أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد العليمى - حزب العمال الشيوعى المصرى وقضية التحالف الطبقى والجبهة المتحدة ( 1971 )















المزيد.....



حزب العمال الشيوعى المصرى وقضية التحالف الطبقى والجبهة المتحدة ( 1971 )


سعيد العليمى

الحوار المتمدن-العدد: 5073 - 2016 / 2 / 12 - 15:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قضية التحالف الطبقى
مقدمة نظرية :
ليست الجبهة المتحدة مفهوماً تكتيكياً يقترب من الاتفاقات المؤقتة أو التحالفات الانتخابية ، أو إلى التقاء عرضى حول هدف مؤقت بين أحزاب سياسية ، فهى التجسيد التنظيمى ، للمسألة الرئيسية فى الثورة ، مسألة التحالف الطبقى بين القوى الثورية من أجل السلطة فى نهاية المرحلة الاستراتيجية ، والنضال الدائم عبر المنعرجات والمنعطفات التكتيكية لتحقيق الشروط الموضوعية والذاتية التى تقضى إلى هذا الهدف .
إن الجبهة فى المحل الأول هى حلف طبقى من أجل السلطة وهى بذلك ترتبط بطبيعة الثورة وأهدافها وبالعلاقات الاجتماعية على طول المرحلة الاستراتيجية .
فلا يمكن التفكير فى الثورة بدون التفكير فى حلفاء الطبقة العاملة .
وهذا الحلف الطبقى ليس مجموعة من الروابط تنشأ تلقائياً داخل المجتمع ، بالتقاء كفاح الطبقات الثورية فى مجرى الأحداث السياسية والاقتصادية والفكرية فالجبهة لا تنشأ موضوعياً نتيجة لوجود الطبقات الثورية ، والتقاء كفاحها التلقائى فى مختلف نواحى النشاط فى المجتمع ثم تستكمل وجودها ببناء أشكال التنظيم المختلفة.
إن هذا المفهوم التلقائى الذيلى عن جبهة قائمة بالفعل لا ينقصها إلا الشكل التنظيمى ، معاد للمفهوم الماركسى اللينينى عن الطبقة ، فالطبقة ليست مجرد وضع اقتصادى أو مكان لمجموعة من الناس فى عملية الإنتاج إلا عبر صراعها مع غيرها من الطبقات فاكتشافها وعيها التاريخى ورسالتها الاجتماعية وامتلاكها أشكال التنظيم الملائمة نسبياً لخوض معارك صراع الطبقات .
إن الطبقة العاملة فى ألمانيا حينما تمزقت إلى أفراد فى الجيش السياسى للهتلرية وأسلمت نبض قلبها لأمانى أعدى أعدائها التاريخيين ليست طبقة لذاتها فى هذه المرحلة .
إن مسلكها السياسى والاجتماعى فى تلك الفترة لم يكن يخدم مصالحها النابعة من وضعها . كذلك الحال مع الطبقة العاملة فى أى بلد من البلدان لم تصل فيه تلك الطبقة إلى درجة محددة من الوعى والتنظيم المسترشد بهذا الوعى ، فالتلقائية تعنى الخضوع لوعى الطبقة السائدة وأهدافها وما تحدده من أشكال للتنظيم وأساليب للعمل.
وهنا يصبح الحلف الطبقى مختلفاً عن مجرد الربط بين أوضاع جاهزة بالفعل. إنها حركة ثورية واعية منظمة ، وفى مكان الصدارة من هذا الحلف توجد قضية التنظيم الطبقى لا باعتباره شكلا يستكمل بل بإعتبار التنظيم هو الحركة الواعية التى تواجه التلقائية ، وأساليب النضال لتحرير الطبقات الثورية من طبقات فى ذاتها " قد تخدم حركتها اليومية وتخلفها الفكرى أعداءها " إلى طبقات لذاتها تتحرك من أجل مصالحها هى .
إذن ، فقضية الجبهة هى قضية التنظيم السياسى فى المحل الأول باعتباره أعلى أشكال التنظيمات الطبقية , ولكنها لايمكن ان تقف عند هذا الحد . فالعلاقة بين الاحزاب السياسية وطبقاتها حافلة بالتعقيد ، فكفاح الحزب الشيوعى لكى ينظم طبقته ليس معناه أن يستوعبها كلها ، بكل أجزائها وقطاعاتها وأفرادها داخله ، انه جزء من الطبقة يلعب دور الطليعة ويحاول أن يقود طبقته التى تنشأ فى أحضان المجتمع البرجوازى فى كافة المجالات السياسية والاقتصادية والفكرية . رغم افتقار الأجزاء المختلفة لهذه الطبقة للتجانس فى تقدمها الفكرى وفى استعدادها لقبول الوعى الاشتراكى وانطلاقها فى التنظيم الثورى . وليس أمام الحزب الشيوعى إلا أن يناضل فى صفوف طبقته فى كل المجالات ولا يختلف الأمر فى هذا السياق مع الطبقات الثورية الأخرى رغم النوعية الخاصة للحزب الشيوعى باعتباره ممثلاً للطبقة العاملة الطبقة الوحيدة الثورية إلى النهاية ، التى تعتبر تحرير الطبقات الأخرى من القهر والاستغلال شرطاً لتحريرها هى .
فالحلف الطبقى ليس مجرد الالتقاء بين الأحزاب السياسية ، طلائع الطبقات الثورية الأخرى وأن تكن هذه الطلائع ضرورية وفى مقدمتها الحزب الشيوعى ، إن هذا الحلف يشمل أيضاً التنظيمات الأخرى الاقتصادية ووالاجتماعية والثقافية للطبقات الثورية ، بل أن يتسع للطبقات الثورية الأخرى التى لاتستوعبها هذه الأشكال ، ويجب أن نؤكد هنا أن الجبهة لا تبنى وفقاً لمواصفات مثالية بل لابد أن تنبع من الخصائص النوعية للصراع الطبقى فى كل بلد من البلاد ، من الطابع المميز للأحزاب السياسية وأشكال التنظيم السياسى ودرجة التطور الاجتماعى فى كل بلد من البلدان .
والجبهة باعتبارها مسألة استراتيجية ، لا يمكن أن تبنى إلا انطلاقاً من المواقف التكتيكية ، ولابد أن تتسع وتضيق وفقاً للفترات المختلفة ، والانحراف اليمينى يرتكز على هذه الضرورة العملية ليهبط بالجبهة إلى مستوى أى التقاء عرضى بين أى قوى سياسية ، ليغفل الأهداف النهائية .
فالجبهة رغم ما تقضيه الأوضاع المتغيرة من تغير فى تركيبها تركز على نواة أساسية ، على التحالف بين القوى الأساسية للثورة بمقدار ما استطاعت التعبير عن أهدافها فى الفترات التكتيكية . إن هذه النواة الأساسية لا يمكن أن تكون فى بلادنا إلا التحالف بين العمال والفلاحين بقيادة الطبقة العاملة .
وهذه النواة الأساسية لا تتحقق بإبراز الأسس النظرية للتحالف بين العمال والفلاحين فحسب ، فالجماهير تتعلم من خبراتها الذاتية ، من احتكاكها بالواقع فى حركته ، والمسألة المحورية للحركة الذاتية للجماهير الشعبية هى علاقة الجماهير بالسلطة فهى التى تطبع يطابعها الموقف من الأهداف النهائية للثورة .
الانحراف الرئيسى فى الحركة الشيوعية المصرية :
والموقف من السلطة بعد52 هو الذى طبع أيضاً بطابعة موقف الحركة الشيوعية المصرية من الجبهة ، والذى أدى إلى انتحار هذه الحركة . فما دامت السلطة وفقاً لهذا الموقف ، متناقضة المصالح مع الاستعمار . فهى حليف للطبقة العاملة ، وما دامت حليفا فكل التناقضات معها ثانوية لا تصبح مدرجة للحل إلا بعد انتهاء المعركة مع الاستعمار . وإلا وقعنا فى خطأ تغليب التناقض الثانوى مع السلطة على التناقض الرئيسى مع الاستعمار ولم يكن هذا الموقف إلا نقطة البداية التى اعتبرت قضية الجبهة هى تحالف الشيوعيين مع السلطة من ناحية الأساس .
وبدلا من أن تصبح الجبهة قضية الحلف الطبقى ، اختزلت إلى قضية الاتفاق السياسى المؤقت مع السلطة . وهذا الموقف يطرح سؤالا هاماً : هل يؤجل الشيوعيون اتخاذ مواقف من سلطة تناوئ الأعداء التاريخيين للشعب المصرى إلى أن يستكملوا تدعيم حزبهم وربط الطبقة العاملة بخطة وتوجيهاته وتحقيق تحالف بين العمال والفلاحين ، خاصة فى اللحظات المصيرية من معركة حاسمة مع الاستعمار " غزو أو تهديد به أو نجاح لهذا الغزو "؟
إن موقفا كهذا هو موقف خاطئ لا فى اللحظات المصيرية فحسب ، بل فى كافة اللحظات ..فإن الحزب الشيوعى لن يرتبط بطبقته ويعمق جذوره فى صفوفها ولن يجذب الفلاحين إلى الالتفاف حول الطبقة العاملة إلا بتحديده ، موقفاً صحيحاً من السلطة ، قائماً على التخطيط الطبقى العلمى ، وبتحديده برنامجاً ثورياً مقابل سياسة السلطة فى كافة المجالات وفى المحل الأول فيما يتعلق بقضية المعركة مع الاستعمار .
فمنذ بدأت سلطة 52 تصطدم مع المصالح الإمبريالية وتلحق الضرر وتوجه الضربات إلى هذه المصالح . فان واجب الشيوعيين يصبح حشد أوسع الجماهير الشعبية حول برنامج وطنى متماسك ، لمتابعة هذه المواقف الوطنية وتدعيمها ، وتدعيم هذه المواقف من جانب الجماهير الشعبية ليس معناه أن تتحول الطبقات الثورية إلى توابع تدور فى فلك الطبقة الحاكمة ، وتخضع كفاحها لمتطلبات هذه الطبقة وللنطاق الذى تفرضه الحركة الوطنية ، بإنتقال مضمونها الطبقى من الإطار البرجوازى إلى الإطار البروليتارى!
إن الحزب الشيوعي يؤيد كل المواقف التى تتخذها أى طبقة قومية ضد الأعداء التاريخيين . فإن كل المواقف الإيجابية ، التى تسهم فى إضعاف الإمبريالية وعملائها وحلفائها هى موضوعياً ، مهما تكن الطبقة التى تتخذها ، فى حساب الثورة الاشتراكية العالمية . وهذا التأييد ليس موقفاً شكلياً يقتصر على إعلان التأييد وتسجيلة فى الوثائق بل هو موقف ثورى مبدئى .
إن الحزب الشيوعى يكشف كل مؤامرات الاستعمار ويعبئ الجماهير لمواجهتها ويقف بحزم ضد محاولات الانقلابات الاستعمارية ، وضد الفتن الرجعية ، ويناضل بصلابة من أجل توجيه أفدح الضربات إلى الاستعمار وركائزه . ولكن هذا التأييد شئ مختلف تماماً عن تبنى البرنامج البرجوازى فى معاداة الاستعمار وعن أن يذوب الحزب فى الجوقة القومية البرجوازية الطابع ، التى لا يمكن أن تسير فى معاداة الاستعمار حتى النهاية بل أن طبيعة تناقضها مع الاستعمار من زاوية مصالحها الطبقية الضيقة تجعل قيادتها أخطر على استمرار المعركة مع الاستعمار ، وتحمل فى طياتها عناصر التنازل والتهادن ثم المشاركة والتحالف .
إن الحزب الشيوعي لا يتنازل أبدا عن تنظيمة المستقل ، عن واجبه إزاء طبقته العاملة والطبقات الشعبية ، عن إبراز خطة الثورى فى الحركة الوطنية ، ذاك الخط الذى هو مسقبل الحركة الوطنية وخط الطبقة العاملة ، وليست العلاقة بين خط البورجوازية فى الحركة الوطنية وخط الطبقة العاملة علاقة تجاور بين خطين مطروحين للمفاضلة أو الصراع الفكرى فحسب ، إنها علاقة صراع طبقى منذ اللحظة الأولى يدور فى الظروف المحددة من علاقات القوى فى حركة الثورة . وتضع مسألة التأييد للمواقف التى تتخذها البرجوازية من الاستعمار فى مكانها الصحيح من سياسية حزب لا يمكن أن تكون سياته إلا النفى الجدلى لسياسة البرجوازية وإلا المعارضة الجذرية لهذه السياسة .

والمعارضة بمعناها الجدلى ليس معناها رفض كل المواقف التى تتخذها البرجوازية ضد الاستعمار ، بل متابعة هذه المواقف وإدماجها فى مجرى الثورة بتحريرها من نطاق التهادن والتنازلات ، وربطها بحركة الجماهير الشعبية لأن هذه الجماهير لن تقفز إلى الخط الثورى من فراغ ، بل انطلاقاً من الأوضاع التى تفرضها البرجوازية على المسألة الوطنية .
وابتداء من موقف السلطة المصرية فى باندونج وما تبع ذلك من مواقف معادية للإمبريالية ، وما استتبعه بالضرورة من محاولات ضارية من جانب الاستعمار العالمى لإسقاط هذه السلطة ، فان الموقف المبدئى للشيوعيين فى هذه الفترة كان يجب أن يكون التأييد لهذه المواقف ضد مؤامرات الاستعمار وعملائه . ولكن هذا الوجه للمسألة لا يستغرق العلاقات الأساسية بين الشيوعيين والسلطة فى هذه الفترة فالسلطة معادية لحق الطبقات الشعبية فى تشكيل تنظيماتها السياسية والجماهيرية ، معادية للشيوعية بشكل خاص , معادية لأن تتجاوز المعركة الوطنية نطاق الاجراءات العلوية والاتصالات الدبلوماسية لاستخدام التناقض بين المعسكر الاشتراكى والمعسكر الاستعمارى بديلاً من تنظيم الشعب وتسليحة ، أى إنها كانت تضعف الحركة الوطنية وتسلبها مقدرتها على مواجهة طويلة المدى مع الأعداء ، لذلك كان يجب أن يدور صراع حاسم مع السلطة حول المسائل المتعلقة بفاعلية الطبقات الثورية فى المعركة الوطنية ، بالحريات الديمقراطية والمطالب الأساسية للجماهير .
لقد كان الموقف اليمينى الذى اتخذته القطاعات الانتهازية فى الحركة الشيوعية موقف الذيلية للسلطة عاملاً فى أن تسقط ثمار الانتصار المؤقت عام56 فى فم البرجوازية الكبيرة المصرية فزادت أرباحها وتعاظمت امتيازاتها كما ساعدت على تقوية القبضة البوليسية الإرهابية للسطلة ، وكانت عاملاً فى تهيئة ظروف الردة الوطنية فى الانعطافة التى بدأت عام 1959 بالهجوم على المعسكر الاشتراكى والحركة الديمقراطية العربية كالأحزاب الشيوعية العربية .
ونقف هنا عند عينة نموذجية من التبريرات الأيديولوجية فى هذه الفترة .
الخلط بين المواقف :
سادت فى هذه الفترة الفكرة التلقائية عن الجبهة ، ودارت على الأقلام كلمة الجبهة الداخلية كمرادف للتحالف الطبقى المنظم ، وطرحت مسألة التأييد بمعزل عن الصراع الطبقى ، وتقدم الثورة . وكان التأييد يهدف إلى طمس الحدود بين الطبقات ، وتحويل الجماهير الشعبية إلى طابور سلبى يتبنى فكر البرجوازية القومية ويعمل من أجل مصالحها ، ويعتبر أى معارضة لمصالحها الأنانية الضارة بالحركة الوطنية خيانة وطنية وتحالفاً موضوعياً مع الاستعمار .
وسادت فى هذه الفترة الفكرة الهزلية عن أن معاداة الاستعمار تساوى التبعية الكاملة لسياسة السلطة . ولقد وضعت قضية الوحدة مع البرجوازية الحاكمة فى مواجهة الاستعمار باعتبارها قضية تبنى خطها ومنهجها , وإهدار جانب الصراع ، جانب تدعيم حزب الطبقة العاملة وارتباطه بالجماهير وتنظيم الجمااهير ، وإنضاج وعيها وفاعليتها ومشاركتها فى ثمار الاستقلال السياسى والحد من امتيازات البرجوازية واحتكار السلطة للعمل السياسى . والوقوف أمام محاولة السلطة إلغاء الحياة السياسية .
وكان الاتحاد القومى هو الثمرة المرة لهذه الفترة ومن المفارقات التاريخية ، أن هذا الاتحاد الذى قدمته السلطة بديلاً للجبهة ، والذى سمته ( حدتو) " جبهة وطنية" . وبررت السياسة البوليسية المتمثلة فى حق هذا الاتحاد فى الاعتراض على مرشحى مجلس الأمة ، وفى اشتراط عضوية النقابات العمالية والمهنية فى هذا الاتحاد ، بضرورة الوقوف ضد الرجعية والاستعمار . وقد تحول بمقتضى " النقد الذاتى " الرسمى للسلطة إلى عش الرجعية القديمة وعملاء الاستعمار . وهكذا أدت سياسة حزب " اليسار " إلى ازدهار القوى اليمينية والمحافظة بكل فصائلها .
قضية البديل:
وسادت فى هذه الفترة فكرة بسيطة تقول بأن الوضع السياسى يمكن إجماله فى أن هناك الاستعمار والرجعية فى ناحية ، وسلطة البرجوازية ، التى تناورها من زاوية أساسية ، فى ناحية أخرى ، وكان بودنا أن تكون هناك قوى أكثر ثورية قادرة على الوصول إلى السلطة ، ولكن ما أمامنا هو التأييد الكامل للسلطة حتى لا يثب الاستعمار الاميركى على هذه السلطة إذا عملنا على إسقاطها ... وهذه االفكرة مازالت سائدة فى فلول الحركة الشيوعية المصرية المنتحرة ... وهى فكرة ميتا فيزيقية من ناحية المنهج ، تولى ظهرها للروابط الحافلة بالتناقضات بين القوى الاجتماعية وتثبت الواقع فى حدود جامدة . وتنتهى بالدفاع عن استبقاء حكم البرجوازية إلى الأبد .
فالبورجوازية لن تستمر فى معاداة الاستعمار إلا فى حدود مصالحها . وهى تعمل جاهدة لوأد البديل الثورى فى مهده ، ولا تكف لحظة عن محاربة القوى التى على يسارها ، مما يسهم فى فتح الباب للاستعمار والرجعية فى تحقيق الانتصارات أمام واقع الحركة الوطنية الذى تقوض البرجوازية أسسه وأركانه ، ويتحول الشيوعيين وفقاً لهذا المنهج إلى الجناح الراديكالى للطبقة الحاكمة فى أحسن الأحوال أو إلى سماسرتها وأبواقها فى صفوف الجماهير العازفين عن اتخاذ أى موقف يغضبها أو يخيفها باتجاه خلق البديل الثورى ، وما حاجة منهج التواطؤ إلى بديل ثورى ، وهو يعمل كل ما مافى وسعه لمحاربة هذا البديل ؟
إن البديل الثورى فى الكلمات الغائمة ، وفى رحم مستقبل يعمل هذا المنهج على أن يستبقيه إمكاناً نظرياً مجرداً ، ليس إلا قناعاً لتبرير الوجه المعادى للجماهير الشعبية فى خط البرجوازية الحاكمة . أن هذا المنهج هو منهج الكارثة الوطنية التى تقود إليها البرجوازية باعتبارها قدراً لا فكاك منه . وفى هذه الفترة لم تطرح قضية تأييد المواقف الوطنية للسلطة من زاوية السير منفردين ، والضرب معا، من زاوية الصراع من أجل خلق الأسلحة التنظيمية للجماهير الشعبية ، وتحقيق الحد الأدنى من مطالبها الأساسية ، وتدعيم فاعليتها . وإبراز الدور القيادى للطبقة العاملة فى معترك النضال الوطنى ، إنما التحالف بين شراذم من المعتلقين والمسجونين والمطاردين والمعزولين وبين السلطة ، فى عرائض تأييد وبرقيات تهنئة وهتافات فى السرادقات بحياة رئيس الجمهورية فى شكل هزلى من أشكال ممارسة المسؤولية الثورية ، لا فاعلية حقيقية له حتى فى ما يزعمه من حماية الحكومة الوطنية من أعدائها .
وكما طرحت قضية الجبهة خارج الصراع الطبقى والمسار التاريخى لحركة الثورة . طرحت أيضاً خارج العلاقة بسلطة الدولة . فلم يخطر ببال المدافعين عن الخط الذيلى ، أن الجبهة مع طبقة حاكمة معناها مقاسمتها السلطة فى النهاية ، والكفاح من أجل تحرير انفراد طبقة واحدة بالسلطة إلى مشاركة الطبقات الوطنية فى هذه السلطة . وهكذا ظلت الجبهة أسيرة قالب فكرى مستمد من أوضاع كفاح طبقات وطنية مقهورة ضد سلطة الاستعمار والرجعية " بالإضافة إلى الاختلافات النوعية من حيث طبعية الطبقة الحاكمة واتجاه حركتها فى المستقبل وعلاقاتها بالقوى الشعبية "
وإنتقلت الجبهة بعد ذلك نتيجة للتغيرات التى طرأت على البينان الاقتصادى فى مواجهة التناقضات القائمة وبروز البيروقراطية البرجوازية بوصفها الطبقة الحاكمة . انتقلت إلى مستوى آخر أكثر إيغالا فى التدهور ، وانتقلت الجبهة التى ترفضها سلطة تحتكر الحياة السياسية بالكامل ، إلى القول بوحدة العمل بين الشيوعييين "والمجموعة الاشتراكية " ، وهو اسم التنكر الديماغوجى للبيروقراطية داخل هيكل تنظيمى واحد ثم هرول دعاة الجبهة الذيلية إلى القول بحزب واحد لكل الاشتراكيين . حزب السلطة ، ووصلت القصة إلى ذورة المأساة ، بحل التنظيمات الشيوعية والوقوف على باب التنظيم السياسى للسلطة كأفراد من أخلص المخلصين لسياستها .
