هل يستطيع الاستثمار الأجنبي المباشر تمويل العجز في الميزان التجاري الفلسطيني ؟

رائد محمد حلس
(Raid M. Helles)

الحوار المتمدن-العدد: 5073 - 2016 / 2 / 12 - 04:10
المحور: الادارة و الاقتصاد
    

هل يستطيع الاستثمار الأجنبي المباشر تمويل العجز في الميزان التجاري الفلسطيني ؟
رائد محمد حلس
باحث وكاتب في الشؤون الاقتصادية
لم يخضع الاقتصاد الفلسطيني في تطوره ونموه عبر عقود من الزمن, منذ الاستعمار البريطاني لفلسطين عام 1917, وحتى قيام السلطة الوطنية الفلسطينية لأية سياسة وطنية توجه مساره وتحدد معدلات نموه وفقاً لأهداف اقتصادية وطنية, وعلى العكس من ذلك فقد تعرض للتدمير والتشويه والتبعية مما ألحق به اختلالات هيكلية عميقة أعاقت تطوره ونموه وانحرفت به باتجاه تحقيق مصالح وأهداف اقتصادية إسرائيلية.
ونتيجة لتلك السياسات فقد ورثت السلطة الوطنية الفلسطينية عند قيامها عام 1994 اقتصاداً ضعيفاً وتابعاً, ويعاني من بنية تحتية معدومة أو ضعيفة ومحدودية في القدرة الاستيعابية للعمالة الفلسطينية ومن خلال اختلال كبير بين الناتج القومي والناتج المحلي الإجمالي, بالإضافة إلى العجز المزمن في الميزان التجاري.
وفي حالة وجود عجز في الميزان التجاري والذي يعتبر واحد من الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد الفلسطيني, يتطلب تمويله من مصادر التمويل الداخلي والخارجي, وبسبب ضعف مصادر التمويل الداخلي وعدم قدرتها على تغطية العجز في الميزان التجاري, اضطر الاقتصاد الفلسطيني على تغطية العجز من مصادر التمويل الخارجي والتي كان معظمها من الاستثمار الأجنبي المباشر والقروض والمساعدات الخارجية.
ويعتبر الاستثمار الأجنبي المباشر مصدرًا هامًا للتمويل, حيث يساهم في تغطية العجز في الميزان التجاري, كما يساهم في إيجاد مجموعة من الوفورات الخارجية والآثار غير المباشرة والمنافع الاجتماعية للدول المضيفة, إلى جانب الأثر الإيجابي على ميزان المدفوعات باعتباره أفضل من القروض الخارجية خاصة من حيث آثاره على ميزان المدفوعات, حيث أنه يدر عائدًا بدلاً من زيادة أعباء خدمة الدين التي تتمثل عبئًا على ميزان المدفوعات.
إلا أن نسب الاستثمار الأجنبي المباشر في الأراضي الفلسطينية منخفضة طوال الفترة 1995-2015 ويعزي ذلك إلى عدة أسباب منها الاضطرابات السياسية والاجتماعية والممارسات العسكرية ضد المناطق الفلسطينية, وما ترتب عليها من ممارسات وإجراءات إسرائيلية وتدمير المؤسسات والبنية التحتية الأمر الذي أدى إلى هروب العديد من المستثمرين الأجانب.
كما أن تواضع نسب الاستثمار الأجنبي المباشر, تعكس الدور المحدود للاستثمار الأجنبي المباشر في تمويل وتغطية العجز المزمن في الميزان التجاري الفلسطيني.
لذلك هناك حاجة ملحة لجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر, ليلعب دوراً أكبر في تمويل العجز التجاري المزمن في فلسطين, من خلال وضع خطط وبرامج لاستقطاب رؤوس الأموال وخاصة رجال الأعمال الفلسطينيين المقيمين في الخارج, بالإضافة إلى صياغة القوانين التي تجذب الاستثمار الخارجي وزيادة عدد المؤتمرات المساهمة في إبراز وزيادة الفرص الاستثمارية في فلسطين.
وهذا يتطلب جهد كبير للعمل على خلق مناخ استثماري هدفه جذب استثمارات القطاع الخاص لأهميتها في تحقيق النمو الاقتصادي, وتحفيز وتشجيع رجال الأعمال الفلسطينيين المقيمين في الخارج للاستثمار في أرضهم ووطنهم, وسن القوانين التي تشجع وتجذب المستثمرين للأجانب للاستثمار في فلسطين, وتبني خطة إستراتيجية متكاملة ومترابطة للتخلص التدريجي من التبعية الاقتصادية لإسرائيل بحيث تتضمن الخطة سياسة تشجيع الصادرات وسياسة إحلال الواردات, بالإضافة إلى إعادة النظر في الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية الموقعة مع إسرائيل وبشكل خاص بروتوكول باريس الاقتصادي.

#رائد_محمد_حلس (هاشتاغ)       Raid_M._Helles#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات