالتشدّد والغضب والتعالي، أما منهجهم فهو سلفي، قطبي، جهادي، ولا يتمكنون من قراءة الواقع جيدًا، وهم ناقمون على المجتمع المدني لأنهم نتاج السجون القاسية والمعسكرات الموحشة. يرصد الباحث بعض نقاط ضعف البغدادي الذي يوصف بقلة العلم الشرعي على الرغم من شهادة الدكتوراه التي يتمترس خلفها. وهو لا يُحب أن يتقدّم عليه أحد في العلم أو العلاقات أو التاريخ الجهادي. بدأ البغدادي بإطلاق التصريحات وإصدار الخطابات الصوتية لكنه يعرف جيدًا بأنه لا يمتلك الكاريزما التي كان يتوفر عليها الزرقاوي لذلك آثر الانزواء وعدم الظهور إلاّ في فترات متباعدة جدًا لكنه أصرّ على تحويل داعش إلى ظاهرة دولية خصوصًا بعد أن قطع صلته بالظواهري واعتمد على تمويل نفسه بنفسه ماليًا. يتوقف الهاشمي عند أحداث كثيرة منها هجوم داعش على سامراء وإنسحاب القطعات العسكرية والصحوات من الأنبار وترك أسلحتهم لمقاتلي داعش، واحتلال الموصل، وسبي الإيزيدين، وتهجير المسيحيين، ومحاولة التوسع باتجاه كردستان وفتح 33 جبهة في عموم المنطقة الغربية من العراق. يذكر الهاشمي بأن داعش لم تستهدف احتلال الموصل وإنما جاءت لتثأر لمقتل رئيس المجلس العسكري (أبو عبد الرحمن البيلاوي) لكن هزيمة القطعات شجعها على احتلال الموصل والاندفاع نحو صلاح الدين وكركوك وديالى. أما أسباب الهزيمة النكراء فهي ضعف المعنويات، والفساد المالي، وانعدام المحاسبة. كما غنمت داعش أسلحة أربع فرق عسكرية وأطنان من الدخيرة الحيّة التي تقدر قيمتها بملياري دولار أميركي. أشار الباحث إلى الفظاعات الكثيرة التي ارتكبها داعش في الموصل لعل أبرزها ما قام به "فتيان الجنة" وهم شباب تتراوح أعمارهم بين 11 – 16 أذ دخلوا دورات سريعة ثم أطلقوا لذبح الناس بدماء باردة. تغيرت استراتيجية داعش بعد احتلال الأنبار وباتوا أكثر حذرًا في التحرك والانتقال كي يتفادوا غارات التحالف التي توقع بعض الخسائر بين صفوفهم. يقتصر الفصل الثالث والأخير على جملة من التوصيات منها ملاحقة المشتبه بهم في كل مكان، وجمع المعلومات الاستخبارية عنهم، ومتابعة بؤر تجنيدهم، والقضاء على البطالة، وتحسين الأوضاع المعاشية للشباب، وتحقيق المساواة بين الناس، والتعجيل بالمصالحة الوطنية الحقيقية، وإحداث الانشقاقات بين صفوف قادتهم بغية أرباكهم وضربهم في الصميم.
#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مراعي الصّبَّار. . . يوميات ليست بريئة من الخيال
-
سافروجيت. . بطلة شعبية تغيّر وجه العالم
-
خِصال دستويفسكي في قالب روائي هندي
-
(حديث في الممكن) ولعبة الاشتغال في ما وراء الفضاء التراجيدي
-
سمبين . . رائد السينما الأفريقية وأعظم الكُتاب الأفارقة
-
لا لملاعب الغولف في الجانب المُعتم من الخُضرة
-
ثنائية الشرق والغرب في غربة الياسمين
-
قصة كردية تمجّد ثقافة السلام في فيلم اتبع صوتي
-
قراءة نقدية في مراحل الرواية العربية المُغترِبة
-
الجانب المُعتم من الخُضرة
-
جوائز مسابقة يلماز غوني في مهرجان الفيلم الكردي
-
التعالق النصي في قصص الرجوع الأخير لمجدولين أبو الرُّب
-
بطولة المدينة وتنوّع الساردين في رواية -صنعائي- لنادية الكوك
...
-
الرسالة الأخيرة بين المنحيين التاريخي والدرامي
-
لماذا غاب أتاتورك في فيلم الرسالة الأخيرة لأوسان إيرين؟
-
السينما أجمل شيئ في حياتي وأتمنى أن أكون راويًا للقصص
-
ضفاف أخرى . . . رواية تمجّد الثقافة وتنبذ الكراهية والعنف
-
قراءة نقدية لأربعة أفلام روائية قصيرة في مهرجان لندن للفيلم
...
-
أفلام روائية كردية تستلهم قصصها من السجون التركية
-
سائق الحرب الأعمى الذي قاد العراقيين إلى عين العاصفة!
المزيد.....
-
بدء احتفالات الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران
...
-
40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
تفاصيل قانون تمليك اليهود في الضفة
-
حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق
...
-
أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة
...
-
لأول مرة خارج المسجد الحرام.. السعودية تعرض كسوة الكعبة في م
...
-
فرحي أطفالك.. أجدد تردد قناة طيور الجنة على القمر نايل سات ب
...
-
ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال
...
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|