الموقف الماركسى اللينينى
الثورى من البرجوازية البيروقراطية :
فى مقابل خط التصفية والنكسة الذى سارت علية الحركة الشيوعية السابقة ، يطرح الواقع الاحتياج الموضوعى إلى موقف ثورى من السلطة ويجب أن نحدد أن السلطة الحالية مرت بمراحل مختلفة ، وأن مسارها فى المستقبل ليس تكراراً للمراحل السابقة أو لوضعها الراهن ، إنها سلطة طبقة أنجزت بطريقتها التدريجية ولصالحها من أعلى مهام الانتقال إلى مجتمع رأسمالى مستقل من زاوية رئيسية . وكان موقفها ضد كبار ملاك الأرض والإمبريالية والرأسمالية المتحالفة معها يضعها إلى جانب القوى الوطنية ، وهى الآن أوشكت أن تستكمل إرساء اقتصادها الرأسمالى وتسيطر على السلطة سيطرة كاملة ، وأعادت تشكيل المجتمع وفقاً لمصالحها . وقد تم ذلك تاريخيا بإبعاد الجماهير الشعبية عن المشاركة .
إن مصالحها الموضوعية تنأى بها عن تقديم تنازلات أساسية لمطالب الجماهير . وإن بنائها السياسى البيروقراطي البوليسى ليس قابلاً للآنفتاح على حركة ديمقراطية ، وليس من السهل أن يقدم الديمقراطية السياسية للجماهير طواعية . وبطبعية الحال فإن هذه السلطة والطبقة التى تمثلها سارت تدريجياً من الجانب الذى تشغله باعتبارها قوة وطنية توجه ضربات ساحقة للإستعمار والرجعية إلى قوة تهدد بسياستها داخل المجتمع القوى الوطنية الأساسية ، وتطبع الحركة الوطنية بالعجز عن مواجهة الاستعمار والصهيونية وتفرض الهزيمة فى المدى القريب .
ومن ناحية أخرى ، فإنها على المدى الإستراتيجى ، مدفوعة بمصالحها ، ستنتقل إلى الضفة الآخرى ، ضفة القوى المرتبطة بالاستعمار . إن هذه الطبقة تمر عبر سلسلة من المراحل الانتقالية إلى معسكر العدو ، وان الموقف فى أثناء كل حلقة يجب أن يخضع لعلاقات القوى الطبقية وطبيعة الهدف الذى تضعه الطبقة العاملة أمامها .
وفى الحلقة الراهنة ، فإن تناقضاتها مع الاستعمار والصهيونية ، التى تحتل أراضينا ، ما تزال قائمة وإن مصالحها الضيقة تفرض عليها أن تعمل بأساليبها على ألا تضحى بما حققته من مكاسب أساسية بالشروط التى يفرضها الاستعمار ، وما تزال قادرة على اتخاذ مواقف معادية للإستعمار والصهيونية ، رغم أن هذه المواقف لا تخرج عن نطاق منهج التنازلات والمساومات وإضعاف الحركة الوطنية الديمقراطية .
إن قضية تحالف طبقى مع السلطة يتخذ شكل جبهة منظمة ليس مطروحاً فى علاقات القوى الحالية ، إن القضية الرئيسية هى عزل قياداتها ، هى انتزاع حقوق الطبقة العاملة والجماهير الشعبية فى التنظيم السياسي والجماهيرى ، كما تأخذ هذه القضية شكلاً آخر ، فامتيازات البيروقراطية وحلفائها عقبة كأداء أمام أى برنامج اقتصادى يهدف إلى تحقيق الحد الأدنى من اقتصاد حرب ، مهما تكن تلك الحرب نظامية محدودة ، واقتصادها الحالى لا يصمد ، لآى معركة ولا يفترض أى معركة قادمة . إنه اقتصاد يراهن على الحل السلمى ولذلك فالقضية الرئيسية تأخذ فى المجال الاقتصادى شكل المطالبة بالحد من امتيازات البيروقراطية وحلفائها لتقديم برنامج حرب تحمل الطفيليات جانباً كبيراً من تضحياته ، ولا يلقى بأعبائه كلها على الشعب . فالمطالب الرئيسية للطبقة العاملة فى هذه المرحلة تصطدم بمصالح البيروقراطية التى لم تقدم فى تاريخها كله إلا التنازلات الهامشية للجماهير الشعبية والتى تقاوم بضراوة المطالب الرئيسية للطبقة العاملة .
ومن ناحية أخرى فإن الاستقلال الذى حققته هذه البرجوازية ، رغم أنها تعجز عن صيانته ، بالاضافة إلى عدم استعدادها للتسليم لشروط الاستعمار الاميركى والصهيونية رغم تهاونها واعتمادها على المعسكر الاشتراكى (رغم زعزعته) ، يطرح قضية الموقف منها فى واقع احتلال القوات الصهيونية للأراضى المصرية والعربية ، وبروز شعار تحرير الأرض كمطلب عاجل ملح يشغل مكان الصدارة عند الجماهير الشعبية فى علاقات بعيدة عن البساطة .
ويزداد الأمر تعقيداً إذا نظرنا إلى التركيب الداخلى لهذه الطبقة الذى يتميز بوجود جناحين يسرع الجناح اليمينى منها إلى التسليم بمعدل متزايد للعدو بينما ينتقل الجناح الأقل استعداد للتسليم إلى مواقع أكثر يمينية .
إن الموقف الثورى ، من هذه الطبقة لا يستدعى طرح شعار الإطاحة بالنظام فى المرحلة التكتيكية الراهنة ، فهو شعار مغامر بالنسبة إلى علاقات القوى الطبقية الداخلية والعلاقات داخل حركة التحرير الوطنى العربية وعلاقات القوى العالمية . استناداً إلى شبكة العلاقات التاريخية لهذا النظام فى مواقف المعادية من الاستعمار والصهيونية والرجعية العربية ، فبالاضافة إلى أن الهدف التكتييكى المباشر الذى ترتبط به كافة الأهداف هو تحرير الأرض من الاحتلال الإسرائيلى رأس حربه الاستعمار الأميركى فى المنطقة العربية .
ومن ناحية أخرى فإن الحركة الوطنية المصرية فى واقعها الفعلى ما تزال على الأرض التى حققها النظام إبان انتصاراته ، رفض الأحلاف وتأميم الاحتكارات الاستعمارية وتأييد حركت التحرر الوطنى العالمية ، والتحالف مع المعسكر الاشتراكى .
وهنا يبدو شعار الاطاحة قفزة خارج حركة الجماهير الشعبية التى ماتزال تعتقد أن الناصرية رمز الكفاح ضد الأعداد التاريخيين . لذلك فإن عزل قيادة البرجوازية البيروقراطية للحركة الوطنية وإبراز الدور القيادى للطبقة العاملة هو المهمة الملقاة على عاتق الحزب الشيوعى ن ولن يتحقق ذلك إلا بتعميق الصراع داخل الحركة الوطنية ضد التنازلات وإقصاء الجماهير الشعبية وضد منهج البيروقراطية كطبقة ككل .
وتستوجب خطورة الموقف الذى يقودنا إليه هذا المنهج أن يشن هجوم جماهيرى ساحق على أقصى يمين السلطة الداعى إلى الاستسلام مستهدفاً الإطاحة به ، على ألا تقتصر مطالب الإطاحة بأقصى اليمين على فرد معين بل على تلك المجموعات المتربعة فى المراكز القيادية فى الاقتصاد والاتحاد الاشتراكى والجماعاات الناعقة بالاستسلام للاستعمار الاميركى .
ولابد من الإشارة إلى أن أى وضع تحتدم فيه التناقضات بين الاستعمار وبين السلطة يستوجب من الشيوعيين أن يقفوا موقف التأييد من كل ضربة توجهها السلطة للأعداء . التأييد الثورى دون خلط بين تأييد مواقف معينة وبين قضية الجبهة . وعلى أساس الموقف من السلطة يتحدد الموقف من الطبقات الاجتماعية الآخرى من زاوية الجبهة . فالسلطة حالياً لا تمثل الطبقة فى فترة صعودها ، وأوج مقدرتها على تحقيق الإنجازات والانتصارات وتوجيه الضربات إلى الأعداء بل فى فترة انحدارها التدريجى ومحاولتها التزام الجانب الدفاعى فى التمسك بما يمكن التمسك به من مكاسب الفترة السابقة .
فلننتقل الى موقف الطبقات الاجتماعية المختلفة من الطبقة الحاكمة فى إطار حركة التحرر الوطنى باتساعها وعمقها الحاليين الذى ترك أثره على تركيب السلطة وإتجاه حركتها . لقد عجزت الحركة الوطنية طول تاريخها الماضى عن أن تفرض فى فترة صعود البرجوازية القومية وتصادمها مع الإمبريالية ، حلفاً وطنياً ، وتربعت البرجوازية القومية ثم البرجوازية البيروقراطية منفردة على مواقع القيادة بإستخدام أساليب القهر البوليسى والتضليل الفكرى فاستفحلت نزعاتها المعادية للديمقراطية والشيوعية إلى أن صار تبلور الطبقة الجديدة البيروقراطية تدريجيا بعيداً عن ضغوط الجماهير الشعبية . فبدلا من جذب العناصر والمجموعات الأكثر تماسكاً فى معاداة الامبريالية على مواقع التحالف ، ( بفعل خشية هذه الطبقة على نفوذها ، وأرباحها ). فإنها لجأت وقتها كطبقة فى طور التكوين ، إلى طرق الانصهار التدريجى مع المجموعات الأكثر استعداداً للتهادن مع الإمبريالية والصهيونية ، وتسوية سائر المسائل المعلقة معها على مبدأ " السلام العادل ".
فالطبقة الحاكمة كانت قد تعلمت ، من تجربتها التاريخية على رأس حركة وطنية تتميز بضعف مراكز الطبقة العاملة وتفتت الفلاحين وتردد البرجوازية الصغيرة أن أكبر الثمار يمكن اجتنائها بمواصلة إقصاء الجماهير الشعبية عن أن تلعب دورها كطبقات ينمو وعيها وتنظيمها وتهدف إلى المشاركة فى السلطة ومكاسب تحرر الجماهير كأدوات لا وقود لمعاركها .
لقد سارت البرجوازية القومية ، ثم البرجوازية البيروقراطية المصرية فى طريق النمو الرأسمالى منذ طويل ، ولم يؤد الاستقلال السياسى إلى أن تستولى الحركة الوطنية بكل طبقاتها على السلطة ، بل أدى إلى انفراد طبقة واحدة بالسلطة نتيجة للواقع الفعلى لميزان القوى الطبقية فى مصر .
وسوف نقوم ، فى المستقبل القريب ، بتحليل موجز للطبقات الأساسية فى المجتمع المصرى من زاوية العلاقة مع البرجوازية القائدة داخل الحركة الوطنية .

الطبقة العاملة المصرية :
" الصفحات التالية هى فى الأصل قسم من الوثيقة المعنونه " قضية التحالف الطبقى فى مصر ، والتى ظهرت ضمنها فى إبريل 1971. وفى هذه الصفحات محاولة لمعالجة طبقتنا العاملة من زاوية التحالف الطبقى ، أى زاوية قضية تنظيمها الحزبى ، قضية بناء حزبها الشيوعى فى المرحلتين السابقتين مرحلة حزب 24، ثم المرحلة منذ الحرب العالمية الثانية حتى أواسط السيتنيات "

أسهمت الطبقة العاملة المصرية فى الحركة الوطنية ضد الاستعمار البريطانى بدور مجيد ، وكانت لها رايتها المستقلة فى ثورة 1919 ووصل تطورها إلى انضواء مئات من أبنائها تحت قيادة الحزب الشيوعى المصرى 1925 وناضلت أجزائها الواعية ممثلة فى طليعتها ببسالة ضد الإمبريالية الإنجليزية وعملائها : الملكية البوليسية ، وكبار ملاكى الأرض ، والرأسماليين المتحالفين مع الاستعمار . كما اتخذت موقفا ثورياً من تهادن الوفد ، حزب الإصلاحية الليبرالية القومية ، فكشفت مساوماته لتصفية النضال الثورى مقابل الحصول على تنازلات لصالح البرجوازية وملاك الأرض . وعملت على أن تنتزع قيادة حركة التحرر الوطنى من بين براثن الوفد ، الذى حطم التنظيمات المناضلة للطبقة العاملة الاقتصادية والسياسية وسار فى طريق التفاهم مع العدو .
ولقد نجح الحزب الشيوعى المصرى ( الأول ) فى أن يقود كفاح الأجزاء المتقدمة من الطبقة العاملة المصرية لتشكيل اتحاد عام للعمال المصريين . وتشكل هذا الاتحاد بالفعل . كما قامت فصائل من الطبقة العاملة بقيادة الحزب بسلسلة من الإضرابات الاقتصادية . ولكن الحزب الشيوعى المصرى بتراثة العظيم وتضحيات أعضائه الهائلة ، ارتكب أخطاء قاتلة فهو فى المحل الأول اتخذ موقفاً يساريا من الوفد ، حزب البرجوازية المتقدمة ، فوضعه فى صفوف أحزاب الخيانة ، ولم يتخذ موقفاً جدليا من طبيعة الوفد المزدوجة فى تلك المرحلة ، فلم يفرق بين عزله عن قيادة الحركة الوطنية وبين الهجوم عليه كأحد فصائل العدو . فأدى ذلك إلى إنعزال الحزب نفسه عن جماهير الحركة الوطنية ، التى كانت ما تزال تتبع الوفد وهو حزب من الناحية الموضوعية كان قادرا على توجيه الضربات للاعداء وعلى الإسهام فى أن تنتزع الجماهير الشعبية الحريات الديمقراطية النسبية فى مواجهة الاستعمار والقصر ، رغم تأرجح مواقفه . كما أدى الموقف الانعزالى بالحزب إلى إغفاله التفرقة بين الكفاح السياسى للطبقة العاملة وكفاحها النقابى . ووصل إلى درجة أن أصبح للحزب والاتحاد العام للنقابات مقر واحد .
وقد ساعد ذلك على حصر دور العمل النقابى فى عدد ضئيل من العمال الواعين طبقياً بدلاً من أن يكون مدرسة نضالية للآلاف من أبناء الطبقة العاملة مهما يكن قصور وعيهم السياسى والفكرى . كما وضع ذلك أيضاً قيوداً على عمل الحزب الشيوعى فى صفوف الطبقات الوطنية غير العمالية فلم يعمل فى صفوفها.
وفى الأركان المنعزلة تمكن الاستعمار وعملائه متعاونين مع البرجوازية القومية من توجيه الضربات القاتلة إلى حزب الطبقة العمالية من خارجه بالقمع البوليسى الوحشى ، ومن داخله بالتخريب والتجسس وتقديم رقبة الحزب لسكين العدو .
وظلت الطبقة العاملة منذ تصفية الحزب الشيوعى فريسة للتلقائية ، تقع فى شباك أعدائها فى الكثير من الأحوال . ولكن ما أكثر ما تألقت ومضات فى هذه التلقائية فلم يكف العمال المصريون عن كفاحهم فى مستوى الوعى التلقائى من أجل تشكيل اتحاد عام لهذه النقابات ومن أجل الحصول على شروط أفضل لبيع قوة عملهم مستخدمين الأساليب القانونية المختلفة لتحقيق هذه الأهداف بما فيها حق الأضراب .
وفى المستوى السياسى وقف العمال ضد الاستعمار ومعاهداته وعملائه ، كما شاركوا بشكل واضح فى معارك الحريات السياسية ، التى لم تنفصل أبداً عن الكفاح الوطنى .
ولكن هذه الومضات من الوعى السياسى ظلت حتى نهاية الحرب العالمية الثانية انعكاسا لوعى البرجوازية الليبرالية ولا علاقة لها بالوعى الاشتراكى .
وبعد انتصار الاتحاد السوفياتى على الفاشية ونجاح عدد من الأحزاب الشيوعية فى شرق أوربا فى الوصول إلى السلطة واندلاع الحركة التحررية فى جنوب شرق آسيا ، اكتسح المد الثورى بلادنا وبدأت المرحلة الثانية فى تاريخ الحركة السياسية للطبقة العاملة المصرية ، بعد تصفية أول حزب شيوعى مصرى ، ونشأت التنظيمات الشيوعية المختلفة متعادية منفصمة منذ لحظة الميلاد ، وكان التياران الرئيسان فيها : الحركة المصرية للتحرر الوطنى والفجر الجديد ، وقد اتخذ كل منهما أسماء أخرى بعد ذلك . فالتيار الأول ( حدتو) ، ثم الحزب الموحد ، ثم حدتو مرة ثانية والثانى د.ش ( الديمقراطية الشعبية ) ، ثم طليعة العمال ،ثم حزب العمال والفلاحين .
وعلى الرغم من الصراع اللامبدئى بين التيارين ، فهما يشكلان فصيلة انتهازية ذات ملامح فكرية واحدة من ناحية الأساس ، رغم الاختلافات الفرعية والتكتيكية والمنعرجات المتباينة ، التى سارا فيها حتى نهايتها الموحدة .
المرحلة الثانية للحركة الشيوعية :
لقد نشأت الحركة الشيوعية فى مرحلتها الثانية فى أعقاب انتصار الاتحاد السوفييتى على الفاشية الهتلرية . مما دفع عدداً من مثقفى اليهود الذين لا جذور شعبية لهم إلى التعاطف المؤقت مع الاتحاد السوفييتى ومع الماركسية ، والى أن يتصدوا لتكوين التنظيمات الشيوعية نتيجة للتخلف الفكرى لدى المثقفين المصرين ذوى الأصول الشعبية . وعجزهم عن ملاحقة التيارات الفكرية فى العالم فى جو سياسى يبعد الجماهير عن الثقافة ولا يفتح أبواب التعليم فى الخارج إلا أمام الطبقات الاستغلالية .
فلم يكن الإلمام بالفكر الماركسى متاحاً إلا للصفوة من الأجانب والمصريين الذين سمح لهم وضعهم الطبقى بالتعليم فى الخارج . وكان للدعاية الاستعمارية المعادية للشيوعية أثرها الواضح فى إبعاد المثقفين المنحدرين من أصول شعبية عن الإلمام الواسع بالماركسية ، الذى يمكنهم من التصدى لتكوين التنظيمات الشيوعية .
وترك التكوين الاجتماعى للقيادة طابع الميوعة على الحركة فى بدايتها , طابع اليهود المتمصرين والأجانب وأبناء البرجوازية الكبيرة المصرية ، والمراتب العليا من الإقطاع ( هنرى كورييل ، وشوارتز ، جاكوب دى كومب، أحمد صادق سسعد ، ريمون دويك ، يوسف درويش ، محمد سيد أحمد ، نبيل الهلالى ، الهامى وعادل سيف النصر) .
وكان من الممكن لتطور الحركة فى المستقبل أن يقوم بتمصير التنظيمات ، وأن يزيح هذا الطابع المتخلف جانباً .، بل وأن يعيد تشكيل أصلب العناصر التى اشتركت فى التأسيس ، وقد حاول ذلك عدد من املثقفين الثوريين منذ البداية ، مثل (شهدى عطية الشافعى ، وعبد المعبود الجبيلى ، وأسعد حليم ، وفوزى جرجس ) ومعهم بعض العمال الواعين ، وقد تحقق فى هذا الصدد بعض الانتصارات .
ويجب أن يكون واضحاً أن الحركة الشيوعية المصرية فى أعقاب العالمية الثانية لم تنشأ نتيجة لمؤامرة يهودية ولم تكن مجرد أداة فى أيدى الأجانب ، بل إن اشتراك هؤلاء فى تأسيسها كان نتيجة لعوامل موضوعية ، وكانت نشأة المرحلة الثانية للحركة الشيوعية فى إطار حركة وطنية محتدمة سفحت دماً غزيراً تواجه حكومات القصر وكبار ملاك الأرض والرأسمالية المتحالفة مع الاستعمار .
وكان الوفد ، حزب البرجوازية القومية ، يلعب دوراً بارزاً فى معارضة الحكومات ومشروعات الأحلاف العسكرية بطريقته ، ولصالح طبقته . وكانت أجزاء كبيرة من البرجوازية الصغيرة فى المدن وأعيان الريف تلتف حوله . بينما كانت أجزاء محدودة أخرى من هذه الفئات تتجه إلى اليمين ، إلى الإخوان المسلمين المتحالفين مع الرجعية السياسية .
وكانت حركة الطبقة العاملة النقابية فى هذه الفترة الفترة تتعرض لهجوم وحشى من جانب الحكومات العميلة وكان القادة النقابيون يتطلعون إلى حكومة وفدية تنقذهم من هجمات صدقى والحكومت العميلة ومحاولات الإخوان لتحطيم الحركة النقابية لخلق نقابات إسلامية وكان ذلك مناخاً دفع بالحركة الشيوعية الوليدة إلى أن تقفز من الانحراف اليسارى لحزب 24 إلى الانحراف اليمينى الذى طبعها بطابعه، وقد أسهم تكوين قيادتها فى تثبيت هذا الانحراف وتعميقه .
والانحراف اليمينى قد تجسد فى المبالغة فى دور البرجوزية القومية وتأييد مواقفها ذيلياً ، والخشية من إبراز شعارات الطبقة العاملة المستقلة حتى لا تفزع البرجوازية واهمال جانب الصراع من التنظيم .
لقد دافعت حدتو عن خط القوات الوطنية والديمقراطية وأطلقت على التنظيم الشيوعى المزعوم اسم حركة ديمقراطية التحرر الوطنى ، حركة فضفاضة لا تعرف الحدود الفاصلة بين خط الطبقة العاملة فى الحركة الوطنية وخط البرجوازية ، ووضعت فى برامجها بنداً دائماً هو العمل على مجئ حكومة الوفد وحمايتها حينما تشترك فى السلطة . وأصبحت اللجان الوفدية وسرادقات الوفد الانتخابية والمظاهرات الهاتفة بحياة الرئيس الجليل ( مصطفى النحاس ) هى أشكال الكفاح الجماهيرية الأساسية ، إن خط القوات الوطنية الديمقراطية ، خط يونس ( هنرى كورييل) وشكرى ( مصطفى طيبة حينما كان فى حدتو) كان خط التصفية الطبقية منذ البداية .
ومن الناحية الأخرى ذهبت مجموعة الديمقراطية الشعبية (د.ش) إلى أبعد من ذلك . لقد اعتبرت الوفد جبهة وطنية يمكن أن ينشأ الحزب الشيوعى من داخله باعتباره جناحه اليسارى . بل كونت داخل الوفد ما سمى باسم الطليعة الوفدية كبرعم ينمو ويأخذ شكلاً حزباً شيوعياً فيما بعد . فالتياران الانتهازيان رغم صراعهما استمرا يحملان معا أيديولوجية التعاون الطبقى وإخضاع مصالح الطبقة العاملة لمصالح البرجوازية القومية باسم التحالف الطبقى . وقد غرق التياران معاً فى الحركة القومية البرجوازية وأغفلا الرابطة الجدليه بين الحركة الوطنية والصراع الطبقى داخلها . وأصبحت مجالات النضال الأساسية هى المجالات التى تخلقها البورجوازية , صحفها ومنابرها وسرادقها ولجان أحزابها .
وعلى الرغم من ذلك ، فقد اخترق نضال الشيوعيين فى هذين التيارين الحدود الرسمية وأرغموا القيادة الانتهازية فى بعض الأحوال القليلة على اتخاذ مواقف ثورية . ولكن الطابع العام للعمل كان يمحوا الحدود الفاصلة بين الطبقات فى الكفاح الوطنى ضد الرجعية . وضمن هذا المنهج اتجه التياران إلى الطبقة العاملة .
اتجهت حدتو إلى عدد من رؤساء وأعضاء مجالس النقابات وأدمجته فى العمل السياسى الوطنى ، وكانت الدعاية والإثارة قاصرة على كشف الاستعمار الأنجلو أمريكى وعملائه .
واقتصرت د.ش على العمل النقابى ، الضيق الأفق، البعيد عن السياسة ، بل لقد وقفت قياداتها الانتهازية بشكل سافر ضد ربط العمل النقابى بالعمل السياسى .
ونأخذ إضراب شبرا الخيمة الكبير 1946 ولجنته من الطلبة والعمال التى عبرت عن احتدام التناقض بين الجماهير الشعبية والسلطة الرجعية . فماذا كان موقف التيارين الانتهازيين من هذا الاضراب ومن هذه اللجنة ؟
تصدت حدتو لقيادة الاضراب الذى استمر ما يقرب من 45 يوماً فى مواجهة عدوان رأس المال الاستعمارى والمتحالف مع الاستعمار على حقوق العمال وتشريدهم وإغلاق عدد من المصانع ، فى فترة كان يعلو فيها صوت الرجعية لإقامة حلف عسكرى مع الاستعمار ، وكان للأحزاب وجهها الثورى بلا جدال ، ولكن القيادة الانتهازية دخلت الإضراب دون إعداد ثورى ، دون شبكة من لجان قاعدية تسانده واقتصرت على لجنة اضراب علوية من عدد ضئيل من أعضائها .
وحرصت أن تخفى الوجه السياسى للإضراب حتى لا ينزعج حلفائها من البرجوازية من اتساع الحركة العمالية وظهورها كقوة جديدة مستقلة ... واكتفت بأن يتحول هذا الإضراب الضخم إلى أداة للضغط والمساومة مع اصحاب العمل من أجل المكاسب الاقتصادية .
ولم ينجح الإضراب فى تحقيق ماكان يمكن أن يحققه . وتصدت حدتو أيضاً لقيادة لجنة الطلبة والعمال ،. وكان لهذه اللجنة ان تكون بشكل من الأشكال نواة التحالف بين الطبقة العاملة وفئة ثورية فى المعترك الوطنى ولكنها كانت لجنة بلا جذور أو دعامات . فلم يكن هناك تنظيم طلابى يسندها بل لم يكن لها لجان قاعدية على الاطلاق ، كما أن مشاركة الحركة النقابية فيها كان قاصراً على الماركسيين وأصدقائهم . فاختنقت هذه الشرارة أمام ضربات الرجعية دون أثر فعلى .
فقد كان الكفاح الجماهيرى بالنسبة لخط القوات الوطنية والديمقراطية ومحدوداً بالنطاق الذى لا يمكن أن تتخطاه البرجوازية القومية أو الذى تخشى تجاوزه . نعم لكل أشكال الكفاح ، ولكن شرطا ألا يتحول الإضراب العمالى من عمل يزعج الحكومة الرجعية إلى إبراز قوة جديدة ، وإلا ستتحول لجنة الطلبة والعمال إلى قوة ثورية منظمة متغلغلة فى صفوف الجماهير . فالعمل الجماهيرى هو إحداث أكبر قدر ممكن من الضجة . وتنحسر الضجة ولا يبقى أى شكل من أشكال التنظيم الجماهيرى مرتبط برباط عضوى بالحزب الطليعى ولا أى شكل من أشكال الحركة والوعى السياسى يكفلان استمرار العمل النضالى .
أما (د.ش) فقد حاربت قياداتها الإضراب لأسباب اقتصادية . فمادام أصحاب العمل يغلقون المصانع فكيف نساعدهم على ذلك بالإضراب؟ ولم تستطيع قياداتها أن ترى المناخ السياسى للإضراب المتمثل فى احتدام التناقض بين الجماهير الشعبية والحكومة الرجعية . أو ترى الأفق السياسى لإضراب عمالى كبير يرتبط بالمد الثورى الوطنى ، يحول الصدام الاقتصادى إلى صدام بالنظام .
إن القيادة الانتهازية ظلت حبيسة انحرافها النقابى وذيليتها لأساليب عمل حزب البرجوازية القومية التى تقتضى ألا تخرج الحركة العمالية فى فترات المد الثورى عن نطاق المطالب الاقتصادية المحدودة . كما وقفت هذه القيادة ضد لجنة الطلبة والعمال بحجة أن هذه اللجنة سابقة على نضج الحركة الوطنية . فلقد كانت هذه القيادة متمسكة فى عملها الدائب على أن يدور الكفاح العمالى فى النطاق النقابى فحسب حيث يمكن للوفد أن يقدم تنازلاته .
فمنذ البدايات كانت (حدتو) ود.ش شقا الرحى ، وقد طحنت الحركة السياسية للطبقة العاملة بين هذين الشقين اللذين كانا منذ البداية يلعبان دور ذيل البرجوازية القومية فى صفوف الطبقة العاملة والحركة القومية .
الطبقة العاملة والتيار الإصلاحى :
وننعطف هنا عند تأثير البرجوازية القومية فى الطبقة العاملة على مستوى الكفاح النقابى . هذا التأثير الذى كان سنداً لانتهازية الانحراف اليمينى . لقد كانت الحريات الديمقراطية المحدودة ، التى تتيحها حكومة الوفد حتى تتمكن من مواجهة خصومها من اليمين ، سلاحا استخدمته الحركة العمالية لانتزاع مشروعية تكوين النقابات عام 1942 وقانونا التعويض عن إصابات العمل ، وبعض المكاسب الاقتصادية ، وكانت هذه المكاسب منفذ الوفد داخل العمال الذى كان ينشر الأوهام الإصلاحية ويحاول إخضاع الحركة النقابية لقيادته ويحصل على أصوات انتخابية لترجيح كفته .
ولم تعمل القيادات الشيوعية الانتهازية على الوقوف ضد التيار الإصلاحى داخل الطبقة العاملة المصرية ، بل على العكس ساعدت على تدعيمة . ففى مواجهة هذا التيار الذى يقصر كفاح الطبقة العاملة على المطالب الاقتصادية الجزئية ، كان يقتصر دورها السياسى على اتخاذ مواقف التأييد لخط البرجوازية القومية فى مواجهة الاستعمار .
كانت التنظيمات الشيوعية الصغيرة التى تكونت فى مجرى الصراع ضد الانتهازية اليمينية ( نحشم , النواة، طليعة الشيوعيين) تحاول أن تحمل الوعى الاشتراكى إلى الطبقة العاملة . وأن تبرز منهجها المتماسك فى مواجهة الاستعمار وأن تكافح من أجل استقلال الحركة النقابية وتحويلها إلى قاعدة للنضال الثورى ، وأن تعمق الصراع مع البرجوازية داخل الحركة الوطنية . ولكن هذه المحاولات كانت خافتة مبعثرة ضعيفة الأثر فى مواجهة التيار الإصلاحى السائد .
وحينما طويت صفحة الوفد وفى أعقاب 1952 كان الكفاح الأساسى داخل الحركة النقابية هو حماية النقابات العامة أمام مؤامرات أصحاب العمل والأجهزة البوليسية للحيلولة دون تفتت الحركة النقابية .
وكان هذا الواقع إيذانا برفع شعار اتحاد عام للعمال ، وهو شعار كانت تجرمه الحكومة الرجعية . وكان كفاح ( حدتو) لخلق هذا الاتحاد قاصراً على الدعوة إلى تشكيل لجنة تحضيرية لاتحاد العمال تضم فيها اتباع السلطة لخلق واجهات شكلية لقاعدة عمالية مناضلة من ناحية ، وإغفال المغزى السياسى لتكوين اتحاد للعمال ومحاولتها السيطرة على الحركة النقابية من ناحية أخرى .
وأما قيادة (د.ش) فاعتبرت الكفاح السياسى من اجل تحقيق الوحدة النقابية لحركة الطبقة العاملة فى مواجهة العوائق الثانوية ومحاولة السيطرة من جانب السلطة سابقاً لأوانه ، وطالبت بتدعيم النقابات العامة كطريق تدريجى لتحقيق الاتحاد فى المستقبل . مؤجلة مواجهة البرجوازية فى هذه المسألة الهامة من مسائل الحريات الديمقراطية وحقوق الطبقات الشعبية ، أى تاركة السلطة وحدها فى هذا المجال .
وحينما حسمت السلطة المسألة ، ولم تنتظر أحداً وشكلت اتحاداً لنقابات العمال . اتحاداً شكليا تسيطر عليه تماماً ، وعينت قيادته من عملائها ووضعت على رأسة النقابى الأصفر أنور سلامة ، لتصفية الحركة النقابية كحركة مستقلة وتحويلها إلى مصلحة حكومية ! رحبت القيادتان الانتهازيتان بالعمل الثورى العظيم !!
وتلا ذلك التظيم الحركة النقابية بحيث أصبحت خاضعة للاتحاد القومى ثم الاتحاد الاشتراكى . وأهدرت أبسط أشكال الديمقراطية النقابية بتدخل الأجهزة السياسية والإدارية ومنحها حق الاعتراض على المرشحين للمستويات المختلفة وجاء إلغاء الانتخابات الفعلى ومنع الجمعيات التأسيسية من الانعقاد تتويجاً لمحاولات الإجهاز على الحركة النقابية .
وبعد إجراءات يوليو 1961 الاقتصادية والسير خطوات فى طريق التنمية أصبح لدى البرجوازية البيروقراطية الحاكمة فتات لتقدمة للنقابيين الصغار القدامى ولمن تستطيع إفساده من النقابيين الشرفاء ، فجهازها الإدارى فى حاجة إلى اعداد متزايدة من الأتباع لكى تضمن إخضاع التنظيمات العمالية لأهدافها ، ولإفراغ هذه التنظيمات من محتواها ولخنق أى محاولة لكفاح نقابى حقيقى .
لقد برز طفح الأرستقراطية العمالية على الطبقة العاملة متغلغلا فى الحركة النقابية وفى أشكال " التمثيل " الأخرى للطبقة العاملة فى مجالس إدارات ولجان الاتحاد الاشتراكى ومجلس الأمة ، وأصبحت هذه الأرستقراطية العمالية هى السند الرئيسى للسلطة فى صفوف الطبقة العاملة .
وبالإضافة إلى ذلك ، أدى التصنيع إلى انضمام فئات جديدة من الفلاحين المعدمين النازحين من القرية ، ومن الحرفيين المفلسين إلى الطبقة العاملة . وهى جماهير لم تعرف حتى التنظيم النقابى من قبل . بالإضافة إلى انخفاض مستوى معيشتها إلى أقصى درجة ، ويسهم ذلك مؤقتاً فى تميييع الكفاح الاقتصادى والسياسى ، وإضفاء الهدوء النسبى على الحركة التلقائية للطبقة العاملة .
ومن جهة أخرى ، كان أثر التصنيع والقطاع العام ( رأسمالية الدولة ) على الحركة الشيوعية شديدة الوطأة ، فبعد القليل من التأرجح اتفق التياران الانتهازيان على أن البلاد تسير فى طريق التطور غير الرأسمالى المؤدى إلى الاشتراكية وأعلنا فى تسابق محموم حل تنظيميهما وتقدمت القيادتان إلى الأجهزة الرسمية بطلبات الاستخدام .
ولكن الحقائق أشياء عنيدة ، فالاستغلال الرأسمالى يسحق بوطأتة مصالح الأكثرية الساحقة من العمال ويتضاءل نصيبهم من ناتج عملهم لصالح حفنة تتضخم امتيازاتها من الطفيليات فى القطاع العام والخاص ، ويكشف التضليل بالاشتراكية عن وجهه الحقيقى فى الصدام اليومى بين مصالح العمال ومصالح الإدارة فى القطاع العام ومختلف القضايا ، التى يفصل فيها لصالح الإدارة . وتكشف نسبة الـ50% الشكلية عن زيف التمثيل العمالى المزعوم . فالعمال يحال بينهم وبين الاشتراك فى توجيه الانتاج أو الرقابة عليه ، كما هو يحال بينهم وبين أى مشاركة فى التشريع .
ويؤكد ما سبق أن الحزب الشيوعى ضرورة موضوعية للدفاع عن مصالح الطبقة العاملة االتاريخية فى مواجهة البرجوازية البيروقراطية ورأسمالية القطاع الخاص . وليخلص هذه الطبقة من قصورها الذاتى الإصلاحى لكى تصبح قادرة على القيام برسالتها على رأس الحركة الوطنية حتى تصل بالثورة إلى نتيجتها المنطقية الاشتراكية .



#سعيد_العليمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من سلطة البيروقراطية البورجوا ...
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى - الازمة وا ...
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى - قضية التو ...
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى - قضية التو ...
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى - تكتيكات ا ...
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من النضال الحلقى والنضال الشي ...
- حزب العمال الشيوعى المصرى وبداية اصدار جريدة الانتفاض والحرك ...
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من مطالب الحركة العمالية
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من الحرب الشعبية طويلة الأمد ...
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من الدستور الدائم الصادر فى س ...
- العضوية فى التنظيم الشيوعى
- موجز كراس الدولة البوليسية والصراع الطبقى فى مصر
- حزب العمال الشيوعى المصرى : بيان اللجنة المركزية حول شعار اح ...
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من اغتيال السادات والإرهاب ال ...
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من تبعية نظام مبارك للإمبريال ...
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من حدود المعارضة البورجوازية ...
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من نظام الرئيس مبارك
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من حكم مبارك عقب اغتيال الساد ...
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من التهديدات الامريكية للثورة ...


المزيد.....




- بعد وصفه بـ-عابر للقارات-.. أمريكا تكشف نوع الصاروخ الذي أُط ...
- بوتين يُعلن نوع الصاروخ الذي أطلقته روسيا على دنيبرو الأوكرا ...
- مستشار رئيس غينيا بيساو أم محتال.. هل تعرضت حكومة شرق ليبيا ...
- كارثة في فلاديفوستوك: حافلة تسقط من من ارتفاع 12 متراً وتخلف ...
- ماذا تعرف عن الصاروخ الباليستي العابر للقارات؟ كييف تقول إن ...
- معظمها ليست عربية.. ما الدول الـ 124 التي تضع نتنياهو وغالان ...
- المؤتمر الأربعون لجمعية الصيارفة الآسيويين يلتئم في تايوان.. ...
- إطلاق نبيذ -بوجوليه نوفو- وسط احتفالات كبيرة في فرنسا وخارجه ...
- في ظل تزايد العنف في هاييتي.. روسيا والصين تعارضان تحويل جنو ...
- السعودية.. سقوط سيارة من أعلى جسر في الرياض و-المرور- يصدر ب ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد العليمى - حزب العمال الشيوعى المصرى وقضية التحالف الطبقى والجبهة المتحدة ( 1971 )